اي دائم معد لهم. لتمردهم عن طاعة ربهم ولولا انه تعالى استثنى لكان ذلك دليلا على انهم لا يستمعون شيئا اصلا ولكن قال الا من خطف الخطفة اي الا من تلقف من الشياطين المردة. الكلمة الوحيدة اي جعل يضربها بقوته ونشاطه. حتى جعلها جذاذا الا كبيرا لهم. لعلهم اليه يرجعون اليه يزفون. اي يسرعون ويهرعون. اي يريدون ان يوقعوا به. بعدما بحثوا وقالوا من فعل هذا المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم فلكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. صفا هذا قسم منه تعالى بالملائكة الكرام في حال عبادتها وتدبيرها ما تدبره باذن ربها. على الوهيته تعالى وربوبيته. فقال والصافات صفا اي صفوفا في خدمة ربهم وهم الملائكة. فالزاجرات زجرا وهم الملائكة يزجرون السحاب وغيره بامر الله وهم الملائكة الذين يتلون كلام الله تعالى فلما كانوا متألهين لربهم متعبدين في خدمته ولا يعصونه طرفة عين اقسم بهم على الوهيته فقال ليس له شريك في الالهية فاخلصوا له الحب والخوف والرجاء وسائر انواع العبادة اي هو الخالق لهذه المخلوقات والرازق لها المدبر لها. فكما انه لا شك لا شريك له في ربوبيته اياها. فكذلك لا شريك له في الوهيته. وكثيرا ما يقرر تعالى توحيد الالهية بتوحيد الربوبية لانه دال عليه. وقد اقر به ايضا المشركون في العبادة. فيلزمهم بما اقروا به على ما انكروه. وخص الله مشارق بالذكر بدلالتها على المغارب. او لانها مشارق النجوم التي سيذكرها. فلهذا قال ان السماء الدنيا بزينة الكواكب. وحفظا من كل شيطان ذكر الله في الكواكب بهاتين الفائدتين العظيمتين احداهما كونها زينة للسماء. اذ لولاها لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها ولكن زينها فيها لتستنير ارجاءها وتحسن صورتها ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر. ويحصل فيها من المصالح فيما يحصل والثانية حراسة السماء عن كل شيطان مارد. يصل بتمرده الى استماع الملأ الاعلى. وهم الملائكة فاذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب. طردا لهم وابعادا عن استماع ما يقول الملأ الاعلى ايه ده على وجه الخفية والسرقة. تارة يدركه قبل ان يوصلها الى اوليائه سينقطع خبر السماء وتارة يخبر بها قبل ان يدركه الشهاب. فيكذبون معها مائة كذبة. يروجونها بسبب الكلمة التي سمعت من السماء ولما بين هذه المخلوقات العظيمة قال فاستفتهم اي اسأل منكر خلقهم بعد موتهم اهم اشد خلقا؟ اي ايجادهم بعد موتهم؟ اشد خلقا واشق. امن خلقنا من هذه المخلوقات؟ فلابد ان يقر ان خلق السماوات والارض اكبر من خلق الناس. فيلزمهم اذا الاقرار بالبعث. بل لو رجعوا الى انفسهم وفكروا فيها لعلموا ان ابتداء خلقهم من طين لازب اصعب عند الفكر من انشائهم بعد موتهم. ولهذا قال خلقناهم اي قوي شديد. كقوله تعالى ولقد خلقنا الانسان من صلصال من حمأ مسنون. بل عجبت يا ايها الرسول وايها الانسان من تكذيب من كذب بالبعث بعد ان اريتهم من الايات العظيمة والادلة المستقيمة. وهو حقيقة محل عجب واستغراب. لانه مما لا يقبل الانكار اعجب من انكارهم وابلغ منه انهم يسخرون ممن جاء بالخبر عن البعث. فلم يكفيهم مجرد الانكار حتى زادوا السخرية بالقول حق. ومن العجب ايضا انهم اذا ذكروا ما يعرفون في فطرهم وعقولهم له والفت نظرهم اليه لا يذكرون ذلك. فان كان جهلا فهو من ادل الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة. حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطر؟ معلوم بالعقل لا يقبل الاشكال. وان كان تجاهنا وعنادا فهو اعجب واغرب ومن العجب ايضا انهم اذا اقيمت عليهم الادلة وذكروا الايات التي يخضع لها الرجال والباب الالباء. يسخرون منها ويعجبون. ومن العجب ايضا قولهم للحق لما جاءهم. وقالوا فجعلوا اعلى الاشياء واجلها وهو الحق في رتبة اخس الاشياء واحقرها ومن العجب ايضا قياسهم قدرة رب الارض والسماوات على قدرة الادمي الناقص من جميع الوجوه. فقالوا استبعادا وانكارا ولما كان هذا متهم عندهم وغاية ما لديهم امر الله رسوله ان يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم. فقال نعم ستبعثون. اما انتم واباؤكم الاولون وانتم داخرون ذليلون صاغرون. لا تمتنعون ولا تستعصون على قدرة الله فانما هي زجرة واحدة ينفخها اسرافيل فيها في الصور فاذا هم مبعوثون من قبورهم ينظرون كما ابتدأ خلقهم بعثوا بجميع اجزائهم حفر عراة غرلا وفي تلك الحال يظهرون الندم والخزي والخسار ويدعون بالويل والثبور هذا يوم الدين. فقد اقروا بما كانوا في الدنيا به يستهزئون. فيقال لهم الذي كنتم به تكذبون. هذا يوم الفصل بين العباد فيما بينهم وبين ربهم من الحقوق وفيما بينهم وبين غيرهم من الخلق فاهدوهم الى صراط الجحيم اي اذا احضروا يوم القيامة وعاينوا ما به يكذبون ورأوا ما به يستسخرون. يؤمر بهم الى النار التي بها كانوا يكذبون فيقال احشروا الذين ظلموا انفسهم بالكفر والشرك والمعاصي. وازواجهم الذين من جنس عملهم. كل يضم الى من جالسه في العمل. وما كانوا يعبدون من دون الله من الاصنام والانداد التي زعموها فاجمعوهم جميعا اي سوقوهم سوقا عنيفا الى جهنم. وبعدما يتعين امرهم الى النار. ويعرفون انهم من اهل دار البوار. يقال وقفوهم انهم وقفوهم قبل ان توصلوهم الى جهنم عما كانوا يفترونه في الدنيا ليظهر على رؤوس الاشهاد كذبهم وفضيحتهم فيقال لهم اي ما الذي جرى عليكم اليوم؟ وما الذي طرقكم لا ينصر بعض بعضا ولا يغيث بعضكم بعضا. بعدما كنتم تزعمون في الدنيا ان الهتكم ستدفع عنكم العذاب. وتغيثكم وتشكرون لكم عند الله فكأنهم لا يجيبون هذا السؤال. لانهم قد علاهم الذل والصغار. واستسلموا لعذاب النار. وخشعوا وابلسوا فلم ينطقوا. ولهذا قال لما جمعوا هم وازواجهم والهتهم وهدوا الى الجحيم ووقفوا فسئلوا فلم يجيبوا اقبلوا فيما بينهم. يلوم بعضهم بعضا على اضلالهم وضلالهم. فقال الاتباع للمتبوعين الرؤساء. اي بالقوة والغلبة فتضل هنا ولولا انتم لكنا مؤمنين. قالوا لهم بل لم تكونوا مؤمنين. اي ما زلتم المشركين كما نحن مشركون. فاي شيء فضلكم علينا؟ واي شيء يوجب لومنا؟ وما كان لنا عليكم من والحال انه ما كان لنا عليكم من سلطان اي قهر لكم على اختياركم الكفر متجاوزين للحد فحق علينا نحن واياكم انا لذائقون العذاب اي حق علينا قدر ربنا وقضاؤه انا واياكم سنذوق العذاب ونشترك في العقاب. فلذلك فاغويناكم فاغويناكم انا كنا غاوين. اي دعوناكم الى طريقتنا التي نحن عليها. وهي الغواية فاستجبتم لنا فلا تلومونا ولوموا انفسكم. قال تعالى فانهم يومئذ اي يوم القيامة في العذاب مشتركون. وان تفاوتت مقادير عذابهم بحسب جرمهم كما اشتركوا في الدنيا على الكفر اشتركوا في الاخرة بجزاءه. ولهذا قال ثم ذكر ان اجرامهم قد بلغ الغاية وجاوز النهاية فقال ان الله يستكبرون. انهم كانوا اذا قيل لهم لا اله الا الله فدعوا اليها وامروا بترك الهية ما سواه يستكبرون عنها وعلى من جاء بها ويقولون معارضة لها ائنا لتارك الهتنا التي لم نزل نعبدها نحن واباؤنا لقول شاعر مجنون يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم. فلم يكفهم قبحهم الله الاعراض عنه. ولا مجرد تكذيبه حتى حكموا عليه ثم لطف به لطفا اخر وامتن عليه منة عظمى وهو انه ارسله الى مئة الف من الناس او يزيدون عنها. والمعنى انهم اما زادوا لم ينقصوا. فدعاهم الى الله تعالى مظلم الاحكام وجعلوه شاعرا مجنونا. وهم يعلمون انه لا يعرف الشعر والشعراء. ولا وصفه وصفهم. وانه اعقل خلق الله واعظمهم رأيا. ولهذا قال تعالى ناقضا لقولهم بل جاء محمد بالحق اي مجيئه حق. وما جاء به من الشرع والكتاب حق اي ومجيئه صدق المرسلين. فلولا مجيئه وارساله لم يكن الرسل صادق فهو اية معجزة لكل رسول قبله. لانهم اخبروا به وبشروا. واخذ الله عليهم العهد والميثاق. لان جاءهم فيؤمنن به ولينصرنه. واخذوا ذلك على اممهم. فلما جاء ظهر صدق الرسل الذين قبله. وتبين كذب من خالفهم فهم فلو قدر عدم مجيئه وهم قد اخبروا به لكان ذلك قادحا في صدقهم. وصدق ايضا المرسلين بان جاء ما جاءوا به ودعا الى ما دعوا اليه وامن بهم واخبر بصحة رسالتهم ونبوتهم وشرعهم. ولما كان قولهم السابق انا لذائقون قولا صادرا منهم يحتمل ان يكون صدقا او غيرة اخبر تعالى بالقول الفصل الذي لا يحتمل غير الصدق واليقين وهو الخبر الصادر منه تعالى فقال اي المؤلم الموجع وما تجزون الا ما كنتم تعملون. وما تجزون في اذاقة العذاب الاليم فلم نظلمكم وانما عدلنا فيكم. ولما كان هذا الخطاب لفظه عاما والمراد به المشركون استثنى تعالى المؤمنين فقال الا عباد الله المخلصين. يقول تعالى الا عباد الله المخلصين فانهم غير ذائقي العذاب الاليم. لانهم اخلصوا لله الاعمال. فاخلصهم واختصهم برحمته. وجاد عليهم بلطفه اولئك لهم رزق معلوم. اي غير مجهول وانما هو رزق عظيم جليل. لا يجهل امره ولا كنه فسره بقوله فواكهة من جميع انواع الفواكه التي تتفكه بها النفس للذتها في لونها وطعمها وهم مكرمون لا مهانون محتقرون بل معظمون مجلون موقرون قد اكرم بعضهم بعضا واكرمتهم الملائكة الكرام. وصاروا يدخلون عليهم من كل باب. ويهنئونهم ببلوغ اهنأ الثواب. واكرمهم فهم اكرم الاكرمين وزاد عليهم بانواع الكرامات من نعيم القلوب والارواح والابدان اي الجنات التي النعيم وصفها والسرور نعتها وذلك لما جمعت مما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وسلمت من كل مخل بنعيمها من جميع المكدرات والمنغصات ومن كرامتهم عند ربهم واكرام بعضهم بعضا انهم على سرر. وهي المجالس المرتفعة المزينة بانواع الاكسية الفاخرة المزخرفة الجميلة. فهم متكئون عليها على وجه الراحة والطمأنينة والفرح. متقابلين متقابلين فيما بينهم قد صفت قلوبهم ومحبتهم فيما بينهم. ونعيموا باجتماع بعضهم مع بعض. فان مقابلة وجوههم تدل على لقلوبهم وتأدب بعضهم مع بعض. فلم يستدبره او يجعله الى جانبه. بل من كمال السرور والادب ما دل عليه ذلك التقارب يطاف عليهم بكأس من نعيم اي يتردد الولدان المستعدون لخدمتهم بالاشربة اللذيذة بالكاسات الجميلة المنظر المترعة من الرحيق المختوم بالمسك. وهي كاسات الخمر. وتلك الخمر تخالف خمر الدنيا من كل وجه فانها في لونها بيضاء لا فيها غول ولا هم عنها ينزهون. بيضاء من احسن الالوان وفي طعمها. يتلذذ شاربه وبها وقت شربها وبعده. وانها سالمة من غول العقل وذهابه ونزفه. ونزف مال صاحبها. وليس فيها صداع ولا كدر فلما ذكر طعامهم وشرابهم ومجالسهم. وعموم النعيم وتفاصيله داخلة في قوله جنات النعيم. لكن فصل هذه الاشياء جاء لتعلم فتشتاق النفوس اليها. ذكر ازواجهم فقال اي وعند اهل دار النعيم في محلاتهم القريبة. حور حسان كاملات الاوصاف. قاصرات الطرف. اما انها على زوجها بعفتها وعدم مجاوزته لغيره. ولجمال زوجها وكماله. بحيث لا تطلب في الجنة سواه. ولا ترغب الا به واما لانها قصرت طرف زوجها عليها. وذلك يدل على كمالها وجمالها الفائق. الذي اوجب لزوجها ان يقصر طرفان عليها وقصر الطرف ايضا يدل على قصر النفس والمحبة عليها وكلا المعنيين محتمل وكلاهما صحيح. وكل هذا يدل على جمال الرجال والنساء في الجنة. ومحبة بعضهم بعضا. محبة لا يطمح الى غيره. وشدة عفتهم كلهم. وانه لا حسد فيها ولا تباغض ولا تشاحن. وذلك لانتفاء اسبابه. عين اي حسان الاعين جميلاتها. ملاح الحدق كانهن اي الحور بيض مكنون اي مستور. وذلك من حسنهن وصفائهن. وكون الوانهن احسن الالوان وابهاها. ليس فيه كدر ولا شيء فاقبل بعضهم على بعض يتساءلون. لما ذكر تعالى نعيمهم وتمام سرورهم بالمآكل والمشارب والازواج الحسان والمجالس الحسنة. ذكر تذاكرهم فيما بينهم ومطارحتهم للاحاديث عن الامور الماضية. وانهم ما في المحادثة والتساؤل حتى افضى ذلك بهم الى ان قال قائل منهم انا لي طريق. اني كان لي قرين في الدنيا ينكر البعث. ويلومني على تصديقي به ويقول لي اي مجازون باعمالنا اي كيف تصدق بهذا الامر البعيد الذي في غاية الاستغراب وهو اننا اذا تمزقنا فصرنا ترابا وعظاما اننا نبعث ونعاد. ثم نحاسب ونجازى باعمالنا. اي يقول صاحب الجنة لاخوانه به قصتي وهذا خبري انا وقريني ما زلت انا مؤمنا مصدقا وهو ما زال مكذبا منكرا للبعث حتى متنا ثم بعثنا فوصلت انا الى ما ترون من النعيم الذي اخبرتنا به الرسل. وهو لا شك انه قد وصل الى العذاب الجحيم. فهل انتم مطلعون لننظر اليه فنزداد غبطة وسرورا بما نحن فيه. ويكون ذلك رأي عين. والظاهر من حال اهل الجنة وسرور بعض ببعض وموافقة بعضهم بعضا انهم اجابوه لما قال وذهبوا تبعا له للاطلاع على قرينه الجحيم. فاطلع فرأى قرينه في سواء الجحيم. اي في وسط العذاب وغمراته والعذاب قد احاط به. فقال له نائما على حاله وشاكرا لله على نعمته ان نجاه من كيده اي تهلكني بسبب ما ادخلت علي من الشبه بزعمك ولولا نعمة ربي على ان ثبتني على الاسلام لكنت من المحضرين في العذاب معك وما نحن بمعذبين. اي يقوله المؤمن مبتهجا بنعمة الله على اهل الجنة بالخلود الدائم فيها والسلامة من العذاب. استفهام بمعنى الاثبات والتقرير. ان يقولوا لقرينه المعذب افتزعم ان لسنا نموت سوى الموتة الاولى ولا بعث بعدها ولا عذاب. وقوله فاقبل بعضهم على بعض يتسائلون. وحذف المعمول والمقام مقام لذة وسرور. فدل ذلك على انهم يتساءلون بكل ما يلتذون بالتحدث به. والمسائل التي وقع فيها النزاع الاشكال ومن المعلوم ان لذة اهل العلم بالتساؤل عن العلم والبحث عنه. فوق اللذات الجارية في احاديث الدنيا. فلهم من هذا النوع الوافر ويحصل لهم من انكشاف الحقائق العلمية في الجنة ما لا يمكن التعبير عنه. فلما ذكر تعالى نعيم الجنة ووصفه بهذه الاوصاف الجميلة مدحه وشوق العاملين وحثهم على العمل فقال الذي حصل لهم به كل خير. وكل ما تهوى الانفس وتشتهي. واندفع عنهم به كل محذور ومكروه. فهل فوز فوقه ام هو غاية الغايات ونهاية النهايات؟ حيث حل عليهم رضا رب الارض والسماوات وفرحوا بقربه وتنعموا معرفته واستروا برؤيته وطربوا لكلامه. فهو احق ما انفقت فيه نفائس الانفاس واولى ما شمر اليه العارفون الاكياس. والحسرة كل الحسرة ان يمضي على الحازم وقت من اوقاته وهو غير مشتغل بالعمل الذي يقرب لهذه الدار. فكيف اذا كان يسير بخطاياه الى دار البوار اذلك خير اي ذلك النعيم الذي وصفناه لاهل الجنة خير؟ ام العذاب الذي يكون في الجحيم من جميع اصناف العذاب. فاي الطعامين اولى؟ الذي وصف في الجنة؟ ام طعام اهل النار؟ وهو شجرة الزقوم انا جعلناها فتنة للظالمين. انا جعلناها فتنة اي عذابا ونكالا للظالمين انفسهم بالكفر والمعاصي اي وسطة فهذا مخرجها ومعدنها اشر المعادن واسوأها وشر المغرس يدل على شر الغراس وخسته. ولهذا نبهنا الله على شرها بما ذكر اين تنبت به وبما ذكر من صفة ثمرتها. وانها كرؤوس الشياطين فلا تسأل بعد هذا عن طعمها وما تفعل في اجوافهم وبطونهم وليس لهم عنها ممدوحة ولا معدن. ولهذا قال فهذا طعام اهل النار فبئس الطعام ثم ذكر شرابهم فقال ثم ان لهم عليها اي على اثر هذا الطعام لشوبا من حميم. اي ماء حارا قد انتهى كما قال تعالى. وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه. بئس الشراب وساءت مرتفقا. وكما قال تعالى وسقوا ماء حميما فقطع امعائهم ثم ان مرجعهم اي مآلهم ومقرهم مأواهم. ليذوقوا من عذابه الشديد. وحره العظيم ما ليس عليه مزيد من الشق وكأنه قيل ما الذي اوصلهم الى هذه الدار؟ فقال انهم الفوا اي وجدوا اباءهم ضالين اي يسرعون في الضلال. فلم يلتفتوا الى ما دعتهم اليه الرسل. ولا الى ما حذرتهم عنه الكتب. ولا الى اقوال الناصحين. بل اعرضوهم بان قالوا انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون ولقد ضل قبلهم اي قبل هؤلاء المخاطبين اكثر الاولين وقليل منهم امن واهتدى ولقد ارسلنا فيهم منذرين. ينذرونهم عن غيهم وضلالهم. فانظر كيف كان عاقبة المنذرين الا عباد الله المخلصين. كانت عاقبتهم الهلاك والخزي والفضيحة. فليحذر هؤلاء ان يستمروا على ضلالهم. فيصيبهم مثل ما اصابهم. ولما كان المنذرون ليسوا كلهم ضالين بل منهم من امن واخلص الدين لله استثناه الله من الهلاك فقال المخلصين اي الذين اخلصهم الله وخصهم برحمته لاخلاصهم. فان عواقبهم صارت حميدة ثم ذكر انموذجا من عواقب الامم المكذبين فقال ونجيناه اهله من الكرب العظيم. وجعلنا ذريتهم هم الباقين. وتركن انا عليه في الاخرين. سلام على نوح في العالمين. انا كذلك نجزي ثم اغرقنا الاخرين يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح عليه السلام اول الرسل انه لما دعا قومه الى الله تلك المدة الطويلة فلم يزد هم دعاؤه الا فرارا. انه نادى ربه فقال رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا. وقال رب انصرني على القوم المفسدين فاستجاب الله له ومدح تعالى نفسه فقال نعم المجيبون لدعاء الداعين عين وسماع تبتلهم وتضرعهم اجابه اجابة طابق ما سأل. نجاه اهله من الكرب العظيم. واغرق جميع الكافرين وابقى نسله وذريته متسلسلين. فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام. وجعل له ثناء حسنا مستمرا الى وقت الاخرين وذلك لانه محسن في عبادة الخالق. محسن الى الخلق. وهذه سنته تعالى في المحسنين. ان ينشر لهم من الثناء على حسناته باحسانهم ودل قوله انه من عبادنا المؤمنين ان الايمان ارفع منازل العباد وانه مشتمل على جميع شرائع دين واصوله وفروعه. لان الله مدح به خواص خلقه اي وان من شيعة نوح عليه السلام ومن هو على طريقته في النبوة والرسالة ودعوة الخلق الى الله واجابة الدعاء ابراهيم عليه السلام من الشرك والشبه والشهوات المانعة من تصور الحق والعمل به. واذا كان قلب العبد سليما سلم من كل شر وحصل له كل خير. ومن سلامته انه سليم من غش الخلق وحسدهم وغير ذلك من مساوئ الاخلاق. ولهذا نصح الخلق في الله وبدأ بابيه وقومه فقال اذ قال لابيه وقومه ماذا تعبدون؟ هذا استفهام بمعنى الانكار والزام لهم بالحجة اي اتعبدون من دونه الهة كذبا ليست بالهة ولا للعبادة. فما ظنكم برب العالمين ان يفعل بكم وقد عبدت معه غيرة. وهذا ترهيب لهم بالجزاء بالعقاب على الاقامة على شركهم. وما الذي ظننتم برب العالمين من النقص؟ حتى جعلتم له اندادا وشركاء. فاراد عليه السلام ان يكسر اصنامهم ويتمكن من ذلك. فانتهز الفرصة في حين غفلة منهم لما ذهبوا الى عيد من اعيادهم فخرج معهم في الحديث الصحيح لم يكذب ابراهيم عليه السلام الا ثلاث كذبات. قوله اني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقوله عن زوجته انها اختي والقصد انه تخلف عنهم ليتم له بالهتهم. فلهذا فلما وجد الفرصة فراغ الى الهتهم اي اسرع اليها على وجه الخفية والمراوغة. فقال متهكما بها. اي فكيف يليق ان تعبد وهي انقص من الحيوانات التي تأكل او تكلم فهذه جماد لا تأكل ولا تكلم بالهتنا انه لمن الظالمين. وقيل لهم سمعنا فتى يذكرهم يقال له ابراهيم يقول تالله لاكيدن ان اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين. فوبخوه ولاموه. فقال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم ان كانوا ينطقون فرجعوا الى انفسهم فقالوا انكم انتم الظالمون. ثم نكسوا على رؤوسهم. لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. قال افتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم. وقال هنا الله خلقكم وما تعملون. اي تنحتونه بايديكم وتصنعونه. فكيف تعبدونهم؟ وانتم اين صنعتموهم وتتركون الاخلاص لله؟ الذي خلقكم وما تعملون فالقوه في الجحيم. قالوا ابنوا له بنيانا اي عاليا مرتفعا. واوقدوا فيها النار جزاء على ما فعل من تكسير الهتهم فارادوا به كيدا ليقتلوه اشنع قتله. رد الله كيدهم في وجعل النار على ابراهيم بردا وسلاما. ولما فعلوا فيه هذا الفعل واقام عليهم الحجة. واعذر منهم قال اني ذاهب الى ربي اي مهاجر اليه قاصد الى الارض المباركة ارض الشام. يدلني الى ما فيه الخير لي من امر ديني ودنياي وقال في الاية الاخرى واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء ربي شقيا رب هب لي ولدا يكون من الصالحين. وذلك عندما ايس من قومه ولم يرى فيهم خيرا دعا الله ان يهب له غلاما صالحا ينفع الله به في حياته وبعد مماته. فاستجاب الله له وقال وهذا اسماعيل عليه السلام بلا شك فانه ذكر بعده البشارة باسحاق. ولان الله تعالى قال في بشراه باسحاق فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب فدل على ان اسحاق غير الذبيح ووصف الله اسماعيل عليه السلام بالحلم. وهو يتضمن الصبر وحسن الخلق وسعة الصدر. والعفو عن من جنى ما بلغ معه السعي قال يا بني فلما بلغ الغلام معه السعي اي ادرك ان يسعى معه وبلغ سنا يكون في الغابة احب ما يكون لوالديه قد ذهبت مشقته واقبلت منفعته. فقال له ابراهيم عليه السلام اي قد رأيت في النوم رؤيا ان الله يأمرني بذبحك ورؤيا الانبياء وحي. فان امر الله تعالى لا بد من تنفيذه. قال اسماعيل صابرا محتسبا مرضيا لربه وبرا بوالده ان شاء الله من الصابرين. يا ابتي افعل ما تؤمر. اي امض لما امرك الله تجدني ان شاء الله من الصابرين. اخبر اباه انه موطن نفسه على الصبر وقارننا ذلك بمشيئة الله تعالى لانه لا يكون شيء بدون مشيئة الله تعالى فلما اسلما اي ابراهيم وابنه اسماعيل جازما بقتل ابنه وثمرة فلان فؤادي امتثالا لامر ربه وخوفا من عقابه. والابن قد وطن نفسه على الصبر. وهانت عليه في طاعة ربه. ورضا اي تل ابراهيم اسماعيل على جبينه ليضجعه فيذبحه. وقد احب لوجهه لان لا ينظر وقت الذبح الى وجهه. وناديناه في تلك الحال المزعجة والامر المدهش ان يا ابراهيم نجزي المحسنين. قد صدقت اي قد فعلت ما امرت به. فانك وطنت نفسك على ذلك وفعلت كل سبب ولم يبقى الا امرار السكين على حلقه. انا كذلك نجزي المحسنين في عبادتنا المقدمين رضانا على شهوات انفسهم ان هذا الذي امتحنا به ابراهيم عليه السلام اي الواضح الذي تبين به صفاء ابراهيم. وكمال محبته لربه وخلته. فان اسماعيل عليه السلام لما وهبه الله لابراهيم احبه حبا شديدا وهو خليل الرحمن. والخلة اعلى انواع المحبة. وهو منصب لا يقبل المشاركة ويقتضي ان تكون جميع اجزاء القلب متعلقة بالمحبوب. فلما تعلقت شعبة من شعب قلبه بابنه اسماعيل. اراد الله تعالى ان صفي وده ويختبر خلته. فامره ان يذبح من زاحم حبه حب ربه. فلما قدم حب الله واثره على هواه. وعزم على ذبحه وزال ما في القلب من المزاحم. بقي الذبح لا فائدة فيه. فلهذا قال المبين. وفديناه بذبح عظيم. اي صار بدل له ذبح من الغنم عظيم. ذبحه ابراهيم. فكان عظيما من جهة انه كان فداء لاسماعيل. ومن جهة انه من جملة العبادات الجليلة ومن جهة انه كان قربانا وسنة الى يوم القيامة. وتركنا عليه في الاخرين اي وابقينا عليه ثناء صادقا في الاخرين كما كان في الاولين. فكل وقت بعد ابراهيم عليه السلام فانه فيه محبوب معظم مثنى عليه سلام على ابراهيم اي تحيته عليه كما قال تعالى قل الحمد لله على عباده الذين اصطفى. انا كذلك نجزي المحسنين في عبادة الله معاملة خلقه ان نفرج عنهم الشدائد. ونجعل لهم العاقبة والثناء الحسن انه من عبادنا المؤمنين بما امر الله بالايمان به. الذين بلغ بهم الايمان الى درجة اليقين. كما قال تعالى وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين هذه البشارة الثانية باسحاق الذي من ورائه يعقوب فبشر وبقائه ووجود ذريته وكونه نبيا من الصالحين. فهي بشارات متعددة اي انزلنا عليهما البركة التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما. فنشر الله من ذريتهما ثلاث امم عظيمة. امة العرب من ذرية اسماعيل. وامة بني اسرائيل وامة الروم من ذرية اسحاق اي منهم الصالح والطالح. والعادل والظالم الذي تبين ظلمه بكفره وشركه لعل هذا من باب دفع الايهام فانه لما قال وباركنا عليه وعلى اسحاق اقتضى ذلك البركة في ذريتهما وان من تمام البركة ان تكون الذرية كلهم محسنين. فاخبر الله تعالى ان منهم محسنا وظالما. والله اعلم ونجيناهما وقومهما من الكرب العظيم ونصرناهم فكانوا هم الغالبين. واتيناهما الكتاب المستبين يذكر تعالى منته على عبديه ورسوليه موسى وهارون ابني عمر بالنبوة والرسالة والدعوة الى الله تعالى ونجاتهما وقومهما من عدوهما فرعون ونصرهما عليه حتى اغرقه الله وهم ينظرون وانزال الله عليهما الكتاب المستبين. وهو التوراة التي فيها الاحكام والمواعظ وتفصيل كل شيء. وان الله هداهما الصراط المستقيم بان شرع لهما دينا ذا احكام وشرائع مستقيمة موصلة الى الله ومن عليهما بسلوكه. وتركنا سلام على موسى وهارون. اي ابقى عليه اما ثناء حسنا وتحية في الاخرين. ومن باب اولى واحرى في الاولين وان الياس لمن اتدعون الله ربكم ورب ابا يمدح تعالى عبده ورسوله الياس عليه الصلاة والسلام بالنبوة والرسالة الدعوة الى الله وانه امر قومه بالتقوى وعبادة الله وحده ونهاهم عن عبادتهم صنما لهم يقال له بعل. وتركهم عبادة الله الذي خلق الخلق واحسن خلقهم ورباهم فاحسن تربيتهم وادر عليهم النعم الظاهرة والباطنة. وانكم كيف تركتم عباد الله من هذا شأنه الى عبادة صنم لا يضر ولا ينفع. ولا يخلق ولا يرزق بل لا يأكل ولا يتكلم. وهل هذا الا من اعظم الضلال والسفه والغي. فكذبوه فيما دعاهم اليه فلم ينقادوا له. قال الله متوعدا لهم. اي يوم القيامة في العذاب ولم يذكر لهم عقوبة دنيوية. اي الذين اخلصهم الله من عليهم باتباع نبيهم فانهم غير محضرين في العذاب وانما لهم من الله جزيل الثواب وتركنا عليه اي على الياس في الاخرين ثناء حسنا اي تحية من الله ومن عباده عليه فاثنى الله عليه كما اثنى على اخوانه صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله لوط. بالنبوة والرسالة ودعوته الى الله قومه. ونهيهم عن الشرك وفعل الفاحشة. فلما لم ينتهوا نجاه الله واهله اجمعين. فسروا ليلا فنجوا اي الباقيين المعذبين. وهي زوجة لوط لم تكن على دينه بان قلبنا عليهم ديارهم فجعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود. حتى حمد وخمدوا وانكم عليهم اي على ديار قوم لوط مصبحين وبالليل اي في هذه الاوقات يكثر ترددكم اليها ومروركم بها. فلم تقبل الشك والمرية افلا تعقلون الايات والعبر وتنزجرون عما يوجب الهلاك وهذا ثناء منه تعالى على عبده ورسوله يونس ابن متى. كما اثنى على اخوانه المرسلين بالنبوة والرسالة والدعوة الى الله وذكر تعالى عنه انه عاقبه عقوبة دنيوية انجاه منها بسبب ايمانه واعماله الصالحة. فقال اذ ابق اي من ربه مغاضبا له. ظانا انه لا يقدر عليه. ويحبسه في بطن الحوت ولم يذكر الله ما غاضب عليه ولا ذنبه الذي ارتكبه لعدم فائدتنا بذكره. وانما فائدتنا بما ذكرنا عنه انه اذنب وعاقبه الله مع كونه من الرسل الكرام. وانه نجاه بعد ذلك وازال عنه المنام. وقيض له ما هو سبب صلاحه فلما ابق لجأ الى الفلك المشحون بالركاب والامتعة. فلما ركب مع غيره والفلك شاحن ثقلت السفينة فاحتاجوا الى القاء بعض الركبان وكانهم لم يجدوا لاحد مزية في ذلك فاقترعوا على ان من قرع وغلب القي في البحر عدلا من اهل السفينة. واذا اراد الله امرا هيأ اسبابه. فلما اقترعوا اصابت القرعة يونس. اي المغلوبين فالقي في البحر فالتقمه الحوت وهو وقت التقامه مليم. اي فاعل ما يلام عليه وهو مغاضبته لربه. اي في وقته السابق بكثرة عبادته لربه وتسبيحه وتحميده وفي بطن الحوت حيث قال لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين الظالمين. اي لكانت مقبرته. ولكن بسبب التسبيح وعبادته لله نجاه الله تعالى. وكذلك ينجي الله المؤمنين عند وقوعهم في الشدائد فنبذناه بالعراء بان قذفه الحوت من بطنه بالعراء وهي الارض الخالية العارية من كل احد بل ربما كانت عارية من الاشجار والظلال وهو سقيم اي قد سقم ومرض بسبب حبسه في بطن الحوت اذا صار مثل الفرخ المنعوط من البيضة. تظله بظلها لانها بادرة باردة الظلال. ولا يسقط عليها ذباب. وهذا من لطفه به وبره فامنوا فصاروا في موازينه لانه الداعي لهم صرف الله عنهم العذاب بعدما انعقدت اسبابه. قال تعالى فلولا كانت قرية امنت فنفعها ايمانها الا قوم يونس. لم ما امنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا. ومتعناهم الى حين لهم البنون. يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فاستفتهم. ايسأل المشركين بالله غيره الذين الملائكة وزعموا انها بنات الله فجمعوا بين الشرك بالله ووصفه بما لا يليق بجلاله لهم البنون. اي هذه قسمة وقول جائر من جهة جعلهم الولد لله تعالى. ومن جهة جعلهم اردى القسمين واخسها له وهو البنات التي لا يرضونهن لانفسهم. كما قال في الاية الاخرى ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ومن جهة جعلهم الملائكة بنات الله وحكمهم بذلك. قال تعالى في بيان كذبهم وهم شاهدون خلقهم اي ليس الامر كذلك فانهم ما خلقهم فدل على انهم قالوا هذا القول بلا علم. بل افتراء على الله. ولهذا قال وانهم لكاذبون. الا انهم من افكهم اي كذبهم الواضح البنات على اصطفى اي اختار البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون هذا الحكم الجائر؟ افلا تذكرون وتميزون هذا القول الباطل الجائر فانكم لو تذكرتم لم تقولوا هذا القول. اي حجة ظاهرة على قولكم من كتاب او رسول وكل هذا غير واقع. ولهذا قال فان من يقول قولا لا يقيم عليه حجة شرعية فانه كاذب متعمد او قائل على الله بلا علم وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا. ولقد علمت الجنة انهم لمحضرون اي جعل هؤلاء المشركون بالله بين الله وبين الجنة نسبا. حيث زعموا ان الملائكة بنات الله وان امهاتهم صلوات الجن والحال ان الجنة قد علمت انهم محضرون بين يدي الله. ليجازيهم عبادا اذلاء. فلو كان بينهم وبينه نسب لم يكونوا كذلك. سبحان الله الملك العظيم. الكامل الحليم مما يصفه به المشركون من كل وصف اوجبه كفرهم وشركهم. فانه لم ينزه نفسه عما وصفوه به. لانهم لم يصفوه الا بما يليق بجلاله. وبذلك كانوا مخلصين لا تعبدون ما انتم عليه بفاتنين. الا من هو صان الجحيم. اي ان انكم ايها المشركون ومن عبدتموه مع الله. لا تقدرون ان تفتنوا وتضلوا احدا. الا من قضى الله انه من اهل الجحيم. فينفذ فيه القضاء الالهي والمقصود من هذا بيان عجزهم وعجز الهتهم عن اضلال احد. وبيان كمال قدرة الله تعالى. اي فلا تطمعن او باضلال عباد الله المخلصين وحزبه المفلحين هذا فيه بيان براءة الملائكة عليهم السلام عما قاله فيهم المشركون وانهم عباد الله لا يحصونه طرفة عين فما منهم من احد الا له مقام وتدبير قد امره الله به. لا يتعداه ولا يتجاوزه وليس له من الامر في شيء وانا لنحن الصافون في طاعة الله وخدمته وانا لنحن المسبحون لله عما لا يليق به كيف مع هذا يصلحون ان يكونوا شركاء لله تعالى الله لكنا عباد الله المخلصين يخبر تعالى ان هؤلاء المشركين يظهرون التمني يقولون لو جاءنا من الذكر والكتب ما جاء الاولين لاخلصنا لله العبادة. بل لكنا المخلصين على الحقيقة. وهم كذبة في ذلك فقد جاءهم افضل الكتب فكفروا به. فعلم انهم متمردون على الحق سوف يعلمون العذاب حين يقع بهم فتول عنهم حتى حين. ولا يحسب ايضا انهم في الدنيا غالبون. بل قد سبقت كلمة الله التي لا مرد لها ولا مخالف لها لعباده المرسلين وجنده المفلحين. انهم الغالبون لغيرهم المنصورون من بهم نصرا عزيزا يتمكنون فيه من اقامة دينهم. وهذه بشارة عظيمة لمن اتصف بانه من جند الله. بان كانت احوالهم ومستقيمة وقاتل من امر بقتالهم انه غالب منصور. ثم امر رسوله بالاعراض عمن عاندوا ولم يقبلوا الحق انه ما بقي الا انتظار ما يحل بهم من العذاب. ولهذا قال عذابنا يستعجلون. فسوف يبصرون من يحل به النكال فانه سيحل بهم وتول عنهم فاذا نزل بساحتهم اي نزل عليهم وقريبا منهم فساء صباح الانذرين لانه صباح الشر والعقوبة والاستئصال ثم كرر والامر بالتولي عنهم. وتهديدهم بوقوع العذاب. ولما ذكر في هذه السورة كثيرا من اقوالهم الشنيعة التي وصفوه بها نزه نفسه عنها فقال سبحان ربك اي تنزه وتعالى رب العزة اي الذي عز فقهر كل شيء واعتز عن كل سوء يصفونه به لسلامتهم من الذنوب والافات وسلامة ما وصفوا به فاطر الارض والسماوات الالف واللام للاستغراق فجميع انواع الحمد من الصفات الكاملة العظيمة والافعال التي ربى بها العالمين. وادر عليهم فيها النعم وصرف عنهم بها النقم ودبرهم تعالى في حركاتهم وسكونهم وفي جميع احوالهم كلها لله تعالى. فهو المقدس عن النقص المحمود بكل كمال المحبوب المعظم ورسله سالمون مسلم عليهم. ومن اتبعهم في ذلك له السلامة في الدنيا والاخرة. واعداؤه لهم الهلاك والعطب في الدنيا والاخرة