بسم الله الرحمن الرحيم. يسر مشروع كبار العلماء ان يقدموا لكم الدرس الثامن والثلاثون. قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في كتاب الدروس المهمة لعامة الامة ومعلوم ان لا اله الا الله هي الركن الاول من اركان الاسلام. مع الشهادة بان محمدا رسول الله فجعلها ها هنا اعلى خصال الايمان فعلم بذلك ان الايمان عند الاطلاق يدخل فيه الاسلام واركانه واعماله وهكذا عند اطلاق الايمان بالله فقط او الايمان بالله ورسوله يدخل فيه كل ما شرع الله ورسوله من الصلاة والزكاة والصيام والحج والايمان بالملائكة والكتاب والنبيين واليوم الاخر والقدر خيره وشره. لان هذا كله داخل في مسمى الايمان بالله فان الايمان بالله يتضمن الايمان باسمائه وصفاته ووجوده. وانه رب العالمين وانه يستحق عبادة كما يتضمن ايضا الايمان بجميع ما اخبر به سبحانه وتعالى وشرعه لعباده ويتضمن ايضا الايمان بجميع الرسل والملائكة والكتب والانبياء. وبكل ما اخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وهكذا ما جاء في السنة في هذا الباب. مثل قوله صلى الله عليه وسلم قل امنت بالله ثم استقم يدخل فيه كل ما اخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وكل ما شرعه لعباده ومن هذا الباب قوله تعالى ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا اي قالوا الى هنا وخالقنا ورازقنا هو الله وامنوا به ايمانا يتضمن الاستقامة على ما جاء به كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فالقرآن الكريم من سنة الله فيه سبحانه وتعالى انه يبسط الاخبار والقصص في مواضع ويختصرها في مواضع اخرى ليعلم المؤمن وطالب العلم هذه المعاني من كتاب الله سبحانه مجملة ومفصلة فلا يشكل عليه بعد ذلك مقام الاختصار مع مقام البسط والايضاح فهذا له معنى وهذا له معنى فهكذا ما يتعلق باصول الايمان تارة تذكر هذه الاصول الستة جميعا كما في الاية الكريمة ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب الاية فانه ذكر فيها خمسة وذكر القدر في ايات اخرى كما في قوله عز وجل ان كل شيء خلقناه بقدر وفي قوله سبحانه وتعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب الى غير ذلك من الايات وذكر بعضها في ايات اخرى ولم يذكرها كلها وهكذا في الحديث ذكر بعض هذه الاصول وذكر الستة في حديث جبريل وفي بعض الاحاديث ذكر الايمان بالله فقط كحديث قل امنت بالله ثم استقم وفي بعضها الايمان بالله واليوم الاخر وما ذاك الا لان الايمان بالله واليوم الاخر يدخل فيه كل ما امر الله به ورسوله فان المؤمن بالله واليوم الاخر يحمله ايمانه بذلك على فعل كل ما امر الله به ورسوله. كما يحمله ايضا على ترك ما نهى الله عنه ورسوله ولهذا اقتصر على الايمان بالله واليوم الاخر في بعض النصوص لان من امن بالله ايمانا صالحا وباليوم الاخر حمله ذلك على اداء ما اوجبه الله عليه. وعلى ترك ما حرم الله عليه وعلى الوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى ومن هذا قوله عز وجل ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجر عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون فالايمان بما ذكر امر لابد منه ومن لم يؤمن بذلك فانه كافر بالله عز وجل. وان اظهر اسلاما وايمانا ولكنه بكفره بواحد من الاصول الستة او كفره بشيء اخر مما علم من الدين بالضرورة انه من دين الله قلة المعروفة فانه يكون كافرا بالله ولا ينفعه بعد ذلك ما اقر به فان هذا الدين لابد ان يقبل كله ولابد ان يحصل به الايمان كله فاذا امن بالبعض وكفر بالبعض فهو كافر حقا كما في قوله تعالى ان الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسله. ويقولون نؤمن ببعض ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا. اولئك هم الكافرون حقا. واعتدنا الكافرين عذابا مهينا وبهذا يعلم المؤمن عظم شأن هذه الاصول. وانها اصول عظيمة لابد منها فيدخل في الايمان بالله الايمان بما اخبر الله به عن نفسه من اسمائه وصفاته. او اخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام من اسماء الله وصفاته كله داخل في الايمان بالله فيدخل في ذلك الايمان بانه رب العالمين. وانه الخلاق الرزاق وانه كامل في ذاته واسمائه وصفاته وافعاله ويدخل فيه انه سبحانه وتعالى ارسل الرسل وانزل الكتب وقدر الاشياء وعلم بها قبل وجودها سبحانه وتعالى وانه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم ومن اجمع ما ورد في ذلك من الكتاب العزيز قوله سبحانه قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وقوله سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقوله عز وجل فلا تضربوا لله الامثال. ان الله يعلم وانتم لا تعلمون وقوله عز وجل هل تعلم له سميا الى اشباه هذه الايات الدالة على كماله سبحانه وانه جل وعلا موصوف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص والعيب فهو كما اخبر عن نفسه وكما اخبر عنه الرسول محمد عليه الصلاة والسلام له الاسماء الحسنى وله الصفات العلى فواجب على المؤمن ان يؤمن بكل ما اخبر الله به ورسوله من اسماء الله وصفاته. ويمرها كما جاءت لا يغير ولا يبدل ولا يزيد ولا ينقص. بل يمرها كما جاءت. المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. رحمه الله