بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين اما بعد قال الله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فان امن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن امانته وليتق الله ربه ولا تكتبوا الشهادة ومن يكتمها فانه اثم قلبه والله بما تعملون عليم وان كنتم مسافرين ولم تجدوا كاتبا يكتب لكم وثيقة الدين فيكفي ان يعطي الذي عليه الحق رهنا يقبضه صاحب الحق يكون ضمانا لحقه الى ان يقضي المدين ما عليه من دين فان وثق بعظكم ببعظ لم تلزم كتابه ولا اشهاد ولا رهن ويكون الدين حينئذ امانة في ذمة المدين يجب عليه اداؤه لدائنه وعليه ان يتقي الله في هذه الامانة فلا ينكر منها شيئا فان انكر كان على من شهد المعاملة ان يؤدي الشهادة ولا يجوز له ان يكتمها ومن يكتمها فان قلبه قلب فاجر والله بما تعملون عليم لا يخفى عليه شيء وسيجازيكم على اعمالكم وهذه الاية تتميم للمعنى السابق لان الانسان قد يكون على سفر ولا يتوفر الكاتب ولا الشهيد فشرعت المراهنة وتأمل ان ربنا جل جلاله ثم ذكر قال وليتق الله ربه يعني الانسان عليه ان يجعل تقوى الله في كل عمل يقوم به قال ولا تكتموا الشهادة من كان شهيدا وجب عليه ان يؤدي الشهادة ثم جاء التحذير ممن يكتم الحق او يكتم الشهادة قال ومن يكتمها فانه اثم قلبه وتأمل فانه اثم قلبه ليعلم الانسان انه لابد انه يجعل قلبه دائما مع محاب الله ومع ما يريده الله قال والله بما تعملون عليم وربنا عليم بما نعمل فيحاسبنا على ما نعمل ثم قال تعالى لله ما في السماوات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير لله وحده ما في السماوات وما في الارض قلقا وملكا وتدبيرا وان تظهر ما في قلوبكم او تخفوه يعلمه الله وسيحاسبكم عليه فيكثر بعد ذلك لمن يشاء فضلا ورحمة ويعذب من يشاء عدلا وحكمة والله على كل شيء قدير. ايها الاخوة هذه الاية عظيمة وتأمل كيف انها قد جاءت في ختام هذه السورة وبعد ذكر امر الدين وبعد ذكر امر الحقوق وانك اذا اردت الدنيا فالله سبحانه وتعالى هو الذي يملك الدنيا وهو الذي بيده الخزائن وهو الذي اليه منتهى كل شيء لله ما في السماوات وما في الارض. نعم يا اخي الكريم لله ما في السماوات وما في الارض خلقا وملت وعبيدا وتدبيرا فاذا اردت شيئا منها حطام الدنيا فاطلبه من الله تعالى بطاعة الله تعالى ثم ذكر ربنا امرا عظيما قال وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله ما تظهره تحاسب عليه وما من اعمال قلبية الخير لك خيره ودون ذلك عليك وزره ولكن ربنا جل جلاله لا يؤاخذ الجميع على حسابنا قال فيغفر لمن يشاء فربنا جل جلاله بيده كل شيء ويعذب من يشاء يعذب من يشاء تعذيبه ويغفر لمن يشاء المغفر له والله على كل شيء قدير. يعني ما قال ويعذب من يشاء وذكرت الاسماء التي فيها العذاب او المغفرة والله على كل شيء قدير في مغفرة من يستحق المغفرة وتعذيب من يستحق العذاب ثم قال تعالى امن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل امن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير امن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بكل ما انزل اليه من ربه والمؤمنون امنوا كذلك كلهم جميعا امنوا بالله وامنوا بجميع ملائكته وجميع كتبهم التي انزلها على الانبياء وجميع رسله الذين ارسلهم امنوا بهم قائلين لا نفرق بين احد من رسل الله وقالوا سمعنا ما امرتنا به ونهيتنا عنه واطعنا بفعل ما امرت به وترك ما نهيت عنه ونسألك ان تغفر لنا يا ربنا فان مرجعنا اليك وحدك في كل شؤوننا. اذا هذه اية عظيمة امن الرسول بما انزل اليه من ربه فالايمان ايها الاخوة يعظمه المرء في قلبه وفي جوارحه وفي جميع اموره. والمؤمنون ويسير الانسان على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يستطيع المرء ان يكون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى يقرأ الهدي النبوي. والسيرة النبوية والاحاديث الصحيحة كل امن بالله الايمان بالله ربا وملائكته الايمان بالملائكة وكتبه نؤمن بالكتب التي انزلها الله تعالى ورسله الذي ارسلهم الله تعالى لعباده مبلغين رسالاتهم لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا واطعنا فالانسان يستمع الى الوحي ويطيع ربه غفرانك ربه. الانسان يطلب من الله المغفرة مهما عمل لا يستطيع ان يؤدي الامر مئة بالمئة والانسان لابد ان يكون له من قصور واليك المصير. دائما الانسان يعمل لان المصير الى الله وان الرجوع الى الله وان كل شيء صائر الى الله تعالى في عمل الانسان لاجل النجاة بين يدي الله تعالى لذا انت تقف في الصلاة لانك ستقف بين يدي الله وبوقوفك بالصلاة يذكرك الوقوف بين يدي الله ثم قال تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين لا يكلف الله نفسا الا ما تطيق من الاعمال لان دين الله مبني على اليسر فلا مشقة فيه فمن كسب خيرا فله ثواب ما عمل ولا ينقص منه شيء ومن كسب شراء فعليه جزاء ما اكتسب من ذنبه ولا يحمله عنه غيره وقال الرسول والمؤمنون ربنا لا تعاقبنا ان نسينا او اخطأنا في فعل او قول بلا قصد منا ربنا ولا تكلفنا ما يشق علينا ولا نطيقه كما كلفت من قبلنا ممن عاقبتهم على ظلمهم كاليهود ولا تحملنا ما يشق علينا ولا نطيقه من الاوامر والنواهي وتجاوز عن ذنوبنا واغفر لنا وارحمنا بفضلك انت ولينا وناصرنا فانصرنا على القوم الكافرين. تأمل اخي الكريم ان هذه الاية والاية التي قبلها يقرأهما المؤمن في كل ليلة لان من قرأهما في ليلة كفتاه اي كفتاه جميع الشروط وتأمل ان الانسان لا يفعل ما فوق طاقته لا يكلف الله نفسا الا وسعها وهذا من رحمة الله تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت. النفس اذا كسبت الاعمال الصالحة لها واذا وقعت الخطايا عليها ما اكتسبت ثم علمنا ربنا ان نتضرع الى ربنا ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. اذا نسي الانسان او اخطأ الانسان من غير عمد فيسأل ربه المعافاة ربنا ولا تحمل علينا اثرا كما حملته على الذين من قبلنا. هذه الشريحة جاءت اخف الشرائع فنحمد الله على التيسير في هذه الشريعة ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به. الانسان تمر عليه الكروب وتمر عليه الامور فيسأل ربه ان لا يحمل فوق طاقته واعف عنا يسأل المرء ربه دائما العفو واغفر لنا المغفرة وهي عدم المحاسبة على الذنب ورفع الذنب ورفع ظرر الذنب وارحمنا يستدر الانسان رحمة ربه دواما انت مولانا فانت ناصرنا يا رب فانصرنا على القوم الكافرين وهذه السورة سورة البقرة جاءت لترسيخ العقيدة في اولها في وسطها في اخرها ومن ذلك البراءة من الكفار من فوائد الايات جواز اخذ الرهن لضمان الحقوق في حال عدم القدرة على توثيق الحق الا اذا وثق المتعاملون بعضهم ببعض حرمة كتمان الشهادة هو اثم من يكتمها ولا يؤديها كمال علم الله تعالى واطلاعه على خلقه وقدرته التامة على حسابهم على ما اكتسبوا من اعمال في الاية تقرير لاركان الايمان وبيان لاصوله قام هذا الدين على اليسر ورفع الحرج والمشقة عن العباد فلا يكلفهم الله الا ما يطيقون ولا يحاسبهم على ما لا يستطيعون. نسأل الله رحمته اللهم ارحمنا وارحم امة الاسلام اجمعين. اللهم ارحم المسلمين في كل زمان ومكان يا ارحم الراحمين هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته