المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي تمتحنوهن. الله اعلم بايمانهن. فان علمتموهن مؤمنات فلا ولا جناح عليكم ان تنكحوهن اذا اتيتموهن اجورهن ولا تمسكوا والله عليم حكيم. لما كان صلح الحديبية صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين. على ان من جاء منهم الى مسلما انه يرد الى المشركين. وكان هذا لفظا عاما مطلقا. يدخل في عمومه النساء والرجال. فاما الرجال فان الله الم ينهى رسوله عن ردهم الى المشركين وفاء بالشرط وتتميما للصلح. الذي هو من اكبر المصالح. واما النساء فلما كان ردهن فيه مفاتن كثيرة امر الله المؤمنين اذا جاءهم المؤمنات مهاجرات وشكوا في صدق ايمانهن ان يمتحنوهن ويختبروهن بما يظهر به صدقهن من ايمان مغلظة وغيرها. فانه يحتمل ان يكون ايمانها غير صادق. بل رغبة في زوج او ولد او غير ذلك من المقاصد الدنيوية فان كنا بهذا الوصف تعين ردهن وفاء بالشر. من غير حصول مفسدة. وان امتحنوهن فوجدن صادقا او علموا ذلك منهن من غير امتحان. فلا يرجعوهن الى الكفار. لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن. فهذه مفسدة كبيرة في ردهن رعاها الشارع. وراعى ايضا الوفاء بالشرق. بان يعطوا الكفار ازواجهن ما انفقوا عليهن من المهر وتوابعهم فيه عوضا عنهن ولا جناح حينئذ على المسلمين ان ينكحوهن. ولو كان لهن ازواج في دار الشرك. ولكن بشرط ان يؤتوهن اجورهن من من المهر والنفقة. وكما ان المسلمة لا تحل للكافر. فكذلك الكافرة لا تحل للمسلم ان يمسكها ما دامت على كفرها. غير اهل للكتاب ولهذا قال تعالى ولا تمسكوا بمعصم الكوافير واسألوا ما انفقتم وليسألوا ما ذلكم حكم الله يحكم بينكم. ولا تمسكوا بعصم الكوافر. واذا نهى عن الامساك بعصمتها. فالنهي عن ابتداء تزويجها اولى. واسألوا ما انفقتم ايها المؤمنون حين ترجع زوجاتكم مرتدات الى الكفار. فاذا كان الكفار يأخذون من نفقة من اسلمت من نسائهم استحق المسلمون ان يأخذوا مقابلة ما ذهب من نسائهم الى الكفار. وفي هذا دليل على ان البضع من الزوج متقوم. فاذا افسد مفسد النكاح امرأة رجل برضاع او غيره كان عليه ضمان المهر. وقوله ذلكم حكم الله يحكم بينكم. ذلكم الحكم الذي ذكره الله وبينه لكم. يحكم به بينكم. والله عليم حكيم فيعلم تعالى ما يصلح لكم من الاحكام. ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة. وقوله وان فاتكم شيء من ازواجكم الى الكفار فعاقبتم فاتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا واتقوا الله الذي به مؤمنون. وان فاتكم شيء من ازواجكم الى الكفار ذهبنا مرتدات فعاقبتم فاتوا الذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا. كما تقدم ان الكفار اذا كانوا يأخذون بدل ما يفوت من ازواجهم الى المسلمين. فمن ذهبت زوجته من المسلمين الى الكفار. وفاتت عليه لزم ان يعطيه المسلمون من الغنيمة بدل ما انفق واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون. فايمانكم بالله يقتضي منكم ان تكونوا ملازمين للتقوى على الدوام. يا ايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك على لا يشركن بالله شيئا ولا يسرطن ولا يزني. ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن ولا يأتين ببهتان يفترينه ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهم ولا يعصينك في معروف ان الله غفور رحيم هذه الشروط المذكورة في هذه الاية تسمى مبايعة النساء. اللاتي كن يبايعن على اقامة الواجبات المشتركة. التي تجب على الذكور والنساء في جميع الاوقات واما الرجال فيتفاوت ما يلزمهم بحسب احوالهم ومراتبهم وما يتعين عليهم. فكان النبي صلى الله عليه عليه وسلم يمتثل ما امره الله به. فكان اذا جاءته النساء يبايعنه والتزمن بهذه الشروط. بايعهن وجبر قلوبهن استغفر لهن الله فيما يحصل منهن من التقصير. وادخلهن في جملة المؤمنين بالا يشركن بالله شيئا بان يفردن الله وحده بالعبادة ولا يقتلن اولادهن كما يجري لنساء الجاهلية الجهلاء. ولا يزنين كما كان ذلك موجودا كثيرا في البغايا وذوات الاخدان ولا يأتين ببهتانين يفترينه بين ايديهن وارجلهن ولا يعصينك في ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن. والبهتان الافتراء على الغير. اي لا يفترين بكل حال سواء تعلقت بهن وازواجهن او سواء تعلق ذلك بغيرهم ولا يعصينك في معروف اي لا يعصينك في كل امر تأمرهن به لان لا يكون الا بمعروف. ومن ذلك طاعتهن لك في النهي عن النياحة وشق الثياب. وخمش الوجوه والدعاء بدعاء الجاهلية بيعهن اذا التزمن بجميع ما ذكر. واستغفر لهن الله عن تقصيرهن وتطييبا لخواطرهن الرحيم. ان الله غفور. اي كثير المغفرة للعاصين. والاحسان الى المذنبين التائبين. رحيم وسعة رحمته كل شيء وعم احسانه البرايا. يا ايها الذين امنوا لا تتولوا قوما غضبا الله عليهم قد يئسوا من الاخرة كما يئس الكفار من اصحاب اي يا ايها المؤمنون ان كنتم مؤمنين بربكم ومتبعين لارضاه ومجانبين لسخطه لا تتولوا قوما غضب الله عليهم. وانما غضب عليهم لكفرهم. وهذا شامل لجميع اصناف الكفار. قد يأسوا من الاخرة اي قد حرموا من خير الاخرة فليس لهم منها نصيب. فاحذروا ان تولوهم فتوافقونهم على شرهم وكفرهم. فتحرموا خير الاخرة كما حرم وقوله كما يئس كفار من اصحاب القبور حين افضوا الى الدار الاخرة ووقفوا على حقيقة الامر. وعلموا علم اليقين انهم لا نصيب لهم منها. ويحتمل ان ان المعنى قد يأس من الاخرة. اي قد انكروها وكفروا بها فلا يستغرب حينئذ منهم الاقدام على مساخط الله وموجبات عذابه واياسهم من الاخرة. كما يأس الكفار المنكرون للبعث في الدنيا من رجوع اصحاب القبور الى الله تعالى