المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم. والشمس وضحاها والقمر اذا تلاها والنهار اذا اقسم تعالى بهذه الايات العظيمة على النفس المفلحة وغيرها من النفوس الفاجرة فقال والشمس اي نورها ونفعها الصادر منها. والقمر اذا تلاها اي تبعها في المنازل والنور. والنهار اذا اي جل ما على وجه الارض واوضحه والليل اذا يغشاها. اي يغشى وجه الارض فيكون ما عليها مظلما. فتعاقب الظلمة والضياء الشمس والقمر على هذا العالم بانتظام واتقان وقيام لمصالح العباد. اكبر دليل على ان الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير. وانه المعبود وحده. الذي كل معبود سواه فباطل. والسماء وما بناها يحتمل النماء موصولة فيكون الاقسام بالسماء وبانيها. الذي هو الله تبارك وتعالى. ويحتمل انها مصدرية. فيكون الاقسام السماء وبنيانها الذي هو غاية ما يقدر من الاحكام والاتقان والاحسان. ونحو ذلك قوله والارض وما طحاها. اي مدها ووسعها فتمكن الخلق حينئذ من الانتفاع بها. بجميع وجوه الانتفاع الهمها فجورها وتقواها. ونفس وما سواها يحتمل ان المراد نفس سائر المخلوقات الحيوانية. كما يؤيد هذا العموم ويحتمل ان المراد بالاقسام بنفس الانسان المكلف بدليل ما يأتي بعده. وعلى كل فالنفس اية كبيرة من ايات الله التي حقيقة بالاقسام بها. فانها في غاية اللطف والخفة. سريعة التنقل والحركة والتغير والتأثر والانفعالات النفسية من الهم والارادة والقصد والحب والبغض. وهي التي لولاها لكان البدن مجردة تمثال لا فائدة فيه. وتسويتها على هذا الوجه اية من ايات الله العظيمة. وقوله قد افلح من زكاها اي طهر نفسه من الذنوب ونقاها من العيوب. ورقاها بطاعة الله وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح اي اخفى نفسه الكريمة التي ليست حقيقة بقمعها واخفائها بالتدنس بالرذاذ والدنو من العيوب والاقتراف للذنوب. وترك ما يكملها وينميها. واستعمال ما يشينها ويدسيها كذب التمود بطغواها اي بسبب طغيانها وترفعها عن الحق عتوها على رسل الله اذ انبعث اشقاها اي اشقى القبيلة وهو قدر ابن سالف لعقرها حين اتفقوا على ذلك وامروه فائتمر لهم. فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها. فقال لهم رسول الله الصالح عليه السلام محذرا ناقة الله وسقياها. اي احذروا عقر ناقة الله التي جعلها لكم اية عظيمة. ولا تقابلوا نعمة الله عليكم بسقي لبنها ان تعقروها. فكذبوا نبيهم صالحا اي دمر عليهم وعمهم بعقابه وارسل عليهم الصيحة من فوقهم والرجفة من تحتهم فاصبحوا جاثمين على ركبهم لا تجد منهم داعيا ولا مجيبا. فسواها عليهم اي سوى بينهم بالعقوبة اي تبعتها؟ وكيف يخاف من هو قاهر؟ لا يخرج عن قهره وتصرفه مخلوق الحكيم في كل ما قضاه وشرعه