قال الامام النووي رحمه الله تعالى في باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله ان الله وان محمدا رسول الله. ويقيم الصلاة ويؤتوا الزكاة. فاذا فعلوا ذلك عصموا مني جاءهم واموالهم الا بحق الاسلام. وحسابهم على الله. متفق عليه. وعن ابي هريرة رضي الله وانه قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ابو بكر رضي الله عنه وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله. فمن قالها فقد عصم مني ما له ونفسه الا بحقه وحسابه على الله. فقال ابو بكر والله لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فان الزكاة كل مال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه قال عمر رضي الله عنه فوالله ما هو الا ان رأيت الله قد شرح صدر ابي بكر للقتال. فعرفت انه الحق متفق عليه. وعن ابي ايوب رضي الله عنه ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم اخبرني بعمل يدخلني يدخلني الجنة. قال تعبد الله لا تشرك به شيئا. وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم. متفق عليه. وبالله التوفيق والسنة. الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله واصحابه ومن اهتدى بهداه. اما بعد هذه الاحاديث ايظا تعلقوا بالزكاة وبقية شرائع الاسلام تقدم ان الله جل وعلا خلق الخلق ليعبدوه وبعد الرسل بذلك عليهم الصلاة والسلام وارسل خاتمهم وارسله نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بذلك بالاسلام الذي هو توحيد الله وطاعته واتباع شريعته فالاساس هو توحيده والاخلاص له والايمان به وبرسله وبالاخص خاتمهم وافضلهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فاذا امن بذلك امر ببقية الشرائع والزم ببقية الشرائع من صلاة وغيرها والزكاة حق المال وهي احد اركان الاسلام الخمسة فيجب على من اسلم ودخل في الاسلام يلتزم بها كما يلتزم بالصلاة وصيام رمضان وحج البيت ولهذا سبق بالحديث يقول صلى الله عليه وسلم بني الاسلام على خمس يعني خمس دعائم شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيته ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وارتد من العرب بعضهم كذب بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وارتد وبعضهم لم يكذب لكن امتنع من الزكاة قال كنا نؤديها لمحمد فلما توفي ما نؤديها فقاتلهم الصديق والزمهم بذلك وقال والله لو منعوني عقالا في دواس اعناقا كانوا يؤدون النبي الا قاتلتهم على منع ذلك خاطبه عمر رضي الله في ذلك فقال ان الرسول قال امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فاذا قالوا وعصموا دماءهم واموالهم الا بحقها فقال له الصديق فان الزكاة من حقها من حق لا اله الا الله ولهذا في اللفظ الاخر حديث ابن عمر امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا الان صاموني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله ويدل على هذا قوله جل وعلا فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم دل على ان من لم يؤدي الزكاة لا يخلى سبيله بل يلزم ولهذا الزمهم الصديق وقاتلهم على ما امتنعوا قاتلهم على منع ذلك كما قاتل من ارتد وصدق مسيلمة قاتلهم حتى دخل من دخل منهم في الاسلام وقتل من قتل على ردة رضي الله عنه وقد وفق الله الصديق في هذه المحنة العظيمة فلهذا ثبته الله وثبت الصحابة معه حتى قاتلوهم فرجع من رجع الى الاسلام ودخل في دين الله ومنهم من قتل على ردته وكفره من اصحاب مسيلمة وغيرهم وهذا يدلنا على ان الواجب على اهل الاسلام ان يؤدوا حق لا اله الا الله من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك فان شهادتين لهما حقوق من ادى الحقوق كما الاسلام وكمال ايمانه والا الزم بذلك الصلاة عمود الاسلام الزكاة ركنها الثالث والصيام ركنه الرابع والحج ركنه الخامس وهكذا بقية الاوامر من الجهاد والدعوة الى الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبر الوالدين وصلة الرحم صدق الحديث الى غير هذا. ونهى الله عنه من سائر المعاصي فمن ادى ما اوجب الله وترك ما حرم الله هذا هو المؤمن حقا وله الجنة والكرامة ومن قصر في ذلك وحد الله وترك الشرك لكن القصد في بعض الواجبات او بعض المعاصي يكون تحت مشيئة الله ان شاء الله وعفا عنه بتوحيده واعماله الطيبة وان شاء عذبه على قدر ما مات عليه من المعاصي ولم يتب يعذب في النار مدة معلومة حسب ما ضيع من امر الله ثم يخرج منها الى الجنة بتوحيده وايمانه تقدم حديث ابن عباس لما بعث معانا اليمن صلى الله عليه وسلم ادعوهم الى اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله لذلك فاعلموا ان الله في اليوم والليلة فعلمت الله ان الله زكاة باموالهم تخال من اغنيائهم وترد في فقرائهم ولا حديث في هذا كثيرة ونص القرآن واضح في ذلك فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم. فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم والدين والحديث الرجل الذي قال يا رسول دلني على عمل يظهر الله به الجنة قال تعبدوا الله شيئا وتقيموا الصلاة وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتصل الرحم هذي كلها من اسباب دخول الجنة وهكذا حديث معاذ لما سأل قال بالذين عمل عمل بالذين عمل ادخل به الجنة وانجوا به من النار؟ قال لقد سألت عن عظيم وانه ليشيع من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك بشيء وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم البيت سبيلا ثم قال الا ادلك على ابواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئها من النار وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا قوله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم هفهوا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلموا نفس ما اخرجوا من قرة اعين جزاء بما كانوا يعملون ثم قال الا دل على خلق نفس الامر وعموده قلت بلى يا رسول الله قال رأس دم الاسلام وعمودوه الصلاة ولي السلامة الجهاد في سبيل الله ثم قال ادلك ذا كله؟ قلت بلى يا رسول الله. قال كف عليك هذا واشار لسانه قلت يا رسول الله وانا لمؤاخذ نتكلم به قال صلى الله عليه وسلم وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم فالواجب على المؤمن ان يحذر جميع ما حرم الله وان يستقيم على كل ما اوجب الله فهذا هو طريق السعادة طريق الجنة طريق الربح فاذا قصر في شيء من ذلك بان ضيع بعض الواجبات او او ركب بعض المحرمات ترى ناقص الايمان ظعيف الايمان فيكون تحت مشيئة الله كما قال جل وعلا ان الله لا يغرسك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. يعني من مات على المعاصي لم يتب كما يموت على الزنا او على اشرب الخمر او على عقوق الوالدين او على الغيبة والنميمة او على غير هذا من المعاصي كنت تحت مشيئة الله ان شاء الله عفا عنه لاعماله الطيبة وايمانه وتقواه توحيده وان شاء عقبة على قدر الجريمة التي مات عليها بالنار المدة التي تقتضيها سبحانه وتعالى ثم بعد التطهير في النار يخرجه الله من النار الى الجنة والعصاة التي يخرجون من النار يلقونها في نهر الحياة يقول في نهر يقال نهر الحياة ينبت فيك ما تنبت حبة من فاذا تم خلقهم ادخلهم الله الجنة هذه عقيدة اهل السنة والجماعة في امر العصاة خلافا للخوارج والمعتزلة العصاة عند المعتزلة والخوارج يخلدون في النار وقولهم باطل اهل السنة والجماعة يقول لا اذا دخلوا النار لا يخلدون يعذبون على قدر معاصيهم ثم بعد التطهير والتمهيد يخرجهم الله من النار الى الجنة. هذا هو اقول اهل السنة والجماعة ونزلت عليه الادلة الشرعية والاحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وفق الله الجميع