بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا لوالديه من مشايخه ولولاة امورنا ولجميع المسلمين. امين. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الحج عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال من القوم؟ قالوا المسلمون. فقالوا من انت؟ قال رسول الله فرفعت اليه امرأة صبية فقالت الهذا حج؟ قال نعم ولك اجر؟ رواه مسلم. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء. الركب هم الراكبون على الابل خاصة وهم دون العشرة والروحة بئر على طريق الساحل طريق مكة المدينة القديم وتسمى عند العام اما في وقتنا بئر الرحى او الراحة لقي ركبا بالروحاء فقال من القوم؟ قالوا المسلمون يعني نحن المسلمون. قالوا من انت؟ قال رسول الله ورفعت اليه امرأة صبيا فقالت يا رسول الله الهذا حج؟ اي اي ايصح حج هذا؟ قال نعم يعني له حج ولك اجر. فدل هذا الحديث على فوائد منها اولا انه ينبغي للانسان ان يسأل من لقي ولا سيما اذا كان ممن يخشى منه. ومنها ان صوت المرأة ليس بعورة. لان هذه المرأة تحدثت وتكلمت بمحضر الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كذلك فصوت المرأة ليس عورة وانما المنهي عنه وان تخضع بالقول كما قال الله تعالى ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. ومنها صحة حج الصبي بان النبي صلى الله عليه وسلم اثبت له حجا فقال نعم اي يصح حجه. ومنها ايضا ان حج لا يجب على الصبي لان المرأة قالت يا رسول الله الهذا حج ولم تقل اعلى هذا حج وفرق بين العبارات لانها لو قالت اعلى هذا فعلى ظاهرة في الوجوب ولكنها قالت الهذا حج؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ولك اجر. ومنها ان ثواب حج الصبي له. لان النبي صلى الله عليه وسلم اثبت له حجا. واذا اثبت له حجا ثبت الاجر بمن فعل هذا الحج واما الحديث الوارد ثواب حج الصبي لوالديه. فهذا الحديث لا يثبت ولا يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم. فثوابه حج الصبي له لكن لي والدي او لاحدهما ممن حج به او عقد له النسك له اجر لانه دله على الخير ومن فوائد هذا الحديث ايضا انه يصح للمرأة ان تحرم بصبيها وانه لا يشترط لصحة لذلك ان يكون الولي هو وليه في المال. لان النبي صلى الله عليه وسلم اثبت صحة الحج من هذه المرأة لوليها وظاهر الحديث انه لا يشترط بالنسبة للصبي ان تكون الكعبة عن يساره حال الطواف. لان الرسول عليه الصلاة والسلام اثبت له حجا. قال نعم نعم ولك اجر مع ان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ان الناس حين الطواف منهم من يحمل الطفل ويكون الى بطنه او الى صدره ومنهم من يحمله ويكون بطنه الى صدره. فالناس في حمل الطفل يختلفون. ولو كان الحكم مما يختلف لبين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وظاهر الحديث ايضا ان الصبي يثبت له ما يثبت للبالغ من الاحكام. لان الرسول عليه الصلاة والسلام ان له حجا واذا ثبت ان له حجا فيلزمه ما يلزم البالغ من الاحكام. فعلى هذا يلزمه ان يمضي في حجه ولا يصح ان يخرج منه. وتلزمه محظورات الاحرام كالبالغ. هذا ما عليه جمهور العلماء. ومذهب وابي حنيفة رحمه الله ومال اليه ابن مفلح في الفروع رحمه الله الى ان الصبي لا يلزمه ما يلزم البالغ اذا عقد النسك من حج او عمرة لانه غير مكلف. وبناء على هذا لو ان الصبي دخل في النسك ونوى النسك ثم خرج منه ورفضه او فعل شيئا من محظورات الاحرام لبس مخيطا او غطى رأسه او تطيب او فعل اي محظور من محظورات الاحرام فانه لا يلزمه ما يلزم البالغ لانه غير مكلف. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم الصبي حتى يبلغ. وهذا القول هو الراجح وهو الذي لا يسع الناس في زمننا وفي غير زمننا العمل الا به. نظرا لان الالزام نظرا لان الزام قام الصبي احكام البالغ فيه نوع من المشقة. ولكن كيف يكون احرام الصبي في الحج؟ الجواب الصبي لا يخلو من حالين. الحالة الاولى ان يكون الصبي مميزا وهو من يفهم الخطاب ويرد الجواب. والغالب انه من بلغ سبعا. فان كان الصبي مميزا فان وليه يأمره وبالدخول في النسك ويقول يا بني قل لبيك حجا. لبيك عمرة. وحينئذ يلبي الصبي ويمضي في نسكه اما اذا كان الصبي وهي الحال الثانية اذا كان الصبي غير مميز. فان وليه ينوي عنه. ومعنى الولي ان ينوي الولي ان الصبي دخل في النسك دخل في النسك واحرم. لا ان يقول لبيك عن هذا لانه لو قال لبيك عن هذا الصبي لكان نائبا عنه. بل ينوي بقلبه ان هذا الصبي احرم وانه دخل في النسك وحينئذ يفعل الولي عن الصبي ما يعجزه من رمي الجمار ويطوف به ويسعى به واما بقية المناسك فيفعلها الصبي بنفسه. ولهذا كانت افعال الولي بالنسبة للصبي من حيث انابة على اقسام ثلاثة. القسم الاول ما يفعله الولي عن الصبي من غير حضوره وهذا في رمي الجمار فيرمي عنه جمار وينوب عنه في ذلك. ولا يشترط ان يحضر الصبي الى الجمرات او ان يكون معه والقسم الثاني ما يفعله الصبي بنفسه ويباشره بنفسه كالوقوف بعرفة والمبيت في المزدلفة والمبيت في منى والقسم الثالث ما يفعله الولي عن الصبي بحضوره. وذلك كالطواف والسعي. فيطوف به ولا يصح ان يطوف عنه او ان يسعى عنه. بل لا بد في ذلك من حضور الصبي لكن لا بأس ان يفعل الولي بالصبي ذاك وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد