بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وامام المتقين وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا هو اللقاء الخامس في التعليق والشرح على الرسالة اللطيفة في اصول الفقه الشيخ العلامة عبدالرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله وقد توقف بنا الكلام على قوله فصل الامر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء امر بضده قوله الامر بالشيء نهي عن ضده الامر هو قول يتضمن طلب الفعل على وجه الاستعلاء وهو قول يتضمن طلب الفعل وايجاد الفعل على وجه الاستعلاء فخرج بقولنا قول خرج به الكتابة فلا تسمى امرا اصطلاحا وخرج به الاشارة ولا تسمى امرا اصطلاحا يقول المؤلف رحمه الله الامر بالشيء نهي عن ضده فاذا امر الشارع بشيء فهذا المأمور به نعم. فاذا امر الشارع بشيء فالامر به نهي عن ضده مثال ذلك امر الشارع بالصلاة واقيموا الصلاة فهو نهي عن ضدها من التشاغل والتكاسل عن الاتيان بهذه الصلاة مثال اخر امر الله تعالى ببر الوالدين والاحسان اليهما وهو اعني هذا الامر نهي عن ظده من من القطيعة وعدم البر والاحسان يقول الامر بالشيء نهي عن ظج والامر بالشيء نهي عن ضده من حيث المعنى وليس من حيث الصيغة والنهي عن الشيء امر بظده الشارع مثلا نهى عن السرقة ونهى عن الزنا ونهى عن الفواحش فهو امر باظدادها النهي عن الزنا امر بالعفاف والنهي عن الغدر امر بالوفاء وهكذا قال ويقتضي الفساد يعني النهي الا اذا دل الدليل على الصحة النهي يقتضي فساد من حيث الاصل ولكن هذه المسألة اعني اقتضاء نهي الفساد لا تخلو من من حيث الاصل. اما ان يكون المنهي عنه متعلقا بحق الله واما ان يكون متعلقا بحق الادمي فاما اذا كان النهي يتعلق بحق الله عز وجل فانه على اقسام اربعة القسم الاول ان يكون النهي عائدا على ذات المنهي عنه فانه حينئذ يقتضي الفساد وعدم الصحة تنهي عن الصلاة في اوقات النهي وكالنهي عن صوم يومي العيدين فاذا صلى وقت النهي فان صلاته تكون باطلة لان هذه الصلاة منهي عنها لذاتها واذا صام يوم العيد فهذا الصيام ايضا يكون فاسدا. لانه منهي عنه بذاته القسم الثاني ان يكون النهي عائدا على شرط في العبادة يكون مختصا بها كما لو صلى بغير سترة يعني بغير ستر عورة او صلى بغير طهارة اوصلنا بنجاسة فان صلاته حينئذ تكون فاسدة. لان هذا منهي لان النهي هنا يعود الى شرط في العبادة على وجه يختص بها القسم الثالث ان يكون النهي عائدا على شرط في العبادة لا يختص بها كما لو توضأ بماء مغصوب او صلى في ارض منصوبة. فالصحيح ان صلاته تصح. وان طهارته تصح لانفكاك الجهة اعني جهة الامر عن جهة النهي الشارع امر بالوضوء ونهى عن الغصب مطلقا ولم يقل لا تغصبوا ماء فتتوضأوا به. او لا تتوضأوا بماء مغصوب. بل نهى عن الغصب مطلقا. سواء غصب هذا الماء تشربه او ليتوضأ به او ليتنظف به او ليستعمله في اكل او شرب او غير ذلك القسم الرابع ان يعود النهي على امر خارج فحينئذ لا يقتضي الفساد بل يكون صحيحا كما لو صلى وعليه عمامة حرير. فلبس الحرير محرم ولكن اذا ستر رأسه بعمامة محرمة فان الصلاة تصح. وذلك لان ستر الرأس ليس شرطا لصحة الصلاة فوجود هذه العمامة وعدمه على حد سواء هذا النهي فيما اذا كان يتعلق بحق الله عز وجل واما اذا كان النهي متعلقا بحق الادمي فانه لا يقتضي الفساد ولو عاد الى ذات المنهي عنه بل يرجع في ذلك الى الادمي. فان رضي لذلك فان العقد يصح وان لم يرظى بذلك فانه يكون فاسدا ومن امثلة ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فاذا اتى سيده السوق فهو بالخيار قال اهل العلم واثبات الخيار فرع عن صحة العقد اي ان كون النبي صلى الله عليه وسلم يثبت الخيار يدل على صحة اصلي عقد وبهذا تبين ان النهي ان كان متعلقا بحق الله عز وجل فانه يقتضي الفساد في حالين الحالة الاولى اذا عاد الى ذات المهي عنه. والحال الثاني اذا عاد على او الى شرط يختص بالعبادة ولا يقتضي الفساد فيما اذا عاد الى شرط على وجه لا يختص او عاد الى امر خارج واما النهي المتعلق بحقوق الادميين فانه لا يقتضي فساد بل يرجع في ذلك الى الادمي. فاذا اجازه ورضي به صح والا فلا قال رحمه الله والامر بعد الحظر يرده الى ما كان عليه قبل ذلك. الامر بعد الحظر يعني ان الشارع اذا نهى عن شيء ثم اذن فيه او امر به فهل يكون حكمه فهل يكون حكمه حكم ما قبل الحظر؟ او انه يكون الاباحة اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال ان الامر بعد النهي للحل ومنهم من قال ان الامر بعد النهي لرفع النهي وهذا القول اصح ان الامر بعد النهي يكون لرفع النهي وحينئذ يكون للمنهي عنه يكون حكمه حكم ما يكون حكمه حكم ما قبل النهي ان كان قبل النهي مباحا فهو مباح وان كان مسنونا فهو مسنون فمثلا زيارة القبور امر بها ثم نهي عنها ثم امر بها فيكون حكمها حكم ما يكون حكمها حكم ما قبل النهي. بمعنى انها سنة وقد جاء الامر بها زور القبور فانها تذكر الاخرة ومثال ما كان للاباحة قوله تبارك وتعالى يا ايها الذين امنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم ثم قال واذا حللتم فاصطادوا وقوله اذا حللتم فاصطادوا الامر بالاصطياد هنا للاباحة لان اصل الاصطياد مباح قال والامر والنهي يقتضيان الفور ولا يقتضي امر التكرار الامر يقتضي الفور. اي المبادرة بالفعل والنهي ايضا يقتضي الفور اي المبادرة بالترك لان اوامر الله عز وجل الاصل انها على الفورية ولان الاتيان بها من المسارعة الى الخير ومن استباق الخير. وقد قال الله عز وجل وسارعوا الى مغفرة من ربكم وقال واستبقوا الخيرات ولان النبي صلى الله عليه وسلم لما امر الصحابة رضي الله عنهم بالحلق عام الحديبية وتأخروا كره ذلك. وهذا يدل على ان الاصل في الامر الفورية ولان التأخير ايضا له افات لان التأخير يقتضي النسيان ويقتضي تراكم الواجبات ثم يعجز عن الاتيان بها ولهذا قال الامام احمد رحمه الله التأخير له افات كذلك ايضا النهي يقتضي الفور. فاذا نهى الشارع عن امري من الامور فان ذلك يقتضي الفورية. يعني انه ينتهي عنه فورا قال ولا يقتضي الامر التكرار وقوله رحمه الله والامر والنهي يقتضيان الفور. هذا بالنسبة للامر المطلق والنهي المطلق والا فان الامر من حيث الفورية وعدمها على اقسام ثلاثة القسم الاول ما دل الدليل على انه للفور فانه يقول للفور وهذا بالاتفاق كقوله عز وجل فمن شهد منكم الشهر فليصمه الامر هنا للفورية والقسم الثاني ما دل الدليل على عدم الفورية لقوله عز وجل ومن كان مريضا او على سفر فعدة من ايام اخر فالقضاء هنا لا يكون على الفور وانما يكون على التراخي حديث عائشة رضي الله عنها كان يكون علي الصوم من رمضان فما استطيع ان اقضيه الا في شعبان والقسم الثالث الامر المطلق الذي لم يدل الدليل على انه للفور او على انه للتراخي فالقول الراجح انه لي الفور لاننا ايضا لو قلنا انه ليس للفور فالى اي زمن يؤخر؟ ان حدد الانسان زمنا فهو تحكم بغير برهان ولا ولا دليل قال ولا يقتضي الامر التكرار الا اذا علق على سبب فيجب او يستحب عند وجود بسببه الامر يحصل يحصل الامتثال به بفعله مرة واحدة. لان الفعل يصدق بمرة واحدة ولكن هل الامر يقتضي التكرار او لا الجواب ايضا هذه المسألة لا تخلو من ثلاث حالات الحالة الاولى ما دل الدليل على ان الامر فيه للتكرار لقوله عز وجل اقم الصلاة لدلوك الشمس فهذا يقتضي تكرار هذا الفعل فمتى حصلت دلوك وهو زوال الشمس فان الصلاة تكون واجبة الحالة الثانية ما دل الدليل على عدم التكرار الحج فان النبي صلى الله عليه وسلم قال الحج مرة فما زاد فهو تطوع. قال ان الله كتب عليكم الحج فحجوا فقام الاقرع بن حابس فقال افي كل عام يا رسول الله قال لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم الحج مرة فما زاد فهو تطوع والحال الثالثة الامر المطلق الذي لم يرد فيه تكرار فانه لا يقتضي التكرار. قال المؤلف الا اذا علق على سبب فيجب او يستحب عند وجود سببه. مثال الواجب قوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه. وهذا يقتضي تكرار الصيام عند شهود شهر رمضان. وكقوله عز وجل اقم الصلاة لدلوك الشمس او يستحب ان يكون مستحبا. كقوله عليه الصلاة والسلام اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فهذا سبب وهو دخول المسجد فيقتضي التكرار لكنه على سبيل الاستحباب قال المؤلف رحمه الله والاشياء المخير فيها ان كان للسهولة على المكلف فهو تخيير رغبة واختيار. وان كان لمصلحة ما ولي عليه فهو تخيير يجب تعيين ما ترجحت مصلحته الامور التي خير الشارع فيها المكلف على قسمين القسم الاول ان يكون التخيير عائدا على المكلف نفسه تيسيرا عليه وتسهيلا فحينئذ يختار ما هو ايسر واسهل كقوله عز وجل ففدية من صيام او صدقة او نسك فان شاء ذبح شاة في فدية الاذى وان شاء صام ثلاثة ايام وان شاء اطعم اه ثلاثة مساكين ستة مساكين. لكل مسكين نصف صاع ومثال اخر قوله عز وجل في كفارة اليمين لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة. فالانسان بين هذه الخصال تخييرا تشهن واما اذا كان الانسان يتصرف لغيره هنا تخيير مصلحة ينظر ما هي المصلحة؟ هل المصلحة ان يفعل كذا؟ او ان يفعل كذا فمثلا الناظر على الوقف والولي على مال اليتيم اذا دار الامر بين امرين بالنسبة لهما فانهما يختاران ما هو اصلح وما ما هو ارجح وما ترجحت منفعة منفعته. وليس الامر عائدا الى التشهي بالنسبة اليهما. اذا ما خير فيه الانسان ان كان التخيير تخييرا ان كان التخيير عائدا الى الانسان نفسه فهو تخيير تشهي وان كان لغيره فهو تخيير مصلحة وان شئت فقل اذا كان الانسان يتصرف لنفسه فالتخيير هنا تخيير تشه وان كان يتصرف لغيره فالتخير هنا تخيير مصلحة يقول المؤلف رحمه الله والفاظ العموم ككل وجميع والمفرد المضاف والنكرة في سياق النهي او النفي او الاستفهام او الشرط والمعرف الدالة على الجنس او الاستغراق كلها تدل على العموم بين المؤلف هنا الفاظ العموم ككل وجميع اذا قلت كل الناس وان كل لما جميع لدينا محضرون فهذا يدل على العموم. كذلك ايضا جميع وكافة. قال النبي عليه الصلاة والسلام كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة المفرد المضاف يفيد العموم. وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. النكرة في سياق النهي. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا كذلك ايضا الى في النفي او الاستفهام من اله غير الله ونحو ذلك. قال والمعرف الدالة على الجنس او الاستغراق كلها تقتضي العموم. كقوله عز وجل ان الانسان لفي خسر. اي ان كل انسان خاسر الا الذين امنوا وعملوا الصالحات ثم قال المؤلف رحمه الله والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب بمعنى انه اذا ورد لفظ عام لشخص معين او في قضية معينة فان هذا لا يقتضي ان يكون الحكم مختصا بهذا الشخص المعين فمثلا ايات اللعان وايات الظهار لا يختص الحكم فيها بمن نزلت فيهم لان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الا اذا كان الخصوصية لوصف من اوصاف فانه يقتضي الخصوصية لهذا الوصف كما في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى زحاما ورجلا ظلل عليه وقال ما هذا؟ قالوا صائم. فقال ليس من البر الصيام في السفر. يعني في مثل حال هذا الرجل قال رحمه الله وقد يراد بالخاص العام وعكسه مع وجود القرائن الدالة على ذلك. قد يرد الخاص ويراد به العام وعكسه مع وجود القرائن الدالة على ذلك المثال العام الذي اريد به الخاص قول الله عز وجل الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فهذا لفظ عام ولكن المراد به الخاص وانما يعدل الى ذلك اي الى الخصوصية في اللفظ العام او الى العموم اللفظ الخاص مع وجود القرائن والادلة الدالة على ذلك قال رحمه الله هو خطاب الشارع لواحد من الامة او كلامه في قضية جزئية يشمل جميع الامة وجميع الجزئيات الا اذا دل الدليل على الخصوص فالخطابات الشرعية سواء كانت في القرآن الكريم او في سنة النبي صلى الله عليه وسلم العبرة بعمومها فقول النبي صلى الله عليه وسلم مثلا اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن لا نقول ان هذا خاص بمن وجه الرسول صلى الله عليه وسلم الارشاد والوصية والنصيحة اليه بل هو عام له ولغيره. فخطاب الشارع لواحد من الامة خطاب للامة جميعا وكذلك ايضا كلامه في قضية او في جزئية يشمل جميع الامة الا اذا دل الدليل على الخصوص يعني على انه خاص به. وليعلم انه ليس هناك احكام شرعية تختص باحد سوى النبي صلى الله الله عليه وسلم لا يوجد حكم من الاحكام الشرعية يكون خاصا باحد من الناس بل احكام الشريعة عامة للرسول صلى الله عليه وسلم ولغيره بل حتى الرسول صلى الله عليه وسلم انما خصه الله تعالى بما خصه من الاحكام لا لانه محمد بن عبدالله ولكن لانه رسول الله فخصه الله تعالى بوصف الرسالة. قال الامام احمد رحمه الله خص النبي صلى الله عليه وسلم ومحرمات وكرامات ومباحات وخصائص النبي صلى الله عليه وسلم لا تخرج عن هذه الاربع خص بواجبات يعني بامور اوجبها الله تعالى عليه دون غيره ودون بقية الامة قيام الليل والسواك قال الله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك وكذلك السواك. ثانيا محرمات بمعنى انه منع منها دون غيره كتحريم الصدقة وتحريم الرمز بالعين يعني الاشارة. قال النبي عليه الصلاة والسلام ما كان لنبي ان تكون له خائنة الاعين والثالث كرامات يعني ان الله عز وجل اكرمه فاكرمه الله تعالى بان جعل امته خير الامم واكرمه سبحانه وتعالى بان اعطاه جوامع الكلم ومن ذلك ما في حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا الى اخر الحديث فخص بها عليه الصلاة والسلام. هنا كرامة من الله والرابع مما خص به المباحات واكثرها في النكاح كتزوجه عليه الصلاة والسلام بلا ولي. لانه اولى بالمؤمنين من انفسهم. اباحة نكاح الهبة له كما قال عز وجل وامرأة مؤمنة يعني واحللنا لك امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين يقول المؤلف رحمه الله وفعله صلى الله عليه وسلم الاصل فيه ان امته اسوته في الاحكام الا اذا دل دليل على انه خاص به ففعله ما فعله يعني من الافعال الاصل ان امته تتأسى به في عموم قول الله عز وجل لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة الا اذا دل الدليل على انه خاص به فحينئذ يكون خاصا به كما تقدم في نكاح الهبة في قوله عز وجل خالصة لك من دون المؤمنين وكجزأت وكجواز الوصال في الصوم فانه خاص به عليه الصلاة والسلام مع انه احيانا قد قد يرد الخطاب خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولكن ما دل عليه من حكم من حكم يكون عاما له ولامته لقوله تعالى يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن الخطاب هنا يا ايها النبي ليس خاصا بالرسول صلى الله عليه وسلم. وانما خوطب به عليه الصلاة والسلام او وجه الخطاب اليه لانه هو امام الامة وهو الذي تقتدي به الامة. والدليل على العموم قوله في الاية الكريمة فطلقوهن لعدتهن قال المؤلف رحمه الله واذا نفى الشارع عبادة او معاملة فهو لفسادها عونف بعض ما يلزم فيها فلا تنفى لنفي بعض مستحباتها. اذا نفى الشارع عبادة او معاملة فهو لفسادها. فهذا دليل على فساد هذه العبادة. هذا من حيث الاصل وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة بغير الوضوء هذا يدل على فساد الصلاة بغير وضوء. لان الاصل في النفي ان يكون للصحة فان دل الدليل على الصحة فانه يكون للكمال كقوله عليه الصلاة والسلام لا يقبل الله صلاة احدكم اذا احدث حتى يتوضأ. فالنفي له ثلاث مراتب نفي الوجود هنا في الصحة ونفي الكمال وجود عدم وجود هذا الفعل ونفي الصحة هو في الواقع نفي للوجود الشرعي ونفي الكمال ان العبادة تصح لكنها ليست كاملة فمثال ما كان النفي فيه للصحة. قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة بغير طهور هذا النفي بالصحة ومثال ما كان النفي فيه للكمال. قول النبي عليه الصلاة والسلام لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان قال او نفى بعظ ما يلزم فيها فلا تنفى لنفي بعظ مستحباتها. اذا نفى بعظ ما يلزم فانها لا تنتفي في بعض مستحباتها كالنهي عن الصلاة مع مدافعة الاخبثين اه اذا الخلاصة ان الشارع اذا نفى عبادة او معاملة فالاصل انه نفي لصحتها وهو ودليل على فسادها الا اذا دل الدليل على صحة هذه العبادة او على صحة هذه المعاملة قال رحمه الله وتنعقد العقود وتنفسخ بكل ما دل على ذلك من قول او فعل العقود تنعقد بكل ما دل عليها. من الاقوال والافعال ويرجع في ذلك الى اعراف الناس وذلك لان العقود والفسوخ ليست من الالفاظ التي يتعبد لله عز وجل بها بل ما تعارف الناس عليه. وما جاءت به الشريعة ايضا من الالفاظ تنعقد به. فمثلا البيع ينعقد البيع بكل لفظ دل عليه فلو قال بعتك هذه السلعة ولو قال ملكتك هذه السلعة ولو قال اعطيتك هذه السلعة ونحو ذلك فان العقد ينعقد. بل ان البيع ينعقد بالمعاطات بمعنى ان يضع الثمن وان يأخذ السلعة. اذا لا تجب مراعاة الالفاظ في العقود وفي الفسوخ واعلم ان الالفاظ الشرعية من حيث المراعاة على اقسام ثلاثة القسم الاول ما يعتبر لفظه ومعناه فيجب ان يراعى لفظا ومعنى وهو القرآن العظيم لان القرآن متعبد بتلاوته. وهو معجز بلفظه فهو معجز بلفظه متعبد بتلاوته القسم الثاني ما يعتبر معناه دون لفظه وهو الفاظ العقود والفسوخ البيع والاجارة والرهن ونحوها. فالمعتبر معناها العبرة بمعانيها لا بالفاظها ومبانيها والقسم الثالث ما يعتبر لفظه عند القدرة ومعناه عند العجز وهي بقية الالفاظ الشرعية سوى القرآن. كاذكار الركوع والسجود واذكار الصلاة ولو ان شخصا حديث عهد باسلام لا يعرف ان يسبح في الركوع والسجود او ان يسأل الله المغفرة فيما بين السجدتين فانه يجب عليه ان يتعلم لكن يأتي يأتي بها بلغته حتى يتعلمها فاذا تعلمها وظبطها فانه يأتي بها باللغة العربية ثم قال المؤلف رحمه الله المسائل مجمع عليه فتحتاج الى تصور وتصوير واقامة الدليل عليه ثم يحكم عليها بعد التصوير والاستدلال المسائل نوعان مجمع عليها يعني اجمع العلماء عليها والثاني ما في خلاف. المسائل التي اجمع العلماء عليها تحتاج اولا الى تصور. يعني ان يتصور هذه المسألة ثم يصورها في ذهنه. ما صورة هذه المسألة؟ ثم يقيم الدليل عليها ثم بعد ذلك يحكم عليها بعد تصوير والاستدلال الحكم على الشيء فرع عن تصوره. فمثلا لو ان شخصا عرضت عليه مسألة من مسائل المعاملات اولا يصورها ثم يتصورها في ذهنه ثم يأتي بالدليل ثم يحكم عليها هذه هي المراتب تصور وتصوير واقامة دليل ثم الحكم عليها. ولهذا قال ثم يحكم عليها بعد التصوير والاستدلال. كذلك ايضا بالنسبة للقاضي اذا تقدم اليه الخصمان وتداعيا عنده اولا يتصور الدعوة ثم يصورها في ذهنه وهذا امر خارج ثم يقيم الدليل عليها ينظر الادلة التي تدل عليها ثم يحكم بعد ذلك قال وقسم فيه خلاف فتحتاج مع ذلك يعني مع التصور والتصوير واقامة الدليل والحكم الى الجواب عن دليل المنازع فيصور فيتصور المسألة ويصوروها ثم يقيموا الدليل ثم يحكم ثم بعد ذلك يجيب عن دليل الخصم والاجابة عندي للخصم تارة تكون عن الدليل وتارة تكون عن الدلالة. بمعنى ان القدح في دليل منازع قد قدحا في اصله في اصل الدليل وعدم ثبوته وقد يكون قدحا في دلالته وقد يكون قدحا في الدليل نفسه. فيقال مثلا هذا الحديث ضعيف. هذا الحديث موضوع او ايضا في الاية الكريمة نقول هذه الاية منسوخة او في دلالتها بان يقال ان الاية او ان الحديث لا يدل اذا الجواب عن دليل منازع يكون اما القدح بالدليل نفسه او في جلالته وقد يكون الدليل غير ثابت حينئذ تقول هذا الحديث او هذا الدليل لا يثبت وقد يكون الدليل صحيحا كالقرآن وصحيح السنة. فحينئذ يكون القدح في الدلالة. بمعنى يعني يقال ان هذا النص او ان هذا الدليل لا يدل على ما ذهبت اليه. ولهذا قال المؤلف الى الجواب عن دليل المنازع هذا في حق المجتهد الذي يريد ان يجتهد ويستدل. قال واما المقلد ووظيفته السؤال لاهل العلم المجتهد او الاجتهاد وبذل بذل الجهد والطاقة لادراك حكم شرعي ان يبذل الانسان جهده وطاقته لادراك حكم شرعي والاجتهاد او المجتهد له شروط مذكورة ومبسوطة في كتب اصول الفقه المطولة واعظمها التحصيل العلمي ان يكون عنده حصيلة علمية من شريعة الله عز وجل. ومما يتعلق باللغة وعلم الحديث وعلم اصول الفقه. وغير العلوم الالة التي تمكنه من الاستنباط والاستدلال يقول هذا في حق المجتهد والمستجل والمجتهدون على اقسام اربعة القسم الاول مجتهد مطلق وهو الذي ينظر في النصوص الشرعية ويستنبط الاحكام منها غير معتمد على اقوال غيره وهذا هو المجتهد المطلق الائمة الاربعة جاء الامام ابي حنيفة والامام مالك والشافعي واحمد رحمهم الله والقسم الثاني من اقسام المجتهدين مجتهد في بين المذاهب مجتهد بين المذاهب بمعنى ان اقواله واختياراته لا تخرج عن المذاهب الاربعة. فيختار من اقوال المذاهب الاربعة المعتمدة ما يرى انه هو الراجح وما اداه اليه اجتهاده والثالث مجتهد في المذهب انما لو كان حنبليا فيجتهد في مذهب الامام احمد فينظر بين الروايات والاوجه والاقوال او مجتهدا في مذهب الامام ما لك فينظر بين روايات الامام ما لك وبين اقوال اصحابه ويرجح منها ما دل عليه الدليل وصدقه التعليل القسم الرابع ان يكون مجتهدا في باب من الابواب او في مسألة من المسائل كما لو كان مجتهدا في باب الفرائض وقسمة المسائل. ولكنه ليس مجتهدا في بقية ابواب الفقه وعلى هذا يكون الاجتهاد فعل هذا الاجتهاد يتجزأ بمعنى انه يصح ان يكون الانسان مجتهدا في باب من ابواب العلم او في طائفة من طوائف العلم دون قال رحمه الله اما المقلد فوظيفته السؤال لاهل العلم المقلد ثم عن رفعه المؤلف رحمه الله قال التقليد قبول قول الغير من غير دليل وقيل ان التقليد هو قبول من ليس قوله حجة. يعني ان يقبل الانسان قول من من لا يكون قوله حجة. المقلد وظيفته السؤال لاهل العلم يعني ان يسأل اهل العلم قال الله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم الا سألوا اذا لم يعلموا فانما شفاء العيد السؤال. فالواجب على الانسان الذي لا يتمكن من معرفة الاحكام من معرفة الاحكام. من النصوص الشرعية الواجب عليه ان يسأل سواء كان منتسبا للعلم ام غير منتسب للعلم وقد يكون الانسان منتسبا للعلم لكنه ليس اهلا للاجتهاد والاستنباط الواجب ان يسأل وكذلك ايضا العامي يجب عليه ان يسأل. ولكن من يسأل؟ الجواب يسأل اوثق من يجده علما وورعا ودينا فلا بد في من يسأل لا بد فيه من صفتين العلم والدين الانسان قد يكون عنده علم لكن ليس عنده دين ولا اقصد بالدين عدم الدين بالكلية ولكن اعني ليس عنده ورع وتقوى لله عز وجل وقد يكون عنده دين لكن ليس عنده علم الذي عنده علم ولكن ليس عنده دين يفتي بالهوى لا بالهدى والذي عنده دين ولكنه ليس عنده علم يفتي بالجهل وربما شدد على الناس بسبب ديانته او تدينه شدد على الناس في امور مباحة قال المؤلف رحمه الله فالقادر على الاستدلال عليه الاجتهاد والاستدلال الواجب على الانسان الذي يتمكن من الاجتهاد والاستنباط والاستدلال الواجب عليه الا يسأل بل يبذل جهده وطاقته في ادراك الحكم الشرعي اللهم الا ان تحصل نازلة او مسألة وتحتاج الى البث فيها على عجل. فحينئذ لا حرج عليه ان يقلد غيره. او ان يسأل غيره ولهذا قال والعاجز عن ذلك عليه التقليد والسؤال كما ذكر الله الامرين في قوله فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فمفهوم الاية ان الانسان اذا كان يعلم فانه لا يسأل اهل الذكر بل يجب عليه ان يبدي يبذل جهده وطاقته لانه اذا بذل جهده وطاقته في ادراك الحكم الشرعي فما توصل اليه قد يكون يقينا بالنسبة له. وقد يكون غلبة ظن وما في نفسه من اليقين وغلبة الظن هي اقوى مما في نفسي غيره لكن هذا اعني الاستنباط والاجتهاد انما يكون في حق من كان اهلا لذلك وليس كل من ينتسب للعلم يكون اهلا لذلك ثم ايضا انبه هنا او اختم بمسألة مهمة انه ينبغي لطالب العلم ان لم نقل انه يجب عليه ان يعتني بمعرفة الدليل في المسائل. فاذا عرف المسألة فانه يعرف دليلها. لان العلم هو معرفة المسائل بالدلائل كما قيل العلم معرفة الهدى بدليله ما ذاك والتقليد يستويان والانسان وطالب العلم متى عرف الحكم بدليله استفاد فوائد متعددة منها اولا انه تكون معه حجة امام الله تعالى يوم القيامة. لان الانسان يوم القيامة لن يسأل عما قال فلان او فلان وانما سيسأل عما جاءت به الرسل. قال الله عز وجل ويوم يناديهم فيقول ماذا اجبتم المرسلين ثانيا ان الانسان اذا عرف الدليل تمكن من اقناع غيره بان لانك اذا تكلمت مع غيرك وقلت الحكم في المسألة كذا سيقول لك اين الدليل فاذا كنت تعلم الدليل وتعرف الدليل فانك في هذه الحال تتمكن من اقناعه ومنها ايضا ان الانسان يكون اماما يقتدى به لان الذي يعرف الحكم بالدليل الناس يتأسون به. لانهم يطمئنون الى ما عنده من علم ورابعا ان الذي يعرف الدليل ايضا يكون سيره وسطا الى الله عز وجل بين الغار في دينه والجافي عنه. فعلى طالب العلم ان يحرص على معرفة ادلة سواء كانت ادلة نقلية اعني من الكتاب والسنة ام كانت ادلة عقلية وهي التعديلات والعلل التي يذكرها اهل العلم وهذه العلل التي يذكرها الفقهاء رحمهم الله هي او مردها الى النصوص الشرعية فهم حينئذ حينما يقولون يحرم كذا لانه كذا وكذا فهذا التعليل يرجع الى قاعدة عظيمة من قواعد الشرع او الى دليل من الكتاب والسنة. اسأل الله تعالى ان يهبنا واياكم من رحمته. وان يرزقنا الاخلاص في القول امل وان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يجعل ما قرأناه وما سمعناه وما عملناه وما علمناه ان يجعله حجة لنا لا علينا وان يغفر لي المؤلف الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله ان يغفر لمؤلفي هذه الرسالة ولقارئها وشارعها ومن استمع وانتفع بها انه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم