المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الخامس والستون والثلاثمائة الحديث الثالث عن ام سلمة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج اليهم فقال الا انما انا بشر مثلكم وانما يأتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض فاحسب انه صادق فاقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار فليحملها او يذرها رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ام سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم سمع جلبة خصم الى اخره اي اصواتهم وضجتهم وقوله فخرج اليهم اي لعلمه انهم يريدون التخاصم اليه فقال محذرا لهم من الدعاوى الباطلة ومبينا لهم حال الحاكم وان حكمه لا يجري الا على الظواهر فقط الا انما انا بشر مثلكم اي انه لا يعلم الغيب وقوله وانما يأتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون ابلغ من بعض اي انه يحسن الاحتجاج والمخاصمة فان في صفة الكلام واختلاف احواله يظهر الحق وكم من باطل زخرف ونمق بالعبارات والالفاظ البليغة حتى ظن انه حق وكم من حق خفي من سوء التعبير كما قيل في المعنى في زخرف القول تمويه لباطله. والحق قد يعتريه سوء تعبير تقول هذا مجاج النحل تمدحه وان تعب قلت ذا قيء الزنابير مدحا وذما وما جاوزت حدهما سحر البيان يري الظلماء كالنور ومعنى الحديث لعل المبطل يكون حسن الاحتجاج والمحق لا يحسن الاحتجاج فاقضي لذلك تبعا للظاهر ولهذا قال فاحسب انه صادق فاقضي له ثم حذر من هذه الحال وبين ان حكم الحاكم لا يحل حراما ولا يباح له اكل مال غيره بقضاء الحاكم له فقال فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار اي لا يحل له ذلك فليحملها او يذرها ليس هذا للتخيير وانما هو للتهديد وكقوله تعالى اعملوا ما شئتم الاية وكقوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ففي هذا التهديد على من توصل الى اكل اموال الناس بالدعاوى الكاذبة كما ورد النهي عن ذلك في قوله تعالى ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الاية اي ان حكم الحكام لا يكون سببا لاباحة ذلك وفيه ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بشر لا يعلم من الغيب الا ما علمه الله ولا يجوز ان يرفع فوق منزلته فانه بشر لا يعبد ورسول لا يكذب