فمحلها في اعلى عليين ومنازلها مساكن عالية لها غرف ومن فوق الغرف غرف مبنية يشرفون منها على ما اعد الله لهم من الكرامة. لا تسمع فيها اي الجنة لاغية اي كلمة لغو المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. هل اتاك حديث الغاشية يذكر تعالى احوال يوم القيامة ما فيها من الاهوال الطامة وانها تغشى الخلائق بشدائدها فيجازون باعمالهم ويتميزون الى فريقين فريقا في الجنة وفريقا في السعير فاخبر عن وصف كلا الفريقين فقال في وصف اهل النار. وجوه يومئذ خاشعة. اي يوم القيامة خاشعة من الذل والفضيحة والخزي. عاملة ناصبة. اي تاعبة في العذاب تجر على وجوهها وتغشى وجوههم النار. ويحتمل ان المراد بقوله وجوه يومئذ خاشعة. عاملة ناصبة في الدنيا كونهم في الدنيا اهل عبادات وعمل. ولكنه لما عدم شرطه وهو الايمان صار يوم القيامة هباء منثورا. وهذا الاحتمال وان كان من حيث المعنى فلا يدل عليه سياق الكلام. بل الصواب المقطوع به هو الاحتمال الاول. لانه قيده بالظرف وهو يوم القيامة ولان المقصود هنا بيان وصف اهل النار عموما. وذلك الاحتمال جزء قليل من اهل النار. بالنسبة الى اهلها. ولان الكلام ففي بيان حال الناس عند غشيان الغاشية فليس فيه تعرض لاحوالهم في الدنيا. وقوله نارا حامية جديدا حرها تحيط بهم من كل مكان. اي حارة شديدة الحرارة. وان يستغيثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه فهذا شرابهم. واما طعامهم لا يسمن ولا يغني من جوع. وذلك ان المقصود من الطعام احد امرين. اما ان يسد جوع صاحبه ويزيل عنه المه واما ان يسمن بدنه من الهزال. وهذا الطعام ليس فيه شيء من هذين الامرين. بل هو طعام في غاية المرارة والخسة نسأل الله العافية واما اهل الخير فوجوههم يوم القيامة ناعمة. اي قد جرت عليهم نظرة النعيم فنظرت ابدانهم مستنارت وجوههم وسروا غاية السرور. لسعيها الذي قدمته في الدنيا من الاعمال الصالحة والاحسان الى عباد الله راضية. اذ وجدت ثوابه مدخرا مضاعفا. فحمدت عقباه وحصل لها كل ما اتمناه وذلك انها في جنة جامعة لانواع النعيم كلها عالية في محلها ومنازلها فضلا عن الكلام المحرم. بل كلامهم كلام حسن نافع. مشتمل على ذكر الله تعالى. وذكر نعمه المتواترة عليهم وعلى الاداب المستحسنة بين المتعاشرين. الذي يسر القلوب ويشرح الصدور ده اسمه جنز اي فيها العيون الجارية التي يفجرونها ويصرفونها كيف شاءوا وان ارادوا؟ فيها سرر مرحوم والسرور جمع سرير وهي المجالس المرتفعة في ذاتها وبما عليها من الفرش اللينة الوطيئة اي اوان ممتلئة من انواع الاشربة اللذيذة. قد وضعت بين ايديهم واعدت لهم وصارت تحت طلبهم واختيارهم يطوف بها عليهم الولدان المخلدون. اي وسائد من الحرير والاستبرق وغيرهما مما لا يعلمه الا الله قد صفت للجلوس والاتكاء عليها فقد اريحوا عن ان يضعوها ويصفوها بانفسهم سوسة والزرابي هي البسط الحسان مبثوثة اي مملوءة بها مجالسهم من كل جانب يقول تعالى حثا للذين لا يصدقون الرسول صلى الله عليه وسلم ولغيرهم من الناس ان يتفكروا في مخلوقات الله الدالة على توحيده. اي الا ينظرون الى خلقها البديع؟ وكيف سخرها الله للعباد وذللها لمنافعهم الكثيرة التي يضطرون اليها. كيف نصبت بهيئة باهرة حصل بها استقرار الارض وثباتها عن الاضطراب. واودع الله فيها من المنافع الجليلة ما اودع اي مدت مدا واسعا وسهلت غاية التسهيل ليستقر الخلائق على ظهرها ويتمكنوا من حرثها وغراسها البنيان فيها وسلوك الطرق الموصلة الى انواع المقاصد فيها. واعلم ان تسطيحها لا ينافي انها كرة مستديرة. قد احاطت الافلاك فيها من جميع جوانبها كما دل على ذلك العقل والنقل. والحس والمشاهدة كما هو مذكور معروف عند اكثر الناس. خصوصا في هذه الازمنة التي وقف الناس على اكثر ارجائها بما اعطاهم الله من الاسباب المقربة للبعيد. فان التسطيح انما ينافي كروية الجسم الصغير جدا الذي لو سطح لم يبقى له استدارة تذكر. واما جسم الارض الذي هو في غاية الكبر والسعة. فيكون كرويا مسطحا لا يتنافى الامران كما يعرف ذلك ارباب الخبرة. اي ذكر الناس وعظهم وانذرهم وبشرهم فانك مبعوث لدعوة الخلق الى الله وتذكيرهم. ولم تبعث مسيطرا عليهم مسلطا موكلا باعمالهم. فاذا قمت بما عليك فلا عليك بعد ذلك لوم كقوله تعالى وما انت عليهم جبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. وقوله اي لكن من تولى عن الطاعة وكفر بالله. اي الشديد الدائم اي رجوع الخليقة وجمعهم في يوم القيامة سنحاسبهم على ما عملوا من خير وشر