والفسق لا يزيل الايمان والميت مؤمنا فاسقا تحت المشيئة اما ان يعاقب ثم يدخل الجنة واما ان يسامح بمجرد فضل الله او مع الشفاعة نعم هذه جملة اخرى مهمة في عقائد اهل السنة يفارقون بها كلا من المعتزلة والخوارج والمرجية فانها مرتبة وسط واهل السنة ما يزالون كذلك في كل ابواب العقائد فضلا من الله فان المعصية عند اهل السنة مضرة بايمان المؤمن تنقص من ايمانه لكنها لا تخرجه اذا فالمؤمن حال وقوع المعصية وتلبسه بالخطيئة ينقص ايمانه. فليست هي بالتي لا تضر ايمانه في شيء كما يقول المرجئة وليست هي بالتي تقذفه خارج دائرة الايمان كما يقرر الخوارج والمعتزلة هو باق داخل دائرة الاسلام مؤمن لكنه ضعيف الايمان ناقص الايمان لا يبلغ تمامه ولا يستشعر حلاوته اذا كان كذلك. هذا المؤمن الفاسق وانت ترى انه بسط بين الطائفتين عندما يقرر المرجئة اولا انه لا يظر مع الايمان ذنب انه لا يظر مع الايمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وهذه مفارقة شديدة لما دلت عليه جملة النصوص الشرعية وغولاتهم يجعلون كل من اقر بوجود الله على درجة في الايمان سواء. وان ايمان ابي لهب وابي جهل وفرعون كايماني الملائكة وجبريل وميكائيل الى اخر ما قالوا وان ابليس كان مؤمنا لانه يقر بوجود الله. الى تلك السقطات العجيبة قابلهم ايضا غلاة الخوارج والمعتزلة. عندما يقرر الخوارج تكفير مرتكبي الكبيرة. وانه بوقوعه في شيء من الكبائر فارق الايمان بان وزايله واصبح في عداد اهل النار المخلدين فيها ان لم يتب وتوسط المعتزلة فقالوا هو فاسق لا مؤمن ولا كافر وابتدعوا المنزلة بين المنزلتين ثم استقر قوله مع الخوارج في مصيره ومآله. فقالوا ان مات كذلك فهو في النار اهل السنة يرون ان صاحب الكبيرة الفاسق بكبيرته له احد حالين. اما ان يتوب قبل الممات او يموت مصرا على معصيته وكبيرته وفسقه عياذا بالله فان تاب تاب الله عليه والله يقبل ويتوب الله على من تاب كما في الحديث فان مات كافرا عفوا فان مات على معصيته غير تائب. وهو الذي قال فيه المصنف والميت مؤمنا فاسقا يعني مات على فسقه ولم يتب قال بكل وضوح تحت المشيئة يعني ان شاء سبحانه عذبه واخذه بمعصيته وان شاء غفر له وجملة النصوص تقرر هذا المعنى ان الله لا يغفر ان يشرك به. ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وما دون الشرك يشمل كل المعاصي الكبائر والصغائر والله عز وجل ان شاء غفرها ولا تسأل كيف فرحمة الله تسع خلقه اجمعين. بل ان رحمة الله التي جعلها عز وجل لعباده جعل منها جزءا يتراحم به الخلق في هذه الدنيا انسهم وحيوانهم يتراحمون بجزء من مائة جزء وادخر الله تسعة وتسعين جزءا من رحمته يرحم به الخلائق يوم البعث يوم القيامة. فما ظنك برحمة قال الله عز وجل ورحمتي وسعت كل شيء فهذا المعول معول اهل الجنة في دخول الجنة على رحمة الله ومعول العصاة في التجاوز عن عصيانهم على رحمة الله. ومعول المسلمين المعذبين في النار بسبب تراكم ذنوبهم وغلبت سيئاتهم ايظا على رحمة الله. فالكل عالة على رحمة الله يوم القيامة. يستوي في هذا الانبياء والمرسلون العصاة والطائعون البررة والفساق الكل فقير الى رحمة الله في الدنيا وفي الاخرة ولا شك لكن في الاخرة اجل واعظم فالمقصود ان صاحب الكبيرة المؤمن الذي مات على كبيرته كان يموت على الربا والعياذ بالله على الخمر على الزنا على السحر على شيء من الكبائر التي ما تاب منها حتى لقي الله فان اهل السنة يصلون على المؤمن الفاسق ولو كان صاحب كبيرة ولو لم يكن محتاجا الى الرحمة ما صلوا عليه ولا سألوا الله له الرحمة. فانه ليس كافرا عندهم يترحم عليه. ويرجى له العفو والمغفرة ويسأل الله عز وجل ان يتوب عليه ويعفو. ثم يوم القيامة ان شاء الله غفر له وان شاء عذبه سبحانه وتعالى. والله عز وجل قد يعاقبه يدخله النار بقدر ذنبه وخطيئته ومعصيته فاذا حوسب على ذنبه اخرج من النار باصل ايمانه فيدخل الجنة وقد يغفر الله له عز وجل فلا يدخله النار اما ان تغلب حسناته على سيئاته واما ان يقبل الله فيه شفاعة احد من الشافعين يأذن له سبحانه بالشفاعة ويقبلها وهنا باب كبير وقد ساق شيخ الاسلام وغيره رحم الله الجميع عشرة اسباب يغفر الله تعالى بها للمؤمن الفاسق اصيل اعظمها واكبرها رحمة الله ان يغفر له لا بشفاعة احد ولا لان حسناته حسناته اكثر ولا لانه له سابقة عمل توجب له رحمة الله بل يطلع الله على عباده فيرحم من شاء رحمة منه وفضلا سبحانه وتعالى. فالمعول كما قلت بالدرجة الاعظم يوم القيامة على رحمة الله. في كل ما يرجوه العباد قال المصنف رحمه الله والميت مؤمنا فاسقا تحت المشيئة. اما ان يعاقب ثم يدخل الجنة واما ان يسامح. بمجرد الله قال او مع الشفاعة من يشفع من يشفع الشفاعات متعددة يشفع الانبياء وعلى رأسهم نبينا صلى الله عليه وسلم ويشفع الصالحون والاولياء يشفع الاباء والامهات لاولادهم يشفع الاولاد لابائهم وامهاتهم. يشفع المؤمن الصادق لاخيه المؤمن المصاحب له في الدنيا يشفع الملائكة وتسأل الله الرحمة والمغفرة وفضل الله واسع. ويأذن الله لمن شاء ولا يقبل سبحانه الا لمن اذن له الشفاعة ورضي له قولا. فاذا قبل الله شفاعة احد نجا برحمة الله اما ان يخفف عنه العذاب او يزول عنه او ترتفع درجته في الجنة او يخرج من النار او يمنع من دخول النار بعد ان استوجبها كل ذلك برحمة الله فيا قوم هذه العقيدة في قلوبنا يا اهل السنة والله انما تزيد في قلب العبد تعلقه بربه وانه مهما اساء ومهما اذنب واخطأ ومهما بعد عن الله يعرف ان له ربا رحيما وان رحمته واسعة وان كرمه عظيم فلا يزال يقبل مهما بعد ولا زالوا يقترب مهما تباعد يعرف ان له رحمة عند ربه تسعه وتسع العباد اجمعين. فهذا من اعظم ما يجعل قلوب اهل الاسلام في عقائد اهل السنة يجعل قلوب العباد مقبلة على الله. والا يستصغر الفاسق اجروا وذو الكبيرة ان لا يستصغر طاعة في جنب الله. والا يستقل شيئا تجلب له رحمة الله فانه لا يدري باي حسنة يدخل الجنة ولا يدري ايضا باي زلة وخطيئة ومعصية توجب له سخط الله والعياذ بالله. فهذه عقائد صحيح تقرر وتدرس لكن من رأي ذلك امر عظيم وحال كبيرة في حياة اهل السنة والجماعة وهم يعتقدون هذه المسائل التي بها تجتمع نصوص الشريعة بين الوعد والوعيد فيما غلبه المرجئة في اتجاه او الخوارج والمعتزلة في اتجاه اخر. نعم واول شافع واولاه حبيب الله محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. نعم لما ذكر الشفاعات ذكر هذه الجملة ايضا فيما صح به النص قوله عليه الصلاة والسلام انا اول شافع واول مشفع ان كان باب الشفاعة مفتوحا يوم القيامة لمن يأذن الله لمن يشاء ويرضى. والملائكة تشفع والصالحون والانبياء فمن كرامة الله لنبينا عليه الصلاة والسلام انه اول من يشفع يوم القيامة بين يدي الله واول مشفع يعني اول من تستجاب شفاعته ويقبل الله عز وجل له صلى الله عليه وسلم فهذا ايضا مما يعتقده المسلمون فخرا بانتسابهم الى هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم وحرص على الاقتراب من هديه وسيرته واتباع سنته والطاعة لكل ما جاء به صلوات ربي وسلامه عليه