خطورة على رطب. فان عدم فتمر. فان تعذر فماء. ويدعو في صيامه وعند فطره. فصل. ويستحب صيام اوقات الفاضلة كاتباع رمضان بست من شوال وعشر ذي الحجة وخصوصا يوم عرفة وصوم المحرم وخصوصا تصرفه غير صحيح. ولا يفك الحجر عنه حتى يزول السبب الذي حجر عليه لاجله. برشد السفيه ونحوه المدين ما عليه. فصل. وقد حث صلى الله عليه وسلم على القيام بحق الجار. واقل ما على الانسان ان يكف اذاه ووضع يده على خاصرته واقعاؤه في الجلوس وافتراش ذراعيه. وان يكون بين يديه او عنده ما يشغله واستقبال صورة فصل. رح الصلاة وكمالها بحضور القلب. وان يجتهد في تدبر ما يقوله من قراءة وذكر ان كان بنت وبنت ابن فلبنت النصف ولبنت لابن السدس. تكملة الثلثين. ومثلهن الاخوات الشقيقات الاخوات للاب. فان كان مع الجميع ذكر في منزلتهن. عصبهن وصار للذكر مثل حظ الانثيين ذكر وتسبيح ودعاء. وتدبر ما يفعله من خضوعه لله في ركوعه وسجوده. ويستحضر انه واقف بين يدي الله يناديه ويتعبد له ويحقق مقام الاحسان ان يعبد الله كانه يراه. فان لم يقوى على ذلك استحضر ان الله يراه ان تحتسب الاجر عند الله في طاعة الزوج وخدمته. وادخال السرور عليه. وخصوصا اذا كبر او مرض مع ما لها من الخير عاجل في ذلك. قال تعالى فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ونحوه. ويتأكد في حق الصائم ترك جميع المحرمات من اقوال وافعال. واذا سابه احد او شاتمه فليقل له زاجرا له ولنفسه اني امرؤ صائم. وينبغي للصائم الاشتغال بانواع العبادات. وان يؤخر السحور ويقدم المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله نور البصائر والالباب في احكام العبادات والمعاملات والحقوق والاداب. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله واصلي واسلم على محمد وعلى اله وصحبه. اما بعد فهذا كتاب مختصر في الاحكام والفقه في الاداب. واضح الالفاظ والمعاني قاص في المسائل التي يحتاج اليها كل احد. مقتصرا فيه على القول الصحيح. منبها على مأخذه من الكتاب والسنة راجيا من الله تسهيله ونفعه وبركته. كتاب الطهارة باب ما يتطهر به. انعم الله على عباده بطهارة الماء طهارة التراب وهي الفرع والبدل. فاما الماء فكل ماء غير متغير بالنجاسة فانه يتطهر به من النجاسات ومن الاكبر والحدث الاصغر. سواء نزل من السماء او نبع من الارض او تغير بشيء طاهر. او بقي على خلقته فمتى وجد الماء المذكور وجب استعماله في الطهارة كلها؟ فان كان الماء متغيرا لونه او طعمه او ريحه بالنجاسة فهو نجس لا يحل استعماله ولا يطهر الا اذا زال تغيره بنزح او غيره. فان عدم الماء او تضرر الانسان باستعماله لمرض او حاجة الى الماء عدل الى التيمم فينوي الطهارة ويقول بسم الله. ويضرب الارض مرة واحدة. يمسح بها جميع وجهه فيه ويكفيه وينوب مناب طهارة الماء في كل شيء. فصل في نواقض الوضوء. فما دام المتطهر على طهارته السابقة بالماء او بالتراب عند التعذر. لم يزل يستبيح جميع العبادات من صلاة وغيرها. حتى يوجد ناقض ينقض الطهارة. وذلك الخارج من السبيلين. وكذلك الدم والقيح الخارج من غير السبيلين اذا كثر. وكذلك النوم الكثير المستغرق للاحساس الا من قائم وقاعد. ومس الفرج بلا حائل. ومس الرجل للمرأة بلذة. واكل لحوم الابل. وتغسيل ميت وموجبات الغسل. باب صفة الطهارة. اذا قضى الانسان حاجته استجمر بثلاثة احجار ونحوها. وتجزيه اذا اقتصر عليها ولكن الافضل ان يستنجي بعدها بالماء. فاذا غسل ما عليه من النجاسة نوى بقلبه رفع الحدث او نوى الطهارة للصلاة ونحوها. ثم قال بسم الله ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا ثلاثة. ثم يغسل وجهه ثلاثة ثم يديه مع المرفقين ثلاثة. ثم يمسح رأسه يبدأ بمقدم رأسه الى قفاه. ثم يرد يديه الى المكان الذي بدأ منه ثم يمسح اذنيه ثم يغسل رجليه ثلاثا. فان اقتصر على غسلة واحدة او غسلتين في اعضائه جاز ذلك وغسل هذه الاعضاء الاربعة فرض فرضه الله في كتابه. وكذلك الترتيب بينها والموالاة. واما النية فانها شرط في جميع العبادات من طهارة وصلاة وغيرهما. فصل فان كان عليه خفاف من جلود او غيرها وقد لبسها وهو طاهر فله ان يمسحها بدل غسل الرجلين للمقيم يوم وليلة. وللمسافر ثلاثة ايام بلياليها. وذلك خاص الحدث الاصغر وان كان على بعض اعضاء طهارته جبيرة او خرقة او دواء مضطرا الى وضعها فله المسح على ذلك في الحدث الاكبر والاصغر حتى يبرأ ليس لذلك توقيت. فصل. فان كان عليه حدث اكبر كجنابة ونحو واراد التطهر غسل فرجه وما لوثه من الاذى. ثم نوى رفع الحدث الاكبر وقال بسم الله وتوضأ وضوءا كان ثم افاض الماء على رأسه ثلاثة. وغسل سائر جسده وغسل رجليه في مكان اخر. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله وهو الافضل والاكمل. والفرض المجزي من ذلك ان يغسل جميع بدنه. ولا يترك منه شيئا حتى الذي تحت الشعور الكثيفة والمواضع الخفية. باب الاشياء التي يتطهر لها. تجب طهارة الحدث الاكبر والاصغر للصلاة الطواف فرض ذلك ونفله ومس المصحف. فان كان عليه حدث اكبر لم يحل له ان يقرأ شيئا من القرآن ولا يلبث في المسجد الا بوضوء. فصل والحائض والنفساء حكمهما حكم الجنب فيما منع منه. وكذلك لا يحل لزوجها وطؤها. وتحل المباشرة دون الفرج. ولا يحل لهما ان يصوما ويقضيان الصوم لا الصلاة وليس للحي مدة ولا سن. بل متى وجدت المرأة الدم المعتاد جلست عن العبادات ونحوها. ومتى انقطعت انقطاعا بينا اغتسل الا ان تكون مستحاضة قد اطبق عليها الدم. او كانت لا تطهر الا وقتا لا يذكر. فانها تعمل بما اليه النبي صلى الله عليه وسلم تجلس عادة ايامها ان كان لها عادة. فان لم يكن جلست الدم الاسود دون الاحمر او الغليظ دون الرقيق او المنتن دون غيره. فان لم يكن لها تمييز جلست ستة ايام او سبعة ايام ثم اغتسلت وغسلت الدم. واجتهدت في ايقاف الدم ان قدرت ولا عليها ضرر. وصلت وتعبدت مع وجود هذا الدم انه ليس بحيض والله اعلم. كتاب الصلاة. فرض الله ورسوله على الامة خمس صلوات في اليوم والليلة. على كل مسلم مكلف الا الحائض والنفساء. ومن جحد وجوب الصلاة او تركها تهاونا وكسلا حكم بكفره. وجرى عليه ما جرى فعلى المرتدين. وللصلاة شروط تتقدمها. وهي الطهارة من النجاسات في البدن والثوب والبقعة والطهارة من الحدث ودخول الوقت واستقبال القبلة الا عند الضرورة. او النافلة في السفر فانه يصلي على ظهر مركوبه الى الجهة التي يقصدها. ومن شروط الصلاة ستر العورة الرجل من السرة الى الركبة. والمرأة الحرة البالغة تستر جميع على بدنها الا وجهها. ومن شروطها النية فينوي الصلاة ان كان فرضا. او نفلا معينا كالراتبة. فان كان النفل مطلقا غير معين كفاه نية الصلاة. باب صفة الصلاة المشتملة على الاركان والواجبات والسنن. ينبغي للمصلي ان يجتهد في صلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي. وكما ارشد امته الى ذلك. وذلك انه اذا قام الى الصلاة كبر تكبيرة الاحرام ورفع يديه الى حذو منكبيه ويضع يده اليمنى على اليسرى ويجعلهما فوق سترته او تحتها او على صدره تنظر موضع سجوده. ثم يستفتح ويتعوذ سرا. ويقول بسم الله الرحمن الرحيم سرا. ثم يقرأ الفاتحة ويقرأ بعدها سورة او بعض سورة يطيل في صلاة الفجر ويخفف في المغرب ويتوسط في بقيتها. ثم يرفع يديه حذو منكبيه. ويكبر للركوع فيضع يديه مفرجتي الاصابع على ركبتيه. ويجعل رأسه حيال ظهره ثم يقول سبحان ربي العظيم يكررها. وان قالها مرة واحدة اجزأت. ثم يرفع رأسه من الركوع ويقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد. ان كان اماما او منفردا. وان كان مأموما قال ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. ويقول الجميع ربنا ولك الحمد ملء السماوات والارض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ويرفع يديه الى حذو منكبيه عند الرفع من الركوع. وهكذا في كل ركعة يرفعهما عند الركوع. وعند الرفع منه ثم يهوي ساجدا على سبعة اعضائه. وجهه مع انفه وكفيه وركبتيه واطراف قدميه. ويقول سبحان ربي الاعلى يكررها. ثم يجلس بين السجدتين مفترشا رجله اليسرى. ناصبا رجله اليمنى. وجميع جلسات الصلاة يفترش هذا الافتراش الا في التشهد الاخير في الصلاة التي فيها تشهدان. فانه يتورك بان يجلس على الارض ويخرج رجله اليسرى من تحت رجله اليمنى. واليمنى على حالها منصوبة. ويقول بين السجدتين رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني. ثم يسجد الثانية كالاولى ثم يقوم للركعة الثانية فيصليها الاولى الا انه لا يكبر فيها للاحرام. ولا يستفتح ولا يستعيذ. فاذا جلس للتشهد قال التحيات الى قوله اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله. ثم يقوم ان كانت الصلاة ثلاثية او رباعية ويقرأ في الركعتين الاخيرتين بفاتحة الكتاب وحدها. ثم يجلس للتشهد الاخير ويصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم. ويتعوذ من عذاب جهنم وعذاب القبر. ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ويدعو في اخر صلاته بما احب من خير الدنيا والاخرة. فهذه الصفة الكاملة للصلاة. والاركان منها الركوع والسجود السجود والرفع منهما والقيام والقعود والطمأنينة فيها كلها. وتكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة. والتشهد الاخير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه والتسليمتان. والواجبات التي تسقط سهوا وجهلا ويجبرها سجود السهو التكبيرات كلها غير التحريمة. وسمع الله لمن حمده للامام والمنفرد. وربنا ولك الحمد للكل. وسبحان العظيم في الركوع. وسبحان ربي الاعلى في السجود. وربي اغفر لي بين السجدتين. والتشهد الاول والجلوس له وما سوى ذلك فانه سنن اقوال وافعال. لا تبطل الصلاة بتركه ولو عمدا. ولكنها تكون ناقصة بحسب ما ترك من مسنوناتها والله اعلم. فصل تبطل الصلاة بترك شيء من شروطها واركانها عمدا او سهوا او جهلا في حق العاجز. وتبطل بترك الواجبات عمدا. وتبطل بالقهقهة والكلام اذا تعمده الانسان وكان عالما وبالحركة الكثيرة عرفا اذا توالت وكانت لغير ضرورة. فان قلت لحاجة فلا بأس بها. وان كانت لغير حاجة كرهت وتقتل بالاكل والشرب فيها الا اليسير مع السهو او الجهل. فصل ويكره في الصلاة الالتفات في العتق ويجاهد قلبه عن ذهابه في الافكار والوساوس التي لا تفيده الا نقصان الصلاة. والله اعلم. فصل اذا ترك ركنا من اركان صلاته ولم يطل الفصل اتى به وبما بعده من الركعة. وسجد للسهو قبل السلام. وكذلك لو زاد في في صلاته ركوعا او سجودا او قياما او قعودا ناسيا او جاهلا فعليه السجود للسهو. كذلك لو شك في صلاته فيبني على اليقين وهو الاقل. ثم يسجد للسهو. باب صلاة الجماعة. قد اوجب الشارع على الرجال الصلوات الخمس في المساجد في جماعة وامر بتقديم الاحق بالامامة. الجامع بين العلم والقراءة والدين. ثم الامثل فالامثل. وامر الصفوف بالمناكب والاكعب. الصلاة في الجماعة مع وجوبها تزيد على صلاة الفذ بسبع وعشرين ضعفا. كلما كانت الجماعة اكثر فهو احب الى الله. وكلما بعد عن المسجد كان اعظم لثوابه. لكثرة الخطى في الذهاب والاياب بما يتبع العبادة من عبادات اخرى والله اعلم. فصل النوافل التي حث الشارع عليها الرواتب. اربع قبل ظهر وركعتان بعد الظهر وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء الاخرة وركعتان قبل الفجر. وصلاة الوتر من صلاة العشاء الاخرة الى طلوع الفجر. ان شاء اوتر بركعة او بثلاث او خمس او سبع او تسع او احدى عشر عشرة ركعة. فان كان له عادة يقوم من اخر الليل اخر وتره الى ذلك الوقت. والا اوتر قبل ان ينام. ومن النوافل المؤكدة صلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء عند وجود اسبابهما المعروفة. باب صلاة اهل الاعذار وهم والمسافر والخائف. فيصلي المريض المكتوبة قائما. فان لم يستطع صلى قاعدا. فان لم يستطع صلى على جنبه. فان لم يستطع صلى مستلقيا. ويومي عند ذلك بالركوع والسجود. ويجعل السجود اخفض من الركوع. فان لم يستطع صلى فان لم يستطع فبقلبه ومثل ذلك عند الحاجة. وقت العلاج للعين او لشق البطن ونحو ذلك. ومن سافر فله ان يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. في وقت احدى الصلاتين ويتبع الارفق له. ويسن له قصر الصلاة فيصليها ركعتين. وهو افضل من الاتمام. والمريض اذا احتاج الى الجمع بين الصلاتين فله ذلك ذات الخوف صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم بصفات كلها جائزة. باب صلاة الجمعة وهي اعظم صلاة وافضلها واوجبها ومن شروطها ان تكون في بلد يستوطنه اهله استيطان اقامة. وان يتقدمها خطبتان يشتملان على على الله ورسوله والوعظ والتذكير بقراءة ايات من كتاب الله. ومن شروطها. الوقت وهو من ارتفاع الشمس قيد رمز قمح الى اخر وقت الظهر. فان فات الوقت او ادرك المسبوق منها اقل من ركعة قضى بدلها ظهرا اربع ركعات صلاة الجمعة ركعتان. يقرأ في الاولى منها جهرا الفاتحة وسورة الجمعة. وفي الثانية الفاتحة والمنافقون. او السورتين سبح والغاشية. وينبغي الاغتسال لها وتبكير المأموم والتنظيف والتطيب لها. والاكثار من الذكر والدعاء فيها. والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وقراءة سورة الكهف في يومها. باب صلاة العيدين وهما من فروض الاعيان على الصحيح على الرجال المكلفين. وهي كصلاة الجمعة الا ان وقتها من ارتفاع الشمس الى قبيل الزوال وانها تقضى اذا فاتت من الغد او بعده في وقتها. وفي الركعة الاولى يكبر بعد تكبيرة الاحرام ستا زوائد. وفي الثانية بعد تكبيرة النهوض خمسة. ويخطب بعدها والخطبتان سنة. وينبغي اذا خرج من طريق ان يرجع من طريق اخر وان قبل الخروج لصلاة عيد الفطر ثلاث تمرات او خمسا او سبعة. اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. والمستحب ان ان تكون في الصحراء بخلاف الجمعة. باب احكام الميت والمريض. ينبغي للمريض ان يتوب الى الله فانها واجبة كل وقت وتتأكد في هذه الحال وان ينيب الى الله تعالى ويكثر من ذكره والتضرع اليه واحتساب الاجر والثواب عند الله ورجائي ان يختم له بخاتمة السعادة. وعيادة المريض من اكد الاعمال. ومن حق المسلم على اخيه. وتتأكد في حق القريب والصاحب ومن له حق عام او خاص. وتذكيره التوبة والوصية. وينبغي الا يطيل الجلوس عنده ولا يضجر بكثرة الاسئلة بل يراعي حاله. واذا احتضر سن تعاهد بل لحلقه. وتلقينه الشهادة. فاذا مات سن تغميضه عينيه وتليين مفاصله. والمبادرة في تجهيزه بالتغسيل والتكفين. والحمل والدفن وهذه فروض كفاية ينبغي ان يتولى تغسيله عارف باحكام الغسل. امين. ثم بعد تغسيله يكفن الرجل في ثلاث لفائف بيض. يلف في كل واحد واحدة منها ويجعل الحنوط على منافذه ومواضع سجوده وبين اكفانه. والمرأة تكفن في ازار ورداء وخمار ولفافتين ثم يصلى عليه. وينبغي ان يجتهد في كثرة المصلين عليه. ليحصل الثواب لهم وله. فيكبر عليه اربع تكبيرات يقرأ بعد التكبيرة الاولى الفاتحة سرا. وبعد الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم. وبعد الثالثة يدعو للميت. والاحسن بالدعاء الوارد. ويسلم بعد التكبيرة الرابعة تسليمة واحدة. ومن صلى عليها فله قيراط ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان من الاجر والثواب. ويجب في دفنه ان يستقبل به القبلة وينبغي ان يلحد له لحد مع الامكان. فاذا تم دفنه سن الوقوف عند قبره والدعاء له والاستغفار. وان يسأل الله فله التثبيت. ويعزى المصاب بالميت بما يناسب الحال. ويجب الصبر على المصائب. فلا يتسخط المصيبة لا بقلبه ولا بلسانه ولا بجوارحه والله اعلم. كتاب الزكاة. وهي احد اركان الاسلام. وهي فرض على كل مسلم صغير او كبير عاقل او غيره عنده مال زكوي كامل النصاب. وقد حال عليه الحول وذلك في اربعة اصناف احدها المواشي من الابل والبقر والغنم. اذا كانت للضر والنسل وبلغت نصابا. فنصاب الابل خمس وفيها اه ثم في كل خمس شاه. فاذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض. وهي التي تم لها سنة. وفي ست شايفين بنت لابون لها سنتان وفي ست واربعين حقة لها ثلاث سنين. وفي احدى وستين جذعة لها اربع سنين. وفي ست وسبعين ابنتا لبون. وفي احدى وتسعين حقتان. وفي احدى وعشرين ومائة ثلاث بنات لبون. ثم يستقر السن الاوسط في كل اربعين بنت لبون. وفي كل خمسين حقة. واما نصاب البقر فثلاثون فيها تبيع له سنة. وفي اربعين مسنة لها سنتان. ثم في كل ثلاثين تبيعة وفي كل اربعين مسنة. واما نصاب الغنم فاربعون فيها شاة. وفي مائة واحدى وعشرين شاتان. وفي مئتين وواحدة ثلاث شياه. ثم في كل مئة شاة. وما بين الفرضين في جميع هذه المسائل عفو لا شيء فيه فصل. واما النوع الثاني فهو الخارج من الارض من حبوب وثمار مكيلة مدخرة. ونصابها خمسة اوسق. وهي ثلاث مائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم. فتجب زكاتها اذا بلغت ذلك وقت الحصاد والجزاز. عشر كامل فيما سقي بلا مؤنة كالانهار والامطار. وما كان بعلا يشرب بعروقه. ونصف العشر اذا كان يسقي بمؤنة كالذي بالنضح والمكائن ونحوها. النوع الثالث والرابع زكاة النقدين وعروض التجارة. ونصابها خمس اواق من الفضة ومقدارها في الريال العربي ستة وخمسون ريالا. وما كان مقدارها من العروض. والعروض كل ما اعد للبيع والشراء لاجل الربح من حيوان واثاث وسلع وغيرها. حتى العقارات اذا قصد بها العروض. فاذا تم الحول قومها ما عنده من عروض التجارة وضمها الى ما عنده من النقد. واخرج من الجميع ربع العشر والله اعلم. وقد فرض صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من طعام او تمر او زبيب او او شعير. على الذكر والانثى والصغير والكبير والحر والرقيق. وامر ان تؤدى قبل صلاة العيد. وكان الصحابة يخرجونها قبل العيد بيوم او يومين فصل والمستحقون للزكاة هم الثمانية المذكورون في قوله تعالى والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وفي سبيل الله وابن السبيل. لا تصرف لغير هؤلاء المذكورين من طرق الخير واما البيت الذي يسكنه الانسان والعقار الذي يقتنيه والفرش والاواني التي يستعملها والحيوانات غير الابل والبقر والغنم فلا زكاة فيها. الا اذا كانت للتجارة فتزكى زكاة عروض والله اعلم. كتاب الصيام صيام رمضان احد اركان الاسلام ومبانيه. وهو فرض على كل مكلف قادر. فمن كان مريضا مرضا لا يرجى ويا له او كبيرا لا يستطيع الصيام بالكلية اطعم عن كل يوم مسكينا. ومن كان مريضا مرضا يرجى زواله او مسافرا فله الفطر في رمضان. ويقضي بعدده اياما اخر. ويجب الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس امس وهي الاكل والشرب والجماع ومقدماته والحجامة والقيء عمدا. وما سوى ذلك فلا دليل على الفطر به التاسعة والعاشر وثلاثة ايام من كل شهر. وينبغي ان تكون الثلاثة عشر والاربعة عشر والخمسة عشر والاثنين والخميس ويسن الاعتكاف في عشر رمضان الاخيرة. ليتجرد لعبادة الله. وليتحرى فيها ليلة القدر. وتتأكد في اوتار العشر. ومن صام رمضان وقامه وقام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. كتاب الحج وهو احد اركان الاسلام. ويجب على كل مكلف مستطيع السبيل في بدنه وماله في عمره مرة واحدة. وقد قال صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم. فعلينا الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما كان يقوله ويفعله في المناسك وذلك انه لما حج صلى الله عليه وسلم احرم هو والمسلمون من ذي الحليفة ووقت لاهل كل قطر ميقاتا لاهل نجد قرن المنازل ولاهل العراق ذات عرق ولاهل المغرب الجحفة ولاهل اليمن يلملم. وقال هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن. ومن كان دون ذلك فميقاته من اهله. حتى اهل مكة يهلون من مكة. ثم قال قال لاصحابه من شاء ان يهل بعمرة فليفعل. ومن شاء ان يهل بحجة فليفعل. ومن شاء ان يهل بعمرة وحجة يفعل. فلما قدموا وطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة امر جميع المسلمين الذين حجوا معه ان يحلوا من احرامهم ويجعل عمرة الا من ساق الهدي. فانه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله. فراجعه بعضهم في ذلك. فغضب وقال انظروا ما امرتكم به فافعلوه. وكان قد ساق الهدي فلم يحل من احرامه. وقال لو استقبلت من امري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة. ولولا ان معي الهدي لاحللت. فحل المسلمون جميعهم الا النفر الذين ساقوا الهدي منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وطلحة. فلما كان يوم التروية احرم المحلون بالحج وهم ذاهبون الى منى بات بهم تلك الليلة بمنى. وصلى بهم فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم سار بهم بعد طلوع الشمس الى عرفة على طريق ضب. فلما زالت الشمس خطب بهم وهو على راحلته. وبين لهم احكام الوقوف والدفع. وما يحتاجون في ذلك الوقت ثم نزل فصلى بهم الظهر والعصر مقصورتين مجموعتين. ثم صار والمسلمون معه الى الموقف بعرفة واستقبل قبلة ووقف تجاه الجبل واقر الناس على مواقفهم فلم يزل في الذكر والدعاء الى ان غابت الشمس. فدفع به الى مزدلفة فصلى المغرب والعشاء بعد مغيب الشمس قبل حط الرجال. حيث نزلوا بمزدلفة. وبات بها حتى طلع الفجر فجر فصلى بالمسلمين الفجر باول وقتها مغلسا بها زيادة على كل يوم. ثم وقف عند قزح وهو جبل مزدلفة الذي يسمى المشعر الحرام. فلم يزل واقفا بالمسلمين الى ان اسفر جده. ثم دفع بهم حتى قدم منى. فاستفتحها جمرة العقبة ثم رجع الى منزله بمنى فنحر هديه وحلق رأسه ثم افاض الى مكة فطاف طواف الافاضة وكان قد عجل ضعفة اهله من مزدلفة قبل طلوع الفجر. فرموا الجمرة بليل. ثم اقام بالمسلمين اياما من الثلاث يصلي بهم الصلوات الخمس مقصورة غير مجموعة. يرمي كل يوم الجمرات الثلاثة بعد زوال الشمس. يستفتح الاولى وهي الصغرى. وهي الدنيا الى منى والقصوى من مكة. ويختم بجمرة العقبة ويقف بين الجمرتين الاولى والثانية وبين الثانية والثالثة وقوفا طويلا. بقدر سورة البقرة فان المواقف ثلاث. عرفة ومزدلفة مختلفة ومنى. ثم افاض اخر ايام التشريق بعد رمي الجمرات هو والمسلمون. فنزل بالمحصب عند خيف بني فبات والمسلمون فيه ليلة الاربعاء. وبعث تلك الليلة عائشة مع اخيها عبدالرحمن لتعتمر من التنعيم ثم ودع البيت هو والمسلمون. ورجعوا الى المدينة ولم يقم بعد ايام التشريق. فاخذ فقهاء الحديث كاحمد وغيره بسنته في ذلك. انتهى ملخصا من كلام شيخ الاسلام رحمه الله. قال العلماء امور الحج تنقسم ثلاثة اقسام اركان اربعة وهي الاحرام والوقوف بعرفة والطواف والسعي. والواجبات التي يجبرها الدم الاحرام من الميقات والوقوف بعرفة الى غروب الشمس. والمبيت في مزدلفة الى جزء من النصف الثاني من الليل. والمبيت بمنى الليالي ايام تشريق ورمي الجمار مرتبا. والحلق او التقصير وطواف الوداع. وما سوى ذلك مسنونات مكملات. وخصوصا خصوصا الطلبية تبتدأ من حين الاحرام وتنتهي بالشروع في جمرة العقبة والله اعلم. كتاب المعاملات وهي اخذ واعطاء عوض. والاصل فيها الحل والاباحة. قال الله تعالى انت راض منكم. ولكثرة فوائدها الضرورية والكمالية. وسع الشارع حكمها. ولم يمنع منها الا ما فيه ضرر على الخلق في اديانهم واموالهم. ولهذا شرط فيها التراضي من الطرفين. وان يكون العاقدان جائزي التصرف وان تصرفا في ملكهما او فيما لهما عليه ولاية او وكالة. او يكون العوضان معلومين لا غرر فيهما. وان يكون العقل واقعا على الامور المباحة لا المحرمة. وحرم الشارع كل معاملة تشغل عن الواجبات او تدخل المتعاملين او احد لهما في محرم ونهى عن الغش بانواعه. اما بكسب العيوب او باظهار صفات ليست في المعقود عليه. واثبت في ذلك لا الخيار للمخدوع كما اثبت خيار المجلس تحقيقا لمنع الغرر والغش والخداع. ومنع من تلقي الجلب ومن النجش فصل العقد يفسد ويختل لفقد شرط من شروطه السابقة او لوجود مانع. ومن اعظم الموانع عقود الربا والربا ثلاثة انواع ربا الفضل في بيع المكيل بالمكيل من جنسه او الموزون بالموزون من جنسه. ويشترط في هذا شرطان التماثل في والوزن والقبض قبل التفرق. ولهذا نهي عن المزابنة. وهي بيع ثمر النخل بتمر الا في العرايا. وعن عاقلة وهي بيع الزرع المشتد في سنبله بحب من جنسه. لان التساوي مجهول. النوع الثاني ربا نسيئة. وهو بيع المكينة بجنسه او بغير جنسه بلا قبض لهما. او بيع الموزون بموزون من جنسه او غير جنسه كذلك. ويشترط القبض وضين قبل التفرق. واشد انواع هذا بيع ما في الذمة الى اجل. وسواء كان ذلك صريحا او بحيلة كالحيل التي وصلوا بها الى قلب الدين. النوع الثالث ربا القرض. وذلك ان القرض من افضل انواع الاحسان. وهو عقد احسان فاذا شرط فيه عوض او نفع خرج عن موضوعه وصار معاوضة. فكل قرض جر نفعا فهو ربا. ثم من نعمة سارعي على الامة حفظ عليهم اموالهم ومعاملاتهم بكل طريق. وامرهم بحسن المعاملة. وقال صلى الله عليه وسلم مطلب الغني ظلم. فاذا اتبع احدكم على ملي فليتبع. وشرع الوثائق التي فيها حفظ الاموال وهي الشهادة. بها ستحفظ الحقوق وتثبت والرهن والضمان والكفالة وفائدتها تحديد من عليه الحق بسرعة الوفاء. والاستيفاء منها اذا تعذر الوفاء لمطل او عدم او تغيب او موت. فصل. وجوز الشارع الصلح بين المتعاملين سواء حصل اقرار واعتراف بالحق او لم يحصل. فالصلح جائز بينهم الا صلحا يدخلهم في الحرام. ومخالفة نفت القواعد الشرعية وكذلك جوز جميع الشروط التي يشترطها احدهما على الاخر مما له فيها نفع ومقصود اذا لم تحل حراما او تحرم حلالا. ومصلحة ذلك ونفعه معلوم. فصل ويحجر على الانسان في ماله اذا كان في ذلك ضرر عليه. كالحجر على الصغير والسفيه والمجنون. قال تعالى ولا تؤتوا السفهاء آآ اموالكم التي جعل الله لكم قياما. وكذلك يحجر على المدين اذا كانت موجوداته ولا تفي بحقوق الغرماء. وطلبوا من الحاكم الحجر عليه ليستدركوا حقهم او بعضه. ومن حجر عليه وتصرف القولي والفعلي عن جاره ويحسن اليه ما استطاع. وينبغي ان يتساهل معه في حقوق الملك والجوار. والا يمنعه من الانتفاع بملكه الذي لا يضر كوضع الخشب على جدارة واجراء الماء في ارضه وما اشبه ذلك. ولا يحل له ان حدث في ملكه ما يضر بجاره ويمنع من ذلك واحق الجيران بالبر اقربهم بابا او نسبا. فصل ومن تيسير الشارع ان اباح التوكيل والتوكل في جميع المعاملات والحقوق. لما في ذلك من المصلحة. وسواء كان بجعل ان ام لا وذلك شامل للعقود كلها. والفسوخ والعبادات التي تدخلها النيابة دون ما لا تدخله النيابة الامور المتعلقة بنفس الانسان من صلاة وصيام ونحوها. ومن حلف ونذر ووفاء حق زوجة ونحوها من قسم ونحو فالوكالة نيابة جائز التصرف لمثله فيما تدخله النيابة. ومثل ذلك الولاية على اموال اليتامى والمجانين ونحو والنظر في الاوقاف والوصايا. فكل هذه جائزة للحاجة اليها. وجميع الامناء اذا تلف الشيء عندهم الى تعد ولا تفريط فلا ضمان عليهم. فان تعدوا او فرطوا في اداء الواجب بها ضمنوا. فصل والغ اصبو وهو الاستيلاء على مال الغير بغير حق. وهو من اعظم المحرمات. ويجب على الغاصب رد المغصوب ولو غرم على رده اضعافه. فان تلف ضمن المثلي بمثله والمتقوم بقيمته. وعليه اجرته مدة مقامه بيده ونماء المغصوب وكسبه لمالكه. وليس لعرق ظالم حق. فيلزم الغاصب بقلع غرسه وبنايته اذا لم يرضى صاحب الارض بالمعاوضة. واما غير الظالم كغراس المستأجر وبنيانه فانه مستحق الابقاء لكن يتفق هو ومالك الارض اما على ابقائه باجرة او يتملكه صاحب الارض بقيمته او بما اتفق عليه وجميع انواع الشركات في المعاملات جائزة بما فيها من الشروط. الا اذا شرط فيها شروطا تدخلها في الجهل والغرر. وكل من الشركاء اصيل عن نفسه. ووكيل عن الاخر. وكفيل عنه بما يلزمهما من متعلقات الشركة والزيادة الحاصلة في الاموال المشتركة للشركاء على قدر املاكهم. وكذلك النقص عليهم على قدر املاكهم ومن انواع الشركات المساقات على الاشجار والمغارسة عليها والمزارعة على الارض. فكل ما اتفق عليه تعاملان فيها مما لهما وعليهما. او لاحدهما او على احدهما فهو جائز. وهذا لا يحصى من كثرته وانما الممنوع فيها وفي غيرها الشروط التي تعود الى الغرر. فان الغرر ميسر وقمار. سواء دخل في المعاملات او في المغالبات. وانما اجاز الشارع المغالبة في مسابقة الخيل والركاب والسهام. ولو بجعل لما في ذلك من مصلحة التقوية على الجهاد. فمصلحتها راجحة على مضرتها. واما ما سواها من المغالبات بعوض فهو محرم وميسر والله اعلم. فصل. ويجوز عقد القراء والتأجير على جميع الاعيان المنتفع بها كمنافع الانسان من خدمة وعمل. وكالاراضي والدور والدكاكين والحيوانات والسلاح والاواني. والالات والاثاث على اختلاف انواعه والكتب وغيرها. اذا كان صادرا العقد من مالك او نائبه والاجارة معلومة. والنفع محررا مفهوما. وبهذا تكون عقدا. لان ما يملك المستأجر فيها المنافع التي وقع عليها عقد الاجارة. وله وان يؤجرها غيره او يعيره اياه. لانه مالك نفعها. واما المستعير فلان المعير محسن قد اباحه الانتفاع بنفسه فليس للمستعير ان يعيرها او يؤجرها الا باذن ربها. لانه لم يملك المنافع والعارية مستحبة وخصوصا عارية الامور المحتاج اليها. التي ليس على مالكها ضرر في ذلك. وخصوصا حواري الكتب الدينية والسلاح ليقاتل به الكفار. فان هذا النفع لا يعادله شيء. فصل. ومن كان في او حوزته بهيمة فجناياتها على الغير هدر. لقوله صلى الله عليه وسلم العجماء جبار الا فاذا كان غاصبا او بهيمة معروفة بالاذى اذا فرط صاحبها. او اتلفت في الليل. او كان صاحبها متصرف فيها او اطلقها بقرب ما تتلفه عادة. فانه متعد في هذه الصور وعليه الضمان. ومن صال عليه لسان او بهيمة دفعه بالاسهل فالاسهل. فان لم يندفع الا بالاتلاف اتلفه ولا حرج ولا ضمان عليه فصل. واذا باع احد الشركاء نصيبه من مشترك فان كان غير عقار فلا شفعة فيه. مع ان الاولى ان يعرض وعلى شريكه ويقدمه على غيره. وان كان عقارا فلشريك الاخر ان يشفع فيه فيأخذه بالثمن الذي وقع فيه العقد دفعا لضرر الشركة. ولا تسقط شفعته الا باسقاطها بعد علمه بقول او فعل دال على الرضا ولا يحل التحيل لاسقاط الشفعة باي حيلة تكون. ولا باسقاط حق لله او للعباد. والجار لا شفعة له لازمة لكن من الخير والمروءة ان يعرضه على جاره. ولا يبيع داره او يؤجرها الا لمن يرتضيه الجيران ران فصل. قال صلى الله عليه وسلم من احيا ارضا ميتة فهي له. ويحصل الاحياء بما يدل العرف على انه احياء. وذلك كحفر بئر فيها يصل الى الماء. او اجراء ماء الى الارض او تنقيتها من الاحجار ونحوها او منع المياه المستنقعة فيها التي لا يمكن احياؤها مع وجودها. او بناء بنيان عليها فهذه تفيد الملك واما التحجر بادارة الاحجار او الاشجار على الارض. او اقطاعها من امام او نائبه. فانه يكون احق بها ولا يملكها بمجرد ذلك حتى يحييها. ويمنع من التحجر الذي لا ينتفع به ويمنعها من الغير سبق الى شيء من المباحات كالاراضي والحطب والصيد والنقطة والجلوس في المساجد والطرق. ونحوها او سكن الاوقاف التي لا تحتاج الى ناظر يقوم فيها بنظره. فمن سبق الى شيء من المذكورات وغيرها فهو احق به من غيره فصل من قال من رد لقطتي او عبدي او اذن في هذا المسجد او ام فيه او درس في هذه المدرسة فله كذا فهذا جعالة تجوز على وجه العموم كهذه الامثلة. وعلى وجه الخصوص كان يقول لشخص معين ان فعلت شيئا من هذه فلك كذا. وهي اوسع من الاجارة لهذا يكون العمل فيها معلوما ومجهولا وتجوز على اعمال الخير والقرب كالحج والامامة ونحوها. فصل من وجد مال غيره ضائعا فهو لقطاء فان كان شيئا يسيرا لا تتبعه همة اوساط الناس كالصوت والرغيف ونحوه ملكه واجده بلا تعريف وان كان من الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالابل لا يحل التقاطها. وان التقطها لم يملكها تعريف وما عدا ذلك فله التقاته ولكن يعرفه حولا كاملا. فيقول من ضاع له شيء ونحوه ان لم تعرف ملكها واجدها. وان جاء من يدعي انها ملكه فان من وصفها وصفا يطابق ما هي عليه وجب دفعها اليه. كتاب الوقف والهبة والوصية. الوقف من الاعمال الصالحة الجاري اجرها ما دام نفعها. ولهذا يشترط ان يكون الموقوف على جهة من جهات البر الخاصة او العامة. وان يكون الموقوف عينا ينتفع بها مع بقاء اصلها كالعقارات والاواني والسلاح والحيوانات والمصاحف والكتب ونحوها. ويتبع فيها نص الموقف اذا كان على على وفق الشرع والا وجب تعديلها لتوافق المشروع. وعلى الناظر ملاحظة الوقف بالحفظ والتعمير بالمعروف فقبض الريع وتنفيذه على المستحقين والمعاملة عليه بالمساقاة والمزارعة والتأجير والمشاركة. وعليه ان شهد في اصلح الامور. ولا يحل بيع الموقوف الا اذا تعطلت منافعه بخراب او غيره. فيباع ويصرف ثمنه في مثله او بعض مثله. ويكون ذلك البدل وقفا بمجرد الشراء. واما الهبة فهي التبرع بالمال في حال الحياة والوصية التبرع به بعد الوفاة. او الامر بالتصرف فيه بعد الموت. وهما من طرق الاحسان ويتفائل الاحسان بحسب نفعه ومصلحته وعموم نفعه. والوصية تكون من الثلث فاقل لغير وارث. ومن كان عنده مال كثير وورثته اغنياء سن له ان يوصي بخمس ما له في اعمال البر التي يخرجها عن ورثته. ليتم الاجر والثواب. وينحسم الشر والنزاع بين الورثة المتعلقين بالوصايا. واذا كان قصده بر اولاده فلا يوصى بشيء بل يجعل ما له ميراثا بينهم على مواريثهم من كتاب الله. ولا عبرة بما اعتاده جمهور الناس من حصر وصية على الاولاد ثم على اولاد البنين فقط. فان هذا خلاف الشرع وخلاف العقل. وقد اضر بنفسه وبهم اذ تسبب لاحداث البغضاء والعداوة بينهم والاتكال عليها والكسل. ولا تنبغي الوصية لفقير له ورثة محتاجون. ومن عليه حقوق للناس وديون خالية من البينات. وجب عليه وجوبا مؤكدا ان يوصي فان لم يفعل فلا يلومن الا نفسه اذا بقي في قبره معذبا متحسرا معلقة روحه في دينه ويجب التعديل بين الاولاد في العطية. ولا يحل ان يفضل او يخصص بعضهم على بعض الا باذن الباقين وللاب ان يتملك من مال ولده ما لا يضره. وليس لاحد ان يرجع في عطيته اللازمة الا الاب فيما يعطيه لولده باب المواريث اذا مات الانسان بدأ من تركته بمؤنة تجهيزه. ثم يوفى ما عليه من دين. وذلك من رأس المال اوصى به او لا. ثم تنفذ وصيته ان كانت بالثلث فاقل لغير وارث. او اجاز الوارث الرشيد ما زاد على الثلث او لوارث. ثم يقسم الباقي على ورثته. سواء كانت اعيانا او ديونا او حقوقا او تبع ذلك والله اعلم. قال صلى الله عليه وسلم الحقوا الفرائض باهلها. فما بقيت لاولى رجل ذكر فالفروض التي ذكرها الله في كتابه يبدأ بها. ثم ان بقي شيء فلاقرب ما يكون من العصبة. فللزوج من زوجاته النصف ان لم يكن لها ولد صلب. او ولد ابن ذكر او انثى. منه او من غيره. وله الربع مع عدم ذلك وللزوجة او الزوجات نصف حاليه فيهما. وللام السدس مع الولد او اثنين فاكثر من الاخوة والاخوات. والثلث مع عدم ذلك وثلث الباقي في ابوين او احد الزوجين. وللجدة او الجدة المتساويات السدس مع عدم الام وللاب السدس مع الاولاد الذكور. والسدس فرضا والباقي تعصيب. اذا كان الولد انثى او اناثا بقي بعد الفرض شيء. ومع عدم الاولاد يكون عاصبا يرث المال كله. او ما بقي بعد الفروض. والجد حكمه حكم حكم الاب عند عدمه الا في العمريتين. فللام مع الجد ثلث كامل. والا مع الاخوة الاشقاء او لاب فيرثون مع الجد في المشهور من مذهب الامام. والرواية الثانية هي الصحيحة انهم لا يرثون مع الجد كما لا يرثون مع الاب. ولبنت الصلب او بنت الابن الواحدة النصف. وللثنتين فاكثر من المذكورات الثلثان وللاخ او الاخت من الام السدس. والاثنين فاكثر منهما الثلث. يستوي فيه ذكرهم وانثاهم. ولا يرثون الا في الكلالة اي اذا عدم الفروع مطلقا والاصول الذكور. واذا وجد اخوات لغير ام مع البنات او بنات الابن اخذ البنات فرضهن السابق وما بقي فللأخوات. فالاخوات الشقيقات او لاب مع البنات او بنات الابن عصبات فصل. والعصبة هم كل ذكر ليس بينه وبين الميت احد. او ليس بينه وبينه الا ذكور فيدخل في ذلك الفروع الذكور وان نزلوا. والاصول الذكور وان علوا. وفروع الاصول الذكور وان نزلوا وكذلك صاحب الولاء وجهاتهم على الصحيح خمس. البنوة ثم الابوة ثم الاخوة وبنوهم ثم الاعمام وبنوهم ثم الولاء. فان وجد من هؤلاء عاصب واحد اخذ المال كله. او ما ابقت الفروض. وان وجد دفنان منهم قدم الاقرب جهة على حسب الترتيب الذي ذكرنا. فان كانوا في جهة واحدة قدم الاقرب منزلة ثم ان استووا قدم الشقيق على الذي لاب ثم ان استووا من كل وجهة اشتركوا. فصل. فان كثرت الفروق وزادت على اصل المسألة عولت بين الجميع. وكان النقص بينهم على قدر فروضهم. وتأخذ سهامهم من اصلها فزوج واخت شقيقة وجدة من ستة وتعود الى سبعة. فان كان معهم اخ لام عالت الى ثمانية وان كان الاخوة اثنين فاكثر فالى تسعة. فان كانت الشقيقات ثنتين فاكثر فالى عشرة. وفي زوجة شقيقتين واخ لام من اثني عشر وتعول الى ثلاثة عشر. فاذا كان الاخوة اثنين فاكثر عالم الى خمسة عشر. فان كانت معهم جدة فالى سبعة عشر. فان نقصت الفروض عن اصل المسألة وليس فيها عاصب لا قريب ولا بعيد رد على اهل الفروض بقدر فروضهم. فجدة واخ من ام من اثنين. فان كان الابن اخوة اثنين فاكثر فمن ثلاثة. وفي بنت وبنت ابن من اربعة. فان كان معهما ام فمن خمسة. ولا تزيد وعلى ذلك لانها لو زادت سدسا لاستغرقت الفروض فلا رد. وان كان صاحب الفرض واحدا اخذ الجميع فصل. فاذا مات ميت وليس له من الورثة احد من اصحاب الفروض ولا العصبات. ورثه ذوي الارحام وهم بقية الاقارب الذين ليسوا بذي فروض ولا عصبة. كاولاد البنات واولاد الاخوات. واولاد الاخوة وبنات الاخوة وبنات الاعمام والعمات والاخوال والخالات والجد الذي من جهة الام. وصفة توريثهم ان ينزلوا منزلة من ادلوا به من اصحاب الفروض او العصبة فيقومون مقامهم لانهم عنه وبه ادلوا والله اعلم. فصل ولا يرث الحمل الا اذا خرج حيا بان استهل صارخا ويوقف نصيبه ان قسمت التركة قبل الوضع. فان خرج ميتا رد ما وقف له على بقية الورثة وان وقف له اقل رجع على الورثة ببقية حقه. ومن مات وقد طلق زوجته طلاقا بائنا. فان كان في مرض موته المخوف ورثت منه. وان كان الطلاق في الصحة او في مرض غير مخوف لم ترث. واما الرجعية اذا مات زوجها وهي في العدة ورثت واعتدت واحتدت. باب العتق وهو تحرير الرقبة وتخليصها من الرق وهو من افضل الطاعات وخصوصا عتق من لهم كسب ولا يخشى منهم الفساد. ويحصل العتق بالقول كقوله اعتقتك او حررتك ونحوه. وبالفعل كما لو مثل برقيقه فجدع يعض اعضاءه او حرقها او خرقها. فيعتق لذلك وبالملك كما لو ملك احدا من اصوله او من فروعه او من فروع اصوله فيعتق بمجرد دخوله في ملكه ويحصل العتق بالسرايا. فاذا اعتق جزءا من رقيقه عتق كله. وان كان مشتركا فاعتق احد الشركاء نصيبه عتق عليه كله ان كان موسرا. وغرم لشريكه حصته منه. وان كان معسرا عتق الجميع يسعى العبد بما يقابل نصيب الشريك الذي لم يباشر العتق بحسب العرف على الصحيح. ومن اعتق مملوكا بشيء مما نتقدم فله عليه الولاء وعلى اولاده بشرط كونهم من زوجة عتيقة او امة. فيرث المعتق ما خلفه العبد عتيق ان لم يكن له ورثة. وما ابقت الفروض ان بقي شيء. فان وجد له عاصب من النسب قدم على الولاء والله اعلم كتاب احكام الانكحة وهي كثيرة جدا. وسبب ذلك ان له احكاما في اوله واحكاما في استمراره واحكام يا من عند انتهائه. وكل منها يتفرع الى احكام كثيرة. فنذكر منها المهم. اما النكاح فانه من سنن المرسلين ومما حث الله ورسوله عليه لما فيه من الفوائد الضرورية والكمالية الدينية والدنيوية. وينبغي ان يختار ما طاب من النساء وكمل دينها وحسنت ادابها وشرف بيتها. فان حصل مع ذلك الجمال وبقية الصفات المقصودة فهو اكمل. ولذلك ينبغي قبل الخطبة ان ينظر الى من اراد تزوجها. او يصفها له من يثق به. ليكون على بصيرة من امره ولا يحل له ان يخطب على خطبة اخيه حتى يأذن او يرد. فصل. ولابد للنكاح من الايجاب وهو اللفظ الصادر من الولي او نائبه. كقوله زوجتك فلانة ومن القبول وهو اللفظ الصادر من الزوج او يقوم مقامه كقوله قبلت نكاحها ونحوه. ولابد من الرضا وعدم الاكراه لكل منهما. الا للولي المجرم كالاب الذي يجبر البكر الصغيرة. ولابد من الولي. وهو الاب ثم الاقرب فالاقرب من العصبات البالغين المرشد وان تأذن له بالقول ان كانت ثيبة. وبه او بالسكوت ان كانت بكرا. ولابد من الشاهدين عند عقده من تعيين الزوجة باسمها او صفتها التي تميزها. فاذا تم العقد وحصل الدخول فينبغي ان يأخذ بناصيتها ويقول اللهم اني اسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه. واعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه. وعند الوقاع يقول بسم الله. اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. وينبغي تخفيف الصداق مع موافقتها موافقة وليها. والا فلابد له ان يعطي في الصداق ما يعطي امثاله في بلده. فان الصداق وما يتبعه والنفقة من طعام وكسوة مرجعها الى العرف الجاري بين الناس. الا مع الاتفاق والرضا على اقل او اكثر. والوليد على عقد الزواج مستحبة بحسب حال الزوج يسارا واعسارا. والاجابة اليها واجبة والى باقي الدعوات سنة وعلى الناس في الولائم والدعوات ونحوها سلوك طريق الاقتصاد واجتناب الاسراف. فصل والمحرمات من الفروع وان نزلن والاصول وان علون وفروع الاب والام وان نزلن. وفروع الاجداد والجدات لصلبهم فقط فالقرابات كلهن حرام الا بنات العم وبنات العمات وبنات الاخوال وبنات الخالات. ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب من جهة المرضعة وصاحب اللبن. واما من جهة اقارب الراضع فلا يدخل في التحريم الا ذرية فقط. واما المحرمات بالصهر فاذا تزوج الرجل انثى حرمت على ابنائه وان نزلوا. وعلى ابائهم وان علوا وحرم على المتزوج امهات زوجته وان علون. وبناتها من غيره وان نزلن. بشرط ان يدخل بها في الاخيرة وحكم الرضاع في ذلك حكم النسب. هؤلاء الاقسام الثلاثة يحرمن على التأبيد. فصل. واما المحرمات الى امد فهي اخت الزوجة وعمتها وخالتها او من هي عمتها او خالتها بنسب او رضاع ولا تحل المعتدة والمستبرأة من الغير حتى تنقضي عدتها. ولا يحل التعريض ولا التصريح بخطبة المعتدة الرجعية واما البائن فيحل التعريض ويحرم التصريح لها بالخطبة. وتحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب. ولا تعقد النكاح في حال احرام الرجل او المرأة. وتحرم مطلقته ثلاثا حتى تنقضي عدتها وتتزوج غيره بنكاح صحيح غير نكاح التحليل. فانه حرام لا يفيد الحل. ويطأها الزوج الثاني. ثم اذا رغب عنها وطلقها وانقضت عدتها حلت للاول. ولا يحل للمسلم نكاح الكافرة الا اليهودية او النصرانية. ولا كافر نكاح المسلمة على كل حال. فصل. قال صلى الله عليه وسلم ان احق الشروط ان توفوا به ما استحللتم به الفروج متفق عليه. فكل شرط شرطه احد الزوجين على الاخر فانه صحيح يجب الوفاء به. الا الشغار بان يزوج كل منهما الاخر موليته بشرط ان يزوجه الاخر ولا مهر بينهما. والا نكاح تحليل الذي يقصد به حلها لمطلقها ثلاثة. والا نكاح المتعة بان يتزوجها الى مدة ثم يفارقها فهذه شروط فاسدة مفسدة للنكاح. وما سواهما مما لهما او لاحدهما فيه مقصود صحيح فانه صحيح لازم. فصل. ويلزم كل واحد من الزوجين عشرة الاخر بالمعروف من الصحبة الجميلة. وكف عنه واحتمال الهفوات. قال صلى الله عليه وسلم لا يفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها اخر وعلى المرأة احتمال ما يرد عليها من زوجها وخدمته بالمعروف وينبغي ان تتشرف له وتتجمل خصوصا في اوقات الفراغ من مهنة البيت. والا يقع بصره منها على ما يكره. وعليها ان تطيعه وتقدم طاعته على طاعة ابويها ان تعذر الجمع ورضا الطرفين. ولا تخرج الا باذنه. ولا تاذن في بيته لاحد الا باذنه. وينبغي فصل وعليه ان يعدل بين زوجاته في القسم. وكذا على الصحيح في النفقة والكسوة وتوابعها. واما المحبة وما يتبعها من الوطء فلا يجب لانه لا يستطيعه ولا يملكه. ومن تزوج زوجة بكرا اقام عندها سبع ليال بايامها ثم عاد الى القسم وان كانت ثيبا اقام عندها ثلاثا ثم قسم. وان شاءت قسم لها سبعا وقسم مثلها لبقية لزوجاته ومن عصت زوجها ونشزت وتركت طاعته الواجبة بلا تقصير منه سقط حقها من القسم والنفقة حتى ترجع رجع الى طاعته ويقومها بالوعظ والتذكير لها. بما يجب من حقه. فان اصرت هجرها. ثم ان تمردت فله ان يضربها ضربا غير مبرح. واذا تعذرت الملاءمة بينهما فلها ان تخالعه وتفتدي منه بما يتفقان عليه من قليل او كثير فان خلعها كان ذلك فسخا بائنا لا ينقص به عدد الطلقات. ومثل ذلك من فسخها الحاكم بموجب كتقصيره فيما يجب من نفقة او وطئ او حضور من سافر. اذا روجع في ذلك وليس له عذر شرعي الفسوخ كلها لا ينقص بها عدد الطلاق. ويكون ذلك بائنا. الا انه ليس كالطلاق الثلاث. بل يحل ان يتزوجها بنكاح جديد برضاها وولي وشهود ولو في عدتها. لان العدة لمبينها او للمكسوخة منه واما الطلاق فقد اباحه الله تعالى. وخصوصا عند الحاجة اليه. فان لم يحتج اليه فينبغي للزوج ان يصبر على زوجته خصوصا اذا كان لها اولاد منه. فان من الصبر عليها خيرا كثيرا في الدين والدنيا. وعواقب حميدة. واذا بدا له طلاقها طلقها طلقة واحدة في طهر لم يطأها فيه. ولا يحل له ان يطلقها وهي حائض. او في طهر قد وطئها فيه الا ان تكون صغيرة لم تحض او ايسة من الحيض. او حاملا قد استبان حملها. فلا بأس بطلاقها. لانها حينئذ تشرع في عدتها من طلاقه. وذلك بوضع الحمل ان كانت حاملة. وبثلاثة اشهر للايسة ولمن لم تحض لصغر نحوه. واما من تحيض فعدتها ثلاث حيض كاملة. ولا يعتد بالحيضة التي طلقها وهي فيها. ولهذا حرم طلاقها في الحيض كما تقدم ولها النفقة في مدة العدة وحكمها حكم الزوجات في كل شيء من الاحكام الا في القسم. واما مطلقة ثلاثا والبائن بفسخ من الفسوخ فلا نفقة لها ولا سكنى. وعدة المتوفى عنها زوجها وضع الحمل ان كان كانت حاملة فان لم تكن حاملة فعدتها اربعة اشهر وعشر. وعليها في مدة العدة الاحداد. وهو ترك ما يدعو اليها ويرغب الرجال فيها من الطيب والحلي. وثياب الزينة والتحسين بالحناء ونحوه. وعليها لزوم المسكن لا تخرج منه في مدة العدة الا اذا احتاجت في النهار لا في الليل. فصل. ومن شك في الطلاق او في عدده لم يلزمهما شك فيه واستصحب العصمة. ومن علق طلاق زوجته بزمن او وجود شيء صح التعليق. ولم تطلق حتى يجيء المعلق عليه وهي في عصمته. ويصير الفراق بائنا في ست صور. اذا مات الزوج واذا فسخت منه لموجب واذا كان الطلاق على عوض واذا كان الطلاق بالثلاث واذا طلق قبل الدخول واذا طلق في نكاح سلاح فاسد فصل. واذا ظاهر الزوج من زوجته او حرمها فقد فعل منكرا من القول وزورا. وعليه الكفارة قبل المسيس عليه عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. فان لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. فاذا تكفر حلت له. واما من حرم غير زوجته من طعام او شراب او كسوة او امة او غيرها. فعليه لذلك كفارة يمين. واذا حلف الا يطأ زوجته ابدا او مدة تزيد على اربعة اشهر فهو مؤل فان طلبت الزوجة منه الوطء الزم بذلك. وضرب له اربعة اشهر فان وطئها فقد فاء. وعليه كفارة يمين. وان مضت ولم يطأ وهي مقيمة على دعواها امر بالوطء. فان امتنع اجبر على فراقها فان امتنع طلقها منه الحاكم ومن قذف زوجته بالزنا حد للقذف ثمانون. الا ان يقيم البينة اربعة رجال. فيقام عليها الحد او يلاعن بان يشهد عليها خمس مرات انها زانية. ويلعن نفسه في الخامسة ان كان من الكاذبين. اما على الصحيح او التعزير ان تشهد خمس شهادات بالله انه لمن الكاذبين. وتزيد في الخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين. ثم تحصل الفرقة المؤبدة وينتفي بذلك الولد الذي نفاه ولاعن على ذلك الولد للفراش الا باحد امرين اما اللعان واما عدم الامكان. بان تأتي به لاقل من ستة اشهر من زوجه بها ويعيش او بعد فراقه في مدة يعلم انه ليس منه. فصل ونفقة القريب الفقير واجبة على قريبه الموسر بهذين الشرطين. غنى المنفق وفقر المنفق عليه. وكون المنفق وارثا للمنفق عليه اذا كان من الحواشي. واما الاصول والفروع فلا يشترط غير الشرطين الاولين. وعليه نفقة مماليكه من الادميين والبهائم وان يقوم بكفايتهم ولا يكلفهم من العمل ما لا يطيقون. باب الجنايات على النفوس القتل ثلاثة اقسام. احدها العمد العدوان. وهو ان يقصد الجاني المجني عليه المعصوم بجناية تقتل غالبا فيخير اولياء المقتول بين قتله ان كان مكافئا له في الاسلام والحرية وبين اخذ الدية وهي مائة بعير للذكر ونصف وصفها للانثى والثاني شبه عمد. وهو ان يقصده بجناية لا تقتل غالبا. والثالث الخطأ المحض. فهذان قسمان فيهما الكفارة في مال القاتل. وهي عتق رقبة. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. والدية على عاقلته وهم ذكور عصبته. قريبين او بعيدين. وتوزع بينهم على حسب غناهم وقربهم. كل عام يحل منها ثلث الدية ولا قصاص في هذين القسمين. فصل وحكم اتلاف الاطراف حكم اتلاف النفوس في وجوب القصاص في العمل العدوان وعدم القصاص في غيره. ولكن يشترط في القصاص المساواة في الاسم والموضع. وكذلك الجروح التي تنتهي الى حد او مفصل فيها القصاص لامكان المساواة. والا فلا قصاص فيها. واما ديات الاعضاء والجروح فما في الانسان منه شيء واحد كالذكر واللسان والانف ففيه دية كاملة. وما فيه شيئان كاليدين والعينين ونحوهما ففيهما دية كاملة وفي احدهما نصفها. وما فيه ثلاثة كالمنخرين مع الحاجز ففيها دية كاملة وفي احدها ثلثها وما فيه اربعة كالاجفان ففيها دية كاملة وفي احدها ربعها. وما فيه عشرة كاصابع اليدين والرجلين ففي هادية كاملة وفي كل واحد منها عشرها. وفي الموضحة خمس من الابل وفي الهاشمة عشر من الابل. وفي مقالة خمسة عشر من الابل. وفي المأمومة والجائفة ثلث الدية. ويستوي الذكر والانثى فيما يوجب دون ثلث الدية. فاذا فبلغت الثلث كانت الانثى على النصف من الرجل. وما سوى ذلك من الاطراف والجروح التي لا مقدر لها ففيها حكومة منافع كالسمع والبصر والشم والذوق واللمس. ومنفعة الاكل والبطش والمشي والنكاح. وغيرها في كل واحدة منها اذا بني عليه فذهبت دية كاملة. فلو جني عليه فذهب منها عدة منافع فلكل واحدة دية كاملة والله اعلم اعلم باب الحدود لا تجب الحدود الا على مكلف ملتزم عالم بالتحريم. واقامتها حق لله ونكال للمجرمين ومنع لهم ولغيرهم من الوقوع في مثلها. فمن زنا بلا شبهة حاصلة له. وشهد عليه اربعة رجال عدول وصرحوا بحقيقة الزنا او اقر على نفسه اربع مرات رجم بالحجارة حتى يموت اذا كان محصنا وهو الذي قد تزوج ووطأ زوجته. وان كان غير محصن جلد مائة جلدة. وغرب عاما عن وطنه. ومن قذف غيره بالزنا ولم يثبت ذلك باربعة شهود. او باقرار المقذوف جلد ثمانين جلدة. وان قذفه بغير الزنا كالكفر والفسق ونحوه عزر تعزيرا يردعه وغيره عن الوقوع في اعراض الناس. ومن شرب الخمر وهو كل شراب مسكر حد ثمانين جلدة. ومن سرق من حرز نصابا لا شبهة له فيه. وهو ربع دينار فاكثر قطعت يده من مفصل للكوع وحسمت وجوبا في زيت. او ودك مغلي لتنسد العروق. فصل والمرتد عن الاسلام يستتاب فان تاب والا قتل. والردة تكون بالشك والتكذيب. كالشك والتكذيب بالاصول الستة. الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. وتكون بتكذيب الله ورسوله في كل خبر ثبت بالنص والاجماع القطعي. بل وكل خبر علم الانسان ثبوته عن الله ورسوله وكذبه فهو كافر. وتكون بالفعل كان يعبد فغير الله مع الله بان يصرف نوعا من العبادة لغير الله من المخلوقين. واذا كان الشرك كفرا اكبر يخلد صاحبه في نار فالمستكبر عن عبادة الله والجاحد والزنديق والمنافق اعظم واتم. فالكفر في الحقيقة ضد الايمان فمن لم يأت بالايمان الكافي فهو كافر او مرتد. واما اهل البدع ففيهم تفصيل يرجع الى هذه الضوابط المذكورة في هذا المختصر والله اعلم. فصل قال تعالى الله ورسوله يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان قتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف. او تقطع مع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينثوا من الارض. الاية هذه العقوبة مرتبة على قطاع الطريق بحسب جرائمهم. فمن قتل منهم واخذ مالا قتل وصلب حتى يشتهر خزيه. ومن قتله ولم يأخذ مالا قتل. ومن اخذ مالا قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى. ومن اخاف الناس نفي من الارض لزوال فان تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حقوق الله واخذوا بحقوق الادميين. كتاب الاطعمة الاشربة الاصل في هذه الانواع الثلاثة الحل. فلا يحرم منها الا ما حرمه الله ورسوله. ولهذا انكر تعالى على من حرم منها ماله لم يحرمه في قوله فالاطعمة كلها حلال حيوانات البحر كلها والخارج من الارض من حبوب وثمار وغيرها. والحيوانات البرية الا كل ذي ناب من السباع. وكل ذي مخلب من الطير والخبائث. وما فيه ضرر كالسميات ونحوها. وما امر الشارع قتله وما نهى عن قتله والحمر الاهلية. والبغال والنجاسات الاصلية العارضة. كالجلالة التي اكثر علفها النجاسة فيحرم لحمها ولبنها وبيضها حتى تمنع اكل النجس. وتأكل الطاهر ثلاثا فحينئذ تطهر وتحل ومن شروط حل الحيوانات البرية ان يذبحها مسلم او كتابي ويذكر اسم الله. وينهر الدم بمحدد غير السن والظفر والعظام ويقطع الحلقوم والمريء. ان كان مقدورا عليه. فان كان معجوزا عنه كالابل اذا شردت وعجز عنها كالصيود فان دكاتها رميها مع ذكر اسم الله. او اصابتها في اي موضع من جسدها. فان ادركها بعد رميها ميتة انحلت وان ادركها وفيها حياة مستقرة فلابد من زكاتها. وما اصابه سبب الموت من من خنقة ومنقوذة ومتردية ونطيحة واكيلة سبع ان ماتت من ذلك السبب فهي ميتة. فان ادركت حية وزكيت حلت. والطيور الطيور والكلاب المعلمة اذا ارسلها صاحبها على الصيد. وذكر اسم الله عليها حلت. واما الجراد فحكمه حكم حيوانات البحر لا تحتاج الى تزكية والله اعلم. فصل والاشربة كلها حلال مفردة او مركبة الا المسكرات والاشربة الخبيثة النجسة. وكذلك الاكسية من ثياب وغيرها كلها حلال. سوى الحرير للرجال والذهب والفضة للرجال وسوى ما فيه تشبه الرجال بالنساء. وعكسه وسوى ثياب الفخر والخيلاء والله اعلم. باب الايمان والنزول من حلف بالله تعالى او بصفة من صفاته على شيء ان يفعله او لا يفعله. انعقدت يمينه اذا كان غير مكره. فان سممها ولم يحنث فلا كفارة عليه. وان حنث فعليه كفارة يمين. اما عتق او اطعام عشرة مساكين او فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام. ويخير في الكفارة بين ان يقدمها على الحنف. او يؤخرها عنه وينبغي حفظ يمينه بالا يحنث فيها الا اذا حلف على ترك خير او على فعل محرم او مكروه فلا يجعل يمينه مانعة له من فعل الخير او ترك الشر. بل يكفر ويفعل الخير ويترك الشر. وهذا معنى قوله تعالى لا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس وقوله صلى الله عليه وسلم واذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فاتي الذي هو خير وكفر عن يمينك ولغو اليمين الذي لا اثم فيه ولا كفارة هو قول الانسان في عرض حديثه لا والله بلى والله من غير قصد او يحلف على ماض يظنه كما قال فتبين خلاف ما قال. واما من حلف على امر ماض وهو يعلم ان انه كاذب وخصوصا اذا اقتطع بها مال امرئ مسلم فهو اليمين الغموس. الموجبة لغضب الله وعقابه. فاصبر وعقد النذر على قسمين. احدهما ان يعقده نذرا صحيحا ينذر طاعة لله. كصلاة وصيام وعتق صدقة وغيرها غير معلق. او يعلقها على حصول نعمة او دفع نقمة. ثم يتم له مراده. فهذا يجب عليه الوفاء بنذره. فمن نذر ان يطيع الله فليطعه. الثاني النذر الذي يجري مجرى اليمين. وذلك بقية اقسام النذر كالنذر المباح او المحرم ونذر اللجاج او الغضب. فهذا اذا حنث عليه كفارة يمين. واختار شيخ الاسلام ابن تيمية ان الحلف بالطلاق والعتق والظهار ونحوها يجري مجرى اليمين بالله تعالى. فيها الكفارة فقط لا الوقوع وانها داخلة في مسمى الايمان. والمفتى به عند الحنابلة وغيرهم من ارباب المذاهب الاربعة. الوقوع للطلاق العتق والظهار بمنزلة التعاليق المحضة والله اعلم. باب القضاء والدعاوى والشهادات. نصب القضاة فرض كفاح اية بقدر ما يحصل بهم المقصود. ويشترط ان يكون القاضي عالما بالاحكام الشرعية. ويحسن تطبيقها على الامور الجزئية الواقعة ويجب عليه العدل بين الخصوم في كل شيء. ولا يحكم بعلمه الا في الامور التي يقر بها احد الخصمين. او تبين له في مجلس حكمه. واذا تداعيا عين او ادعى احدهما على الاخر دينا او ادعى من عليه الدين انه ابرأه او قضاه ونحوه فعلى المدعي البينة وهي في الاموال وتوابعها رجلان مرضيان او رجل وامرأتان او رجل ويمين المدعي وظاهر الدليل يقتضي ان المرأتين في حكم الرجل في جميع الشهادات. فان لم يكن له بينة حلف المدعى عليه وصرف الحاكم المدعي عنه. وان كانت العين بيد احدهما فهي له بيمينه. واذا تشابهت الامور على الحاكم عمل بالقرائن المرجحة فان تعذر عليه فعليه بالصلح العادل الذي لا يميل فيه على احدهما. بل يحث كلا منهما على السماح عن حقه او بعضه ان كان له حق. ويذكر له فضل ذلك وثوابه. وانه مع عدم ذلك يتعذر البت فيها. فصل في الشاهد البلوغ والعقل والعدالة. والا يكون يتهم في احدهما او على احدهما كالاصول والفروع. واحد الزوجين للاخر والسيد او العبد لسيده. والعدو على عدوه. فان جهل الحاكم عدالة الشاهد فلابد من المزكين له وان ارتاب الحاكم من الشاهد عمل الاسباب التي يمتحن فيها صدق الصادق وكذب الكاذب. ولحذاق الحكام في هذا هذا من الفطنة والفراسة امور عجيبة نافعة لهم وللناس. فصل والمال المشترك والعين والارض والدار المشتركة اذا طلب احد الشركاء قسمتها ولا ضرر في ذلك اجيب الى القسمة. فان كان في قسمتها ضرر ولم يتفقا على التأجيل ولا على المهايئة بالمكان او الزمان او النفع بيعت عليهما. وقسم الثمن على قدر الاملاك. كما يجبر الشريك على المجاراة في التعميرات اللازمة. فصل. ومن اقر لغيره بعين او دين او حق من الحقوق وهو جائز التصرف ثبت ما اقر به على الوجه الذي اقر به. اذا صدقه المقر له والله اعلم. باب الاداب المتنوعة والحقوق. فصل كن في حق الله. اما اعظم الحقوق على المكلفين واوجبها فهو حق الله. وعقد ذلك ان نعلم ونعترف بما لله من الكمال والوحدة وما له من الحقوق على عباده من الاخلاص والعبودية. فعلينا ان نؤمن ان الله تعالى هو الرب الخالق الرازق المدبر المتوحد بصفات الكمال وغاية الجلال والجمال. الذي لا يحصي احد ثناء عليه. بل هو كما اثنى على نفسه. وان نصفه بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. وننزهه عما نزه عنه نفسه ونزهه عنه رسوله اعلم ان الله ليس كمثله شيء في ذاته ولا في اسمائه ولا في صفاته. وان ما قاله حق وصدق لا ريب فيه. ثم نقوم وبعبادته التي شرعها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مخلصين له الدين. فهذا مجمل حقه على العباد. وقد اعتنى علماء السلف في تفاصيل هذه الجملة العظيمة. فليطلب هناك. فصل في حق الرسول. ثم بعد حق الله علينا حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. الذي هو اولى بنا من انفسنا ووالدينا. وارحم بنا واشفق علينا من جميع الخلق. ولم يصل الينا من الهدى والعلم والخير شيء الا على يديه. هو الذي وجدنا ضالين فهدانا الله به. واشقياء غاوين فاستنقذهم الله به ووجدنا موجهين وجوهنا الى كل كفر وفسق وعصيان. فوجهنا الله به الى كل خير وطاعة وايمان. لم يكن خير الا دلنا عليه ولا شر الا حذرنا عنه. فله علينا ان نعلم انه رسول الله حقا. وانه خاتم النبيين لا نبي بعده وانه ارسل رسالة عامة للمرسل اليهم وعامة في المرسل به. فاما المرسل اليهم فانه مرسل من العرب وغيرهم من اصناف الامم. على اختلاف انواعهم واجناسهم والى الجن. واما ما ارسل به فانه ارسل ليبين للخلق اصول دينهم وفروعه وظاهره وباطنه. لاصلاح العقائد والاخلاق والاعمال ولصلاح الدين وصلاح الدنيا. ونعلم انه اعلم الخلق واصدقهم وانصحهم واعظمهم بيانا. واعرفهم بما يصلح للخلق على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم. فعلينا ان نؤمن به كما نؤمن بالله ونطيعه كما نطيع الله ونقدم محبته على انفسنا ووالدينا والناس اجمعين وعلينا ان نتبعه في كل شيء. ولا نقدم على هديه وقوله قول احد وهديه كائنا من كان. وعلينا ان نوقره نعظمه وننصره وننصر دينه بانفسنا واموالنا والسنتنا. وبكل ما نقدر عليه وذلك كله من اعظم منن علينا ونؤمن بان الله جمع له من الفضائل والخصائص والكمالات. ما لم يجمعه لاحد غيره من الاولين والاخرين فهو اعلى الخلق مقاما واعظمهم جاها. واقربهم وسيلة واجلهم واكملهم في كل فضيلة. وحقوقه صلى الله عليه وسلم كثيرة قد افردت فيها المؤلفات الكثيرة. فصل في حقوق اهل العلم. اعظم الحقوق الواجبة بعد حق الرسول حقوق العلماء المعلمين الذين هم الواسطة بين الرسول وبين امته في تبليغ دينه وبيان شرعته. الذين لولاهم لكان الناس كالبهائم حقوقهم على الامة اعظم من حق الاباء والامهات. فانهم ربوا ارواح العباد وقلوبهم بالعلوم النافعة والمعارف الصحيحة الامة في اصول دينهم وفروعه. وهم المرجوع اليهم في احكام الحقوق والمعاملات. كما انهم المرجوع اليهم في امور العبادات بهم قام الكتاب والسنة وبهم اتضح الحق من الباطل والهدى من الضلال والحلال من الحرام والخير من الشر والصلاح من الفساد. وهم في ذلك على مراتبهم طبقات بحسب ما قاموا به من العلم والتعليم والنفع الكثير او القليل حقهم على الامة كبير ومقامهم جليل. فعلى الناس ان يحبوهم ويجلوهم. ويوقروهم ويعترفوا بفضائلهم ويشكروهم على ذلك غاية الشكر. ويدعوا لهم سرا وعلنا. ويتقربوا الى الله بمحبتهم والثناء عليهم. وينشر ومحاسنهم ويغض القلب واللسان عن مساوئهم التي اذا وجدت اضمحلت في جنب محاسنهم. وعليهم ان ينتهزوا الفرصة في وجودهم فيغترفوا من معين علمهم ويسترشدوا بنورهم. ويعملوا جميع ما يقدرون عليه من الاسباب التي تريحهم وتفرغهم لما هم من مهامتهم التي هي اعظم المهمات على الاطلاق من تعليم الطلبة المستعدين والتجرد لهم ومن ارشاد عوام ومن الفتاوى الصادرة منهم والواردة عليهم. ومن استعدادهم للحكم في قضايا الخلق وفصل خصوماتهم. الى فغير ذلك مما لا يحصى مما هو متوقف عليهم. والناس مضطرون اليهم وحقوقهم على وجه التفصيل لا يمكن عدها فصل في حقوق الائمة. ثم بعد حقوق العلماء المعلمين المرشدين يجب القيام بحق الائمة. وخصوصا الائمة العادلين من امراء المسلمين وملوكهم وولاة امرهم. فان الله امر بطاعتهم في قوله اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي وهم العلماء والملوك. وقال صلى الله عليه وسلم من يطع الامير فقد اطاعني. ومن اجلال الله اجلال السلطان المقسط. وهو احد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله. والملوك هم الذين اذا صلحوا صلحت الرعية واذا فسدوا فسدت الرعية وبهم قيام الدين والالزام بجميع شعائر الدين واقامة الحدود ردع المفسدين وبهم امنت السبل. لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل. وكان اضعفنا نهبا لاقوانا. وبهم قام الجهاد بالعلم والحجة والبرهان وبالسلاح والسيف والسنان. فكم لهم من الاثار الخيرية فحقهم عظيم على جميع الرعية. عليهم النصح لهم في كل ما يقدرون على نصحهم. واعانتهم على مهماتهم. واعتقاد ولايتهم وحث الناس على لزوم طاعتهم وارشادهم الى كل خير وصلاح. وتحذيرهم عن كل شر وضرر في الدين والدنيا على وجه الرفق واللين. والدعاء لهم بصلاحهم فان الدعاء لهم دعاء للرعية كلها. كما ان ارشادهم الى مصلحة ومشروع خيري نفع شامل. وعلى الناس يغضوا عن مساوئهم ولا يشتغلوا بسبهم بل يسألون الله لهم التوفيق. فان سب الملوك والامراء فيه شر كبير عام وخاص لم تحدثه نفسه بنصيحتهم يوما من الايام. وهذا عنوان الغش للراعي والرعية. وحقوق الملوك الصالحين لا تعد ولا تحصى. فهم ان كانت لهم سيئات كثيرة فان لهم حسنات اكثر من غيرهم من الرعية. فنسأل الله ان يأخذ بنواصيهم الى الخير انه جواد كريم. فصل في حقوق المحسنين باموالهم. ثم من بعد هؤلاء حق ائمة المحسنين الذين ان احسانهم شمل خلقا كثيرا من اهل الصدقات المالية والبذل الكثير في طرق الخير. سواء كان ذلك في دفع حاجة الفقراء والمساكين او في المشاريع الخيرية كبناء المساجد والمدارس والابار والعيون والمياه التي نفعها شامل. فهؤلاء حقهم عظيم على الناس لما ابدوه نحوهم من سد حاجة المحتاجين وازالة الضر عن المضطرين والقيام بمؤنة العاجزين وقيام المشاريع بهم التي لا يحصى ما فيها من الخير والنفع الدائم المتسلسل. فهؤلاء المحسنون على الناس شكرهم على ما فعلوا. والدعاء لهم وتنشيطهم على اعمالهم النافعة. ومحبتهم والثناء عليهم. فان الخلق عيال الله واحبهم الى الله انفعهم هم لعياله. واذا كان صلى الله عليه وسلم يقول من صنع اليكم معروفا فكافئوه. فان لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا انكم قد كافأتموه. فما ظنك بمن احسانه انتفع به الغني والفقير؟ والقريب والبعيد وانتفع به على وجهه الخصوص والعموم ودفع الحاجات الخاصة والحاجات العامة. فهذا حقه كبير. فرحم الله المحسنين وضاعف لهم الاجر والثواب وادخلهم الجنة بغير حساب. وجعل اعمالهم خالصة لوجهه الكريم. ونفع الله بها النفع العميم انه جواد كريم. فصل في حق الوالدين. ومن اكد الحقوق الخاصة حق الوالدين الذي امر الله به في عدة ايات وقرن حقهما بحقه ونبه على السبب في ذلك في قوله وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا فهذه التربية التي اختص بها الابوان رتبتها عظيمة. اولا تسببا في اجتماعهما في وجودك. فوجودك اثر بسببك بهما والوجود اصل النعم واساسها. ثم حملتك الام في بطنها مدة الحمل. ووضعتك كرها ووهنا على وهن. ثم غذتك وباشرت حضانتك وملاحظتك وازالة الاضرار عنك. وعمل المصالح. وهي في ذلك مبسوطة ممنونة لما في ضميرها من الحنان والشفقة. التي لا نظير لها الا رحمة الله التي هي منها. وكم اسهرت ليلها واقلقتها؟ والاب كنت في بطن الام وهو يجري عليك النفقات. وبعد وضعك ضاعف ذلك. ولم تزل في تربيتهما البدنية والمالية والارشاد الى مصالحك الدينية والدنيوية حتى اكتمل عقلك وقوتك. فوجب عليك من الحق العظيم لهما شيء كثير من قولي الكريم والاحسان المالي. والخدمة البدنية والخضوع لهما. وطاعتهما في المعروف والتوقير لهما. وكف الاذى الكثير والكثير بالقول والفعل والدعاء لهما. والشكر لهما والثناء عليهما على ما ابديا نحوك من البر والتكريم قضاء حاجاتهما والدين الذي عليهما احياء وامواتا. وتنفيذ وصيتهما بعد موتهما واكرام صديقهما وصلة التي لا رحم لك الا من جهتها. ليجتمع لك البر والصلة وحقوق الوالدين كثيرة ولكن ضابطها ما ذكره الله في كتابه فانه امر بالاحسان اليهما. وذلك شامل لكل احسان بجميع وجوهه. ويرجع في ذلك الى العرف والعادة. فكل ما عده الناس احسانا فهو داخل في الاحسان المأمور به. فصل في حق الاولاد. وللاولاد على والديهم حقوق. فانهم امانات عندهم وهم مسؤولون عنهم فعليهم بسببهم جنسان من الواجبات. احدهما القيام بالمؤنة البدنية من نفقة وكسوة وما يتبع ذلك فهو واجب لابد منه مع انه من افضل العبادات وخصوصا مع احتساب الثواب عند الله. فانك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله الا اجرت عليها حتى ما تجعله في في امرأتك. اي وعيالك. والنوع الثاني واجب التربية دينية فعلى الوالدين تعليمهم القرآن والعلم والكتابة وتوابع ذلك وتربية اخلاقهم بكفهم عن المفاسد كلها وحثهم على الفرائض. وبتمام الامرين يربح العبد اولاده. وبتقصيره في التربية الدينية يخسر اولاده خسرانا فالاولاد كما انهم مسؤولون عن القيام ببر الوالدين والقيام بواجبهم. كذلك قبلهم الابوان مسئولان عن اصلاح اولادهم بلادهما قال سبحانه ترى الاية وذلك بالقيام بالاسباب التي تقيهم النار. والملاحظة التامة وعدم اهمالهم. ومن اهملهم فلا يلومن ان الا نفسه اذا فاته الثواب واستحق بترك ما يجب عليه العقاب. وفاته بر اولاده وخيرهم. قال سبحانه من عمل صالحا فلنفسه. ومن اساء فعليها. فصل في صلة الارحام. وقد امر الله ورسوله بصلة الارحام وهم جميع الاقارب. قريبهم وبعيدهم. واخبر بفضل الواصلين لارحامهم. وان الله يجمع لهم بين سعة العمر وسعة الرزق. وفتح ابواب البركة والاجر العظيم عند الله. وان القاطعين لهم خلاف ذلك. فعلى الانسان ان عاهد اقاربه بالصلة في بدنه وزيارته وقضاء حوائجهم. واعانتهم على امورهم وبذل ما يقدر عليه في ذلك تعاهد الهدية لموسرهم والصدقة على معسرهم. ويتحبب اليهم بكل ممكن وذلك ميسور على من وفقه الله ويسره عليه ويجاهد نفسه على صلة القاطع منهم. فان الواصل الحقيقي هو الذي يصل ارحامه كلهم. من وصله ومن قطعه وذلك عنوان على الاخلاص لله. ولابد اذا ثابر على ذلك ان يؤثره الله ويجعل له العاقبة الحميدة. واذا كان بينه وبينه شيء من المشاكل الدنيوية المحدثة للخصام. فليحتسب صلتهم عند الله وليتنازل عن حقه او بعضه. ويربح الصلة التي هي افضل المكاسب اذا كان غيره يرى المكسب في الحطام الخسيس من الدنيا. ومن ابواب الصلة ان يسعى في الاصلاح بينهم اذا كان بينهم قائل واحا فان الاصلاح فضله عظيم. خصوصا لمن لهم حق على الانسان كالاقارب. ويتسبب لهم بالاسباب التي تنفعهم في دينك ودنياهم واعلم ان من بينك وبينه رضاع. وان لم يكونوا مثل الاقارب وهم قاصرون عن رتبتهم في امور كثيرة. لكن في باب البر والصلة ينبغي ان تراعي فيهم ذلك. وان تحفظ لهم ذلك السبب الذي قوي في باب التحريم حتى ساوى النسب فميز بين من بينك وبينه رضاع عن غيرهم. وخصوصا الام المرضعة وصاحب اللبن والله الموفق. فصل في حقوق الجيران والاصحاب تقدم في مسائل الصلح بعض حقوق الجيران. وقد قال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره. واعلم ان الاصحاب والرفقاء لهم حقوق مشتركة مع المسلمين وحقوق خاصة. اما ضابط الحقوق مشتركة فميزانها الجامع لكل متفرقاتها. قوله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه الاصحاب داخلون في ذلك. وعليك ان تساعدهم على مهماتهم الدينية والدنيوية. وتقضي حاجتهم وتنوب عنهم اذا غابوا في كل امر امر ينوبهم وحيث لك من الاتصال بهم والادلال عليهم والثقة بهم ما ليس لغيرهم فبمقتضى هذه الحال انصحهم وارشدهم في كل قليل وكثير. وفي الامور التي يحتشم منها وفي غيرها. وفي الامور التي يتعذر او يتعسر او يشق اجراؤها معه وغيرهم لان ما بينك وبينهم من الاسباب والقرب والاتصال يوجب ذلك وكن وافيا لهم حافظا لودهم مواظبا على اخذ بخواطرهم حريصا على تأسيس الصحة وتنميتها بعيدا عما يخالف ذلك. مضيا عن معايبهم وعدم قيامهم بحقوق الصحبة واسلك معهم ومع غيرهم ما ارشد اليه النبي صلى الله عليه وسلم. لا يفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها اخر فكذلك الاصحاب اذا كرهت منهم بعض الاخلاق او رأيت تقصيرا او قصورا فيها فاذكر محاسنهم واذكر الصحبة واذكر حقوق الوفاء وانظر سير الموفقين الاخيار. فانك اذا فعلت ذلك ادركت كل مراد وفزت بطاعة ربك للعباد فصل في اداب مجالسة الناس. واذا جالست الناس واجتمعت بهم فاجعل التواضع شعارك. وتقوى الله دفاعا والنصح للعباد طريقك المستمر. فاحرص على ان كل مجلس جلست معهم فيه يحتوي على خير. اما بحث علمي او نصح ديني او توجيه الى مصلحة عامة او خاصة او تذكير بنعم الله او تذكير بفضائل الاخلاق الحميدة والاداب الحسنة او تحذير من شر ديني او دنيوي. واقل ذلك ان تغتنم اشغالهم بالمباحات عن المحرمات. وحسن خلقك مع الصغير الكبير والنظير. وعامل كلا منهم بما يليق به. ووقر من يستحق التوقير والاجلال. واحرص على تأنيس جليسك بالكلام المناسب الطيب ولو كان متعلقا بالدنيا فان الكلام المباح والاجتماع المباح اذا اثمر تأنيس المجالس وبسط المحادث واثمر راحة القلب عاد محمودا. والعاقل الحازم يدرك بمجالسة الناس خيرا كثيرا. ويكون احب اليهم من كل محبوب انه يدخل عليهم من الابواب التي يعرفون والاحاديث التي يرغبونها. والاصل في ذلك كله توفيق من ازمة الامور كلها بيديه وتتأكد هذه الامور في صحبة السفر. فان السفر تطول فيه المجالسة. ويحتاج المسافرون الى من يروحهم بالاحاديث الطيبة والمجريات والمزح احيانا ان كان صدقا ولم يكثر. ومساعدتهم على مهمات السفر. فالاداب الطيبة تجعل اصحابها عند الناس الذ من بارد الشراب. والثقيل اشد على ارواحهم من الاحجار الصلاب. فسبحان من فاوت بين عباده في اخلاقه اعمالهم وجميع احوالهم. والله الموفق وحده. فصل في الجمع بين مصالح الدين والدنيا. العاقل الحازم يتمكن من التزود من الباقيات الصالحات مع استكمال نصيبه من الدنيا على وجه السهولة. فليستعن بالغدوة والروحة وبشيء من الدلجة. وهو وفي ذلك قائم بامور دنياه واسبابه. فلو انه جعل له وردا من اخر الليل يصلي ويناجي ربه. ويسأله صلاح دينه دنياه ولو كان ذلك يسيرا. وافتتح نهاره بالخير والقراءة واوراد الصباح. واختتمه كذلك وبادر للصلوات الخمس في اول وقتها وجعل معها وقبلها وبعدها ما يسره الله من اعمال الخير من صلاة وقراءة وذكر وسماع علم وغيرها. وعود لسانه ذكر الله والاستغفار. وباشر الاسباب الدنيوية من تجارة او صناعة او فلاحة ونحوها. برفق وطلب جميل واستعان بربه في ذلك. واكتفى بالاسباب المباحة وبحلال الله عن حرامه. وقصد بذلك القيام بواجب النفس ومن يعول والاستغناء عن الخلق لو فعل هذا او ما يقاربه لحصل خيرا وغنم ثوابا جزيلا. ومع ذلك لم ينسى نصيبه من دنياه ولا فاته من لذاتها شيء. ربما من الله عليه بالقناعة التي هي الغنى الحقيقي. وبها تتم الحياة الطيبة الله هو الموفق لكل خير. فصل فيما تقابل به النعم والمكاره. واغتنام الفرص النافعة. العبد يتقلب في الدنيا ما بين حصول ما يحبه واندفاع ما يكرهه. فوظيفته الشكر والثناء على الله بذلك. وبين وجود المصائب والمكاره المتنوعة وظيفته الصبر عليها واحتساب اجرها وثوابها. ليكون غانما في الحالين عجبا لامر المؤمن ان امره كله خير اصابته سراء شكر فكان خيرا له. وان اصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك الا للمؤمن. وينبغي للموفق ان يكون له مشاركة في كل عمل خيري. ومساعدة مالية. ولو قلت فان لم يكن فمساعدة عملية او قولية او تنشيط للمشتركين ليكتسب بذلك الفضل والثواب. وذلك يسير على من يسره الله عليه. فصل في من ينبغي لابد للانسان من اصحاب وقرناء يجتمع بهم ويقضي كثيرا من اوقاته في صحبتهم. فاغتنم صحبة الاخيار الذين لا يعدم من صحبتهم علما تتعلمه او نصيحة تنتفع بها او اشتغالا بما يقرب الى الله او اقل ما في ذلك السلامة من التبعات القولية والفعلية. مع انك امن من سخريتهم وهمزهم ولمزهم حاضرا او غائبا. مع الفائدة العظيمة وهي ان الرغبة في قلبك للخير تزيد وتنمو. وداعية الشر تضعف او تضمحل. فالمرء على دين خليله. فلينظر احدكم من يخالل مع ما يحصل لك من ثناء الناس وحسن السمعة. فانهم يعتبرون الناس بقرنائهم. فيحق للمرء ان يفخر بصحبة الاخيار واياك وصحبة الاشرار فانهم بضد ما ذكرنا. فالجليس الصالح كحامل المسك اما ان يحذيك او تجد منه رائحة طيبة. والجليس السوء كنافخ الكير. اما ان يحرقك واما ان تجد منه رائحة خبيثة. والله اعلم فصل في نبذة يسيرة من اداب المتعلمين والمعلمين. يتعين على اهل العلم على وجه الخصوص ان يجعلوا امرهم في تعلمهم وتعليمهم الاخلاص الكامل. والتقرب الى الله بهذه العبادة التي هي اجل العبادات وافضلها تستغرق من عمر العبد جوهره وصفوه. ويتفقد هذا الاصل في كل دقيق وجليل من امورهم. فان درسوا او دارسوا او وبحثوا او ناظروا او اسمعوا او استمعوا او جلسوا مجلس علم او نقلوا اقدامهم لمجالس العلم او كتبوا او او قرروا دروسهم الخاصة او راجعوا عليها او على غيرها الكتب الاخرى او اشتروا كتب او ما يعين على العلم كانوا في ذلك كله محتسبين ليتحققوا بقوله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة. فكل طريق حسي او معنوي يسلكه الانسان في سبيل العلم. فانه داخل في هذا الحديث. ثم بعد فهذا يتعين البداءة بالاهم فالاهم من العلوم الشرعية ووسائلها. وتفصيل هذه الجملة كثير معروف. والطريق التقريبي ان ينتقي من مصنفات الفن الذي يشتغل به احسنها. واوضحها واكثرها فائدة. ويجعل هذا الكتاب جل همه حفظا عند او دراسة تكرير بحيث تصير المعاني معقولة في قلبه محفوظة. ثم لا يزال يكرره ويعيده حتى يتقنه اتقان طيبا. وبعد ذلك ينتقل الى الكتب المبسوطة في هذا الفن. لتكون كالشرح له. ويكون كتابه الذي اهتم به ذلك اهتمام اساسا لها واصلا تتفرع عنه. وعلى المعلم ان ينظر الى ذهن المتعلم وقوة استعداده او ضعفه. فلا يدعه يشتغل بكتاب لا يناسب حاله. فان القليل الذي يفهمه وينتفع به خير من الكثير الذي هو عرضة لنسيان معناه ولفظه. وعلى المعلم ان يلقي على المتعلم من التوضيح وتبيين المعنى بقدر ما يتسع فهمه لادراكه. ولا يخلط المسائل بعضها ببعض. ولا من نوع الى اخر حتى يتصور ويحقق السابق. فان ذلك درك للسابق. ويتوفر الذهن على اللاحق. وعلى المعلم النصح للمتعلم وترغيبه بكل ما يقدر عليه. وان يصبر على عدم ادراكه او سوء ادبه. مع ملاحظته في كل ما يقال يقومه ويحسن ادبه. لان المتعلم له حق على المعلم. حيث اقبل على العلم الذي ينفعه وينفع الناس. وحيث كان ما يحمله معلمه هو عين بضاعة المعلم يحفظها وينميها ويتطلب بها المكاسب الرابحة. فهو الولد الحقيقي للمعلم الفارس له. فالمعلم مثاب على نفس تعليمه. سواء فهم او لم يفهم. فان فهم وادرك كان اجرا جاريا للمعلم. ما دام ذلك النفع متسلسلا. وهذه تجارة عظيمة لمثلها فليتنافس المتنافسون. فعلى المعلم ايجاد هذه التجارة كميتها فهي من عمله واثار عمله. قال تعالى انا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا اثارهم. فما قدموه هو ما باشروا عمله. واثارهم ما ترتب على اعمالهم من الخير الذي عمله غيرهم. وعلى المتعلم ان يوقر معلمه ويتأدب معه. لما له من الحق العام والخاص. اما العام فان معلم الخير قد استعد وباشر ونفع الخلق فوجب حقه عليهم لكونه يعلمهم ما جهلوا. ويرشدهم الى كل خير. ويحذرهم من كل شر. ويحصل به من نشر العلم والدين. وتسلسل ذلك النفع في الموجودين. وفي من يأتي من بعدهم. وهذا النفع ليس له نظير من الاحسان واما حقه الخاص على المتعلم فلما بذله من تعليمه وحرصه على كل ما يرشده ويوصله الى اعلى الدرجات. وقد بذل صفوة وقته وجوهر فكره في تفهيم المسترشدين وافادة الطالبين وصبر على ذلك بطيب نفس وسماحة واذا كانت الهداية الدنيوية والاحسان الدنيوي يوجب لصاحبه حقا كبيرا على من وصل اليه احسانه. فما الظن بهدايا العلوم من نافعة الكثيرة الباقي نفعها العظيم وقعها. وليجلس بين يديه متأدبا ويظهر غاية حاجته الى علمه. ويكثر من الدعاء له حاضرا وغائبا. واذا اتحفه بفائدة غريبة فليصغي اليها اصغاء المضطر الى عقلها والانتفاع بها. واذا اخطأ المعلم في شيء فلينبهه برفق ولطف بحسب المقام. ولا يقول له اخطأت اوليس الامر كما قلت بل ياتي بعبارة لطيفة يدرك بها المعلم خطأه من دون تشويش. فان هذا من الحقوق اللازمة وهو ادعى الى الوصول الى الصواب نعلم عليه اذا اخطأ ان يرجع الى الصواب. ولا يمنعه قول قاله ثم بان له الحق بخلافه ان يراجع الحق. ويعترف به فان هذا علامة الانصاف والتواضع للحق وللخلق. ومن نعمة الله على المعلم ان يجد من تلاميذه من ينبهه على خطأه ويرشده الى الصواب. ولهذا كان من اعظم الواجبات على المعلمين والمفتين ان يتوقفوا عن الفتوى او الجزم بما لم يعلموه هذا من علامات الدين والانصاف. وضده من علامات الرياء وضعف الدين. بل هذا التوقف من التعليمات النافعة ليحصل به القدوة الحسنة وليكن قصد المعلمين والمتعلمين في جميع بحوثهم طلب الحق والصواب واتباع ما رجحته الادلة الصحيحة والحذر الحذر من الاشتغال بالعلم للاغراض الفاسدة. من المباهاة والمماراة والرياء والرياسات. والتوسل به الى الامور الدنيوية فمن طلبه لهذه الامور فليس له في الاخرة من نصيب. ومن اعظم ما يتعين على اهل العلم من المعلمين والمتعلمين الاتصاف بما يدعو اليه العلم من الاخلاق الجميلة والتنزه عن الاخلاق الرذيلة. فانهم احق الناس بذلك لتميزهم علم ولانهم القدوة. والناس مجبولون على الاقتداء باهل العلم منهم. ولانه يتطرق اليهم من الاعتراض ما لا يتطرق لغيره والعلم اذا عمل به ثبت ونمت بركته. فروح العلم وحياته بالقيام به عملا وتخلقا وتعليما ونصحا. وينبغي في تعاهد محفوظات المتعلمين ومعلوماتهم بالاعادة والامتحان. والحث على المذاكرة والمراجعة وتكرار الدروس الحاضرة والسابقة فالتعلم بمنزلة الغراس والبذور للزرع. وتعاهده بالمذاكرة والتكرار. بمنزلة السقي وازالة الاشياء المضرة لينمو ويزداد على الدوام. وليحذر اهل العلم من الاشتغال بالتفتيش عن احوال الناس وعيبهم. فانه مع ان صاحبه مستحق للعقوق فانه يشغل عن العلم ويصد عن كل امر نافع. ومن اداب العالم والمتعلم النصح وبث العلوم النافعة بحسب حتى لو تعلم الانسان مسألة وبثها وبحث بها مع من يتصل به كان ذلك من بركة العلم وخيره. ومن شح بعلمه مات فعلمه قبل ان يموت. كما ان من بث علمه كان له حياة ثانية. وجازاه الله من جنس عمله. ومن اهم ما يتعين على اهله للعلم السعي في جمع كلمتهم وتأليف القلوب. لان هذا من اوجب الواجبات. وخصوصا على اهل العلم الذين بهم الاسوة يحصل خير كثير ويندفع شر كبير. والحذر من الحسد لاحد من اهل العلم. فانه يأكل الحسنات كما تأكل النار حطب وهو مناف للنصيحة التي هي الدين والله اعلم. فصل في الهم والفأل والطيرة والرقية وتوقي المواضع البيئة اذا هم العبد بامر فان كانت مصلحته ظاهرة واضحة فليعزم عليه متوكلا على الله. واذا اتضحت مضرته فليدعه وان اشتبه عليه الامر او لا يدري عن العاقبة فليستخر الله ويستشر من يثق بدينه ومودته وخبرته. وكان صلى الله الله عليه وسلم يحب الفأل. ويكره الطير. وسبب ذلك لما في الفأل من الاستبشار وقوة الرجاء بحصول المحبوب. واما الطير فعلى العكس من ذلك لانها تحدث الهم والغم. وهي عقيدة فاسدة يتأثر بها المتطير. الرقية بالامور المحرمة او المجهولة لا تجوز. وبالادعية الشرعية وما اشبهها احسان من الراقي على المرقي. وينبغي للمرقي الا يطلب ابتداء لمنافات ذلك لكمال التوكل. لا يحل للانسان الاقدام على القدوم الى المحل الذي فيه الوباء. ولا يخرج منه مرارا من الوباء. ولا بأس بقصد المواضع الطيبة الهواء. لقصد الانتفاع بجوها. ولا ينبغي للانسان ان يكون ضعيف القلب قليل الى التوكل عند اقل عارض يذهب الى الطبيب. فان التهالك في ذلك يضعف القلب. ويحدث الاوهام الضارة ويضعف توكل وقوة التوكل وقوة القلب بطبعها تدفع كثيرا من العوارض. خصوصا الامور اليسيرة. وضد هذا ترك التداوي مع الاضطرار اليه وغلبة الظن بنجاحه مذموم. فصل في اداب من دخل المسجد. ينبغي لمن دخل المسجد ان يقدم رجله اليمنى ويقول بسم الله اللهم صل وسلم على محمد اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي ابواب رحمتك. ويشتغل بالصلاة والذكر والقراءة والعلم تعلما او تعليما او سماعا. والنصح لمن فيه وارشاده الى ما فيه الخير. ولا يشتغل بغير ذلك من الخوض في امور الدنيا. فان المساجد لم تبنى الا للقربات. والمواضع الاخر هي مواضع البحث والاشتغال بالدنيا. وينبغي اذا دخل بيت ان يقول بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا. وعلى الله ربنا توكلنا. اللهم اني اسألك خير المولد وخير المخرج. ثم ليسلم على من فيه او يقول اذا لم يصادف احدا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وليكن كن في بيته معاشرا لاهله واولاده بالمعروف. كل احد بما يليق به ويناسبه. وكان صلى الله عليه وسلم في بيته اذا دخله يشتغل في مهنة اهله ومتعلقاتهم. فصل في فروض الكفاية. فروض الكفايات هي الامور الضرورية التي يقصد حصولها بقطع النظر عن فاعلها. مثل الاذان والاقامة والامامة والقضاء والتدريس. والافتاء والطب والجهاد والامر بالمعروف النهي عن المنكر وبناء ما يحتاج الناس اليه. كالمساجد والقناطر والاسوار والقيام بالصناعات والحراثة والنساجة ونحوها وعيادة المرضى وتجهيز الجنائز بالتغسيل والتكفين. والصلاة والدفن واطعام المضطرين وكسوة العارين وما اشبه هذه الامور والله اعلم. فصل في الحث على تقوى الله ومراقبته. على العبد ان يتقي الله حيثما كان بما عليه من الواجبات التي لله ولخلقه. ويتجنب جميع المعاصي القلبية كالكبر والعجب والرياء والنفاق والحسد والغل والحقد الحقد والمعاصي القولية كالكذب والغيبة والنميمة والشتم ونحوها. والمعاصي الفعلية كالقتل والسرقة واكل الحرام والزنا وشرب المسكرات. فمتى حقق التقوى بفعل الواجبات وترك المحرمات؟ كان من المتقين. ومتى اخل بشيء من ذلك فعليه التوبة والاستدراك. قال سبحانه والورع هو من التقوى. فانه التورع عن كل قول محرم وفعل محرم ظاهر وباطن. ومراقبة الله وخوفه ورجائه ومحبته هي العون الاكبر على القيام بالتقوى فنسأل الله الكريم ان يعمر قلوبنا بمعرفته والانابة اليه. ويجمل السنتنا بذكره والثناء عليه. ويزين جوارحنا بخدمته. وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم. تم في السابع والعشرين من ربيع الاخر سنة اربع وسبعين ثلاثمائة والف من الهجرة