يسر مشروع كبار العلماء بالكويت ان يقدموا لكم هذه المادة من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الى من يراه من المسلمين من حكمة الله تعالى ابتلاء العباد بالمصائب والفتن منها الزلازل من عبد العزيز بن عبد الله بن باز الى كافة اخواني المسلمين وفقني الله واياهم لفعل ما يرضيه وجنبني واياهم اسباب سخطه وعقابه. امين سلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد فلقد انعم الله علينا معشر المسلمين بنعم كثيرة وخيرات وفيرة اهمها واعظمها نعمة الاسلام تلكم النعمة الكبرى التي لا يعادلها شيء من عقلها وشكرها واستقام عليها قولا وعملا. فاز بسعادة الدنيا والاخرة يقول الله تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. ان الانسان لظلوم كفار ويقول سبحانه وتعالى وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون فالواجب على الجميع شكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم. والحذر من عدم الشكر قال تعالى ممتنا على عباده والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون فشكر الله على نعمه جملة وتفصيلا قيد لها ووسيلة لدوامها وسبب للمزيد منها قال الله تعالى واذ تأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد وقال تعالى بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وقال تعالى فاذكروني اذكركم واشكروا لي ولا تكفرون. وقال تعالى اعملوا ال داوود شكرا وقليل من عبادي الشكور وقد اوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه ان يدعو بهذا الدعاء في دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وبشكر الله على نعمه واستعمالها فيما يرضيه. تستقيم الامور وتقل الشرور وان من خير ما تحلى به انبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام واتباعهم من الصفات الفاضلة. هو شكرهم للنعمة طلبهم التوفيق لذلك قال الله تعالى عن نبيه سليمان عليه الصلاة والسلام رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين وقال مثنيا على نبيه نوح عليه الصلاة والسلام انه كان عبدا شكورا ومن علامات شكر النعمة استعمالها في طاعة الله سبحانه وتعالى. وعدم الاستعانة بها على شيء من معاصيه وكذا التحدث بها على وجه الاعتراف بها لله والثناء عليه. لا تطاولا وفخرا على من حرمها. ولا رياء وسمعة وعلى العكس من ذلك كفران النعمة وعدم شكرها فهو نكران للجميل وجحد لفضل المنعم. وعامل من عوامل زوالها عمن انعم الله بها عليه وهو ظلم للنفس يجر عليها اسوأ العواقب قال الله سبحانه وتعالى قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها اي دنسها بالمعاصي وبتقوى الله سبحانه وتعالى وطاعته بامتثال اوامره واجتناب نواهيه. تحصل الخيرات وتندفع الشرور والمكروه وتدوم النعم قال الله تعالى ولو ان اهل القرى امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون وقال تعالى ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ومن حكمة الله سبحانه وتعالى انه يختبر عبادة فيبتليهم بالخير تارة وبالشر اخرى فيزداد المؤمنون ايمانا على ايمانهم وتعلقا بالله ولجوءا اليه سبحانه وتعالى. ويصبرون على ما قدره الله الله وقضاه ليتضاعف لهم الاجر والثواب من الله وليخافوا من سوء عاقبة الذنوب فيكفوا عنها قال الله سبحانه وتعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون وقال تعالى ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم؟ مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب وقال تعالى ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين وقال سبحانه وتعالى احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين وقال تعالى وليعلمن الله الذين امنوا وليعلمن المنافقين وقال تعالى كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون وكل هذه الايات يبين الله سبحانه وتعالى فيها انه لابد ان يبتلي عباده ويمتحنهم. كما فعل بالذين من قبلهم من الامم فاذا صبروا على هذا الابتلاء وانابوا الى الله ورجعوا اليه في كل ما يصيبهم. عند ذلك يثيب الله رضاه ومغفرته ويسكنهم جنته ويعوضهم خيرا مما فاتهم وما يحصل في هذا الكون من ايات تهز المشاعر والابدان كالصواعق والرياح الشديدة والفيضانات المهلكة للحرث والنسي والزلازل وما يسقط بسببها من شامخ البنيان وكبار الشجر. وما يهلك بسببها من الانفس والاموال وما يقع في بعض الاماكن من البراكين التي تتسبب في هلاك ما حولها ودماره وما يقع من خسوف وكسوف في الشمس والقمر ونحو ذلك مما يبتلي الله به عباده هو تخويف منه سبحانه وتعالى. وتحذير لعباده من التمادي في الطغيان وحث لهم على الرجوع والانابة اليه. واختبار لمدى صبرهم على قضاء الله وقدره. ولعذاب الاخرة اكبر ولا امر الله اعظم ولما كذبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبر الله نبيه انه قد اهلك الامم المكذبة للانبياء والمرسلين السابقين عليه. في قوله تعالى وكم اهلك قبلهم من قرن هم اشد منهم بطشا تنقبوا في البلاد هل من محيص وانزل بعدها قوله تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد فعلى المؤمنين جميعا ان يتقوا الله ويراقبوه. بامتثال اوامره واجتناب نواهيه واذا ما حلت بهم نازلة من النوازل فعليهم ان ينيبوا الى الله ويرجعوا اليه ويفتشوا في انفسهم عن اسباب ما حصل لان الله يقول وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير وعليهم ان يتوبوا الى الله مما حصل منهم من نقص في الطاعات او اقتراف للسيئات فان التوبة من اسباب رفع المصائب وعليهم ان يصبروا ويحتسبوا اجر ما حصل لهم من مصائب عند الله قال تعالى ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات. وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون وقال تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذن الله. ومن يؤمن بالله يهد قلبه. والله بكل شيء عليم المعنى من اصابته مصيبة فعلم انها بقضاء الله وقدره فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله هدى الله قلبه لليقين في علم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه. وما اخطأه لم يكن ليصيبه. ويؤمن ان الله سيعوضه عما فاته في الدنيا اه هدى في قلبه ويقينا صادقا وقد يخلف عليه ما كان اخذ منه او خيرا منه وكون بعض الحقائق قد تبين ان شيئا من الكسوف او الخسوف وما اشبههما يعرف بالحساب او ببعض الامارات قد يحصل فهذا لا ينافي قدرة الله سبحانه وتعالى وتخويف عباده فهو يوقعها متى شاء قال الله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبرأها ان ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتاكم والله لا يحب كل مختال فخور وحينما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى باصحابه صلاة الكسوف قطب فيهم خطبة بليغة اخبرهم فيها ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا ينخسفان لموت احد ولا لحياته ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده وامرهم بالصلاة والصدقة والتكبير والذكر والاستغفار والعتق وقال في خطبته يا امة محمد والله ما من احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته يا امة محمد والله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا الحديث وان واقع المسلمين اليوم يدل على استخفافهم بحق الله. وما يجب من طاعته وتقواه والمتأمل يسمع ويرى كثيرا من العقوبات للامم والشعوب تارة بالفيضانات وتارة بالاعاصير. وتارة بالهزات الارضية وتارة بالمجاعات وتارة بالحروب الطاحنة التي تأكل الرطب واليابس كما بين سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بعض انواع العقوبات التي انزلها بالعاصين والمنحرفين عن الصراط المستقيم من الامم السابقة المكذبين لرسلهم يتعظ الناس ويحذروا اعمالهم قال تعالى فكلا اخذنا بذنبه فمنهم من ارسلنا عليه حاصبا. ومنهم من اخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الارض ومنهم من اغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون وان للمعاصي والذنوب من الاثار القبيحة المضرة بالقلب والبدن والمجتمع والمسببة لغضب الله وعقابه في الدنيا والاخرة. ما لا يعلم تفاصيله الا الله تعالى فهي تحدث في الارض انواعا من الفساد في الماء والهواء والثمار والمساكن قال تعالى ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس. ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون وقال تعالى ولقد اخذنا ال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون وان فيما يقع من هذه الكوارث عظة وعبرة والسعيد من وعظ بغيره وبالجملة فان جميع الشرور والعقوبات التي يتعرض لها العباد في الدنيا والاخرة اسبابها الذنوب والمعاصي وان من علامات قساوة القلب وطمسها والعياذ بالله ان يسمع الناس قوارع الايات وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال لو عقلت ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم. مغترين بامهال ربهم لهم. عاكفين على اتباع اهوائهم وشهواتهم غير عابئين بوعيد ولا منصاعين لتهديد قال تعالى ويل لكل افاك اثيم. يسمع ايات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب اليم كما ان الاستمرار على معاصي الله مع حدوث بعض العقوبات عليها. دليل على ضعف الايمان او عدمه قال تعالى ان الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون. ولو جاءتهم كل اية حتى يروا العذاب الاليم وقال تعالى قل انظروا ماذا في السماوات والارض وما تغني الايات والنذر عن قوم لا يؤمنون وقال تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم انهم لصالوا الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ايها الاخوة في الله لقد حدث في الايام القريبة الماضية حدث عظيم. فيه عظة وعبرة لمن اعتبر ومن واجب المؤمنين ان يعتبروا بما يحدث في هذا الكون قال تعالى فاعتبروا يا اولي الابصار ما حدث هو ما سمعنا عنه في الاذاعة وقرأنا عنه في الصحف والمجلات. وما شاهده الناس على شاشة التلفاز حدث به القريب والبعيد ذلك هو ما تعرض له اليمن الشمالي من الزلازل والهزات التي اجتاحت كثيرا من مدنه وقراه وما نتج عن ذلك من ذهاب كثير من الانفس والاموال والممتلكات وخراب الكثير من المساكن وجرح الكثير وبقاء اسر كثيرة فاقدة اموالها ومساكنها وابنائها وازواجها فترمل الكثير من النساء وتيتم الكثير من الاطفال وكل هذا حصل في وقت قصير وهو دليل على عظمة الله وقدرته وان العبادة مهما تمكنوا في هذه الدنيا وكانت لهم قدرة وقوة وعظمة ضعفاء امام قدرة الله تبارك وتعالى الا وان من الواجب على جميع المسلمين ان يأخذوا العظة والعبرة مما حصل. وان يتوبوا الى الله وينيبوا اليه. ويحذروا باب غضبه ونقمته وندعوا الله لموتى اخواننا اليمنيين بالمغفرة والرحمة ولاحيائهم بالسكينة وحسن العزاء وان يجعل الله ما حصل لهم مكفرا لسيئاتهم. ورافعا لدرجاتهم وموقظا لقلوب الغافلين منا ومنهم كما يجب علينا ان نواسيهم بالتعاون معهم والعطف عليهم. ببذل ما ينفعهم من اموالنا احسانا اليهم وصدقة عليهم جبرا لمصيبتهم وتخفيفا من عظمها عليهم قال تعالى وما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا واعظم اجرا وقال تعالى وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين وقال سبحانه واحسنوا ان الله يحب المحسنين وقال صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة. والله في بعون العبد ما كان العبد في عون اخيه. رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم من كان في حاجة اخيه كان الله في حاجته وقال صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. وشبك بين اصابعه وقال صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد. اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. متفق عليه فعلينا جميعا المبادرة الى مد يد العون لاخواننا في اليمن وبذل ما نستطيع. ليتحقق معنى الاخوة الاسلامية التي اشار اليها الرسول في هذه الاحاديث الصحيحة ولنحصل على الاجر العظيم الذي وعد الله به المنفقين والمحسنين وفق الله المسلمين عموما واخواننا في اليمن خصوصا للصبر والاحتساب وضاعف لنا ولهم الاجر والثواب وانزل على المصابين السكينة والطمأنينة وحسن العزاء. ومن على الجميع بالتوبة النصوح والاستقامة على الحق. والحذر من اسباب غضب الله وعقابه. انه ولي ذلك والقادر عليه التوقيع الرئيس العام لادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد المكتبة الصوتية لسماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله. اعداد مشروع كبار العلماء كويت اعزها الله بالتوحيد والسنة