المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الخامس والاربعمائة الحديث الرابع عشر عن ابن عمر رضي الله عنهما انه قال اجر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ضمر من الخيل من الحفياء الى ثنية داع واجرى ما لم يضمر من الثنية الى مسجد بني زريق قال ابن عمر وكنت فيمن اجرى قال سفيان من الحفياء الى ثنية الوداع خمسة اميال او ستة ومن ثنية الوداع الى مسجد بني زريق النيل رواه البخاري ومسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في تعليقاته وقوله في حديث ابن عمر اجر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما ضمر من الخيل من الحفياء موضع غربي المدينة الى ثنية الوداع وهي ثنية مستطيلة من الشمال الى الجنوب سميت بذلك لانه يرجع من عندها من خرج من المدينة يودع المسافرين واجرى ما لم يضمر من الثنية الى مسجد بني زريق وهو معروف ومحلة بني زريق الان باقية اثارها قال ابن عمر وكنت فيمن اجرى اي انه كان مع من اجرى في المسابقة قال سفيان وكان من الحفياء الى ثنية الوداع خمسة اميال او ستة الميل العربي نصف ساعة باعتبار سير الاحمال ودبيب الاقدام وفي هذا مشروعية الاستعداد بكل ما يعين على القتال وهذه عادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهديه كما امر الله بذلك في قوله واعدوا لهم ما استطعتم من قوة اي ما تقدرون عليه مما يعين على القتال ثم ذكر قسما من اكبر المعينات على الجهاد فقال ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال الا ان القوة الرمي الا ان القوة الرمي اي انه من اعظم المقويات في الحرب فهذان النوعان اكبر ما يستعان به على القتال وهما الرمي والخيل وتعلمها عبادة من اكبر العبادات ولهذا رغب الشارع في تعلمها وحث عليها حتى انه اباح اخذ العوض في المسابقة بها كما ورد لا سبق الا في نصل او خف او حافر السبق بفتح الباء العوض المأخوذ في المسابقة اي لا يجوز اخذ العوض في المسابقة الا في مسابقة السهام والابل والخيل وقد اجمع العلماء على حل اخذ العوض في هذه الثلاثة ولو كان هذا من اللهو وهو داخل في القمار لانه من انواع المغالبات ولكنه ابيح لانه لهو في طاعة الله تعالى وابيح اخذ العوض ولو كان داخلا في القمار لان مصلحته غمرت مفسدته وهكذا قاعدة الشرع فانه يحل ما هو مصلحة خالصة او راجحة ويحرم ما هو مفسدة خالصة او راجحة وقد حرم الشارع جميع انواع المغالبات لما فيها من الضرر ورخص في هذه الثلاث لرجحان مصلحتها وهل يشترط المحلل في ذلك ام لا فيه خلاف الصحيح انه لا يشترط ومن اشترط ذلك قال لاجل ان يخرجه عن مسمى القمار وهو لا يخرجه ولكن كما تقدم انه قمار مباح لما فيه من المصالح وايضا فالحديث الذي استدلوا به على اشتراط المحلل ليس فيه دلالة على ذلك ومذهب الجمهور انه لا يحل اخذ العوض الا في هذه الثلاثة وقال شيخ الاسلام رحمه الله يحل اخذ العوض في المراهنة على مسائل العلم اي مثلا لو اختلف اثنان في مسألة فقال احدهما تحل وقال الاخر لا تحل فجعل كل واحد عوضا لصاحبه ان كان الصواب معه قال لان هذا من الجهاد فالجهاد نوعان جهاد باليد وجهاد باللسان والحجة وكل واحد يحتاج اليه ولا فرق بينهما واستدل في مراهنة ابي بكر المشركين فانه لما نزل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم غلبت الروم ادنى الارض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بالضع سنين وكان الفرس في ذلك الوقت اقوى الامم وعندهم من الاستعداد ما ليس عند غيرهم وكان المشركون يودون ان يغلب الفرس لانهم من جنسهم وليس لهم كتاب وكان المؤمنون يودون ان يغلب الروم لانهم اهل كتاب واقرب الى الاسلام من الفرس فلما انزل الله هذه الايات انكر ذلك المشركون وقالوا كيف يغلب الروم الفرس مع ان الفرس في هذه القوة وكذبوا خبر الله تعالى فجرى بينهم وبين ابي بكر جدال وكان المسلمون قد تحققوا صدق خبر الله تعالى وخبر رسوله تراهنهم ابو بكر رضي الله عنه وجعلوا عوضا يأخذه ابو بكر ان وقع الامر طبق ما اخبر الله وان لم يقع ذلك اخذه المشركون وجعلوا لذلك مدة اما خمس سنين او ست فاخبر ابو بكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال قل لهم يزيدوا في المدة والعوض وكان المشركون يودون ان يزيد في العوض لانهم يظنون ان يقع الامر كما زعموا وان يستمر الغلب للفرس فزادوا في المدة والعوض لان البضع من الواحد الى التسعة والله تعالى ذكر انه لابد ان يكون الغلب للروم في هذه المدة اي لا تمضي تسع سنين حتى ينقلب الامر بضد ما هو عليه ويقوى ملك الروم ويغلبون الفرس فلما وقع الامر كما ذكر الله تعالى اخذ ابو بكر العوض وهذه مسألة علمية فيجوز الرهن في مثلها وهذا القول قوي واجاب الجمهور عن مسألة ابي بكر بانها منسوخة ولا دليل على النسخ وفي الحديث انه صلى الله عليه وعلى اله وسلم ينزل كل شيء منزلته ويعطي كلا ما يناسب حاله وهذا من الحكمة فانه لم يسوي بين الخيل المضمرة والتي لم تضمر لانها تختلف بالقوة والعدو فالتي قد ضمرت هي التي يقدر عليها الطعام بقدر الحاجة وتمرن على العدو فتجف الرطوبات من اجسامها بسبب قلة القوت ويذهب ربخها وتخرج الفضلات منها فتكون امتع واقوى في العدو فانها تقدر على ما لم تقدر عليه التي لم تضمر فلهذا زاد في المسافة لها فهذه التي يجوز اخذ العوض عليها واما ما عداها فلا يجوز سواء اتى به بلفظ الرهن او النذر او الصدقة كما يفعله بعض الناس او بغير ذلك من الالفاظ لان العبرة بالمعاني لا بالالفاظ