المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القول في علو الباري ومباينته لخلقه واستوائه على عرشه هذا الاصل العظيم لم يزل الصحابة والتابعون لهم باحسان يعترفون ويعلمون علما لا يرتابون فيه بما دل عليه الكتاب والسنة من علو الله تعالى وانه فوق عباده وانه على العرش استوى وان له جميع معاني العلو علو الذات وعلو القدر وعظمة الصفات وعلو القهر لجميع الكائنات حتى نبغت الجهمية ومن تبعهم فانكروا المعنى الاول لا ببرهان عقلي فان العقل دل على علو الله تعالى على خلقه بذاته دلالة فطرية واضحة ولا ببرهان نقلي فان جميع النصوص تنافي قولهم وتبطله وتثبت له تعالى كمال العلو من كل وجه في القرآن العلي في مواضع كثيرة وفيه الاعلى وذلك يدل على ان علوه من لوازم ذاته وان جميع معانيه ثابتة لله تعالى وفيه الاخبار عن فوقيته للمخلوقات كقوله يخافون ربهم من فوقهم والاخبار بعروج الاشياء اليه وصعودها وبنزولها منه كقوله تعرج الملائكة والروح اليه اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه وكقوله حا ميم تنزيل الكتاب من الله في عدة مواضع فيدل ذلك على علوه وعلى ان القرآن كلام الله غير مخلوق وكذلك قصة موسى وفرعون اذ قال فرعون وقال فرعون يا هامان ابني لي صرحا لعلي ابلغ الاسباب اسباب السماوات فاطلع الى اله موسى وهذا ظاهر غاية الظهور ان فرعون قد انكر ما قاله موسى صلى الله عليه وسلم من علو الله على خلقه فقال هذه المقالة موهما وملبسا على قومه ولذلك كان السلف يسمون الجهمية الفرعونية لاعتقادهم نفي العلو كما اعتقده وانكره فرعون ومن ذلك اسمه الظاهر حيث فسره صلى الله عليه وسلم انه الذي ليس فوقه شيء ومن ذلك اختصاصه لبعض مخلوقاته بقربه وعنديته كقوله عن الملائكة وله ما في السماوات والارض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته واما استواؤه على العرش فقد ذكره الله في سبعة مواضع من القرآن مثل قوله الرحمن على العرش استوى فالاستواء معلوم والكيف مجهول كما يقال مثل ذلك في بقية صفات الباري فان الكلام فيها مثل الكلام في الذات فكما ان لله ذاتا لا تشبهها الذوات فله تعالى صفات لا تشبهها الصفات فصفة العلو لله تعالى ثابتة بالسمع والعقل كما تقدم وصفة الاستواء ثبتت في الكتاب وتواترت بها السنة