المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحادي والثمانون والثلاثمائة الحديث الرابع عن رافع بن خديج رضي الله عنه انه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذي الحليفة من تهامة فاصاب الناس جوع فاصابوا ابلا وغنما وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اخريات القوم فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقدور فاكفئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير فند منها بعير فطلبوه فاعياهم وكان في القوم خيل يسيرة فاهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله فقال ان لهذه البهائم اوابد كاوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا قال قلت يا رسول الله انا لاقوا العدو غدا وليس معنا مدى افنذبح بالقصب طالما انهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه ليس السن والظفر وساحدثكم عن ذلك اما السن فعظم واما الظفر فمدى الحبشة رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته قوله في حديث رافع بن خديج كنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بذي الحليفة من تهامة المعروف ان تهامته وما وراء جبال الحجاز من جهة البحر من ينبع ويتصل الى جدة ومنها يتصل الى اليمن والحجاز هو سلسلة الجبال وسميت بذلك لانها حاجزة بين نجد وتهامة واما ذو الحليفة التي هي محرم اهل المدينة وهي المسماة بالحساء فهي من الحجاز ولعله قد سمي بهذا الاسم غيرها بدليل قوله من تهامة وقوله فاصاب الناس جوع اي لقلة زادهم وقوله فاصابوا ابلا وغنما اي غنيمة وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في اخريات القوم وكانت هذه عادته الجميلة وسيرته الحسنة انه يكون في الساقة ليزجي الضعيف ويحمل المنقطع بخلاف عادة الملوك والجبابرة فهو يقتدي بالاضعف كما تقدم وقوله فعجلوا وذبحوا ونصبوا القدور اي وجعلوا فيها اللحم والذي حملهم على ذلك الجوع ولم ينههم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم والا فلو نهاهم لم يعصوا امره وقوله فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم بالقدور فاكفأت اي تأديبا لهم حيث لم يراجعوه لان الغنيمة لسائر الجيش وفيه مشروعية التعزير بالمال اذا رأى ذلك الامام كتحريق متاع الغال وكاضعاف الغرم على كاتم الضالة والسارق من غير حرز وهذا هو الصحيح وقوله ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير اي انه قسم الغنيمة فكانت العشر من الغنم تعدل بعيرها والتقدير هنا اي في باب القسمة بالقيمة واما في باب الاضحية فالمرجع الى تقدير الشارع فقد صح الحديث ان البدنة والبقرة تعدل لكل واحدة سبعا من الغنم واما قول بعض العلماء ان البعير في باب الاضحية عن عشرة لان كلا الحديثين صحيح وفي هذا زيادة والزيادة من الثقة مقبولة فليس بصحيح لان هذا ورد على شيء وذلك على شيء فليس هذا تقديرا كما في الاضحية وانما وقع هذا مصادفة فالمرجع في القسمة الى القيم فلو كانت قيمة خمس من الغنم تعدل قيمة البعير لقسمت كذلك وهذا يتبع الزيادة والنقص وقوله فند اي شرد منها بعير فطلبوه فاعياهم اي عجزوا عن ادراكه وكان في القوم خيل يسيرة اي ربما لو كانت كثيرة لادركوه فاهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله وهذا من فطنة هذا الرجل وتوفيق الله حيث الهمه فعل ذلك مع ان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لم يأمره ولكنه اجتهاد موافق فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اي مثنيا على ذلك الرجل ومصوبا لرأيه ان لهذه البهائم اوابد اي نوافر كأوابد الوحش اي ان بعض هذه البهائم المستأنسة يكون لها في بعض الاوقات نفرة من الناس كنفرة الوحش فما غلبكم منها اي ما عجزتم عن ذبحه مع مذبحه فاصنعوا به هكذا اي ان الحكم يدور مع علته فكما ان الحيوانات المتوحشة اذا قدرت على زكاتها مع الحلق لم يحل الا بزكاته معه فكذلك الحيوانات الانسية اذا عجز عنها فذكاتها مع اي موضع كان من بدنها وانظر الى قوله غلبكم فانه يعم الذي ينفر ويعجز عنه ويعم الذي يتردى في بئر ونحوها ويعجز عن زكاته مع حلقه فيذكى مع اي موضع قدر عليه بسكين او سلاح كبندق ونحوها او غير ذلك وهذا عام سواء رمي ولم يدرك حتى مات او ادرك حيا وذكي لان ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال وقوله قلت يا رسول الله انا لاقوا العدو غدا وليست معنا مدى اي انه لا يكون مع كل واحد سكين يذبح بها افنذبح بالقصب اي لانه كثير ونقدر عليه كلنا فقال ما انهر الدم اي اهرقه وذكر اسم الله عليه فكلوا فهم سألوه سؤالا خاصا فافتاهم بحكم عام وفيه اشتراط انهار الدم وذكر اسم الله وتقدم ان التسمية تشترط مع الذكر وتسقط بالجهل والنسيان في الصيد والذكاة على الصحيح ويدل على ان المنخنقة والموقودة والمتردية والنطيحة وما اكل السبع اذا ادركت وزكيت وخرج منها دم ليس دم ميت ويعرف ذلك فان دم الميت اسود ودم الحي احمر فانها تحل ولو لم توجد فيها حياة مستقرة وهذا هو الصحيح وهو داخل في عموم الحديث وهو ظاهر القرآن لقوله تعالى بعد ذلك الا ما ذكيتم ولما كان هذا يعم القصب والاحجار المحددة والحديد وغير ذلك استثنى الذي لا تحل الذكاة به ولا يحل المذكاة فقال ليس السن والظفر ثم ذكر الحكمة فقال وساحدثكم عن ذلك اما السن فعظم فلا يحل الذبح به وكذا سائر العظام لعموم العلة وهذا هو الصحيح وهو رواية عن احمد والمشهور تخصيص ذلك بالسن وهو ضعيف وقوله واما الظفر فمدى الحبشة اي انهم هم الذين يذبحون باظفارهم وقد نهى عن مشابهة الكفار وفي الحديث ذم العجلة ومدح التأني مع الحزم كما قيل قد يدرك المتأني بعض حاجته. وقد يكون مع المستعجل الزلل