المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الرابع والاربعون عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له رواه مسلم قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه دار الدنيا جعلها الله دار عمل يتزود منها العباد من الخير او الشر للدار الاخرى وهي دار الجزاء وسيندم المفرطون اذا انتقلوا من هذه الدار ولم يتزودوا منها لاخرتهم ما يسعدهم وحينئذ لا يمكن الاستدراك ولا يتمكن العبد ان يزيد في حسناته مثقال ذرة ولا ان يمحو من سيئاته كذلك وانقطع عمل العبد عنه الا هذه الاعمال الثلاثة التي هي من اثار عمله الاول الصدقة الجارية اي المستمر نفعها وذلك كالوقف للعقارات التي ينتفع بمغلها او الاواني التي ينتفع باستعمالها او الحيوانات التي ينتفع بركوبها ومنافعها او الكتب والمصاحف التي ينتفع باستعمالها والانتفاع بها او المساجد والمدارس والبيوت وغيرها التي ينتفع بها فكلها اجرها جار على العبد ما دام ينتفع بشيء منها وهذا من اعظم فضائل الوقف وخصوصا الاوقاف التي فيها الاعانة على الامور الدينية كالعلم والجهاد والتفرغ للعبادة ونحو ذلك ولهذا اشترط العلماء في الوقف ان يكون مصرفه على جهة بر وقربة الثاني العلم الذي ينتفع به من بعده كالعلم الذي علمه الطلبة المستعدين للعلم والعلم الذي نشره بين الناس والكتب التي صنفها في اصناف العلوم النافعة وهكذا كل ما تسلسل الانتفاع بتعليمه مباشرة او كتابة فان اجره جار عليه فكم من علماء هداة ماتوا من مئات من السنين وكتبهم مستعملة وتلاميذهم قد تسلسل خيرهم وذلك فضل الله الثالث الولد الصالح ولد صلب او ولد ابن او بنت ذكر او انثى ينتفع والده بصلاحه ودعائه فهو في كل وقت يدعو لوالديه بالمغفرة والرحمة ورفع الدرجات وحصول المثوبات وهذه المذكورة في هذا الحديث هي مضمون قوله تعالى انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا واثارهم فما قدموا هو ما باشروه من الاعمال الحسنة او السيئة واثارهم ما ترتب على اعمالهم مما عمله غيرهم او انتفع به غيرهم وجميع ما يصل الى العبد من اثار عمله ثلاثة الاول امور عمل بها الغير بسببه وبدعايته وتوجيهه الثاني امور انتفع بها الغير اي نفع كان على حسب ذلك النفع باقتداءه به في الخير الثالث امور عملها الغير او صدقة تصدق بها عنه او دعا له سواء اكان من اولاده الحسين او من اولاده الروحيين الذين تخرجوا بتعليمه وهدايته وارشاده او من اقاربه واصحابه المحبين او من عموم المسلمين بحسب مقاماته في الدين وبحسب ما اوصل الى العباد من الخير او تسبب به وبحسب ما جعل الله له في قلوب العباد من الود الذي لا بد ان تترتب عليه اثاره الكثيرة التي منها دعاؤهم واستغفارهم له وكلها تدخل في هذا الحديث الشريف وقد يجتمع للعبد في شيء واحد عدة منافع كالولد الصالح العالم الذي سعى ابوه في تعليمه وكالكتب التي يقفها او يهبها لمن ينتفع بها ويستدل بهذا الحديث على الترغيب في التزوج الذي من ثمراته حصول الاولاد الصالحين في حين وغيرها من المصالح كصلاح الزوجة وتعليمها ما تنتفع به وتنفع غيرها والله اعلم