ثم فسر التوفيق بانه خلق القدرة الداعية الى الطاعة عندما يخلق الله قدرة في عبده فان هذا توفيقا ولك ان تقول التوفيق جعل الله سبحانه فعل عبده وافقا لما يحب ويرضى فاذا جعل الله فعل العبد موافقا لمرضاته كان هذا توفيقا. ومن هنا جاء معنى التوفيق لانه من الموافقة والتوافق بين ما يفعله العبد وبين ما يطلبه منه ربه سبحانه وتعالى. عرف امام الحرمين التوفيق بقوله خلق الطاعة ولم يجعله خلق القدرة لان قدرة العبد ليست في فعله فاحترز بذلك عما يقرره المعتزلة وبعدوا عنهم. قالوا والخذلان ضده يعني خلق قدرة المعصية او على طريقة امام الحرمين خلق المعصية. فعلى كل الله عز وجل عدل سبحانه. حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده فلن ترى عبدا ضالا شقيا عاصيا ولن ترى ذلك الا بسبق علم الله والله عز وجل قد علم سبحانه ان مثله ليس يهتدي وتجد مثل ذلك في النصوص فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم وامثال هذا كثير فكتب الله الزيغ والضلال والشقاء والمعصية والغواية على من علم منه سبحانه انه ليس اهلا طاعة ومع ذلك فقد اتى عباده المهلة واعطاهم الفرصة واكسبهم الحجة واتاهم العقل والبصيرة وقال وهديناه النجدين ومع ذلك فظل من ظل بسبق علم الله وعدله واهتدى من اهتدى بسبق علم الله عز وجل وعدله ايضا ورحمته. فالله رحيم بخلقه على السواء عدل معهم على السواء قضت حكمته ان يجيب بعض عباده دعوته وان ينأى بعضهم عنها فخلق العباد منهم مؤمن ومنهم كافر هذا ما يعتقد ينقذه اهل السنة والجماعة خلافا لمن فارق هذه الجمل في اعتقادهم. نعم والخذلان ضده واللطف ما يقع عنده صلاح العبد اخرة المعتزلة اللطف ما يختار المكلف عنده الطاعة تركا او فعلا. ما يختاره المكلف ايضا لما اول ان يفارقوا بين فعل العبد وبين تقدير الله وسبق قضائه وقدره. او قالوا هو ما يمكنه ان يفعله في واللطف يختلف باختلاف المكلفين عندهم وليس في معلوم الله ما هو لطف في حق الكل وحملوا مثل قوله تعالى ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها ولو شئنا بمعنى على القصر والالجاء ان الله يلجأ وخلقه على هذا او ذاك فهم يفسرون هذا وفق نظرهم وتقرير عقيدتهم في القدر الذي يخالفون به اهل السنة. نعم والختم والطبع والاكنة خلق الضلالة في القلب. هذه مصطلحات ان الله عز وجل كما قال ختم الله على قلوبهم في المنافقين طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا. وقالوا جعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه. كل هذه اوصاف تعتري القلوب الزائغة المحجوبة عن الله التي لا تصيب الهداية ولا الحق ولا الرشاد. هذه اوصاف الختم الله او طبع الله او في قلوبهم جعلنا على قلوبهم اكنا قال في تفسير تلك الالفاظ جعلوا او خلق الضلالة في القلب. فاذا خلقت الضلالة في القلب حجب عن الهداية والعياذ بالله الاكنة هي السترة جمعكن وويجمع ايضا الكن على اكنان وتجمع كنان اذا قلت مفرده مفرده فهو الغطاء الذي يكن فيه الشيء والجمع اكن نعم فإما كنان وجمعه اكنا او كن وجمعه اكنان وكلاهما وارد في كتاب الله تعالى. ومن الجبال اكنانا فالمقصود انه يجعل القلب في شيء يعزله ويحجبه عن نور الحق والهدى فلا يصيب شيئا من هداية الوحي ولا من وعظ الواعظين او نصح الناصحين