والله تعالى قديم ولفظ قديم كذلك كالصانع والمحدث المبدع والمراد بالقديم هنا كما قال لا ابتداء لوجودك لان القديم قد يطلق ويراد به طول مدة الوجود ولو كان مسبوقا بعدم تقول على الشيء القديم متى اذا طالت مدة وجوده قالوا تالله انك لفي ضلالك القديم. ما قصدوا بالقديم هنا الازلي القديم الذي طالت مدته فقد يطلق القديم ويراد به ما طالت مدة وجوده ولو سبق بعدم لكنه ما اراد هذا المعنى. اراد المعنى الفلسفي الذي يستعمله المناطق والمتكلمون. القديم ضد الحادث والحادث ما اوجد بعد عدم فالقديم ما لم يسبقه عدم. فقال هنا في تفسيره لا ابتداء لوجوده يعني لم يكن معدما ثم وجد. ثم قال وحقيقته تعالى الى اخر ما قال. ها هنا جمل ستتكرر معكم في مثل قوله قديم لا جاء لوجوده وسيأتيك ايضا بعد قليل انه لم يزل وحده ولا زمان ولا مكان ولا قطر ولا اوان ليس بجسم ولا جوهر ولا عرب جملة فيه قاعدة مهمة اهل السنة في استعمال هذه الالفاظ التي يعبر بها المناطق والمتكلمون عن الذات الالهية او صفاتها لهم في هذا ادب جم واصل اصيل. ان الله تعالى لا يسمى ولا يوصف الا بما دلت عليه النصوص الشرعية اثباتا ونفيا فلا نثبت لله الا ما اثبت لنفسه. ولا ننفي عنه سبحانه الا ما نفاه عن نفسه. ما نفاه في القرآن او على لسانه لرسوله عليه الصلاة والسلام ما خرج عن هذا الاطار في اثبات او نفي قد يكون صحيح المعنى فلا بأس به لكن انه ليس بالاولى والاولى اجتنابه في ان الله عز وجل وصف نفسه باجل الاوصاف فلا يأتي ابدا ولا يتأتى لمخلوق قيل ايا كان ان يأتي بوصف يظن ان به معنى من الكمال ليس موجودا فيما وصف الله به نفسه وكذلك التنزيه لا يظن ان مخلوقا مهما كان يبلغ به ايراد وصف بنفي ينفيه عن الذات الالهية يريد به تنزيه تهلا قصرت به الاوصاف الواردة في الكتاب والسنة هذا محال فاذا تقرر ان اكمل الاوصاف واعظمها واتمها في اثبات عظمة الله وتنزيه الله عن النقائص ما وردت به نصوص الكتاب والسنة وجب الاكتفاء بها حدا الاشباع ولا داعي الى النظر فيما وراء ذلك من العبادات. لكن تكلف القوم واولعوا بعبارات لا زمان ولا مكان ولا اوان ليس بجوهر ولا عرب كل ذلك عبارات في نصوص الشريعة ما هو اجل واوضح واوى واعلى وصفا وادق فالاكتفاء بها اولى لكنها جمل قررت في كتب اهل العلم فساقها المصنف رحمه الله قال رحمة الله عليه لا ابتداء لوجوده ويقوم مقامه وصف الله بالاول الذي ليس قبله شيء