المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله التوسط في كل الامور والاعتدال والاقتصاد هذا الخلق الجليل قد دل عليه القرآن في ايات كثيرة عامة وخاصة فمن العامة الامر بالعدل والقسط في عدة ايات والاخبار بان هذه الامة وسط وذلك في كل امورها فهم وسط في الايمان بالانبياء والقيام بحقوقهم بين من غلوا فيهم حتى جعلوا لهم او لبعضهم من حقوق الله الخاصة ما جعلوه من الغلو فيهم والعبادة لهم وبين من جفوهم فكفروا ببعضهم او لم يقوموا بحقهم وهذه الامة ولله الحمد امنت بكل رسول ارسله الله واعترفت بجميع ما فضلهم الله به وخصهم به من المزايا والخصائص التي جعلتهم ارفع الخلق في كل صفة كمال ولم يغلوا فيهم وهم وسط بين من حرم الطيبات من الرهبان المتعبدة والمشركين الذين حرموا ما لم يأذن به الله اتباعا لخطوات الشيطان وبين من استحل المحرمات والخبائث بل اتبعوا النبي الامي الذي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقد امر الله بالتوسط والاعتدال في النفقات في قوله ولا تبذر تبذيرا ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا واثنى على المتوسطين فقال والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما وهذا يشمل النفقة على النفس والاهل والعيال والمماليك من الادميين والبهائم في جميع وجوه الانفاق فان هذه الحال فيها اعتدال خلق الانسان وكمال حكمته حيث قام بالواجبات وبما ينبغي وترك ما لا ينبغي ومن فوائد ذلك ايضا ان في الاعتدال سر بركة وما عال من اقتصد وانه يمنع العبد الندم فان المسرف في الانفاق اذا املق واحتاج لعبت به الحسرات وجعل يقول بلسان مقاله او لسان حاله يا ليتني لم افعل ذلك واما المقتصد فانه لا يندم العاقل على نفقة وضعها في محلها واقام بها واجبا من الواجبات او سد بها حاجة من الحاجات فان المال لا يقصد الا لمثل هذه الحالة وايضا فان المسرف في النفقات لابد ان يكون مترفا معتادا امورا اذا عجز عنها شق عليه الامر مشقة كبيرة وكبر عليه الصبر وثقل عليه حمله بخلاف المعتدل فانه سالم من هذه الحالة وايضا فان الاعتدال في النفقة احد قسمي الرشد فالرشد الذي هو معرفة تدبير الدنيا ان يعرف الطرق التي يحصلها فيها في سلك النافع منها ثم اذا حصلت عرف كيف يصرفها ويبذلها وعلم التدبير من العلوم النافعة دينا ودنيا وشرعا وعقلا