المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة التاسعة والثلاثون. في طريقة القرآن في احوال السياسة الداخلية والخارجية طريقة القرآن في هذا اعلى طريقة واقرب الى حصول جميع المصالح الكلية والى دفع المفاسد ولو لم يكن في القرآن من هذا النوع الا قوله تعالى وشاورهم في الامر واخباره عن المؤمنين ان امره ان امرهم شورى بينهم الامر مفرد مضاف لي الى المؤمنين. وفي الاية الاولى قد دخلت عليه ال المفيدة للعموم والاستغراق. يعني ان جميع امور المؤمنين وشؤونهم بمصالحهم واستدفاع مضارهم معلق بالشورى والتراود على والتراود على اليقين الامر الذي يجرون اليه وقد اتفق العقلاء ان الطريق الوحيد للصلاح الديني والدنيوي هو طريق الشورى فالمسلمون قد ارشدهم الله الى ان يهتدوا الى مصالحهم وكيفية الوصول اليهم باعمال افكارهم مجتمعة. فاذا تعينت المصلحة في طريق سلكوه واذا تعينت المضرة في طريق تركوه. واذا كان في ذلك مصلحة ومضرة نظروا ايها اقوى واولى واحسن عاقبة. واذا رأوا امرا من الامور هو المصلحة. ولكن ليست اسبابه عتيدة عندهم ولا لهم قدرة ولا لهم قدرة عليها. نظروا باي شيء تدرك تلك الاسباب. وباي حال تنال على وجه لا يظر. واذا رأوا مصالحهم توقفوا على الاستعداد للفنون الحديثة. والاختراعات الباهرة سعوا لذلك بحسب اقتدارهم. ولم يملكهم اليأس والاتكال على غيرهم الملقى الملقي الى التهلكة. واذا عرفوا وقد عرفوا ان سعي لاتفاق الكلمة وتوحيد الامة هو الطريق الاقوم للقوة المعنية جدوا في هذا واجتهدوا. واذا رأوا المصلحة في المقاومة والمهاجمة او في المسالمة والمدافعة بحسب الامكان سلكوا ما تعينت مصلحته فيقدمون في موضع الاقدام ويحجمون في موضع الاحجاب. وبالجملة لا يدعون داخلية ولا خارجية دقيقة ولا الا تشاوروا فيها. وفي طريق تحصيلها وتنميتها ودفع ما يضادها ويناقضها فهذا النظام العجيب الذي ارشدهم اليه القرآن هو النظام الذي يصلح في كل زمان ومكان وفي كل امة ضعيفة او قوية ومن ذلك قوله تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة. فهذه الاية نص صريح بوجوب الاستعداد للاعداء بما استطاعه المسلمون من قوة عقلية ومعنوية ومادية مما لا يمكن حصر افراده. وفي كل وقت يتعين سلوك ما يلائم ذلك الوقت ويناسبه. ومن ذلك قوله تعالى قال يا ايها الذين امنوا خذوا حذركم واضح وها من الايات التي ارشد الله فيها الى التحرز من الاعداء. فكل طريق وسبب يتحرز به من الاعداء فانه داخل في هذا ولكل وقت ولكل وقت لبوسه. ومن عجيب ما نبه عليه القرآن من النظام الوحيد ان الله عاتب المؤمنين بقوله وما الا رسول قد خلت من قبله الرسل. افإن مات او قتلوا انقلبتم على اعقابكم. فارشد عباده الى انه ينبغي ان كونوا بحالة من جريان الامور على طرقها. ولا يزعزعهم عنها فقد رئيس وان عظم. وما ذاك الا بان يستعدوا لكل امر من الدينية والدنيوية بعدة اناس اذا اذا فقد احدهم قام به غيره. وان تكون الامة متوحدة في ارادتها وعزمها ومقاصدها وجميع شؤونها. قصدهم جميعا ان تكون كلمة الله هي العليا. وان تقوم جميع الامور ان تقوم جميع الامور بحسب قدرتهم. وقال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. اي اتقوا وغضبه وعقابه في القيام بما امر به من كل خير وصلاح لكم جماعة ومنفردين. فكل مصلحة امر الله بها وهي متوقفة في حصولها او في كمالها على امر من الامور السابقة او اللاحقة فانه يجب تحصيلها بحسب الاستطاعة. فلا يكلفهم الله ما لا يطيقون وكذلك كل مفسدة ومضرة لا يمكن اجتنابها الا بسلوك بعض الطرق السابقة او اللاحقة فانها داخلة في تقوى الله. وذلك ان الحق حق والوسائل لها احكام المقاصد ومن الايات الجامعة في السياسة قوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. واذا حكمتم بين الناس تحكم بالعدل. ان الله نعم ما يعظكم به. الاية والاية التي بعدها فالامانات يدخل فيها اشياء كثيرة ومن اجلها الولايات الولايات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة الدينية والدنيوية. فقد امر الله ان تؤدى الى اهلها بان يجعل يجعل فيها الاكفاء لها. وكل ولاية لها اكفاء مخصوصون فهذا الطريق الذي امر الله به في الولايات. من من اصلح الطرق لصلاح في جميع الاحوال فان صلاح الامور بصلاح المتولين والرؤساء فيها والمدبرين لها والعاملين لها وبحسب تولية الامثل فالامثل ان خير من استأجرت القوي الامين فصلاح المتولين للولايات الكبرى والصغرى عنوان صلاح الامة. وضده بضده. ثم الى الحكم بين الناس بالعدل الذي ما قامت السماوات والارض الا به. فالعدل قوام الامور او قوام الامور وروحها. وبفقده تفسد الامور والحكم بالعدل من لازمه معرفة العدل في كل امر من الامور فان كان المتولون للولاية هم الكمل من الرجال الاكفاء للاعمال. وجرى التدابيرهم وافعالهم على العدل والسداد متجنبين للظلم والفساد ترقت الامة. وصلحت احوالها وتمام ذلك في الاية الاخرى التي امر الله بها بطاعة ولاة الامور فهل يوجد اكبر واعلى من هذه السياسة الحكيمة؟ التي عواقبها التي عواقبها احمد العواقب. ومن الايات المتعلقة بالسياسة الشرعية جميع ما شرعه الله من الحدود على الجرائم والعقوبات على المتجرئين على حقوقه وحقوق عباده. وهي في غاية العدالة وردع المجرمين والنكال والتخويف لاهل الشر والفساد. وفيها صيانة لدماء الخلق واموالهم واعراضهم. والايات التي فيها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والتكلم بالحق مع من كان وفي اي حال من الاحوال. وكذلك ما فيه من النهي عن الظلم فيه ارشاد للحرية النافعة. التي معناها التكلم بالحق وفي الامور التي لا محظور فيها. كما ان الحدود والعقوبات والنهي عن الكلام القبيح والفعل القبيح فيها رد الحرية الحرية الباطل تحييها رد الحرية الباطلة. فان ميزان الحرية الصحيحة النافعة هو ما ارشد اليه القرآن. واما اطلاق عنان الجهل الظلم والاقوال الضارة للمجتمع المحلل للمجتمع المحللة للاخلاق فانها من اكبر اسباب الشر والفساد وانحلال الامور والفوضوية المحضة. فنتائج الحرية الصحيحة احسن النتائج. ونتائج الحرية الفاسدة اقبح النتائج. فالشارع فتح الباب للاولاد وعقد الاولى واغلق عن الثانية تحصيلا للمصالح ودفعا للمضار والمفاسد والله اعلم