المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله السادس والسبعون والثلاثمائة الحديث الثامن عن زهدم بن مضرب الجرمي انه قال كنا عند ابي موسى الاشعري فدعا بمائدته وعليها لحم دجاج فدخل رجل من بني تيم الله احمر شبيه بالموالي فقال هلم فتلكأ فقال له هلم فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل منه رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث زهدم ابن مضرب كنا عند ابي موسى فدعا بمائدته الى اخره لعله في وقت امارته على البصرة فانه كان اميرا عليها من قبل علي ابن ابي طالب وقوله فدخل رجل من بني تيم الله وهم قبيلة من العرب وقوله احمر شبيه بالموالي اي ان لونه مخالف لالوان العرب وموافق لالوان العجم اطلق عليه اسم الموالي لانهم اذا سبوا واسترقوا كانوا موالي والوان الادميين وسائر الحيوانات تختلف باختلاف الاراضي والاهوية وقوله فقال هلم اي دعاه للاكل معهم فتلكأ امتنع من الاكل وتهيب فظن ابو موسى انه انما امتنع لما رأى على المائدة الطعام الفاخر اللذيذ الذي من جملته الدجاج فلهذا قال هلم فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يأكل منه اي ان كان قصدك الدين فليس من الدين ترك اكل الفاخر من الطعام كما يظنه بعض الجهال ممن قصدهم الزهد في الدنيا والظاهر ان الرجل اكل لانه لو استمر على امتناعه لذكره الراوي وفيه حل الدجاج لانه طيب وكذا جميع الطيور الا الخبائث وما له مخلب من الطير فيدخل فيه الحمام والاوز ونحوهما وفيه انه لا يتدين بترك اكل الطيب من الطعام فالدين هو اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وكان هديه انه لا يتكلف مفقودا ولا يترك موجودا اي انه اذا صادف طعاما اكله ولو كان لذيذا فاخرا وان لم يصادف شيئا اكل ما تيسر ولم يتكلف المفقود ولو قدر على تحصيله وليس من هديه استعمال الترف في المأكل والمشرب والملبس في جميع احواله بل اذا تيسر له لم يمتنع منه وليس معنى تيسره القدرة على تحصيله بل معناه مصادفته واما اتخاذ ذلك عادة للانسان فمكروه لانه يضر ببدنه وماله خصوصا مع قلة المال فان الانسان اذا اعتاد الترف لم يصبر عنه وربما تكون بعض الاشياء التي ليست بحاجيات مع الترف وتكثير استعمالها في حقه ابلغ من الضروريات فلا يصبر عنها وايضا فالعائلة التي تنشأ على الترف تفسد اخلاقهم ويتضررون بفقد القليل مما اعتادوه وفيه ان قصد المسلمين جميعا هو اتباع الشرع وهدي الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وان اخطأ بعضهم فلجهله فاذا تبين له الشرع اتبعه وهذا قصد جميع المسلمين حتى المبتدعين منهم