المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله خمسة واربعون ومن كتاب الصلاة لابن القيم تسعة عشر وتسعمائة. لما ذكر شيئا من شعب الايمان قال فكل شعبة منه تسمى ايمانا حتى تنتهي الى اماطة الاذى عن الطريق. وهذه الشعب منها ما يزول الايمان بزوالها كشعبة الشهادة ومنها ما لا يزول بزوالها كاماطة الاذى عن الطريق. وبينهما شعب متفاوتة تفاوتا عظيما. منها ما يلحق بشعبة ويكون اليها اقرب. ومنها ما يلحق بشعبة اماطة الاذى عن الطريق. ويكون اليها اقرب. وكذلك الكفر ذو اصل وشعب. فكما ان شعب الايمان ايمان فشعب الكفر كفر. والحياء شعبة من الايمان. وقلة الحياء شعبة من شعب الكفر الصلاة والزكاة والحج والصيام من شعب الايمان. وتركها من شعب الكفر. والحكم بما انزل الله من شعب الايمان. والحكم بغير ما انزل الله من شعب الكفر والمعاصي كلها من شعب الكفر. كما ان الطاعات كلها من شعب الايمان. وشعب الايمان قسمان وفعلية وكذلك شعب الكفر نوعان قولية وفعلية ومن شعب الايمان القولية شعبة يوجب زوالها زوال الايمان ان فكذلك من شعب الايمان الفعلية ما يوجب زوالها زوال الايمان. وكذلك شعب الكفر القولية والفعلية. فكما يكفر بالاتيان بكلمة الكفر اختيارا وهي شعبة من شعب الكفر. كذلك يكفر بفعل شعبة من شعبه. كالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف فهذا اصل وها هنا اصل اخر وهو ان حقيقة الايمان مركبة من قول وعمل والقول قسمان قول القلب وهو اعتقاد وقول اللسان وهو التكلم بكلمة الاسلام. والعمل قسمان عمل القلب وهو نيته واخلاصه وعمل الجوارح فاذا زالت هذه الاربعة زال الايمان بكماله. واذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الاجزاء. فان تصديق القلب بشرط في اعتقادها وكونها نافعة. واذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع المعترف بين المرجئة واهل السنة نعم فاهل السنة مجمعون على زوال الايمان وانه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب وهو محبته وانقياده كما لم ينفع وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول. بل ويقرون به سرا وجهرا ويقولون ليس كاذب ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به. واذا كان الايمان يزول بزوال عمل القلب فغير مستنكر ان يزول بزوال اعظم ما للجوارح ولا سيما اذا كان ملزوما لعمل القلب لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم ما تقدم تقريره فانه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح. اذ لو اطاع القلب وانقاد اطاعت الجوارح وانقادت ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم لطاعته. وهو حقيقة الايمان فان الايمان ليس مجرد التصديق كما تقدم بيانه وانما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد. وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبيينه. بل هو معرفته مستلزمة الاتباعه والعمل بموجبه. وان سمي الاول هدى فليس هدى تاما. وها هنا اصل اخر وهو ان الكفر نوعان كفر عمل وكفر جحود وعناد. وكفر الجحود ان يكفر بما علم ان الرسول جاء به من عند الله جحودا وعنادا من اسماء الرب وصفاته وافعاله واحكامه. وهذا الكفر يضاد الايمان من كل وجه. واما كفر العمل فينقسم الى ما يضاد الايمان انا والى ما لا يضاده. فالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف. وقتل النبي وسبه يضاد الايمان. واما الحكم بغير ما انزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعا. ولا يمكن ان ينفى عنه اسم الكفر بعد ان اطلقه الله ورسوله عليه حاكم بغير ما انزل الله كافر. وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن هو كفر عمل لا اعتقاد وقد نفى صلى الله عليه وسلم الايمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر ومن لا يأمن جاره بوائقه. واذا نفى اسم الايمان فهو كافر من جهة العمل. وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد. واشياء كثيرة من هذا النوع. ومعلوم انه انما اراد الكفر العملي لا لاعتقادي وهذا الكفر لا يخرجه عن الدائرة الاسلامية والملة بالكلية. كما لم يخرج والسارق والشارب من الملة وانزال عنه اسم الايمان. وهذا التفصيل هو قول الصحابة فها هنا كفر دون كفر ونفاق دون نفاق وشرك دون شرك وفسوق دون فسوق وظلم دون ظلم. وها هنا اصل اخر هو انه لا يلزم من قيام شعبة من شعب الايمان بالعبد ان يسمى مؤمنا. وان كان ما قام به ايمانا ولا من قيام شعبة من شعب الكفر ان يسمى كافر وان كان ما قام به كفرا. كما انه لا يلزم من قيام جزء من اجزاء العلم به ان يسمى عالما ونحو ذلك. الى ان قال فيبقى النظر في الصلاة هل هي شرط لصحة الايمان؟ هذا سر المسألة. والادلة التي ذكرناها وغيرها تدل على ان انه لا يقبل من العبد شيء من اعماله الا بفعل الصلاة. عشرون وتسعمائة. دل الكتاب والسنة اقوال الصحابة ان السيئات الحسنات كما ان الحسنات يذهبن السيئات. والحبوط نوعان عام وخاص. فالعام حبوط الحسنات كلها بالردة والسيئات يأتي كلها بالتوبة والخاص حبوط السيئات والحسنات بعضها ببعض. وهذا حبوط مقيد جزئي