المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خمسة وثلاثون ومن الرد على اهل المنطق ثمانية واربعون وخمسمائة. ان الامم جميعهم من اهل العلم والمقالات واهل العمل والصناعات يعرفون الامور التي يحتاجون الى معرفتها ويحققون ما يعانونه من العلوم والاعمال من غير تكلم بحد منطقي. ولا نجد احدا من ائمة كلها يتكلم بهذه الحدود مع انهم يتصورون مفردات علمهم فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود تسعة واربعون وخمسمائة الحدود التمييز بين المحدود وبين غيره ولا يفيد تصور المحدود وحده. ولكنه ينبه تنبيها. خمسون وخمسمئة. المخاطبون بالاسماء رعية قد يعلمون معناها على سبيل الاجمال لكن لا يعلمون مسماها على وجه التحديد الا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي التي يقال لها الشرعية واحد وخمسون وخمسمائة. سائر الصفات المشتركة قد لا يمكن الاحاطة بها. ولا ريب انه كلما كان الانسان بها اعلم كان صوفي اعلم وانه ما من تصور الا وفوقه تصور اكمل منه. ونحن لا سبيل الى ان نعلم شيئا من كل وجه. ولا نعلم لوازم كل مربوب ولوازم لوازمه الى اخرها فانه ما من مخلوق الا وهو مستلزم للخالق. الخالق مستلزم لصفاته التي منها علمه. وعلمه محيط بكل شيء فلو علمنا لوازم الشيء للزم ان نعلم كل شيء. وهذا ممتنع من البشر. فان الله تعالى هو الذي يعلم الاشياء كما هي عليه من غير احتمال زيادة واما نحن فما من شيء نعلمه الا ويخفى علينا من لوازمه واموره ما لا نعلمه. اثنان وخمسون وخمسمائة منع المنطقيين احتجاج بالمتواترات والمجربات والحدثيات باطل من وجوه كثيرة. ثلاثة وخمسون وخمسمائة. حجة الله برسله قامت بالتمكن كوني من العلم فليس من شرط حجة الله علم المدعوين بها. ولهذا لم يكن اعراض الكفار عن استماع القرآن وتدبره مانعا من قيام حجة الله عليهم وكذلك اعراضهم عن المنقول عن الانبياء وقراءة الاثار المأثورة عنهم لا يمنع الحجة اذ المكنة حاصلة. اربعة وخمسون وخمسمئة عدم العلم ليس علما بالعدم وعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود. خمسة وخمسون وخمسمئة. شرك الفلاسفة اشنع من شرك المشركين. لان ان شرك الفلاسفة بالتوحيدين توحيد الربوبية والالهية ستة وخمسون وخمسمائة. وكذلك كفرهم بما يقولون بالشفاعة وتفسيرها الفيض اخبث من كفر المشركين بقولهم يقربوننا الى الله زلفى. سبعة وخمسون وخمسمئة لا يلزم للعلم من المقدمات الا ما يحتاج اليه واحدة او اثنتين او اكثر بحسب المقام والعبارة لا كما زعمه الفلاسفة انه يحتاج الى مقدمتين فقط لا اقل ولا لا اكثر ثمانية وخمسون وخمسمائة واعلم ان بيان ما في كلامهم من الباطل والنقص لا يستلزم كونهم اشقياء في الاخرة الا اذا بعث الله اليهم رسولا فلم يتبعوه فليعرفوا به ان من جاءته الرسل بالحق فعدل عن طريقهم الى طريق هؤلاء. كان من الاشقياء في الاخرة. والقوم لولا الانبياء لكانوا اعقل من غيرهم لكن الانبياء جاءوا بالحق وبقاياه من الامم وان كفروا ببعضه حتى مشركي العرب كان عندهم بقايا من دين ابراهيم فكانوا بها خيرا من الفلاسفة المشركين الذين يوافقون ارسطو وامثالهم على اصولهم. تسعة وخمسون وخمسمائة. النظر الى العلوم يفتق الذهن ويدربه ويقويه على العلم فيصير مثل كثرة الرمي بالنشاب وركوب الخيل يعين على قوة الرمي والركوب وان لم يكن ذلك وقت قتال وهذا مقصد حسن وخصوصا العلوم الصادقة كالعلم الرياضي. والرياضة ثلاثة انواع. واحد رياضة الابدان بالحق والمشي اثنان رياضة النفوس بالاخلاق الحسنة المعتدلة والاداب المحمودة. ثلاثة ورياضة الاذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن الامور الغامضة ستون وخمسمائة لا يعرف بين الصحابة والتابعين والائمة العارفين خلاف ان الفلك مستدير كروي. واحد وستون وخمسمائة والله تعالى امرنا الا نكذب ولا نكذب بحق وانما مدح سبحانه وتعالى من يصدق فيتكلم بعلم ويصدق ما يقال له من الحق. اثنان وستون وخمسمائة ما اخبرت به الرسل من الغيب فهي امور موجودة ثابتة اكمل واعظم مما نشهده نحن في هذه الدار. وتلك امور محسوسة تشاهد وتحسر ولكن بعد الموت وفي الدار الاخرة ويمكن ان يشهدها في هذه الدار من يختصه الله بذلك ليست عقلية قائمة بالعقل كما تقوله الفلاسفة. ولهذا كان الفرق بينها وبين الحسيات التي نشهدها ان تلك غيب وهذه شهادة. وكون الشيء غائبا وشاهدا امر اضافي بالنسبة اين؟ فاذا غاب عنا كان غيبا واذا شهدناه كان شهادة وليس هو فرقا يعود الى ان ذاته تعقل ولا تشهد ولا تحس. بل كل ما يعقل ولا يمكن ان يحسوا بحال فانما يكون في الذهن والملائكة يمكن ان يشهدوا ويروا. والرب تعالى يمكن رؤيته بالابصار. والمؤمنون يرونه في القيامة وفي الجنة كما تواترت بذلك النصوص. ثلاثة وستون وخمسمائة والمعاد يقرره الرب بالبراهين العقلية اما بذكر نظيره كاخباره احياء من احياهم في هذه الدار وتارة يستدل على امكان ذلك بخلق السماوات والارض. فان خلقها اعظم من اعادة الانسان. وتارة يستدل على ذلك بخلق النبات ونحو ذلك اربعة وستون وخمسمائة. تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. التبصرة بعد العمى وهو الجهل. والتذكرة بعد النسيان وهو ضد العلم وذلك ان العلم يحصل بالعلم بالدليل لمن لم يكن عالما به قط. ولمن يذكره بعد النسيان اذا كان قد علمه ثم نسيه خمسة وستون وخمسمائة النظر نوعان نظر في المسائل المطلوبة التي يراد الحكم عليها ونظر في الدلائل المثبتة لها المبرهنة على حقيقة الحكم عليها ولهذا كان التصديق مسبوقا بالتصور والقول مسبوقا بالعلم فليس لاحد ان يتكلم بما لا يعلم. كذلك لا ولا يكذب لما لا يتصوره. التصور التام مستلزم للتصديق. التصور الناقص يحتاج معه الى دليل يثبت الحكم. ستة وستون وخمسمائة القرآن والحديث مملوء من تبيين الحقائق بالمقاييس العقلية والامثال المضروبة. ويبين طرق التسوية بين المتماثلين والفرق بين المختلفين وينكر على من يخرج على ذلك. سبعة وستون وخمسمائة. استدلال الملاحدة على الحادهم بقوله ولن تجد لسنة الله تحويلا على ان العالم لا يتغير بل لا تزال الشمس تطلع وتغرب لانها عادة الله. فيقال لهم انخراط العادات امر معلوم سوى المشاهدة بالجملة وقد اخبر في غير موضع انه سبحانه لم يخلق العالم عبثا وباطلا بل لاجل الجزاء. فكان هذا من سنته الجميلة وهو الناس باعمالهم في الدار الاخرة. كما اخبر به من نصر اوليائه وعقوبة اعدائه. فبعث الناس للجزاء هو من هذه السنة. وهو لم يخبر بان كل عادة لا تنتقض بل اخبر عن السنة التي هي عواقب افعال العباد باثابته اولياءه ونصرهم على الاعداء. فهذه هي التي اخبر انه لن يوجد لها تبديل ولا تحويل كما قال فهل ينظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله لتحويل وذلك لان العادة تتبع ارادة الفاعل وارادة الفاعل الحكيم هي ارادة حكيمة فتسوي بين المتماثلات. ولن يوجد لهذه السنة تبديل ولا تحويل وهو اكرام اهل ولايته وطاعته ونصر رسله والذين امنوا على المكذبين. فهذه السنة تقتضيها حكمته سبحانه انتقاض لها بخلاف ما اقتضت حكمته تغييره. فذاك تغييره من الحكمة ايضا. ومن سنته التي لا يوجد لها تبديل ولا تحويل. لكن في هذه ايات رد على من يجعله يفعل بمجرد ارادة ترجح احد المتماثلين بلا مرجح فان هؤلاء ليس عندهم له سنة لا تتبدل ولا حكمة تقصد وهذا خلاف النصوص والعقول. فان السنة تقتضي تماثل الاحاد. وان حكم الشيء حكم نظيره فيقتضي التسوية بين المتماثل بلاد وهذا خلاف قولهم ثمانية وستون وخمسمائة. من المعلوم بالضرورة ان تواتر خروج محمد صلى الله عليه وسلم ومجيئه بهذا القرآن اعظم عند اهل الارض من تواتر وجود الفلاسفة كلهم. فضلا عما يخبرون به من القضايا التجريبية والحدثية التي استدلوا بها على الطبعيات والفلكيات وكذلك ما تواتر من سائر معجزاته وما تواتر من اخبار موسى والمسيح صلوات الله عليهما. هذا معلوم عند الناس اعظم من لوجود اولئك فضلا عن تواتر ما يخبرون به. ولهذا صار ظهور الانبياء مما تؤرخ به الحوادث في العالم لظهور امرهم عند الخاصة والعامة فان التاريخ يكون بالحادث المشهور الذي يشترك الناس فيه ليعرفوا به كم مضى قبله وبعده تسعة وستون وخمسمائة. ما جاءت به الرسل صلوات الله عليهم لا يعرفه هؤلاء الفلاسفة وليسوا قريبين منه. فالكفار اليهود والنصارى اعلم منهم بالامور الالهية لا فرق بين العلوم ولا العقلية الصحيحة التي جاءت بها الرسل. فهذه العقليات الدينية الشرعية الالهية هي التي لم يشموا رائحتها ولا في علومهم ما يدل عليها واما ما اختصت الرسل بمعرفته واخبرت به من الغيب. فذاك امر اعظم من ان يذكر في ترجيحه على الفلسفة. سبعون وخمسمائة فاذا كان اشرف العلوم لا سبيل للفلاسفة الى معرفتها بطريقهم. كما قرر وتقرر واعترفوا به لزم امران. احدهما انه لا حجة تلهم على ما يكذبون به مما ليس في قياسهم دليل عليه. الثاني ان ما علموه خسيس بالنسبة الى ما جهلوه. فكيف اذا علم انه لا يفيد النجاة ولا السعادة. والرسول اخبر عن امور معينة مثل نوح وخطابه لقومه واحواله المعينة. ومثل ابراهيم واحواله المعينة ومثل موسى وعيسى واحوالهما المعينة وليس شيء من ذلك يمكن معرفته بقياسهم لا البرهاني ولا غيره فان اقيستهم لا تفيد الا امورا كلية وهذه امور خاصة كذلك اخبر عما كان وسيكون بعده من الحوادث المعينة حتى اخبر عن التتر بما ثبت في الصحيحين من غير وجه انه قال لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار الاعين زلفى الانوف حمر الخدود ينتعلون الشعر كأن وجوههم المجان المطرقة قال فهل يتصور ان قياسهم وبرهانهم يدل على ادمي معين او امة معينة؟ فضلا عن ان يوصف بهذه الصفات قبل ظهورهم بنحو سبعمئة سنة كذلك اخباره بخروج النار التي خرجت سنة خمس وخمسين وستمائة وسائر ما اخبر به من الامور الماضية والمستقبلة والامور الحاضرة مما يعلمون انه يمتنع ان يعرف ذلك بالقياس البرهاني وغيره. فان ذاك انما يدل على امر مطلق كلي لا على شيء معين. واحد وسبعون وخمسمائة وليس مع الفلاسفة ما ينفي وجود ما يمكن ان يختص به بعض الناس بالباطن كالملائكة والجن. بل ولا معهم ما ينفي تمثل الارواح اجساما حتى ترى بالحس الظاهر وما اشبه ذلك فليس معهم في نفي هذه الامور الثابتة باخبار الانبياء وببراهين اخر الا الجهل المحض. فقد كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه. ولما يأتهم تأويله. مع ان عامة اساطين الفلسفة يقرون بذلك. وكذلك ائمة الاطباء ده اثنان وسبعون وخمسمائة وطريقهم لا يفرق بين الحق والباطل بخلاف طريق الانبياء