المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم الذكر والانثى. هذا قسم من الله بالزمان الذي تقع فيه افعال العباد. على تفاوت احوالهم. فقال اين اذا يغشى والنهار اذا تجلى وما خلق الذكر والانثى. والليل اذا يغشى اي يعم الخلق بظلال فيسكن كل الى مأواه ومسكنه. ويستريح العباد من الكد والتعب والنهار اذا تجلى للخلق فاستضاءوا بنوره وانتشروا في مصالحهم وما خلق الذكر والانثى ان كانت ماء موصولة كان اقساما بنفسه الكريمة الموصوفة بانه خالق الذكور والاناث وان كانت مصدرية كان قسما بخلقه للذكر والانثى وكمال حكمته في ذلك ان خلق من كل صنف من الحيوانات التي يريد ذكرا وانثى. ليبقى النوع ولا يضمحل. وقاد كلا منهما الى الاخر بسلسلة الشهوة. وجعل كلا منهما مناسبا للاخر اخر فتبارك الله احسن الخالقين. وقوله ان سعيكم لشتى. هذا هو المقسم عليه. اي ان سعيكم ايها المكلفون لمتفاوت تفاوتا كثيرا. وذلك بحسب تفاوت نفس الاعمال ومقدارها والنشاط فيها. وبحسب الغاية المقصودة بتلك الاعمال هل هو وجه الله الاعلى الباقي؟ فيبقى السعي له ببقائه وينتفع به صاحبه؟ ام هي غاية مضمحلة فانية فيبطل السعي ببطلانها ويضمحل باضمحلالها. وهذا كل عمل يقصد به غير وجه الله تعالى بهذا الوصف. ولهذا فصل الله الله تعالى العاملين ووصف اعمالهم فقال فاما من اعطى اي ما امر به من العبادات المالية كالزكوات والكفارات والنفقات والصدقات والانفاق في وجوه الخير. والعبادات البدنية كالصلاة والصوم ونحوهما والمركبة منهما كالحج والعمرة ونحوهما. واتقى ما نهي عنه من المحرمات والمعاصي على اختلاف اجناسهم وصدق بالحسنى اي صدق بلا اله الا الله وما دلت عليه من جميع العقائد الدينية وما ترتب عليها من الجزاء الاخروي. اي نسهل عليه امره ونجعله ميسرا له كل خير. ميسرا له ترك كل شر. لانه اتى باسباب التيسير. فيسر الله له ذلك بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى. واما من بخل بما امر به فترك الانفاق الواجب والمستحب. ولم تسمح نفسه باداء ما وجب لله. واستغنى عن الله. فترك عبوديته جانبا. ولم يرى نفسه غاية الافتقار الى ربها. الذي لا نجاة لها ولا فوز ولا فلاح. الا بان يكون هو محبوبها ومعبودها. الذي تقصده اليه وكذب بالحسنى اي بما اوجب الله على العباد التصديق به من العقائد الحسنة اي للحالة العسرة. والخصال الذميمة بان يكون ميسرا للشر اينما كان. ومقيدا له افعال المعاصي. نسأل الله العافية وما يغني عنه ما له اذا تردى. وما يغني عنه ما له الذي اطغاه واستغنى به. وبخل به اذا هلك فانه لا يصحبه الا عمله الصالح. واما ما له الذي لم يخرج منه الواجب. فانه يكون وبالا عليه. اذ لم يقدم منه لاخرته شيئا. ان علينا للهدى اي ان الهدى المستقيم طريقه. يوصل الى الله ويدني من رضاه. واما الضلال فطرق مسدودة عن الله لا توصل صاحبها الا للعذاب الشديد ملكا وتصرفا ليس له فيهما مشارك فليرغب الراغبون اليه في طلب ولينقطع رجاؤهم عن المخلوقين. اي تستعر وتتوقد لا يصلها الا الاشقى. الذي كذب وتولى. الذي كذب بالخبر وتولى عن الامر بان يكون قصده به تزكية نفسه وتطهيرها من من الذنوب والعيوب قاصدا به وجه الله تعالى. فدل هذا على انه اذا تضمن الانفاق المستحب ترك واجب كدين ونفقة ونحو فانه غير مشروع. بل تكون عطيته مردودة عند كثير من العلماء. لانه لا يتزكى بفعل مستحب. يفوت عليه واجب. اي ليس لاحد من الخلق على هذا الاتقى نعمة تجزى الا وقد كافأه بها. وربما بقي له الفضل والمنة على الناس. فتمحض عبدا لله لانه رقيق احسانه وحده. واما من بقي عليه نعمة للناس لم يجزها ويكافئها. فانه لا بد ان يترك للناس ويفعل لهم ما ينقص اخلاصه. وهذه الاية وان كان متناولة لابي بكر الصديق رضي الله عنه بل قد قيل انها نزلت في سببه فانه رضي الله عنه ما لاحد عنده من نعمة حتى ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم الا نعمة الرسول التي لا يمكن جزاؤها وهي نعمة الدعوة الى دين الاسلام وتعليم ودين الحق فان لله ورسوله المنة على كل احد. منة لا يمكن لها جزاء ولا مقابلة. فانها متناولة لكل من اتصف بهذا الوصف الفاضل فلم يبق لاحد عليه من الخلق نعمة تجزى. فبقيت اعماله خالصة لوجه الله تعالى. ولهذا قال ولسوف يرضى هذا الاتقى بما يعطيه الله من انواع الكرامات والمثوبات. والحمدلله رب العالمين