هو اجتماع خصال الخير بالانسان. وهو ثلاثة انواع. ادب مع الله بصيانة قلبه الا يلتفت لغيره صيانة اراداته ان تتعلق بما يمقتك عليه. وصيانة معاملته ان يشوبها بنقيصة. وادب مع رسوله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. قال ابن القيم رحمه الله في هداية الحيارى. جميع النبوات من اولها الى اخرها متفقة على اصول احدها ان الله سبحانه وتعالى قديم واحد لا شريك له في ملكه. ولا ند ولا ضد ولا وزير لا مشير ولا ظهير ولا شافع الا من بعد اذنه. الثاني انه لا والد له ولا ولد ولا كفؤ ولا نسيب بوجه من الوجوه ولا زوجة. الثالث انه غني بذاته. فلا يأكل ولا يشرب ولا يحتاج الى شيء مما يحتاج اليه خلقه بوجه من الوجوه. الرابع انه لا يتغير. ولا تعرض له الافات من الهرم والمرض والسنة والنوم والنسيان والندم الخوف والهم والحزن ونحو ذلك. الخامس انه لا يماثل شيئا من مخلوقاته. بل ليس كمثله شيء لا في ولا في صفاته ولا في افعاله. السادس انه لا يحل في شيء من مخلوقاته. ولا يحل في ذاته شيء منها بل هو بائن عن خلقه بذاته والخلق بائنون عنه. السابع انه اعظم من كل شيء. واكبر من كل شيء وفوق كل شيء وعال على كل شيء وليس فوقه شيء البتة. الثامن انه قادر على كل شيء فلا يعجزه شيء يريده. بل هو الفعال لما يريد. التاسع انه عالم بكل شيء. يعلم السر واخفى يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون. وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس ولا متحرك ولا ساكن الا وهو يعلمه على حقيقته. العاشر انه بصير يسمع ضجيج الاصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات. ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء الليلة الظلماء. فقد احاط سمعه بجميع المسموعات. وبصره بجميع المبصرات. وعلمه بجميع المعلومات وقدراته بجميع المقدورات. ونفذت مشيئته في جميع البريات. وعمت رحمته جميع المخلوقات ووسع كرسيه الارض والسماوات. الحادي عشر انه الشاهد الذي لا يغيب ولا يستخلف احدا على تدبير ملكه ولا يحتاج الى من يرفع اليه حوائج عباده او يعاونه عليها. او يستعطفه عليهم ويسترحمه لهم. الثاني عشر انه الابدي الباقي الذي لا يضمحل ولا يتلاشى ولا يعدم ولا يموت. الثالث عشر انه المتكلم الناهي قائل الحق وهادي السبيل. ومرسل الرسل ومنزل الكتب. والقائم على كل نفس بما كسبت من الخير والشر ومجازي المحسن باحسانه والمسيء باساءته. الرابع عشر انه الصادق في وعده وخبره. فلا اصدق منه قيل ولا اصدق منه حديثا فهو لا يخلف الميعاد. الخامس عشر انه تعالى صمد بجميع الصمدية فيستحيل عليه ما يناقض صمديته. السادس عشر انه قدوس سلام. فهو المبرأ من كل عيب وافة ونقص السابع عشر انه الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه. الثامن عشر انه العدل الذي لا يجور ولا يظلم ولا يخاف عباده منه ظلما. فهذا ما اتفقت عليه الكتب والرسل. وهو من المحكم الذي لا يجوز ان تأتي شريعة بخلافه. ولا يخبر نبي بخلافه اصلا. انتهى. ومن مدارج السالكين لابن القيم رحمه الله في حدود نافعة جامعة اول منازل السالكين الى الله اليقظة. وهي انزعاج القلب لروعة الانتباه من رقدة الغافلين ثم العزم وهو العقد الجازم على المسير ومفارقة كل قاطع ومرافقة كل معين. ثم الفكرة وهي تحديق القلب نحو المطلوب الذي قد استعد له مجملا. ولم يهتدي لتفصيله. ثم البصيرة وهي نور الله في القلب. يبصر به حقيقة ما اخبرت به الرسل. كانه يشاهده رأي العين. ثم القصد وهو صدق فاذا استحكم صار عزما جازما مقرونا بالتوكل على الله متصلا بالفعل. ثم المحاسبة. وهي تمييز ما له وما عليه ليستصحب ما له ويؤدي ما عليه. ثم التوبة. وهي الرجوع عما يكرهه الله ظاهرا وباطنا الى ما يحبه ظاهرا وباطنا. الانابة تتضمن اربعة امور محبة الله والخضوع له والاقبال عليه والاعراض عما سواه. التذكر حصول سورة المعلوم في القلب. فالتبصرة الة البصر والتذكرة الة الذكر. الاعتصام بالله هو التوكل عليه والاعتصام بحبل الله هو التمسك بدينه الفرار الى الله هو التوبة. الرياضة تمرين النفس على الصدق والاخلاص. السماع ثلاثة اقسام سماع ادراك وسماع تدبر وسماع اجابة. الوجل والخوف والخشية والرهبة. الفاظ متقاربة غير مترادفة. فالخشية اخص من الخوف. فان الخشية للعلماء بالله فهي خوف مقرون بمعرفة فالخوف حركة والخشية انجماع وسكون. واما الرهبة فهي الامعان في الهرب ضد الرغبة. واما الوجه فرجفان القلب وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته. والهيبة خوف مقرون باجلال وتعظيم الخوف المحمود ما حجز عن محارم الله. الاشفاق رقة الخوف فهو خوف مقرون برحمة نسبته الى الخوف نسبة الرأفة الى الرحمة. فانها الطف الرحمة وارقها. الخشوع قيام القلب بين يدي الرب بالخضوع والذل والجمعية عليه. ومحله القلب وثمرته تظهر على الجوارح بالسكون ونحوه. الاخبات الخشوع قال شيخ الاسلام الزهد ترك ما لا ينفع في الاخرة. والورع ترك ما يخاف ضرره وفي الاخرة التبتل الانقطاع الى الله مع الاعراض عما سواه. الرجاء حاد يحدو القلوب الى بلاد المحبوب. وهو الله والدار الاخرة. للسالك نظر الى نفسه وعيوبه. يفتح عليه باب الخوف ونظر الى فضل الله يفتح عليه باب الرجاء. الرغبة هي ثمرة الرجاء. فان الرجاء طمع والرغبة طمع الرعاية وهي مراعاة العلم وحفظه بالعمل. ومراعاة العمل بالاحسان والاخلاص. وحفظه من المفسدات ومراعاة الحال بالموافقة وحفظه من التفرق. فالرعاية صيانة وحفظ. المراقبة دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق على ظاهره وباطنه. فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة وهي ثمرة علمه بان الله رقيب عليه. ناظر اليه سامع اليه وهو مطلع على عمله كل وقت. تعظيم حرمات الله هي ما يجب احترامه وحفظه من الحقوق والاشخاص والازمنة والاماكن. فتعظيمها توفيتها حقها حفظها من الاضاعة. الاخلاص ارادة الله وحده بجميع الاعمال الظاهرة والباطنة. فالاخلاص عدم انقسام المطلوب والصدق عدم انقسام الطلب. التهذيب تصفية العبودية لاخراج خبثها. الاستقامة القيام بين بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد. وهي وقوع الاقوال والافعال والاحوال والنيات لله وبالله وعلى امر الله التوكل هو الاعتماد على الله مع الثقة به في جلب المصالح ودفع المضار لعلمه بكفاية الله مع قيامه بالاسباب والاستعانة كالتوكل. التسليم هو الاخلاص من شبهة تعارض الخبر وشهوة تعارض الامر وارادة تعارض الاخلاص واعتراض يعارض القدر والشرع. القلب السليم هو الذي سلم من هذا كله. الصبر حبس النفس على طاعة الله بالامتثال. وعن معصيته بالاجتناب وعلى اقدار الله المؤلمة بعدم تسخطها. الرضا ينتج من علم العبد بضعفه وعجزه وعلمه ببر سيده به. فينتج له الرضا بكل ما يصدر منه. الشكر مبني على خمس قواعد خضوع الشاكر للمشكور وحبه له واعترافه بنعمته والثناء عليه والا يستعملها فيما يكره الحياء هو خلق يبعث على ترك القبائح. ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. يتولد من رؤية النعم والتقوى الصدق والصديقية. يكون في الاقوال والاعمال والاحوال. فالصدق في الاقوال استواء اللسان على الاقوال كاستواء السنبلة على ساقها. والصدق في الاعمال استواء الاعمال على الامر والمتابعة. كاستواء الرأس على الجسد الصدق في الاحوال استواء اعمال القلوب والجوارح على الاخلاص. وبذل الوسع والطاقة. او يقال الصديقية كما الاخلاص للمرسل وكمال الانقياد للرسول. حسن الخلق يقوم على اربعة اركان الصبر والعفة والشجاعة والعدل. فالصبر يحمله على العفو والاحتمال وكظم الغيظ وكف الاذى ونحوه. والعفة تحمله على اجتناب الرذائل تحمله على الحياء. والشجاعة تحمله على عزة النفس وايثار معالي الاخلاق. والعدل يحمله على اعتدال اخلاقه توسطه بين طرفي الافراط والتفريط. ومنشأ جميع الاخلاق الفاضلة من هذه الاربعة. ومنشأ جميع الاخلاق السافلة من الجهل والظلم والشهوة والغضب. للعبد احد عشر مشهدا فيما يصيبه من اذى الخلق. مشهد القدر والصبر والعفو والرضا والاحسان وسلامة القلب والامن والجهاد ومشهد النعمة والاسوة ومشهد التوحيد المروءة اتصاف النفس بصفات الانسان التي فارق بها الحيوان البهيم. والشيطان الرجيم. الادب لكمال التسليم له. والانقياد لامره. وتلقي خبره بالقبول والتصديق. دون معارضته بشيء. وادب مع الخلق بمعاملتهم على اختلاف مراتبهم بما يليق بهم. الفقر الحقيقي دوام الافتقار الى الله في كل حال. وان يشهد العبد في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة الى الله من كل وجه. حقيقة غنى القلب تعلقه بالله وحده وحقيقة فقره المذموم تعلقه بغيره. العلم ما قام عليه الدليل والنافع منه ما جاء به الرسول فمتى خلصت الابدان من الحرام وادناس البشرية؟ التي ينهى عنها العقل والدين والمروءة وطهرت الانفس من سائق الدنيا زكت ارض القلب فقبلت بذر العلوم والمعارف. فان سقيت بعد ذلك بماء الرياضة الشرعية انبتت من كل زوج كريم. العلم اللدني ثمرة العبودية والمتابعة والصدق مع الله والاخلاص له. وبذل الجهد في تلقي العلمي من مشكاة رسوله من كتابه وسنة رسوله وكمال الانقياد له. الحكمة حكمتان علمية وعملية فالعلمية الاطلاع على بواطن الاشياء. ومعرفة ارتباط الاسباب بمسبباتها خلقا وامرا. والعملية وضع الشيء في موضعه. ولهذا قال مجاهد الاصابة في القول والفعل. فالحكمة فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي واركانها ثلاثة العلم والحلم والاناة. الفراسة الايمانية سببها نور يقذفه الله في قلب العبد يفرق به بين الحق والباطل الصادق والكاذب بحسب جودة ذهن المتفرس. وظهور العلامات في المتفرس فيه ويتعلق بالعين. بحسب جودة ذهن المتفرس وظهور العلامات في المتفرس فيه. ويتعلق بالعين والاذن والقلب السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون. الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف. فلا ينزعج لما يرد وعليه ويوجب له زيادة الايمان والثبات. الطمأنينة سكون القلب الى الشيء وعدم اضطرابه وقلقه. المحبة لا تحد بحد اوضح منها. وكل ما قيل فيها فانما هو لاسبابها وعلامتها وفوائدها. اعلى الهمم همة تعلقت بالحق سبحانه طلبا وقصدا. واوصلت الخلق اليه دعوة ونصحا. وهذه همة الرسل واتباعهم. الفرح لذة تقع في القلب بادراك المحبوب ونيل المشتهى. فيتولد من ادراكه حالة تسمى الفرح والسرور. كما ان الحزن الغم من فقد المحبوب. فاذا فقده تولد من فقده حالة تسمى الحزن والغم. والله اعلم. فوائد من رسائل لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله. ولم يأمر الله مخلوقا ان يسأل مخلوقا شيئا لم يأمر الله به المخلوق. ينبغي ان يعرف في الاسباب ثلاثة امور. احدها ان السبب لا يستقل بالمطلوب. والا يعتقد انه سبب الا بعلم وان الاعمال الدينية لا يجوز ان يتخذ منها سبب الا ان تكون مشروعة. المؤمن عليه ان يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم. اصل هذا ان يكون محبة الانسان للمعروف. وبغضه للمنكر. وارادته لهذا وكراهته لهذا موافقة لحب الله وبغضه وارادته وكراهته. وان يكون فعله للمحبوب ودفعه للمكروه. بحسب قوته وقدرته. ومتى كانت ارادة القلب وكراهته كاملة تامة. وفعل العبد معها بحسب قدرته. فانه يعطى ثواب الفاعل الكامل. اجبار الناس على غير واجب او منعهم من مباح ظلم لهم. قال ابن القيم في اخره كتاب الصواعق المرسلة. التقليد قبول قول الغير بغير حجة. ومن قبل قول غيره فيما يحكيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه جاء به خبرا او طلبا فانما قبل قوله لما اسنده الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه حجة. لكن تقريرا مقدماتها ودفع الشبه والمعارضة لها قد لا يقدر عليه كل احد. فما كل من عرف بدليله امكنه تقريره بجميع مقدماته والتعبير عنه. ولا دفع المعارض له. فاذا كان العجز عن ذلك تقليدا كان جمهور الامة مقلدين في التوحيد. واثبات الرسالة والميعاد. وان لم يكن العاجز عنه تقليدا لم يكونوا مقلدين في اكثر الاعمال العملية التي يحتاجون اليها وهذا هو الحق. فان جمهور الامة مبني تعبداته وتحليلها وتحريمها على ما علمته من نبيها بالضرورة. وانه جاء به. ولو سئلت عن تقريره لعجز عنه اكثرهم كما يجزم بالتوحيد. وان الله فوق خلقه وان القرآن كلامه. وانه يبعث من في القبور. ولو سئل عن ذلك لعجب عجز عنه اكثرهم. وقال فيه فمن جحد ما جاء به الرسول بعد معرفته بانه جاء به فهو كافر في دق الدين وجله. وقال في الطرق الحكمية فها هنا نوعان من الفقه لابد للحاكم منهما. فقه في احكام الحوادث الكونية وفقه في نفس الواقع واحوال الناس. ثم يطابق بينهما. البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره. فاذا ظهرت امارات العدل واسفر وجهه باي طريق كان فثم شرع الله. من اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الاجر فجرين سائر من قلنا يقبل قوله اذا لم يكذبه شاهد الحال. فان كذبه لم يقبل قوله. فالشريعة المنزلة من عند الله لا تصدق كاذبا. ولا تنصر ظالما. فالشارع لا يعين مبطلا. ولا يعين على محق. ويحكم في متشابهات باقرب الطرق الى الصواب واقواها. وقد نصب الله سبحانه وتعالى على الحق الموجود والمشروع علامات تدل عليه وتبينه. اليمين مشروعة في جانب اقوى المتداعيين والله اعلم. فوائد من كتاب الايمان لشيخ الاسلام ان الله ورسوله لا ينفس اسم مسمى امر الله به ورسوله الا اذا ترك بعض واجباته فاما اذا كان الفعل مستحبا في العبادة لم ينفها لانتفاء المستحب. فكل مسألة يقطع فيها بالاجماع وبانتفاء منازع من المؤمنين فانها مما بين الله فيه الهدى. ومخالف مثل هذا الاجماع يكفر كما كفر مخالف النص البين. واما اذا كان يظن الاجماع ولا يقطع به. فهنا قد لا يقطع ايضا بانها مما تبين فيه الهدى من جهة الرسول ومخالف مثل هذا الاجماع قد لا يكفر. بل قد يكون ظن الاجماع خطأ. والصواب في خلاف هذا القول وهذا هو فصل الخطاب فيما يكفر به من مخالفة الاجماع وما لا يكفر. والاجماع هل هو قطعي الدلالة او الدلالة فان من الناس من يطلق الاثبات بهذا او هذا. ومنهم من يطلق النفي لهذا ولهذا. والصواب التفصيل بين كما يقطع به من الاجماع ويعلم يقينا انه ليس فيه منازع من المؤمنين اصلا. فهذا يجب القطع بانه حق. وهذا هذا لابد ان يكون مما بين فيه الرسول الهدى. اذا وصف الواجب بصفات متلازمة دل على ان كل صفة من تلك صفاتي متى ظهرت وجب اتباعها. قاعدة وكذلك من لم يكن في قلبه بغض ما ابغضه الله ورسوله من المنكر والكفر الفسوق والعصيان لم يكن في قلبه الايمان الذي يوجبه الله عليه. فان لم يكن مبغضا لشيء من المحرمات اصلا لم يكن معه ايمان اصلا. قاعدة ترك الطاعات معصية لانه لا يترك المعاصي كلها ان لم يكن متلبسا بضدها فيكون محبا لضدها وهو الطاعة. اذ القلب لابد له من ارادة. فاذا كان يكره الشر كله فلابد ان يريد الخير والمباح بالنية الحسنة يكون خيرا. وبالنية السيئة يكون شرا. واذا فعل المؤمن ما ابيح له قاصدا للعدول عن الحرام قام الى الحلال في حاجته اليه انه يكون مثابا على ذلك. فالمسلمون سنيهم وبدعيهم متفقون على وجوب الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. ومتفقون على ان من اطاع الله ورسوله فانه يدخل الجنة ولا يعذب. وعلى ان من لم يؤمن بان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله اليه فهو كافر. وامثال هذه هذه الامور التي هي اصول الدين وقواعد الايمان. التي اتفق عليها المنتسبون الى الاسلام والايمان. فتنازعهم بعد هذا في بعض احكام الوعيد او بعض معاني بعض الاسماء امر خفيف بالنسبة الى ما اتفقوا عليه. مع ان المخالفين حق البين من الكتاب والسنة هم عند جمهور الامة معروفون بالبدعة مشهود عليهم بالضلالة ليس لهم في الامة نصادق ولا قبول عام كالخوارج والروافض والقدرية ونحوهم. وانما يتنازع اهل العلم والسنة في امور دقيقة تخفى على اكثر الناس. ولكن يجب رد ما تنازعوا فيه الى الله ورسوله. وهؤلاء الذين اتخذوا احبارهم ورهبان انهم اربابا. حيث اطاعوهم في تحليل ما حرم الله. وتحريم ما احل الله. يكونون على وجهين. احدهما يعلموا انهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل. فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما احل الله اتباع لرؤسائهم مع علمهم انهم خالفوا دين الرسل. فهذا كفر. وقد جعله الله ورسوله شركا. وان لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه انه خلاف الدين. واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا مثل هؤلاء. الثاني ان يكون اعتقادهم وايمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتة لكنهم اطاعوهم في معصية الله. كما يفعل المسلم فيما يفعله من المعاصي التي يعتقد انها معاصي. فهؤلاء هؤلاء لهم حكم امثالهم من اهل الذنوب. ثم ذلك المحرم للحلال. والمحلل للحرام ان كان مجتهدا قصده اتباع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الامر وقد اتقى الله ما استطاع. فهذا لا يؤاخذه الله بخطأه بل يثيبه على اجتهاده الذي اطاع فيه ربه. ولكن من علم ان هذا خطأ فيما جاء به الرسول. ثم اتبعه على خطأه. وعدل عن قول الرسول هذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله. لا سيما ان اتبع في ذلك هواه. ونصره باللسان واليد. مع علمه انه مخالف للرسول. فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه. ولهذا اتفق العلماء على انه اذا عرف الحق لا يجوز له تقليد احد في خلافه. وانما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال. وان كان عاجزا عن اظهار الحق الذي يعلمه فهذا يكون كمن عرف ان دين الاسلام هو حق وهو بين النصارى. فاذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه هذا كالنجاشي وغيره. قال الشيخ في تفسير سورة النور وما جاءت به الشريعة من المأمورات العقوبات والكفارات وغير ذلك يفعل بحسب الاستطاعة. فاذا لم يقدر المسلم على جهاد جميع المشركين جاهد من يقدر على جهاده. واذا لم يقدر على عقوبة بعض المعتدين عاقب من يقدر على عقوبته. فالقليل من الخير خير من تركه ودفع بعض الشر خير من تركه كله. وقال في كتاب الايمان لكن المقصود هنا الا يجعل احد بمجرد بذنب اذنبه ولا ببدعة ابتدعها ولا دعا الناس اليها كافرا في الباطن الا اذا كان منافقا. فاما من كان في قلبه الايمان بالرسول وما جاء به فقد غلط في بعض ما تأوله من البدع فهذا ليس بكافر اصلا والخوارج كانوا من اظهر الناس بدعة وقتالا للامة. وتكفيرا لها. ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي ابن ابي طالب ولا غيره. بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين. كما ذكرت الاثار عنهم بذلك كذلك سائر الثنتين والسبعين فرقة. من كان منهم منافقا فهو كافر في الباطن. ومن لم يكن منافقا. بل مؤمنا الله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا في الباطن. وان اخطأ في التأويل كائنا ما كان خطأه. وقد يكون في بعضهم شعثا من شعب النفاق. ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الاسفل من النار. ومن قال ان الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفرا ينقله عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة واجماع الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين. بل واجماع الائمة الاربعة وغير الاربعة. فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين والسبعين فرقة. وانما يكفر بعضهم بعضا ببعض المقالات كما قد بسط. وقال فيه ايضا وزيادة الايمان الذي امر الله به ليكونوا من عباده المؤمنين من وجوه. الاول الاجمال والتفصيل فيما امروا به. الثاني الاجمال والتفصيل فيما وقع منهم الثالث ان العلم والتصديق نفسه يكون بعضه اقوى من بعض. واثبت وابعد عن الشك والريب رابع ان التصديق المستلزم لعمل القلب اكمل من التصديق الذي لا يستلزم عمله. الخامس والسادس ان مال القلوب واعمال الجوارح هي من الايمان. ويتفاضلون فيها. السابع ذكر الانسان ما امر به واستحضاره واكمل من التصديق مع الغفلة. الثامن قد يكون الانسان مكذبا ومنكرا لامور لا يعلم ان الرسول اخبر بها وامر بها ولو علم ذلك لم يكذب ولم ينكر. بل قلبه جازم انه لا يخبر الا بصدق. ولا يأمر الا بحق ثم يسمع الاية او الحديث او يتدبر ذلك او يفسر له معناه او يظهر له ذلك بوجه من الوجوه ويصدق بما كان مكذبا به. ويعرف ما كان منكرا. وهذا تصديق جديد. وايمان جديد ازداد به ايمانه ولم يكن قبل ذلك كافرا بل جاهلا. انتهى ملخصا. وقال الشيخ في الفتاوى المصرية من اصر على فعل شيء من البدع وتحسينها فانه ينبغي ان يعزر تعزيرا يردعه وامثاله عن مثل ذلك. ومن نسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الباطل خطأ فانه يعرف. فان لم ينتهي عوقب. ولا يحل لاحد ان يتكلم في الدين بلا علم. ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم. او ادخل فيه ما ليس منه. الاختلاف انما يورث شبهة اذا لم تتبين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني فاذا تبينت لم يستحب مراعاة الخلاف. بل يعمل بمقتضى المشروع. من انتهى الى علم فقد احسن من ادعى اصلا بلا نص ولا اجماع فقد ابطل. من جعل شيئا من المحرمات التي يعلم تحريمها من دين اسلام عبادة يستتاب. فان تاب والا قتل. الاصل انه كل ما كان سببا للفتنة فانه لا يجوز. ومن اطاع الله فقد والاه فيما اطاعه فيه. ومن عصاه ففيه قسط من فعل من عاداه بمعاصيه. شهود المنكر من غير حاجة ولا اكراه لا يجوز. ومن تمام السنة في مثل هذا يعني العبادات الواردة على اوجه متنوعة. ان يفعل هذا تارة وهذا تارة. وهذا في مكان وهذا في مكان. لان هجر ما وردت به السنة وملازمة غيره قد يفضي الى ان يجعل السنة بدعة. والمستحب واجبة. ويفضي ذلك الى التفرق والاختلاف. اذا فعل الاخرون الوجه الاخر فيجب على المسلم ان يراعي القواعد الكلية. التي فيها الاعتصام بالسنة والجماعة. لا سيما في مثل صلاة الجماعة الذي تتوفر الهمم والدواعي على نقله في العادة هو الامور الوجودية. فاما الامور العدمية فلا خبر لها ولا ينقل منها الا ما ظن وجوده. او احتيج الى معرفته فينقل للحاجة. بل نحن نعلم بالضرورة ان خلفاء المسلمين وملوكهم لا يبدلون سنة لا تتعلق بامر ملكهم. وما يتعلق بذلك من الاهواء. من شروط الحديث الا يكون شاذا ولا معللا. من المنهاج لشيخ الاسلام. وجملة ذلك ان ما يورده القادح اي علم ما علم يقينا قطعيا فلا يخلو من امرين. اما نقل لا نعلم صحته او لا نعلم دلالته على مطلوب القادح واي المقدمتين لم يكن معلوما لم يصلح لمعارضته ما علم قطعا. واذا قام الدليل القطعي لم يكن علينا ان عن الشبه المفصلة. ومن الطرق الحسنة في مناظرة هذا اي الذي يثبت حقا وينفي ما هو اولى منه. ان يوجد عليه من جنس ما يورده على اهل الحق. فان المعارضة نافعة وحينئذ فان فهم الجواب الصحيح علم الجواب عما يورده على الحق. وان وقع في الحيرة والعجز عن الجواب اندفع شره بذلك. وقيل له جوابك عن هذا هو جوابنا عن هذا. القدح لا يقبل حتى يثبت اللفظ القادح. ويكون دالا دلالة ظاهرة على القدر فاذا انتفت احداهما انتفى القدح فكيف اذا انتفى كل منهما؟ ومن المعلوم ان ايجاب ما اوجبه الله وتحريم فما حرمه هو من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. بل هو نفسه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. فاما العدد الكثير فلا يتصور فيهم الغلط. ونعلم ان المسلمين اذا اجتمعوا وكثروا يكون داعيهم الى الفواحش والظلم اقل من داعيهم اذا كانوا قليلا فانهم في حال الاجتماع لا يجتمعون على مخالفة شرائع الاسلام. كما يفعله الواحد والاثنان فان الاجتماع والتمدن لا يمكن الا مع قانون عدلي. والواجب على كل مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمد محمدا رسول الله ان يكون اصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له. وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه حيث وجده. ويعلم ان افضل الخلق بعد الانبياء هم الصحابة. فلا ينتصر لشخص انتصارا عاما مطلقا الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا لطائفة انتصارا عامة الا للصحابة رضي الله عنهم اجمعين فان الهدى يدور مع الرسول حيثما دار. ويدور مع اصحابه دون اصحاب غيره حيث داروا. فاذا اجتمعوا لم يجتمعوا على خطأ قط بخلاف اصحاب عالم من العلماء فانهم قد يجتمعون على خطأ الى اخره. فان الشارع نصوص كلمات جوامع كلية وقواعد عامة يمتنع ان ينص على كل فرد من جزئيات العالم الى يوم القيامة فلا بد من الاجتهاد في المعينات. هل تدخل كلماته الجامعة ام لا؟ وهذا الاجتهاد يسمى تحقيق المناط. وهو مما اتفق عليه الناس كلهم نفاة القياس ومثبتته. فان الله اذا امر ان يستشهد ذوى عدل فكون الشخص من ذوي العدل لا يعلم بالنص بل باجتهاد خاص. وكذلك اذا امر ان تؤدى الامانات الى اهلها. وان يولى الامور من يصلح لها فكون هذا الشخص المعين صالحا او راجحا على غيره فلا يمكن ان تدل عليه النصوص. بل لا يعلم الا اجتهاد خاص. ومما ينبغي ان يعلم ان الله بعث الرسل. وانزل الكتب ليكون الناس على غاية ما يمكن من الصلاة لا لرفع الفساد بالكلية. فان هذا ممتنع في الطبيعة الانسانية. اذ لابد فيها من الفساد الى ان قال فان الجاهل بمنزلة الذباب الذي لا يقع الا على العقير. ولا يقع على الصحيح والعاقل يزن الامور جميعا هذا وهذا. كما يقع مثل ذلك في عامة المسائل المتنازع فيها بين الامة. يكون الصواب مع احد القولين ولكن لكن الاخرون معهم منقولات ظنوها كذلك. ولم يكن لهم خبرة بانها كذب. ومعهم من الايات والاحاديث الصحيحة تأويلات ظنوها مرادة من النص. ولم تكن كذلك ومعهم نوع من القياس والرأي ظنوه حقا هو باطل. فهذا مجموع ما يورث الشبه في ذلك اذا خالت النفوس عن الهوى. وقل ان يخلو اكثر الناس عن الهوى ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى من الفتاوى المصرية للشيخ رحمه الله من الافعال ما يكون واجبا ولكن تأويل المتأول يسقط عنه الحد الشريعة ان من كان عازما على الفعل عزما جازما وفعل ما يقدر عليه كان بمنزلة الفاعل من اقامة الدليل على ابطال التحليل لشيخ الاسلام. المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعادات. كما هي معتبرة في التقربات والعبادات. لو قضى عن غيره دينا او انفق عليه نفقة واجبة ونحو ذلك ينوي التبرع والهبة لم يملك الرجوع بالبدل. وان لم ينوي فله الرجوع ان كان قد علم باذنه وفاقا. وبغير اذنه على فيما فيه. ثم الاسماء تتبع المقاصد. ولا يجوز لاحد ان يظن ان الاحكام اختلفت بمجرد اختلاف الفاظ لم تختلف عانيها ومقاصدها. وانما المقاصد حقائق الافعال وقوامها. عقود المكره واقواله ملغاة مهدرة ان اللعب والهزل والمزاح في حقوق الله غير جائز. فيكون جد القول وهزله في حقوقه سواء. بخلاف جانب العباد فاما اعتقاد الحكم بان يعتقد ان الفعل حلال او حرام فتأثير هذا في الحكم في الجملة مجمع عليه. صيغ العقود قد قيل هي انشاءات. وقيل اخبارات. وهي في الحقيقة اخبار عن المعاني التي في القلب. وتلك المعاني انشأت اللفظ خبر والمعنى انشاء. ولا يتوهم الانسان ان في الامساك عن المحرم ضيقا او ضررا. او فعل الواجب فانه من يتق الله يجعل له مخرجا. ولابد ان يبتلى المرء في امر دينه ونهيه تارة بترك ما يهوى وتارة بفعل ما يكره كما يبتلى في الحوادث المقدرة بمثل ذلك. فالذي يجب ان تتلقى احكام الله بطيب نفس وانشراح صدر وان يتيقن العبد ان الله لم يأمره الا بما في فعله صلاح. ولم ينهه الا عما في فعله فساد. سواء كان ذلك من نفس العبد بالامر والنهي. او من نفس الفعل او منهما جميعا. وان المأمور به بمنزلة القوت الذي هو قوام العبد والمنهي عنه بمنزلة السموم التي هي هلاك البدن وسقمه. الحكمة اذا كانت خفية او منتشرة علق الحكم بمظنتها. الواجب على كل مؤمن طاعة الله ورسوله فيما ظهر له حسنه. وما لم يظهر. وتحكيم الله وحكمه على علمه وحكمه فان خير الدنيا والاخرة وصلاح المعاد والمعاش في طاعة الله ورسوله يسعى الانسان في مصلحة اخيه فيما احله الله واباحه. واما مساعدته على اغراضه بما كرهه الله. فهو اضرار في دينه ودنياه. المعاريض ان يتكلم الانسان بكلام جائز يقصد به معنى صحيحا. ويتوهم غيره انه قصد به معنى اخر الى ان قال والضابط ان كل ما وجب بيانه فالتعريض فيه حرام لانه كتمان وتدليس ويدخل في هذا الاقرار بالحق والتعريض بالحلف عليه والشهادة على الانسان والعقود باسرها ووصف المعقود عليه والفتية والتحديث والقضاء الى غير ذلك. وكل ما حرم بيانه فالتعريض فيه جائز بل واجب ان اضطر الى الخطاب وامكن التعريض فيه. كالتعريض لسائل عن معصوم يريد قتله. وان كان بيانه جائزا وكتمانه جائزة وكانت المصلحة الدينية في كتمانه كالوجه الذي يراد عزمه فالتعريض ايضا مستحب هنا. وان كانت المصلحة الدنيوية في كتمانه فان كان عليه ضرر في الاظهار والتقدير انه مظلوم بذلك الضرر جاز له التعريض في اليمين وغيرها. وان كان كان له غرض مباح في الكتمان ولا ضرر عليه في الاظهار فقيل له التعريض ايضا. وقيل ليس له ذلك وقيل له التعريض في الكلام اليمين وقد نص عليه احمد. وهذا اذا احتاج الى الخطاب. فاما الابتداء بذلك فهو اشد. ومن رخص في الجواب قد لا يرخص في ابتداء الجواب. وجماع هذا انه اذا اشترى منه ربويا وهو يريد ان يشتري بثمنه منه من جنسه فاما ان يواطئه على الشراء منه لفظا او يكون العرف قد جرى بذلك. واما الا يكون كذلك. فان كان كذلك فهو عقد باطل. لان ملك الثمن غير مقصود. وان لم تجري مواطئة لكن علم المشتري ان البائع يريد ان اشتري منه فهو كذلك. لان علمه بذلك يمنع كلا منهما ان يقصد الثمن في العقدين. بل علمه به درب من العرفية وان كان قصد البائع الشراء منه ولم يعلم المشتري فهنا قال احمد لو باع من رجل دنانير بدراهم لم يجز ان يشتري بالدراهم منه ذهبا. الا ان يمضي ليبتاع بالورق من غيره ذهبا. فلا يستقيم فيجوز ان ارجع الى الذي ابتاع منه الدنانير فيشتري منه ذهبا. قال في اثناء كلام له من هذا الكتاب منها ان تحليل شيء ان كان مشهورا او كان التحريم مشهورا فحلله بغير تأويل كان ذلك كفرا وعنادا. ومثل هذا لا الامة رأسا قط الا ان تكون قد كفرت. والامة لا تكفر قط. ان الله سبحانه اوجب في المعاملات خاصة وفي الدين عامة النصيحة والبيان. وحرم الخلابة والغش والكتمان. ولما ذكر حديث ابن اللتيبة الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم هل لا جلس في بيت ابيه وامه حتى تأتيه هديته ان كان صادقا؟ وهذا الكلام الحكيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم. اصل في كل من اخذ شيئا او اعطاه تبرعا لشخص او معاوضة بشيء الظاهر وهو في القصد والحقيقة لغيره. فانه يقال هلا ترك ذلك الشيء الذي هو المقصود. ثم ينظر هل يكون ذلك الامر ان كان صادقا فيقال في جميع العقود الربوية. اذا كانت خداعا مثل ذلك كما ذكرناه. وهذا اصل لكل من بذل الجهة لولا هي لم يبذلها فانه يجعل تلك الجهة هي المقصودة بذلك البذل. فيكون المال لرب تلك الجهة حلالا فحلال. والا كانت حراما. وسائر الحقوق قياس على المال. ومن تأمل حديث ابن اللتيدة وحديث عبدالله بن عمرو حديث ابن عباس وما في معناهما من اثار الصحابة التي لم يختلفوا فيها علم ضرورة ان السنة واجماع التابعين دليل على ان التبرعات من الهبات والمحابيات ونحوهما اذا كانت بسبب قرض او ولاية او نحوهما كان القرض بسبب المحاباة في بيع او ايجارة او او مضاربة. او نحو ذلك عوضا في ذلك القرض والولاية بمنزلة المشروط فيه. وهذا يجتث قاعدة الحيل الربوية والرشوية. ويدل على حيل السفاح وغيره من الامور فاذا كان انما يفعل الشيء لاجل كذا كان المقصود بمنزلة المنطوق الظاهر فاذا كان حلالا كان حلالا والا فهو حرام. ثم ان محافظة الشارع على قاعدة الاعتصام بالجماعة وصلاح ذات البين وزجره عما يفضي الى ضد ذلك في جميع التصرفات. لا يكاد ينضبط. وكل ذلك يشرع لوسائل الالفة وهي من الافعال تجره عن ذرائع الفرقة. وهي من الافعال ايضا. الافعال المحرمة لحق الله تعالى لا تفيد الحل. كذبح الصيد وتخليل الخمر والتزكية في غير المحل. اما المحرم لحق الادمي كذبح المغصوب فانه يفيد الحل. الواجب بالنذر يحتذى به حذو الواجب بالشرع. المطلق من كلام الادميين محمول على ما فسر به المطلق من كلام الشارع خصوصا في الايمان فان الرجوع فيها الى عرف الخطاب شرعا او عادة اولى من الرجوع فيها الى موجب اللفظ في اصل اللغة وخطأ الدليل لا يلزم المستدل اذا كان الشارع قد اذن له في اتباعه. التحقيق ان يقال هذا من ما عفا الله عنه فلم يؤاخذ فيه. لانه من الخطأ الذي عفا الله عنه. وهكذا يقال في كل من استحل شيئا لم يعلم اعلم ان الله حرمه. وذلك لان هذا لما لم يعلم السبب الموجب للتحريم. كان بمنزلة من لم يبلغه خطاب الشارع كلاهما عادم للعلم بما يدل له على التحريم. ومثل هذا قد عفا الله عنه. واذا كان العلم لابد له من سببين سبب منفصل وهو الدليل وسبب متصل وهو العلم بالدليل والقوة التي يفهم بها الدليل والنظر الموصل الى الفهم ثم هذه الامور قد تحصل لبعض الناس في اقل من لحظ الطرف. فقد يقع في قلب المؤمن الشيء ثم يطلب دليلا وافق ما في قلبه ليتبعه. ومبادئ هذه العلوم امور الهية خارجة عن قدرة العبد. يختص برحمته في من يشاء. من الاصول المقررة ان الحاكم لو حكم بنص عام كان عاجزا عن درك مخصصه. ثم ظهر المخصص بعد ذلك نقض حكمه. وكذلك لو فرض الادراك مبعدا. وقال في الصفحة الثانية والثمانين اذا ثبتت هذه الاصول فهذا المشتري والمستنكح معفو له عما فعله من وطأ وانتفاع. وهذا الوطؤ والانتفاع عفو في حقه لا حلال حلا شرعيا ولا حرام تحريما شرعيا. وهكذا كل مخطئ ولكن هو في عدم الذم والعقاب يجري مجرى المباح الشرعي. وان كان يختلف في بعض الاحكام. واذا تأملت حق التأمل وجدت الشريعة جاءت بان لا ضرر على المغرور البتة. الحكم اذا علق باسم مشتق من معنى كان ما منه الاشتقاق علة ما هو محظور في الاصل لا يباح منه الا ما فيه منفعة. كذبح الحيوان للاكل والانتفاع. فان كان لغيره كان محرم وما من مهد قاعدة بين بها مراده فانه يطلق الكلام ويرسله. وانما يريد به ذلك المقيد الذي الى اخره. الشرط المشروط قبل العقد كالمشروط فيه. الشرط العرفي كاللفظي. كل عقد امكن رفعه من بيع او ايجارة او هبة او نكاح او وكالة او شركة اظهر عقده ومقصوده رفعه بعد العقد. وليس طرده العقد ولا شيئا من احكامه. وانما غرضه رفعه بعد وقوعه فهذا يشبه التحليل ومن الفتاوى المصرية للشيخ رحمه الله تنعقد العقود بكل ما دل على مقصودها من قول او فعل. فكل ما عده الناس بيعا واجارة فهو بيع واجارة. وان اختلف اصطلاح الناس في الالفاظ والافعال انعقد العقد عند كل قوم بما يفهمونه انهم من الصيغ والافعال وليس لذلك حد مستمر. لا في شرع ولا في لغة. بل يتنوع بتنوع اصطلاح الناس كما تتنوع لغاتهم. تصرفات العباد من الاقوال والافعال نوعان. عبادات يصلح بها دينهم وعادات يحتاجها اليها في دنياهم. فاستقراء اصول الشريعة من العبادات التي اوجبها الله واباحها. ليثبت الامر بها الا بالشرع فرع واما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون اليه. والاصل فيه عدم الحظر فلا يحظر منه الا ما حظره الله وهو رسوله. القاعدة الثانية في العقود حلالها وحرامها. الاصل في ذلك ان الله حرم في كتابه اكل اموالنا بيننا باطل وذم الاحبار والرهبان. الذين ياكلون اموال الناس بالباطل. وذم اليهود على اخذهم الربا وقد نهوا عنه واكلهم اموال الناس بالباطل. وهذا يعم كل ما يؤكل بالباطل في المعاوضات والتبرعات. ولا يؤخذ بغير رضا المستحق والاستحقاق. فاكل المال بالباطل في المعاوضة نوعان ذكرهما الله في كتابه هما الربا والميسر. الى اخر ما قال واصل هذا ان الله سبحانه انما حرم علينا المحرمات من الاعيان كالدم والميتة ولحم الخنزير. او من التصرفات كالميسر الذي يدخل فيه بيوع الغرر لما في ذلك من المفاسد التي نبه الله عليها ورسوله بقوله انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر فظهر بهذه النصوص ان العوض عن ما ليس بمال كالصدقة والكتابة والفدية في الخلع والصلح عن القصاص والجزية والصلح مع اهل حرب ليس يجب ان يعلم كما يعلم الثمن والاجرة. فكل ما احتاج الناس اليه في معاشهم ولم يكن سببه معصية هي ترك واجب او فعل محرم لم يحرم عليهم. لانهم في معنى المضطر الذي ليس بباغ ولا عاد. وان كان سببه معصية فانه يؤمر بالتوبة ويباح له ما يزيل ضرورته. فكل ما ثبت اباحته بنص او اجماع وجب اباحة لوازمه اذا لم يكن في تحريمها نص ولا اجماع. وان قام دليل يقتضي تحريم لوازمه. وما لا يتم اجتناب المحرم الا باجتنابه فهو حرام. فهنا يتعارض الدليلان. الفوائد التي تستخلف مع بقاء اصولها تجري مجرى المنافع. وان كانت اعيان وهي ثمر الشجر والبان البهائم والصوف والماء العذب. الاصل في العقود والشروط الجواز والصحة. ولا يحرم ولا يبطل منها الا ما دل على تحريمه وابطاله نص او قياس عند من يقول به. واصول احمد المنصوصة عنه اكثرها اتجري على هذا القول ومالك قريب منه. لكن احمد اكثر تصحيحا للشروط منه. يجوز لكل من اخرج من ملكه بمعاوضة كالبيع والخلع او تبرع كالوقف والعتق ان يستثني بعض منافعها. فان كان مما لا يصح فيه الغرر كالبيع فلابد ان يكون المستثنى معلوما. لما روي عن جابر. وان لم يكن كذلك كالعتق والوقف. فله ان ليستثني خدمة العبد ما عاش عبده او عاش فلان. او يستثني غلة الوقف ما عاش الوقف. من النقل عن كتاب التحليل الى هنا كله من المجلد الثالث. ثم رجعنا الى المجلد الاول من الفتاوى. ما تنازع العلماء في جوازه فلا يكفر افاعله باتفاق. الاكراه عند اكثرهم يبيح الفعل المحرم كشرب الخمر. ولكن عليه مع ذلك ان يكرهه بقلبه ويحرص على الامتناع منه بحسب الامكان. ومن علم الله منه الصدق اعانه الله. وقد يعافى ببركة صدقه من الامر به ومن شأن الشارع اذا اجتمع عبادتان من جنس ادخل احداهما بالاخرى. كما يدخل الوضوء في الغسل غسل واحد الغسلين بالاخر. ومن شأن اهل العرف اذا كان الاسم عاما لنوعين فانهم يفردون احد نوعين باسم ويبقى الاسم العام مختصا بالنوع الاخر. يجب الفرق بين الامر اليسير وذوي الحاجات. وبينما يصير وعادة ويكثر وما يكون لغير ذوي الحاجات. ولذلك استحب الائمة احمد وغيره ان يدع الامام ما هو عند له افضل اذا كان فيه تأليف للمأمومين. كذلك لو فعل خلاف الافضل لاجل بيان السنة وتعليمها لمن لم يعلمها كان حسنا. وقد يعرض للمفضول ما يصيره فاضلا. والواجب ان يعطي كل ذي حق حقه. ويوسع ما وسع الله ورسوله ويؤلف ما الف الله بينه ورسوله. ويراعي في ذلك ما يحبه الله ورسوله من المصالح الشرعية والمقاصد الشرعية. ويعلم ان خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وان الله بعثه رحمة للعالمين. بعثه بسعادة الدنيا والاخرة. في كل امر من الامور. وان يكون مع من التفصيل ما يحفظ به هذا الاجمال. والا فكثير من الناس يعتقد هذا مجملا. ويدعه عند التفصيل اما جاء اهلا واما ظلما واما اتباعا للهوى. التمييز بين الفرض والنفل من المقاصد الشرعية. ترتيب الذم على مجموع خصال يقتضي ان كل واحد له تأثير في الذنب. ينهى عن انواع الاستقسام بالازلام. وانما يسن له الاستخارة للخالق واستشارة المخلوق والاستدلال بالادلة الشرعية التي تبين ما يحبه الله ورسوله وما فيكرهه وينهى عنه. الاجتماع على العبادات التي لم يشرع لها الاجتماع حسن. اذا لم يتخذ عادة راتبة ولا اقترن به بدعة من كرة. والمطلوب من القرآن هو فهم معانيه والعمل به. فان لم تكن هذه همة حافظ لم يكن من اهل العلم والدين. التخصيص بالذكر قد يكون للحاجة الى معرفته. وقد يكون المسكوت عنها اولى به بالحكم انما خلق القلب ليعلم الحق. وانما يحول بينه وبين الحق في غالب الحال. شغله بغيره من فتن الدنيا ومطالب الجسد وشهوات النفس. فهو في هذه الحال كالعين الناضرة الى وجه الارض. لا يمكنها ان ارى مع ذلك الهلال او هوى يميل اليه فيصده عن اتباع الحق. فيكون كالعين التي فيها غدا لا يمكنها رؤية الاشياء. ثم الهوى قد يعرض له قبل معرفة الحق. فيصده عن النظر فيه. فلا يتبين له الحق وقد يعرض بعد ان عرف الحق فيجحده ويعرض عنه. ثم القلب للعلم كالاناء للماء والوعاء للعسل والوادي للسيل. ثم الباطل على منزلتين. احداهما تشغل عن الحق ولا تعانده. مثل الافكار والهموم التي من علائق الدنيا وشهوات النفس. والثانية تعاند الحق وتصد عنه. مثل الاراء الباطلة والاهواء المردية من الكفر والنفاق والبدع وشبه ذلك. لا ينبغي للعبد ان يقترح على الله شيئا معينا هل تكون همته فعل المأمور وترك المحظور؟ والصبر على المقدور. فمتى اعين على هذه الثلاثة؟ جاء بعد ذلك من المطالب ما لا عين رأت ولا اذن سمعت. من ظهر كذبه لم يقبل قوله. ويلزم بما امر الله به ورسوله. فهذه السنة من اسباب الخير والشر. ان يفعل العبد عند اسباب الخير الظاهرة من الاعمال الصالحة ما يجلب الله به الخير. وعند اسباب الشر الظاهرة من العبادات ما يدفع الله به عنه الشر. فاما ما فمن الاسباب فليس العبد مأمورا بان يتكلم معرفته. بل اذا فعل ما امر به وترك ما حظر. كفاه الله مؤنة الشر ويسر له اسباب الخير. الخوض في المسائل بغير علم تام يوجب الخطأ والضلال الحقوق التي لا يعلم مقدارها الا بالمعروف متى تنازع فيها الخصمان قدرها ولي الامر. الانسان لا يزال يطلب العلم والايمان. فاذا تبين له من العلم ما كان خافيا عليه اتبعه. وليس هذا مذبذبا بل هذا مهتد زاده الله هدى. امر العالم مبني على العدل في الدماء والاموال والاضلاع والانساب والاعراض. القدر سبق بالامور على ما هي عليه. فمن قدره الله من اهل السعادة كان مما قدره الله تيسيره لعمل اهل السعادة قدره من اهل الشقاوة. كان مما قدره ان ييسره لعمل اهل الشقاء. قد علم يقينا ان كل ذنب فيه وعيد فان لحوق الوعيد مشروط بعدم التوبة. اذ نصوص التوبة مبينة لتلك النصوص. اصول الدين اما ان تكون مسائل يجب اعتقادها قولا او قولا وعملا كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوات والمعاد او دلائل هذه المسائل مراد السلف والائمة بذم الكلام واهله يتناول من استدل بالادلة الفاسدة. او استدل على المقالات الباطلة فاما من قال الحق الذي اذن الله فيه حكما ودليلا. فهو من اهل العلم والايمان. واما مخاطبة اهل لاحم اصطلاحهم ولغتهم. فليس بمكروه اذا احتيج الى ذلك. وكانت المعاني صحيحة. الذي جاء به الكتاب والسنة النهي عن امور القول على الله بلا علم. وان يقال عليه غير الحق. والجدل بغير علم والجدل في الحق بعد ظهوره. والجدل بالباطل. والجدل باياته والتفرق والاختلاف. يجب على كل احد ان يؤمن ما جاء به الرسول ايمانا مجملا. فلا ريب ان معرفة ما جاء به الرسول على التفصيل فرض كفاية. اما ما يجب على اعيانهم هذا يتنوع بتنوع قدرهم ومعرفتهم وحاجتهم. ما اوجب الله فيه العلم واليقين. اي من اصول الدين وجب فيهما اوجبه الله من ذلك. وقد تقرر في الشريعة ان الوجوب معلق باستطاعة العبد. فمن كان خطأه لتفريطه في يجب عليه من اتباع القرآن والايمان مثلا. او لتعديه حدود الله لسلوك السبل التي نهى عنها. او لاتباع هواه غير هدى من الله. فهو الظالم لنفسه وهو من اهل الوعيد. بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله ظاهرا وباطنا الذي يطلب الحق باجتهاده كما امره الله ورسوله. فهذا مغفور له خطأه. لكن اذا كان الرجل مقلدا فليكن مقلدا لمن يترجح عنده انه اولى بالحق. وان كان مجتهدا اجتهد واتبع ما يترجح عنده انه الحق ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. القياس الصحيح نوعان. احدهما ان يعلم انه لا فارق بين الاصل والفرع الا فرق غير مؤثر في الشرع. الثاني ان ينص على حكم لمعنى من المعاني ذلك المعنى موجودا في غيره. فاذا قام دليل على ان الحكم متعلق بالمعنى المشترك بين الاصل والفرع سو وبينهما وكان هذا قياسا صحيحا. فهذان النوعان كان الصحابة والتابعون لهم باحسان يستعملونهما من باب فهم مراد الشارع. فان الاستدلال بكلام الشارع يتوقف على ان يعرف ثبوت اللفظ عنه. والى ان يعرف مراده باللفظ. واذا عرفنا مراده فان علمنا انه حكم للمعنى المشترك. لا لمعنى يخص الاصل. اثبت الحكم حيث وجد المعنى المشترك. واذا علمنا انه قصد تخصيص الحكم بمورد النص منعنا القياس. الى ان قال وكل قياس دل النص على فساده فهو فاسد. وكل من الحق منصوصا بمنصوص يخالف حكمه فقياسه فاسد وكل من سوى بين شيئين او فرق بين شيئين بغير الاوصاف المعتبرة في حكم الله ورسوله فقياسه فاسد لكن من القياس ما يعلم صحته. ومنه ما يعلم فساده. ومنه ما لم يتبين امره. فمن ابطل القياس مطلقا باطل ومن استدل بالقياس المخالف للشرع فقوله باطل. ومن استدل بقياس لم يقم الدليل على صحته وقد استدل بما لا يعلم صحته. من المجلد الثاني من الفتاوى المصرية. المغالبات ثلاثة انواع. فما كان من معينا على ما امر الله به كما في قوله. واعدوا لهم ما استطعتم من قوة. جاز بجعل وبغير جعل وما كان مفضيا الى ما نهى الله عنه. كالنرد والشطرنج. فمنهي عنه بجعل وبغير. وما قد يكون في فيه منفعة بلا مضرة راجحة كالمسابقة والمصارعة جاز بلا جعل. كل فعل افضى الى المحرم كثيرا كان سببا للشر والفساد. اذا لم يكن فيه مصلحة راجحة شرعية وكانت مفسدته راجحة نهي عنه الكل سبب يفضي الى الفساد نهي عنه. اذا لم يكن فيه مصلحة راجحة. فكيف بما كثر افضاؤه الى فساد. فما كان ملهيا وشاغلا عما امر الله به من ذكره والصلاة له. فهو منهي عنه. وان لم يكن جنسه محرمة وليس لاحد ان يتبع زلات العلماء. كما انه ليس له ان يتكلم في اهل العلم والايمان الا بما له اهل فان الله عفا للمؤمنين عما اخطأوا كما قال تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا قال الله قد فعلت. والذي يعين على حضور القلب في الصلاة نوعان. قوة المقتضي وضعف الشاغل اما الاول فاجتهاد العبد في ان يعقل ما يقوله ويفعله. واما زوال المعارض فهو الاجتهاد في دفع ما تشغل القلب عن مقصود الصلاة. والبدعة التي يعد بها الرجل من اهل الاهواء ما اشتهر عند اهل العلم والسنة مخالفتها بالكتاب والسنة كبدعة الخوارج والروافض الى اخره. فان الله تعالى لم يأمر العبد ان يصلي الفرض مرتين الا اذا لم يفعل الواجب الذي يقدر عليه في المرة الاولى. فكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين لم يسبقه اليه احد منهم فانه يكون خطأ. كما قال الامام احمد اياك ان تتكلم في مسألة ليس لك فيها امام. من فعل ما يعتقده قربة بحسب اجتهاده ان كان مخطئا في ذلك انه يثاب على ذلك. وان كان له علم انه ليس يحرم عليه فعله. من اقتضاء الصراط المستقيم لشيخ الاسلام. مخالفة الكفار مشروعة والمشابهة الظاهرة تدل على المشابهة الباطنة. ان اكثر الجهل انما يقع في النفي الذي هو الجحود والتكذيب لا في الاثبات لان احاطة الانسان بما يثبته ايسر من احاطته فيما ينفيه. اذا عبر عنه بلفظ مشتق من معنى اعم من ذلك الفعل. فلابد ان يكون ما منه الاشتقاق امرا مطلوبا. لا سيما اذا ظهر لنا ان المعنى المشتق منه معنى مناسب للحكمة. العبادات يرجع في صفاتها ومقاديرها الى الشارع. كما يرجع في اصلها الى الشارع. والتشدد تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ولا مستحب. بمنزلة الواجب والمستحب في سادات وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه في الطيبات. الفضل الحقيقي هو اتباع ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من الايمان والعلم ظاهرا وباطنا. وكل من كان فيه امكن كان افضل. والفضل انما هو في الاشياء المحمودة في الكتاب والسنة. مثل الاسلام والايمان والبر والتقوى والعلم العمل الصالح والاحسان ونحو ذلك. العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله. او فيما يكرهه. الفعل مع وجود مقتضيه وعدم منافيه واقع لا محالة. الاصل في العادات الاباحة فلا يحرم منها الا ما حرمه الله الله ورسوله. والاصل في العبادات الحظر. فلا يشرع منها الا ما شرعه الله ورسوله. عدنا الى النقم من المجلد الثاني من الفتاوى المصرية. والاقسام ثلاثة فما له حد في الشرع او اللغة رجع في ذلك اليهما. وما ليس له حد فيهما رجع فيه الى العرف. الاصل في جميع الاعيان الموجودة على اختلاف اوصافها ان تكون حلالا مطلقا الادميين وان تكون ظاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ومماستها. وهذه كلمة جامعة ومقالة عامة قضية فاضلة عظيمة المنفعة. واسعة البركة. يفزع اليها حملة الشريعة فيما لا يحصى من الاعمال والحوادث الناس كل ما حرم ملابسته ومباشرته حرم مخالطته وممازجته ولا ينعكس. فكل نجس محرم حرموا الاكل وليس كل محرم الاكل نجسا. المنفي ضربان. نفي نحصره ونحيط به. فهذا نفي مستيقظ الثاني ما لا يستيقن نفيه ولا عدمه. ثم منه ما يغلب على القلب ويقوى في الرأي. ومنه ما لا يكون كذلك ذلك فاذا رأينا حكما منوطا بنفي من الصنف الثاني فالمطلوب ان نرى النفي ويغلب على قلوبنا. المحرم من طعام لا يباح الا للضرورة التي هي المسغبة والمخمصة. والمحرم من اللباس يباح للضرورة وللحاجة ايضا لما ذكر مضرة الخمر للقلب قال وكذلك جميع الاموال المغصوبة والمسروقة. انه ربما صلح عليها البدن ونبو لكن يفسد عليها القلب. فيفسد البدن لفساده. قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس واثمهما اكبر من نفعهما. فهذا لعمري شأن جميع المحرمات. فان فيها من القوة الخبيثة التي تؤثر في القلب قلب ثم في البدن في الدنيا والاخرة. ما يربي على ما فيها من منفعة قليلة. تكون في البدن وحده في الدنيا خاصة. على اننا وان لم نعلم جهة المفسدة في المحرمات. فانا نقطع ان فيها من المفاسد ما يربي على ما نظن من المصالح. ما في النفوس اليه داع من المحرمات. رتب عليه الحد. وما لا فلا. جنس المشقة في الاحتراز مؤثر في جنس التخفيف. فان كان الاحتراز من جميع الجنس مشقا عفي عن جميعه فحكم بالطهارة وان كان من بعضه عفي عن القدر المشق. اذا كان سبب السكر محظورا لم يكن السكران معذورا من بطلت عبادته لعدم عقله فبطلان عقوده اولى واحرى. جميع الاقوال والعقود مشروطة بوجود والعقل فمن لا تمييز له ولا عقل ليس لكلامه في الشرع اعتبار اصلا. كل لفظ بغير قصد من المتكلم لسهو وسبق لسان او عدم عقل فانه لا يترتب عليه حكم. واما اذا قصد اللفظ ولم يقصد معناه كالهازل فهذا فيه تفصيل. تعليل الاحكام بالخلاف علة باطلة في نفس الامر. فان الخلاف ليس من من الصفات التي يعلق الشارع بها الاحكام في نفس الامر. فان ذلك وصف حادث بعد النبي صلى الله عليه وسلم. ولم تسلكه الا من لم يكن عالما بالادلة الشرعية في نفس الامر لطلب الاحتياط. مسائل الاجتهاد لا يسوغ فيها الانكار الا ببيان الحجة وايضاح المحجة. لا الانكار المجرد المستند الى محض التقليد. فان هذا فعل اهل الجهل والاهواء وكل حكم علق باسماء الدين من اسلام وايمان وكفر ونفاق. وردة وتهود وتنصر انما يثبت لمن اتصف بالصفات الموجبة لذلك. المال المجهول صاحبه يعطى اولى الناس به ان امكن والا صرف في المصالح صدقة عن صاحبه. يقبل قول من شهد له العرف والعادة. اذا كان مؤتمنا على شيء اوله وعليه ولاية فالقول قوله فيما اؤتمن عليه وولي عليه. الحقوق التي لا يعلم مقدارها الا بالمعروف متى تنازع فيها الخصمان قدرها ولي الامر. واجب على كل احد اذا تبين له حكم الله ورسوله في امر الا يعدل عنه. ولا يتبع احدا في مخالفة حكم الله ورسوله. فان الله فرض طاعة رسوله في كل حال لكن لما كان من الاحكام ما لا يعرفه كثير من الناس رجع الناس في ذلك الى من يعلمهم ذلك. بانه اعلم ما قاله الرسول واعلم بمراده. فائمة المسلمين الذين اتبعوهم وسائل وطرق وادلة بين الناس وبين الرسول يبلغونهم ما قاله ويفهمونهم مراده بحسب اجتهادهم واستطاعتهم. وقد يخص الله هذا العالم من العلم والفهم ما ليس ليس عند الاخر وقد يكون عند ذلك في مسألة اخرى ما ليس عند هذا. ما ثبت من الاحكام بالكتاب والسنة لا دعوة نسخه بامور محتملة للنسخ وعدم النسخ. واذا كانت المسألة من مسائل الاجتهاد التي شاع فيها النزاع لم يكن لاحد ان ينكر على الامام ولا على نائبه من حاكم وغيره. ولا ينقض ما فعل الامام ونوابه من ذلك الانتفاع الذي لا يضر بملك الغير لا يحتاج الى اذن. من لم يبلغه امر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم عليه. انما يجوز ان يستحل الحلال من يحرم الحرام. وليس لاحد ان يعتقد الشيء حلالا حراما. وكلما تحقق العبد الاخلاص في قول لا اله الا الله خرج من قلبه تأله ما يهواه ويصرف عنه الذنوب والمعاصي ان الاخلاص ينفي اسباب دخول النار. الوعيد المطلق في الكتاب والسنة مشروط بثبوت شروط وانتفاء موانع ما كان مقصوده اجتناب المحظور اذا فعله العبد ناسيا او مخطئا فلا اثم عليه ولا يبطل العبادة الشيء مطلقا يقتضي تحريم كل جزء منه. فاذا نهي عن شيء نهي عن بعضه. واذا امر بشيء كان امرا بجميعه الواجبات كلها تسقط بالعجز. والفقه في الدين معرفة الاحكام الشرعية بادلتها السمعية. فمن لم يعرف ذلك لم يكن متفقها في الدين. لكن من الناس من قد يعجز عن معرفة الادلة التفصيلية في جميع اموره. فيسقط عنهما ايعجز عن معرفته. لا كل ما يعجز عنه من التفقه. ويلزم ما يقدر عليه. واما القادر على الاستدلال ليحرم عليه التقليد مطلقا. وقيل يجوز مطلقا. وقيل يجوز عند الحاجة كما اذا ضاق الوقت عن الاستدلال وهذا القول اعدل. الاجتهاد ليس امرا واحدا. لا يقبل التجزيء والانقسام. بل قد يكون الرجل مجتهدا في فن او باب او مسألة دون فن وباب ومسألة. وكل احد فاجتهاده بحسب وسعه. ما كان منهيا عنه للذريعة انه يفعل للمصلحة الراجحة. وافضل الجهاد والعمل الصالح ما كان اطوع للرب وانفع للعبد. البدع نوعان نوع في الاقوال والاعتقادات ونوع في الافعال والعبادات. والمنتسبون للعلم يخاف عليهم من الاول منتسبون للعبادة يخاف عليهم من الثاني. اذا لم يعتصم الجميع بالكتاب والسنة. طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما امرنا به هو الاصل الذي على كل مسلم ان يعتمده. وهو السعادة كما ان ترك ذلك سبب الشقاوة. وطاعته في امره اولى بنا من موافقته في فعل لم يأمرنا بموافقته فيه باتفاق المسلمين. ولم يتنازع المسلمون ان امره اوكد من فعله. واذا امره الله بامر او نهاه عن شيء كانت امته اسوة به في ذلك. ما لم دليل على اختصاصه بذلك. فالاقتداء به تارة يكون في نوع الفعل. وتارة في جنسه. فانه قد يفعل فعل بمعنى يعم ذلك النوع وغيره. لا لمعنى يخصه. فيكون المشروع هو الامر العام. واحق الناس بالحق من علق الاحكام بالمعاني التي علقها بها الشارع. فعلى المسلم ان يكون ناصحا للمسلمين. يقصد لكل انسان ما هو اصلح له؟ اطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الجواب من غير تفصيل يوجب العموم. اذ السؤال كالمعاد في الجواب وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال. من المجلد الثالث من الفتاوى المصرية شيخ الاسلام كل عقد يباح تارة ويحرم تارة كالبيع والنكاح اذا فعل على الوجه المحرم لم يكن نافذا كما يلزم الحلال الذي اباحه الله ورسوله. الحقوق ثلاثة حق لله وحده كالعبادة. وحق للرسول وحده كالنصرة والتعزير. وحق مشترك وهو الطاعة. الى ان قال والمؤمنون وولاة الامور من العلماء والامراء ومن يدخل في ذلك من المشايخ والملوك فلهم حقوق بحسب ما يقومون به من الدين. فيطاعون في الله. ويجب لهم من النصيحة والتعاون على البر والتقوى. وغير ذلك ما هو من حقوقهم. ولعموم المؤمنين ايضا ايضا من المناصحة والموالاة وغيرهما من الحقوق. ما دل عليه الكتاب والسنة. وليس هنا موضع تفصيل ذلك مما يوضح ذلك ان وجوب تصديق كل مسلم بما اخبر الله به من صفاته ليس موقوفا على ان يقوم على ذلك دليل عقلي على تلك الصفة بعينها فانه مما يعلم بالاضطرار من دين الاسلام. ان الرسول صلى الله عليه وسلم اذا اخبرنا بشيء من صفات الله وجب علينا التصديق. وان لم نعلم ثبوته بعقولنا. ومن لم يقر بما جاء به الرسول حتى يعلمه بعقله فقد اشبه الذين قال الله فيهم قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله. ومن سلك هذا السبيل فهو في الحقيقة ليس مؤمنا بالرسول. ولا متلقيا عنه الاخبار بشأن الربوبية ولا فرق عنده بين ان يخبر الرسول بشيء من ذلك او لم يخبر به. فانما اخبر به اذا لم يعلمه بعقله لا يصدقه بل يتأوله او يفوضه. وما لم يخبر به ان علمه بعقله امن به. والا فلا فرق عند من سلك هذا الى اخر ما قال رحمه الله من الصارم المسلول في تحطم قتل شاتم الرسول بشيخ الاسلام. فاسم اليمين جامع للعقد الذي بين العبد وبين ربه. وان كان نذرا وللعهد الذي بينه وبين المخلوقين. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. اصل الايمان والنفاق في القلب. وانما القول والفعل فرعان لهما. حق الله وحق رسوله متلازمان وجهة حرمة الله ورسوله جهة واحدة. فمن اذى الرسول فقد اذى الله ومن اطاعه فقد اطاع الله الاعمال انما يحبطها ما ينافيها. واذا علم الرجل من حال صديقه انه يطيب نفسه بما يأخذ من ما له فله ان يأخذ وان لم يستأذنه نطقا. الكلمة التي تصدر عن محبة وتعظيم تغفر لصاحبها بل يحمد عليها وان كان مثلها لو صدر بدون ذلك استحق صاحبها النكال. وكذلك الفعل الحكم المعلق بشرط لا يثبت عند عدمه باتفاق العقلاء. لما ذكر ايات الصبر وايات القتال قال فمن كان من المؤمنين بارض هو فيها المستضعف او في وقت هو فيه مستضعف فليعمل باية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله. من الذين اوتوا الكتاب والمشركين. واما اهل القوة فيعملون باية قتال ائمة الكفر الذين يطعنون في الدين. وباية قتال للذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدي وهم صاغرون. سب غير الرسول مع كونه معصية يوجب الجلد سب الرسول مع كونه كفرا يوجب القتل. لان الظاهر انما يكون دليلا صحيحا معتمدا اذا لم يثبت ان الباطن بخلافه اذا قام الدليل على الباطن لم يلتفت الى ظاهر قد علم ان الباطن بخلافه. الحكم اذا لم يثبت باصل ولا كان تحكما. من المنهاج لشيخ الاسلام. لما ذكر الولاية الذين فيهم ظلم. ومذهب اهل السنة والجماعة ان هؤلاء يشاركون فيما يحتاج اليهم فيه من طاعة الله. فنصلي خلفهم الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات التي يقيمونها هم. لانها لو لم تسل خلفهم افضي الى تعطيلها. ونجاهد معهم الكفار ونحج معهم البيت العتيق. ويستعان بهم في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود. فان الانسان لو قدر ان يحج في رفقة لهم ذنوب وقد جاءوا يحجون لم يضره ذلك شيئا. وكذلك الغزو وغيره من الاعمال الصالحة. اذا فعلها البر وشاركها فيها الفاجر لم يضره ذلك شيئا. فكيف اذا لم يكن فعلها الا على هذا الوجه؟ فكيف اذا كان الوالي الذي يفعله فيه معصية. ويستعان بهم ايضا في العدل في الحكم والقسم. فانه لا يمكن عاقلا ان ينازع في انهم كثيرا ما يعدلون في بحكمهم وقسمهم ويعاونون على البر والتقوى. ولا يعاونون على الاثم والعدوان. وللناس نزاع في تفاصيل تتعلق وبهذه الجملة ليس هذا موضعها مثل انفاذ حكم الحاكم الفاسق. اذا كان الحكم عدلا ومثل الصلاة خلف هل تعاد ام لا؟ والصواب الجامع في هذا الباب ان من حكم بعدل او قسم بعدل نفذ حكمه وقسمته ومن امر بمعروف او نهى عن منكر اعين على ذلك اذا لم يكن في ذلك مفسدة راجحة. وانه لابد من اقامة الجمعة والجماعة فان امكن تولية امام بر لم يجز تولية فاجر ولا مبتدع يظهر بدعته. فان هؤلاء يجب الانكار عليهم بحسب الامكان. ولا يجوز توليتهم. فان لم يمكن الا تولية احد رجلين. كلاهما فيه بدعة كانت تولية اصلحهما ولاية هو الواجب. واذا لم يمكن في الغزو الا تأمير احد رجلين احدهما في فيه دين وضعف عن الجهاد. والاخر فيه منفعة في الجهاد مع ذنوب له. كان تولية هذا الذي ولايته انفع للمسلمين خيرا من ولاية من ولايته اضر على المسلمين. واذا لم يمكن صلاة الجمعة والجماعة وغيرهما الا خلف الفاجر مبتدع صليت خلفه ولم تعد. وان امكن الصلاة خلف غيره فكان في ترك الصلاة خلفه هجر له ليرتدع هو وابوه امثاله عن البدعة والفجور. وان لم يكن في ترك الصلاة خلفه مصلحة دينية صلى خلفه. وليس على احد ان يصلي الصلاة مرتين. ففي الجملة اهل السنة والجماعة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الامكان. من المجلد الثاني في منهاج لما تكلم على صدور الخطأ وغيره من الناس قال ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم الصحابة ولسائر الامة فنقول لابد ان يكون مع الانسان اصول كلية يرد اليها الجزئيات. ليتكلم بعلم وعدل. ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت. والا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات. وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم. فنقول الناس قد تكلموا في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأتيمهم وعدم تأثيمهم في مسائل الفروع والاصول فنذكر اصولا جامعة نافعة. الاصل الاول انه هل يمكن كل احد ان يعرف هذه الحق في كل مسألة فيها نزاع. واذا لم يمكنه فاجتهد واستفرغ وسعه. فلم يصل الى الحق. بل قال ما اعتقد ان انه الحق في نفس الامر. ولم يكن هو الحق في نفس الامر. هل يستحق ان يعاقب ام لا؟ هذا اصل هذه المسائل الناس في هذا الاصل ثلاثة اقوال. كل قول عليه طائفة من النظار. الى ان قال القول الثالث في هذا الاصل وهو انه ليس كل من اجتهد واستدل يتمكن من معرفة الحق. ولا يستحق الوعيد الا من ترك مأمورا. او فعل محظورا. وهذا هو قول الفقهاء والائمة. وهو القول المعروف عن سلف الامة. وقول جمهور المسلمين. وهذا القول يجمع الصواب من القولين. الى ان قال في صفحة سبع وعشرين فالمجتهد المستدل من امام وحاكم وعالم وناضل ومفت وغير ذلك اذا اجتهد واستدل فاتقى الله ما استطاع. كان هذا هو الذي كلفه الله. وهو مطيع لله مستحق للثواب اذا تلقاه ما استطاع. ولا يعاقبه البتة. ولا يلزم اذا كان القول كفرا ان يكفر كل من قاله مع والتأويل. فان ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الاخرة في حقه. وذلك له شروط وموانع وكما بسطناه في موضعه. واذا لم يكونوا في نفس الامر كفارا فيكونون من المؤمنين. فيستغفر لهم ترحموا عليهم اذا قال المسلم ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان يقصد كل من سبقه من قرون الامة الى الايمان. وان كان قد اخطأ في تأويل تأوله. فقال فالسنة او اذنب ذنبا فانه من اخوانه الذين سبقوه بالايمان. فيدخل في العموم وان كان من الثنتين والسبعين فرقة. فانه ما من فرقة الا وفيها خلق كثير ليسوا كفارا بل مؤمنين فيهم ضلال او ذنب يستحقون به الوعيد. كما يستحقه عصاة المؤمنين. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخرجهم من الاسلام بل جعلهم من امته ولم يقل انهم يخلدون في النار فهذا اصل عظيم ينبغي مراعاته فان كثيرا من المنتسبين الى السنة فيهم بدعة من جنس بدع الخوارج والروافض. اصحاب رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم علي ابن ابي طالب وغيره لم يكفروا الخوارج الذين قاتلوه. الى ان قال فمن عيوب اهل البدع تكثير خير بعضهم بعضا ومن ممادح اهل السنة انهم يخطئون ولا يكفرون. وسبب ذلك ان احدهم قد يظن ما ليس بكفر كفرا. والاخر لم يتبين له ذلك. فلا يلزم اذا كان هذا العالم بحالة يكفر اذا قاله ان يكفر ومن لم يعلم بحاله ولا ريب ان الكفر متعلق بالرسالة فتكذيب الرسول كفر وبغضه وسبه وعداوته مع العلم صدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم باحسان. ولا ريب ان الكفر متعلق بالرسالة. فتكذيب الرسول كفر وبغضه وسبه وعداوته مع العلم بصدقه في الباطن كفر عند الصحابة والتابعين لهم باحسان. وائمة العلم وسائر الطوائف الا الجهم ومن وافقه. والناس لهم في طريق العلم والدين طريقان مبتدعان وطريق شرعي. فالطريق الشرعي هو النظر فيما جاء به الرسول والاستدلال بادلته. والعمل بموجبها فلابد من علم ما جاء به وعمل به لا يكفي احدهما وهذا الطريق متضمن للادلة العقلية والبراهين اليقينية. فان الرسول بين بالبراهين العقلية ما يتوقف السمع عليه. والرسل بينوا للناس العقليات التي يحتاجون اليها. كما ضرب الله في القرآن من كل مثل وهذا هو الصراط المستقيم. الذي امر الله عباده ان يسألوه هدايته. واما الطريقان المبتدعان فاحدهما طريق اهل الكلام البدعي والرأي البدعي. فان هذا فيه باطل كثير. وكثير من اهله يفرطون فيما امر الله به ورسوله من الاعمال. فيبقى هؤلاء في فساد علم وفساد عمل. وهؤلاء منحرفون الى اليهودية الباطلة والثاني طريقة اهل الرياضة والتصوف والعبادة البدعية. وهؤلاء منحرفون الى النصرانية الباطلة. الى اخره والمقصود ان كتب اهل الكلام يستفاد منها رد بعضهم على بعض. وهذا لا يحتاج اليه من لا يحتاج الى رد قالت الباطلة لكونها لم تخطر على قلبه. وهناك من يخاطبه بها ولا يطالع كتابا هي فيه. ولا ينتفع به من لا يفهم الرد بل قد يستضر به من عرف الشبهة ولم يعرف فسادها. فان الجاهل بمنزلة الذباب الذي لا الا على العقير ولا يقع على الصحيح. العاقل يزن الامور جميعا. هذا وهذا. القاعدة الكلية في لهذا الا نعتقد احدا معصوما بعد النبي صلى الله عليه وسلم. بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ والذنوب التي تقع منهم قد يتوبون منها. وقد تكفر عنهم بحسناتهم الكثيرة. وقد يبتلون ايضا بمصائب يكفر الله وهو عنهم بها وقد يكفر عنهم بغير ذلك. والناس المنحرفون في هذا الباب صنفان. القادحون الذين يقدحون في الشر اقصي بما يغفره الله له. والمادحون الذين يجعلون الامور المغفورة من باب السعي المشكور. فهذا يغلو في الشخص الواحد حتى يجعل سيئاته حسنات. وذلك يجفو فيه. حتى يجعل السيئة الواحدة منه محبطة للحسنات قال في اثناء كلام له كما يقع مثل ذلك في عامة المسائل المتنازع فيها بين الامة. يكون الصواب مع احد القولين ولكن الاخرون معهم منقولات ظنوها صدقا. ولم يكن لهم خبرة بانها كذب. ومعهم من الايات والاحاديث الصحيحة تأويلات ظنوها مرادة من النص. ولم تكن كذلك. ومعهم نوع من القياس والرأي. ظنوه حقا وهو باطل. فهذا مجموع ما يورث الشبه في غير ذلك. اذا خلت النفوس عن الهوى وقل ان يخلو اكثر الناس عن الهوى وقال الشيخ في شرح الاصبهانية صفحة ست وعشرين ومئة. لما ذكر تباعد الايمان. وعلى هذا فالمتأول الذي اخطأ في تأويله في المسائل الخبرية والامرية. وان كان في قوله بدعة يخالف بها نصا او اجماعا قديما. وهو لا اعلم انه يخالف ذلك بل قد اخطأ فيه كما يخطئ المفتي والقاضي في كثير من مسائل الفتية والقضاء باجتهاده كونوا ايضا مثابا من جهة اجتهاده الموافق لطاعة الله. غير مثاب من جهة ما اخطأ فيه. وان كان معفوا عنه. ثم قد يحصل فيه تفريط في الواجب او اتباع لهوى. يكون ذنبا منه وقد يقوى فيكون كبيرة. وقد تقوم عليه الحجة التي بعث الله بها رسله. ويعاندها مشاقا للرسول من بعد ما تبين له الهدى. متبعا غير سبيل المؤمنين يكون منافقا او مرتدا ردة ظاهرة. فالفلاح في الاشخاص لابد فيه من هذا التفصيل. واما الكلام في انواع الاقوال اعمالي باطنة وظاهرا من الاعتقادات والايرادات وغير ذلك. فالواجب فيما تنوزع فيه ذلك ان يرد الى الله والرسول فما وافق الكتاب والسنة فهو حق. وما خالفه فهو باطل. وما وافقه من وجه دون وجه. فهو ما اشتمل على حق وباطل. فهذا هو الى ان قال صفحة سبع وعشرين ومئة. وكان اخر ما حدث بدعة الجهمية. حتى قال ابن المبارك ويوسف ابن اسباط وطائفة من العلماء من اصحاب احمد وغيرهم. ان الجهمية ليسوا من الثنتين وسبعين بل هم زنادقة. وهذا مع ان كثيرا من بدعهم دخل فيها قوم ليسوا زنادقة. بل قبلوا كلام الزنادقة جهلا وخطأ. قال تعالى وفيكم سماعون لهم. فاخبر سبحانه ان في المؤمنين من هو مستجيب للمنافقين كما يقع فيه بعض اهل الايمان من امور بعض المنافقين هو من هذا الباب. وقال في العقل والنقل صفحة ست ومئة من المجلد الاول بعد كلام. واما من كان قصده متابعته من المؤمنين. واخطأ بعد اجتهاده الذي افرغ فيه وسعه غفر الله له خطأه. سواء كان خطأه في المسائل العلمية الخبرية. او المسائل العملية. وقال في المجلد الثاني من المنهاج صفحة اثنتين وستين من الجزء الثالث. بعدما ذكر عدم تكفير المتأولين من اهل البدع عموما الى ان قال في الخوارج. ومع هذا فالصحابة والتابعون لهم باحسان لم يكفروهم. ولا جعلوهم مرتدين. ولا عليهم بقول ولا فعل. بل اتقوا الله فيهم وساروا فيهم السيرة العادلة. وهكذا سائر فرق اهل البدع والاهواء من الشيعة والمعتزلة وغيرهم. فمن كفر التنتين وسبعين فرقة كلهم فقد خالف الكتاب والسنة والاجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان. الى ان قال بل المؤمن بالله ورسوله باطنا وظاهرا. الذي قصد اتباع الحق وما جاء به الرسول اذا اخطأ ولم يعرف الحق. كان اولى ان يعذره في الاخرة من المتعمد العالم بالذنب. فان هذا عاص مستحق للعذاب بلا ريب. واما ذلك فليس متعمدا للذنب. بل هو مخطئ. والله قد تجاوز لهذه الامة عن الخطأ والنسيان الى ان قال فمن عيوب اهل البدع تكثير بعضهم بعضا. ومن ممادح اهل العلم انهم يخطئون ولا يكفرون وناقضه فهو علم باطل. فهذا طريقهم في العلم. واما طريقهم في العمل فانهم يتقربون الى الله تعالى بالتصديق والاعتراف التام بعقائد الايمان التي هي اصل العبادات واساسها. ثم يتقربون اليه باداء فرائض الله المتعلقة بحقه وحقوق عباده. مع الاكثار من النوافل وبترك المحرمات والمنهيات تعبدا لله تعالى ويعلمون ان الله لا يقبل الا كل عمل خالص لوجهه الكريم. مسلوكا فيه طريق النبي الكريم يستعينون بالله في سلوك هذه الطرق النافعة. التي هي العلم النافع. والعمل الصالح الموصل الى كل خير وفلاح وسعادة عادة عاجلة واجلة. والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا رمضان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة والف من الهجرة