المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله كتاب الاطعمة قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله كتاب الاطعمة اي بيان ما يحل منها وما يحرم وكذلك يذكر في هذا احكام الاشربة فالاصل في الاطعمة الحل فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله واما ما سكت عنه فعفو بدليل قوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا الى غير ذلك من الايات التي امتن الله على عباده فيها ولو اعتبرت جميع الاشياء لوجدت اصلها طاهرا وان الخبث طارئ عليها واعتبر ذلك بالاغذية التي تنقلب من الخبث الى ونحو ذلك التاسع والستون والثلاثمائة الحديث الاول عن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول واهون نعمان باصبعيه الى اذنيه ان الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه الاوان لكل ملك حمى الاوان حمى الله محارمه الاوان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث النعمان ابن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يقول واهون النعمان باصبعيه الى اذنيه اي اشارة الى انه قد تيقن سماع هذا الحديث فلا يشك فيه وقوله ان الحلال بين والحرام بين اي ان الحلال واضح وكذلك الحرام واضح فلا يشك فيهما احد هذا في الامور البينة الواضحة ولهذا قال وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس اي تخفى على كثير منهم فلا يعلمها الا الراسخون في العلم وسبب الاشتباه اما ان تتجاذب المسألة ظواهر الادلة فيلحقها بعض العلماء باقسام الحلال نظرا لما ظهر له من الدليل وبعضهم يلحقها باقسام الحرام لما ظهر له من الدليل هذا في ظواهر الادلة واما النصوص الصريحة الصحيحة فلا يناقض بعضها بعضا الا في الاحكام المنسوخة وهي مسائل محصورة السبب الثاني من موجبات الاشتباه هو عدم النظر الكامل وتصور الحكم كما ينبغي وفي هذا يبقى مشتبها واما مع التصور والنظر الكامل فينجلي الاشكال وقوله فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ اي احتاط لدينه وعرضه وهذا هو الموفق لاصلاح دينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام قيل معناه انه اذا كان يكثر من فعل الامور المشتبهة بلا مبالاة فانه لا بد ان يكون بعض ذلك محرما فيقع في الحرام من حيث لا يشعر وقيل معناه انه اذا تهاون في الامور المشتبهة فقد ترك الورع فلا يزال يفعل الامور المشتبهة حتى يذهب الورع من قلبه فيقدم على فعل الامور المحرمة لانه ليس معه ورع ليحجزه عن ذلك وكلا المعنيين صحيح وهذا الحديث اصل في الورع ثم ضرب لذلك مثلا محسوسا فقال كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يرتع فيه اي انه اذا رعى ماشيته قريبا من الحمى فانه لا بد ان يقع فيه قصدا او بغير قصد ثم ذكر رحم الله وعظمه فقال الاوان لكل ملك حمى هذا حكاية للواقع من احوال الملوك وليس اقرارا له لان حمى الملوك ظلم للرعايا اي ان عادة الملوك انهم يجعلون لهم حمى يمنعون الرعية منه ويكون ذلك بقدر قوة الملك وضعفه وقوله الاوان حمى الله محارمه اي التي حرم على لسان رسوله فيحرم على الخلق الحمى وقربانه ايضا كما قال تعالى تلك حدود الله فلا تقربوها وقال تعالى ولا تقربوا الزنا وهذا من بلاغة القرآن حيث انه يأتي بالكلام الوجيز وتحته من المعاني اشياء كثيرة فيحرم على الخلق فعل المحرمات وقربانها لان الوسائل لها احكام المقاصد والله تعالى لم يحرم المحرمات على الخلق بخلا وانما حرمها لاجل مصلحتهم ورحمة بهم ولطفا وقوله الاوان في الجسد مضغة اي قطعة لحم بقدر ما يمضى اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله اي كانه قيل ما هي فقال الا وهي القلب اي ان الاعضاء تبع له فهو الامير عليها فان امر اليد بالبطش بطشت وان امرها بالكف كفت وان امر الرجل بالمشي مشت وان امرها بالوقوف وقفت وهكذا سائر الاعضاء تبع للقلب وهذا الحديث احد الاحاديث الاربعة التي قيل ان الدين يدور عليها وهو اصل في باب الورع وفيه ان الوسائل لها احكام المقاصد وفيه انه ينبغي اجتناب الامور المشتبهة وفيه ان المدار على صلاح القلب فنسأل الله الكريم ان يصلح قلوبنا فمن صلح قلبه فاز في الدنيا والاخرة ومن فسد قلبه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين