المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الثاني والاربعون عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما انه قال قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فاذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة رواه البخاري قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه يؤخذ من هذا الحديث احكام الشفعة كلها وما فيه شفعة وما لا شفعة فيه والشفعة انما هي في الاموال المشتركة وهي قسمان عقار وغيره فاثبت في هذا الحديث الشفعة في العقار ودل على ان غير العقار لا شفعة فيه الشركة في الحيوانات والاثاثات والنقود وجميع المنقولات لا شفعة فيها اذا باع احدهما نصيبه منها واما العقارات فاذا افرزت وحددت الحدود وصرفت الطرق واختار كل من الشريكين نصيبه فلا شفعة فيها كما هو نص الحديث لانه يصير حينئذ جارا والجار لا شفعة له على جاره واما اذا لم تحد الحدود ولم تصرف الطرق ثم باع احدهم نصيبه فللشريك او الشركاء الباقين الشفعة بان يأخذوه بالثمن الذي وقع عليه العقد كل على قدر ملكه وظاهر الحديث انه لا فرق بين العقار الذي تمكن قسمته وبينما لا يقسم وهذا هو الصحيح لان الحكمة في الشفعة وهي ازالة الضرر عن الشريك موجودة في النوعين والحديث عام واما ما استدل به على التفريق بين النوعين فضعيف واختلف العلماء في شفعة الجار على جاره اذا كان بينهما حق من حقوق الملكين كطريق مشترك او بئر او نحوهما فمنهم من اوجب الشفعة في هذا النوع وقال ان هذا الاشتراك في هذا الحق نظير الاشتراك في جميع الملك والضرر في هذا كالضرر هناك وهو الذي تدل عليه الادلة ومنهم من لم يثبت فيه شفعة كما هو المشهور من مذهب الامام احمد ومنهم من اثبت الشفعة للجار مطلقا وهذه الصورة عنده من باب اولى كما هو مذهب الامام ابي حنيفة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اثبت للشريك الشفعة ان شاء اخذ وان شاء لم يأخذ وهو من جملة الحقوق التي لا تسقط الا باسقاطها صريحا او بما يدل على الاسقاط واما اشتراط المبادرة جدا الى الاخذ بها من غير ان يكون له فرصة في هذا الحق المتفق عليه فهذا قول لا دليل عليه وما استدلوا به من الحديثين الذين اوردوهما الشفعة كحل العقال والشفعة لمن واثبها فلم يصح منهما عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم شيء فالصحيح ان هذا الحق كغيره من الحقوق من خيار الشرط او العيب او نحوها الحق ثابت الا ان اسقطه صاحبه بقول او فعل والله اعلم