المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. عبس وتولى ان جاءه الاعمى وما يدريك نعيم اما من استغنى فانت له تصدى سبب نزول هذه الايات الكريمات انه جاء رجل من المؤمنين اعمى يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ويتعلم منه. وجاءه رجل من الاغنياء. وكان صلى الله عليه وسلم حريصا على هداية الخلق. فمال صلى الله عليه وسلم اصغى الى الغني وصد عن الاعمى الفقير. رجاء لهداية ذلك الغني. وطمعا في تزكيته. فعاتبه الله بهذا العتاب اللطيف فقال عبس اي في وجهه وتولى في بدنه لاجل مجيء الاعمى له. ثم ذكر الفائدة في الاقبال عليه فقال وما يدريك لعله يزكى او يذكر فتنفعه الذكرى. وما يدريك لعله اي الاعمى يزكى. اي يتطهر عن الاخلاق الرذيلة. ويتصف بالاخلاق الجميلة ترى ان يتذكر ما ينفعه فيعمل بتلك الذكرى. وهذه فائدة كبيرة هي المقصودة من بعثة الرسل ووعظ الوعاظ وتذكير المذكرين فاقبالك على من جاء بنفسه مفتقرا لذلك منك هو الاليق الواجب. واما تصديك وتعرضك للغني المستغرق الذي لا يسأل ولا يستفتي لعدم رغبته في الخير مع تركك من هو اهم منه فانه لا ينبغي لك فانه ليس عليك الا فلو لم يتزكى فلست بمحاسب على ما عمله من الشر. فدل هذا على القاعدة المشهورة انه لا يترك امر معلوم لامر موهوم ولا مصلحة متحققة لمصلحة متوهمة. وانه ينبغي الاقبال على طالب العلم المفتقر اليه. الحريص عليه ازيد من غيره. يقول تعالى كلا انها تذكرة اي حقا انها هذه الموعظة تذكرة من الله يذكر بها عباده ويبين لهم في كتابه ما يحتاجون اليه. ويبين الرشد من الغي اذا تبين ذلك اي عمل به. كقوله تعالى وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ثم ذكر محل هذه التذكرة وعظمها ورفع قدرها فقال في صحف مرفوعة مطهرة مرفوعة القدر والرتبة مطهرة من الافات وعن ان تنالها الشياطين او يسترقوها بل هي بايدي سفرة. وهم الملائكة الذين هم السفراء بين الله وبين عباده. كرام اي كثير الخير والبركة. بررة قلوبهم واعمالهم. وذلك كله حفظ كن من الله لكتابه ان جعل السفراء فيه الى الرسل الملائكة الكرام الاقوياء الاتقياء. ولم يجعل للشياطين عليه سبيلا وهذا مما يوجب الايمان به وتلقيه بالقبول. ولكن مع هذا ابى الانسان الا كفورا. ولهذا قال تعالى ما اكثرها لنعمة الله وما اشد معاندته للحق بعد ما تبين وهو ما هو هو من اضعف الاشياء خلقه الله من ماء مهين ثم قدر خلقه وسواه بشرا سويا واتقن قواه الظاهرة والباطنة. اي يسر له الاسباب الدينية والدنيوية. وهداه السبيل وبينه وامتحنه بالامر والنهي اي اكرمه بالدفن ولم يجعله كسائر الحيوانات التي تكون جيفها على وجه الارض ثم اذا شاء انشره اي بعثه بعد موته للجزاء الله هو المنفرد بتدبير الانسان وتصريفه بهذه التصاريف. لم يشاركه فيه مشارك وهو مع هذا لا يقوم بما امره الله ولم يقض ما فرضه عليه. بل لا يزال مقصرا تحت الطلب. ثم ارشده تعالى الى النظر والتفكر في طعامه. وكيف وصل اليه بعد عندما تكررت عليه طبقات عديدة ويسره له فقال اي انزلنا المطر على الارض بكثرة ثم شققنا الارض للنبات شقا فانبتنا فيها اصنافا مصنفة من انواع الاطعمة اللذيذة والاقوات شهية حب وهذا شامل لسائر الحبوب. على اختلاف اصنافها وعنبا وقبا وهو القت وخص هذه الاربعة لكثرة فوائدها ومنافعها وحدائق غلبة اي بساتين الاشجار الكثيرة الملتفة وفاكهة وابا. الفاكهة ما يتفكه فيه الانسان من طين وعنب وخوخ ورمان وغير ذلك والاب ما تأكله البهائم والانعام. ولهذا قال خلقها الله وسخرها لكم. فمن نظر في هذه النعم اوجب له ذلك شكر ربه وبذل الجهد في الانابة اليه والاقبال على والتصديق باخباره. اي اذا جاءت صيحة ياما التي تصخ لهولها الاسماع وتنزعج لها الافئدة يومئذ. مما يرى الناس من الاهوال وشدة الحاجة لسالف الاعمال يوم يفر المرء من اخيه. يفر المرء من اعز الناس اليه واشفقهم لديه وصاحبته اي زوجته وبنيه وذلك لانه اي قد اشغلت نفسه واهتم لفكاكها ولم يكن له التفات الى غيرها. فحينئذ ينقسم الخلق الى فريقين سعداء واشقياء فاما السعداء فوجوههم يومئذ مصفرة. وجوه يومئذ مسفرة اي قد ظهرت فيها السرور والبهجة مما عرفوا من نجاتهم وفوزهم بالنعيم ترهقها قطرة. ووجوه الاشقياء يومئذ عليها غبرة اي تغشاها قترة فهي سوداء مظلمة مدلهمة قد ايست من كل خير وعرفت شقائها وهلاكها اولئك هم الكفرة الفجرة. اولئك الذين بهذا الوصف اي الذين كفروا بنعمة الله وكذبوا بايات الله وتجرأوا على محارمه. نسأل الله العفو والعافية. انه جواد كريم