وغيرهم وخرج الامام احمد حديث اسامة بن زيد ولفظه. قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخل علي اصحابي فدخلوا علي فكشف القناع ثم قال لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد بالسند المتصل الى الامام البخاري علينا وعليه رحمة الله قال البخاري حدثنا ابو اليمان قال اخبرنا شعيب عن الزهري قال اخبرني عبيد الله ابن عبد الله ابن عتبة ان عائشة وعبدالله ابن عباس قال لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فاذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا الامام البخاري قال في مطلع هذا الحديث حدثنا ابو اليمان وابو اليمان هو الحكم ابن نافع البهراني ابو اليمان الحنصي مشهور بتنيته ثقة ثبت توفي عام اثنتين وعشرين ومئتين فالرجل له الجماعة قال اخبرنا شعيب وهو شعيب ابن ابي حمزة الاموي مولاهم واسم ابيه دينار ابو بكر الحنصي ثقة عابد من اثبت الناس في الزهر توفي عام اثنتين وستين ومئة عن الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبدالله بن شهاب بن عبدالله بن الحارث بن بن كلاب القرشي الزهري ابو بكر الفقيه الحافظ متفق على جلالته واتقانه. توفي عام اربع ومئة قال اخبرني عبيد الله ابن عبد الله ابن عثمة وهو عبيد الله ابن عبد الله ابن عتبة ابن مسعود الهذري ابو عبد الله المدني ثقة فقيه ثبت توفي عام اربع وتسعين وقيل عام تسع وتسعين خرج حديثه الجماعة ان عائشة وعبدالله بن عباس عائشة رضي الله عنها ام المؤمنين وابن عباس حظر هذه الامة وبحرها علمان من اعلام الصحابة قال لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم اي لما نزل به المرض ونزلت به الحمى قبيل وفاته ما في خميصة على وجهه. رفق اي جعل وشرع وقال تعالى وطفقا يقطفان عليهما من ورق الجنة اي شرع في ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم صار يستعمل كفاء له اعلام يضعه على وجهه قال طفق قال طفق يطرح خميصة له على وجهه. خميصة اي كساء له اعلام فاذا تسخن وجهه وحمي كشفها عن وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم ليستنشق الهواء البارد اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد. طفق يطرح خميصة له على وجهه. فاذا اغتم بها اي يعني اصابه الحر بسببها وتظايق منها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك اي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حال الطرح والكشف وهو كذلك اي وهو في تلك الحال الشديدة من المرظ الذي نزل به لعنة الله على اليهود والنصارى. لعنة الله اللعن الطرد والابعاد عن الرحمة وهو هنا دعاء على اليهود ولذا في الحديث الذي سيأتينا فيما بعد الرواية قاتل الله اليهود اي قتلهم الله واخزاهم لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا واتخذوا جملة مستأنفة على سبيل البيان موجب للعن قلنا يبين النبي صلى الله عليه وسلم سبب استحقاقهم للعن والطرد من رحمة الله لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد يقول الراوي يحذر ما صنعوا. هذا من الراوي رضي الله عنه. يفسر صنيع النبي صلى الله عليه وسلم انه يحذر ما صنعوا من فعل اليهود الذين جعلوا قبور انبيائهم مساجد وهذا الحديث فيه من الفوائد والعوائد اولا هذا الحديث يذكرنا بدعاء سورة الفاتحة بطلب الهداية للصراط المستقيم وتجنب صراط المغضوب عليهم والضالين ثانيا حرمة بناء المساجد على القبور وانه وسيلة للشرك والعياذ بالله ثالثا التحذير من فعل اليهود او التشبه بهم وان النجاة بالحرص على السنة فعلا وتركا. رابعا التحذير من المبالغة في الاطراء والمحبة وانما المحبة الحقيقية بالاتباع قال تعالى قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ففي الحديث التحذير من فعل اليهود حيث ارتكبوا اعظم المحرمات ببناء المساجد على قبور انبيائهم وهم قد عظموا انبيائهم وغلو في محبتهم حتى جعلوا قبور انبيائهم مساجد. خامسا الحديث اصل في سد الذرائع. فالنبي صلى الله عليه وسلم يحذر امته ان يصنعوا بقبره مثلما صنع اليهود والنصارى صار بقبور انبيائهم لانه ربما يصير بالتدريج شبيها بعبادة الاوثان سادسا القبور لا تعظم انما تحترم بكف الاذى عنها وهذا الحديث شرحه الشراح جزاهم الله خيرا ومن احسن ما شرحه ابن رجب الحنبلي اذ ان ابن رجب الحنبلي ساق الاحاديث الواردة في هذا الباب فقال وخرج الامام احمد من حديث سهيل عن ابيه عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد لعن الله قوما اتخذوا قبور انبيائهم مساجد وروى مالك في الموطأ عن زيد ابن اسلم عن عطاء ابن يسار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد ثم نقل عن ابن عبد البر شرحه لحديث الموطأ قال قال ابن عبد البر الوثن الصنم يقول لا تجعل قبري صنما يصلى الي. ويسجن نحوه ويعبد فقد اشتد غضب الله على من فعل ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر اصحابه وسائر امته من سوء صنيع الامم قبلهم الذين صلوا في قبور انبيائهم واتخذوها قبلة ومسجدا كما صنعت الوثنية بالاوثان التي كانوا يسجدون اليها ويعظمونها وذلك الشرك الاكبر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرهم بما في ذلك من سخط الله وغضبه وانه مما لا يرضاه خشية عليهم من امتثال طرقهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب مخالفة اهل الكتاب وسائر الكفار وكان يخاف على امته اتباعهم. الا ترى الى قوله على جهة التعبير والتوبيخ لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى ان احدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه ثم قال ابن رجب معقبا على كلام ابن عبد البر ويؤيد ما ذكره ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر من ذلك في مرض موته كما في حديث عائشة وابن عباس وسبق حديث جندب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل موته بخمس وفي مسند الامام احمد من حديث ابي عبيدة ابن الجراح قال اخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرجوا يهود اهل الحجاز واهل نجران من جزيرة العرب واعلموا ان شرار الناس الذين اتخذوا قبور انبيائهم مساجد وقد روي هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم وانه قال ذلك في مرض موته من حديث علي واسامة ابن زيد وكعب ابن مالك انبيائهم مساجد وخرج حديث عائشة من رواية ابن اسحاق عن صالح ابن كيسان عن الزهري وقال في اخر حديثه يحرم ذلك على امته وقد اتفق ائمة الاسلام على هذا المعنى. قال الشافعي واكره ان يعظم مخلوق حتى يتخذ فقبره مسجدا خشية الفتنة عليه وعلى من بعده اللهم لا تفتنا ولا تفتن بنا يا كريم يا رحيم وقال صاحب التنبيه من اصحابه اما الصلاة عند رأس قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجها اليه فحرام وقال القرطبي بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاعلوا حيطان تربته وسدوا الداخل اليها وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم ثم خافوا ان يتخذ موضع قبره قبلة. اذ كان مستقبل المصلين فتتصور الصلاة اليه بصورة العبادة فبنوا جدارين من ركني الشماليين وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال حتى لا يتمكن احد من استقبال قبره ولهذا المعنى قالت عائشة ولولا ذلك لابرز قبرك. اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يرحمنا وان يرحم امة الاسلام اجمعين. هذا وبالله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته