لا يقاتلونكم جميعا اي في حال الاجتماع الا في قرى محصنة او من وراء جدر اي لا يثبتون لقتالكم ولا يعزمون عليه الا اذا كانوا متحصنين في القرى او من وراء الجدر والاسوار فان اذ ذاك ربما يحصل منهم امتناع. اعتمادا على حصونهم وجدورهم. لا شجاعة بانفسهم. وهذا من اعظم الذم اي بأسهم فيما بينهم شديد. لا افة في ابدانهم ولا في قوتهم. وانما الافة في ضعف ايمانهم المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. وحسب من بعدهم من الفضل ان يسير خلفهم ويأتم بهداهم. ولهذا ذكر الله من اللاحقين من هو مؤتم بهم وسائر خلفهم فقالون لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ربنا اغفر لنا ولاخواننا اخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا والذين جاءوا من بعدهم اي من بعد المهاجرين والانصار يقولون على وجه النصح لانفسهم ولسائر المؤمنين. ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. وهذا دعاء شامل لجميع السابقين من الصحابة ومن قبلهم ومن بعدهم. وهذا من فضائل الايمان ان المؤمنين ينتفع بعضهم ببعض. ويدعو بعضهم لبعض بسبب المشاركة في الايمان المقتضي لعقد الاخوة بين المؤمنين. التي من فروعها ان يدعو بعضهم لبعض. وان يحب بعضهم بعضا. ولهذا هذا ذكر الله في الدعاء نفي الغل عن القلب الشامل لقليل الغل وكثيره. الذي اذا انتفى ثبت ضده وهو المحبة بين والموالاة والنصح ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين. فوصف الله من بعد الصحابة بالايمان لان قولهم سبقونا بالايمان دليل على المشاركة في الايمان وانهم تابعون للصحابة في عقائد الايمان واصوله. وهم اهل السنة والجماعة الذين لا يصدق هذا وصف التام الا عليهم. ووصفهم بالاقرار بالذنوب والاستغفار منها. واستغفار بعضهم لبعض واجتهادهم في ازالة الغل والحقد عن قلوبهم لاخوانهم اخوانهم المؤمنين لان دعاءهم بذلك مستلزم لما ذكرنا. ومتضمن لمحبة بعضهم بعضا. وان يحب احدهم لاخيه ما يحب لنفسه وان ينصح له حاضرا وغائبا حيا وميتا. ودلت الاية الكريمة على ان هذا من جملة حقوق المؤمنين بعضهم لبعض. ثم ختموا دعاءهم باسمين كريمين دالين على كمال رحمة الله وشدة رأفته واحسانه بهم. الذي من جملته بل من اجله توفيقهم للقيام بحقوق الله وحقوق عباده. فهؤلاء الاصناف الثلاثة هم اصناف هذه الامة وهم المستحقون للفيئ الذي مصرفه راجع الى صالح الاسلام وهؤلاء اهله الذين هم اهله. جعلنا الله منهم بمنه وكرمه لاخوانهم الذين كفروا من اهل الكتاب لئن اخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم احدا ثم تعجبت تعال من حال المنافقين الذين طمعوا اخوانهم من اهل الكتاب في نصرتهم وموالاتهم على المؤمنين. وانهم يقولون لهم لان اخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم احدا ابدا. اي لا نطيع في عدم نصرتكم احدا يعذلنا او يخوفنا والله يشهد انهم لكاذبون في هذا الوعد الذي غروا به انا هم ولا يستكثر هذا عليهم فان الكذب وصفهم والغرور والخداع مقارنهم والنفاق والجبن يصحبهم. ولهذا كذبهم الله بقوله الذي وجد مخبره كما اخبر الله به ووقع طبق ما قال فقال لان اخرجوا من ديارهم جلاء ونفيا لا يخرجون معهم لمحبتهم للاوطان وعدم صبرهم على القتال وعدم وفائهم بوعدهم ولئن قوتلوا لينصرونهم بل يستولي عليهم الجبن ويملكهم الفشل ويخذلون اخوانهم احوج ما كانوا اليه ولئن نصروهم على والتقدير ليولن الادبار ثم لا ينصرون. اي ليحصل منهم الادبار عن القتال والنصرة. ولا يحصل لهم نصر من الله انتم اشد رهبة في صدورهن من الله. ذلك بانهم قوم لا يفقهون والسبب الذي اوجب لهم ذلك انكم ايها المؤمنون اشد رهبة في صدورهم من الله. فخافوا منكم اعظم مما يخافون الله وقدموا مخافة المخلوق الذي لا يملك لنفسه ولا غيره نفعا ولا ضرا على مخافة الخالق الذي بيده الضر والنفع والعطاء والمنع ذلك بانهم قوم لا يفقهون مراتب الامور ولا يعرفون حقائق ولا يتصورون العواقب وانما الفقه كل الفقه ان يكون خوف الخالق ورجاءه ومحبته مقدمة على غيرها وغيره تبعا لها لا يقاتلونكم جميعا الا في قرى محصنة او تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى وعدم اجتماع كلمتهم. ولهذا قال تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى. تحسبهم جميعا حين تراهم مجتمعين ومتظاهرين ولكن قلوبهم شتى اي متباغضة متفرقة متشتتة قوم لا يعقلون. ذلك الذي اوجب لهم اتصافهم بما ذكر بانهم قوم لا يعقلون. اي لا عقل عندهم ولا لب فانهم لو كانت لهم عقول لاثروا الفاضل على المفضول ولما رضوا لانفسهم بابخس الخطتين ولكانت كلمتهم مجتمعة قلوبهم مؤتلفة فبذلك يتناصرون ويتعاضدون ويتعاونون على مصالحهم ومنافعهم الدينية والدنيوية. مثل هؤلاء المخذولين من اهل الكتاب الذين انتصر الله لرسوله منهم واذاقهم الخزي في الحياة الدنيا وعدم نصر من وعدهم بالمعاونة من قبلهم قريبا ذاقوا وبال امرهم ولهم عذاب اليم كمثل الذين من قبلهم قريبا وهم كفار قريش الذين زين لهم الشيطان اعمالهم. وقال لا غالب لكم اليوم من الناس واني جار لكم. فلما تراءت الفئتان على عقبيه وقال اني بريء منكم اني ارى ما لا ترون. فغرتهم انفسهم وغرهم من غرهم. الذين لم ينفعوهم ثم لم يدفعوا عنهم العذاب حتى اتوا بدرا بفخرهم وخيلائهم. ظانين انهم مدركون برسول الله والمؤمنين امانيهم. فنصر الله رسوله والمؤمنين عليهم. فقتلوا كبارهم وصناديدهم واسروا من اسروا منهم. وفر من فر وذاقوا بذلك وبال امرهم وعاقبة شركهم وبغيهم. هذا في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب النار. ومثل هؤلاء المنافقين الذين غروا اخوانهم من اهل الكتاب اني اخاف الله رب العالمين كمثل الشيطان اذ قال الانسان يكفر اي زين له الكفر وحسنه ودعاه اليه فلما اغتر به وكفر وحصل له الشقاء لم ينفعه الشيطان الذي تولى الله ودعاه الى ما دعاه اليه. بل تبرأ منه وقال اني بريء منك. اني اخاف الله رب العالمين. اي ليس لي قدرة على دفع العذاب عنك ولست بمغن عنك مثقال ذرة من الخير انهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين فكان عاقبتهما اي الداعي الذي هو الشيطان والمدعو الذي هو الانسان حين اطاعه انهما في النار خالدين فيه كما قال تعالى انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير. وذلك جزاء الظالمين الذين اشتركوا في الظلم والكفر. وان اختلفوا في شدة العذاب وقوته. وهذا دأب الشيطان مع كل اولياءه. فانه يدعوهم ويدليهم الى ما يضرهم بغرور. حتى اذا وقعوا في الشباك وحاقت بهم اسباب الهلاك. تبرأ منهم وتخلى عنهم. واللوم كل اللوم على من اطاعه. فان الله قد حذر منه وانذر. واخبر مقاصده وغايته ونهايته. فالمقدم على طاعته عاص على بصيرة لا عذر له