المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله السابع والستون والثلاثمائة الحديث الخامس عن ابي بكرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الا انبئكم باكبر الكبائر ثلاثا قلنا بلى يا رسول الله قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال الا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث ابي بكرة الا انبئكم باكبر الكبائر الى اخره قد اشتمل هذا الحديث على بيان نصحه صلى الله عليه وعلى اله وسلم لامته واهتمامه بامرهم وتحذيرهم عما يضرهم وارشادهم الى ما ينفعهم فنشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله ونشهد بالله انه بلغ رسالة ربه اتم تبليغ ونصح لامته فصلى الله عليه وسلم وجزاه عن امته خيرا وقد اعتنى صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالنهي عن هذه الاشياء فحذر عنها تحذيرا بليغا وهذه عادته في الاوامر والنواهي فكلما كان الامر اعظم كان تأكيده والاهتمام به ابلغ فاكد هذا بتأكيدات كثيرة منها قوله الا انبئكم فلم يبادرهم به حتى استفهمهم ليهتموا به ويطلبوا منه ان يخبرهم ومنها انه اخبرهم ان هذا من الكبائر ومنها انه اخبرهم انها اكبر الكبائر ومنها انه كرر ذلك ثلاثا فقالوا بلى يا رسول الله وكانت هذه عادتهم رضي الله عنهم لانهم يرون انفسهم مفتقرين الى العلم محتاجين اليه جدا وهكذا ينبغي لطالب العلم فمن رأى نفسه بهذه الحال حرص وادرك علما ولهذا لما كان الصحابة في الذروة العليا من هذه الحالة نقلوا جميع الشرع الى من بعدهم ولم يفتهم منه مسألة واحدة وكانوا من حرصهم على العلم رضي الله عنهم انهم كانوا يهابون رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ويفرحون باتيان الاعراب وسؤالهم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولكنهم رضي الله عنهم مع هيبتهم له يسألون عن جميع ما يحتاجون اليه وقوله الاشراك بالله هذا اعظم الظلم واكبر الكبائر على الاطلاق والشرك هو صرف نوع من انواع العبادة لغير الله تعالى والعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة فلا يقبل الله تعالى عملا اشرك فيه معه غيره لانه تعالى اغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا اشرك فيه معه غيره تركه وشركه فاذا كان هذا حال من اشرك وصرف نوعا من انواع العبادة لغير الله فكيف بمن جحد ربوبيته؟ وصرف اوقاته في الذل والخضوع لغيره تعالى الله وتقدس عما يقولون علوا كبيرا فهذا النوع جحد حق الله النوع الثاني ظلم الوالدين وقد ذكره بقوله وعقوق الوالدين ويدخل تحته كل ما يكرهانه من الاقوال والافعال فيلزم الانسان برهما والقيام بجميع ما يحبان غير معصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وبرهما واجب في حياتهما وبعد موتهما وقد نهى الله عن ادنى مرتبة في العقوق في قوله فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما فاذا نهي عن التأفيف فكيف بما هو اعظم منه وقوله وكان متكئا فجلس هذا من التأكيد والاهتمام بذلك وشدة نصحه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقوله الا وقول الزور اي الكذب والبهتان وقوله وشهادة الزور اي الشهادة الكاذبة وحضور المنكر وينبغي ان يعلم الفرق بين قوله شهد كذا وشهد بكذا فالاول بمعنى الحضور والثاني الشهادة ومن الاول قوله تعالى والذين لا يشهدون الزور اي انهم لا يحضرونه ولا يشهدون به وقوله فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت اي كرر ذلك من شدة الاهتمام به والتحذير عنه