واذا غفر ذنوبهم حصل لهم النجاة من العذاب والفوز بالثواب. ويؤخركم الى اجل مسمى. اي يمتعكم في هذه الدار ويدفع عنكم الهلاك الى اجل مسمى. اي مقدر البقاء في الدنيا. بقضاء الله وقدره. الى وقت محدود المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. انا ارسلنا نوحا الى قومه انذر قومك من لم يذكر الله في هذه السورة سوى قصة نوح وحدها بطول لبثه في قومه تكرار دعوته الى التوحيد ونهيه عن الشرك. فاخبر تعالى انه ارسله الى قومه رحمة بهم وانذارا لهم من عذاب الله الاليم خوفا من استمرارهم على كفرهم فيهلكهم الله هلاكا ابديا ويعذبهم عذابا سرمديا. فامتثل نوح عليه السلام لذلك وابتدر لامر الله فقال يا قوم اني لكم نذير مبين. اي واضح النذارة بينها وذلك لتوضيح ما انذر به وما انذر عنه. وباي شيء تحصله النجاة؟ بين جميع ذلك بيانا شافيا. فاخبرهم وامرهم بزبدة ما يأمرهم فقال وذلك بافراده تعالى بالتوحيد والعبادة. والبعد عن الشرك وطرقه ووسائله. فانهم اذا اتقوا الله غفر ذنوبهم ليس المتاع ابدا فان الموت لا بد منه. ولهذا قال كنتم تعلمون. لو كنتم تعلمون لما كفرتم بالله وعاندتم الحق. فلم يجيبوا لدعوته. ولنقادوا لامره فقال شاكيا لربه اي نفورا عن الحق واعراضا. فلم يبق لذلك فائدة لان فائدة الدعوة ان يحصل جميع المقصود او بعضه واستغشوا ثيابهم واصروا واستكبروا استكبارا واني كلما دعوتهم لتغفر لهم اي لاجل ان فاذا استجابوا غفرت لهم فكان هذا محض مصلحتهم. ولكنهم ابوا الا تماديا على باطلهم. ونفورا عن الحق جعلوا اصابعهم في اذانهم حذر سماع ما يقول لهم نبيهم نوح عليه السلام. واستغشوا ثيابهم اي تغطوا بها غطاء بعدا عن الحق وبغضا له. واصروا على كفرهم وشرهم. واستكبروا على الحق استكبارا. فشره مزداد و بعد. اي بمسمع منهم كلهم كل هذا حرص ونصح. واتيانهم بكل باب يظن ان يحصل منه المقصود استغفروا ربكم انه كان غفارا فقلت استغفروا ربكم اي اتركوا ما انتم عليه من الذنوب واستغفروا الله منها انه كان غفارا كثير المغفرة لمن تاب واستغفر فرغبهم بمغفرة في الذنوب وما يترتب عليها من حصول الثواب واندفاع العقاب. ورغبهم ايضا بخير الدنيا العاجل. فقال عليكم مدرارا اي مطرا متتابعا. يروي الشعاب والوهاد ويحيي البلاد والعباد ان يكثروا اموالكم التي تدركون بها ما تطلبون من الدنيا واولادكم ويجعل لكم انهارا. وهذا من ابلغ ما يكون من لذات دنيا ومطالبها. اي لا تخافون لله عظمة اسأل الله عندكم قدر. وقد خلقكم اطوارا. اي خلقا من بعد خلق في بطن الام ثم في الرضاع ثم في سن الطفولة ثم التمييز ثم الشباب الى اخر ما وصل اليه الخلق. فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع متعين ان بالعبادة والتوحيد. وفي ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على الاقرار بالميعاد. وان الذي انشأهم من العدم قادر على ان يعيد هم بعد موتهم واستدل ايضا عليهم بخلق السماوات التي هي اكبر من خلق الناس. فقال سبع سماوات طباقا. اي كل سماء فوق الاخرى وجعل القمر فيهن نورا لاهل الارض ففيه تنبيه على عظم خلق هذه الاشياء وكثرة المنافع في الشمس والقمر. الدالة على رحمته وسعة احسانه. فالعظيم الرحيم يستحق ان يعظم ويحب ويعبد ويخاف ويرجى حين خلق اباكم ادم وانتم في صلبه. ثم يعيدكم فيها عند الموت. ويخرجكم اخراجا للبعث والنشور. فهو الذي يملك الحياة سوى الموت والنشور. والله جعل لكم الارض بساطا لتسلكوا منها سبلا في اي مبسوطة مهيئة للانتفاع بها فلولا انه بسطها لما امكن ذلك. بل ولا امكنهم حرثها وغرسها وزرعها. والبناء والسكون على ظهرها قال نوح شاكيا لربه ان هذا الكلام والوعظ والتذكير ما نجع فيهم ولا افاد. انهم عصوني فيما امرتهم به اي عصوا الرسول الناصح الدال على الخير واتبعوا الملأ والاشراف الذين لم تزدهم اموالهم ولا اولادهم الا خسارا. اي هلاكا وتفويتا للارباح فكيف بمن انقاد لهم واطاعهم فكروا مكرا كبارا وقاولوا لا تذرن الهتكم ولا تذرن ود اي مكرا كبيرا بليغا في معاندة الحق. وقالوا لهم داعين الى الشرك مزينين له. لا تذرن الهتكم. فدعوه الى التعصب على ما هم عليه من الشرك. والا يدعوا ما عليه اباؤهم الاقدمون. ثم عينوا الهتهم فقالوا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد اضلوا كثيرا وهذه اسماء رجال صالحين. لما ماتوا زين الشيطان لقومهم ان يصوروا صورهم. لينشطوا بزعمهم على الطاعة اذا رأوها ثم طال الامد وجاء غير اولئك فقال لهم الشيطان ان اسلافكم يعبدونهم ويتوسلون بهم وبهم يسقون المطر ولهذا اوصى رؤساؤهم للتابعين لهم الا يدعوا عبادة هذه الالهة. اي وقد اضل الكبار والرؤساء بدعوتهم كثيرا من الخلق. اي لو كان ضلالهم عند دعوة اياهم بحق لكان مصلحة. ولكن لا يزيدون بدعوة الرؤساء الا ضلالا. اي فلم يبقى محل لنجاحهم ولا لصلاحهم. ولهذا الله عذابهم وعقوبتهم الدنيوية والاخروية. فقال سوف ادخل نارا. اما خطيئاتهم اغرقوا في اليم الذي احاط بهم. فادخلوا نارا. فذهبت اجسادهم وهم في الغرق وارواحهم للنار والحرق. وهذا كله بسبب خطيئاتهم. التي اتاهم نبيهم نوح ينذرهم عنها. ويخبرهم بشؤم ومغبتها فرفضوا ما قال حتى حل بهم النكال ينصرونهم حين نزل بهم الامر الامر. ولا احد يقدر يعارض القضاء والقدر الكافرين ديارا. ديارا يدور على وجه الارض. وذكر السبب في ذلك فقال قال اي بقاؤهم مفسدة محضة لهم ولغيرهم. وانما قال نوح عليه السلام ذلك. لانه مع كثرة مخالطته اياهم. ومزاولته لاخلاقهم علم بذلك نتيجة اعمالهم. لا جرم ان الله استجاب دعوته فاغرقهم اجمعين. ونجى نوحا ومن معه من منين؟ ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين مؤمنات رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا. خص المذكورين لتأكد حقهم وتقديم برهم. ثم عمم الدعاء فقال اي خسارا ودمارا وهلاكا