قال اذا رمى امامك فارمه فاعدت عليه المسألة فقال كنا نتحين فاذا زالت الشمس رمينا وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال حلقت قبل ان اذبح قال اذبح ولا حرج وقال رميت بعدما امسيت قال افعل ولا حرج رواه البخاري وابو داوود والنسائي وابن ماجة وعن عاصم بن عدي رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ارخص لرعاة الابل في البيتوتة عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوما نفر. رواه الخمسة وصححه الترمذي المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بحث في رمي الجمرات ايام التشريق قبل الزوال وتعليق على رأي الشيخ ابن محمود في ذلك بسم الله الرحمن الرحيم عن جابر رضي الله عنه قال رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى واما بعد ذلك فاذا زالت الشمس رواه البخاري وروى البخاري عن وبرة قال سألت ابن عمر متى ارمي الجمار وفي المتفق عليه انه صلى الله عليه وسلم رخص للعباس ان يبيت بمكة ليالي منى من اجل سقايته فاذن له وهنا احاديث في معنى هذا. واما كلام العلماء في وقت رمي الجمرات ايام التشريق فالمشهور من مذهب الامام احمد انه من الزوال الى الغروب وهو المشهور من مذهب الشافعية والمالكية والحنفية الا انه يجوز عند الحنفية الرمي قبل الزوال يوم النفر للمتعجل وقال في الانصاف قال في الفروع وجوز ابن الجوزي الرمي قبل الزوال يعني ايام التشريق. وقال في الواضح يجوز الرمي بطلوع شمس الا ثالث يوم. واطلق في منسكه ايضا ان له الرمي من اول يوم وانه يرمي في اليوم الثالث كاليومين قبله ثم يقصر نقلت هذه العبارات التي لها تعلق بالمسألة اما بحث صاحب الرسالة واستدلاله لجواز الرمي قبل الزوال وفي الليل فهو بحث علمي مثله ودونه واكثر منه يبحث فيه اهل العلم ولا يعد شذوذا ومنكرا ويمكن الاستدلال عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم لما كثرت عليه الاسئلة من سأل عن التقديم والتأخير والترتيب واحسن من هذا الاستدلال الاستدلال بحديث ابن عباس المذكور حيث قال له رجل رميت بعدما امسيت قال افعل ولا حرج ووجه ذلك انه يحتمل ان قوله بعدما امسيت اي بعدما زال الزوال لانه يسمى مساء ويحتمل ان يكون بعدما استحكم المساء وغابت الشمس فيكون فيه دلالة على جوازه بالليل ودليل ايضا على جوازه قبل الزوال. لان سؤاله على جواز الرخصة في الرمي بعد المساء كالمتقرر عندهم جوازه في جميع اليوم. بل ظاهر حال السائل تدل على ان الرمي قبل الزوال هو الذي بخاطره وانما اشكل عليه الرمي بعد الزوال. فلذلك سأل عنه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحب الرسالة لم يتعرض في استدلاله بهذه اللفظة المذكورة في الحديث وهي قوله بعدما امسيت كما انه لم يتعرض بالاستدلال بدليل اخر وهو ان ايام التشريق كلها ليلها ونهارها ايام اكل وشرب وذكر لله وكلها اوقات ذبح ليلها ونهارها وكلها على القول الصحيح اوقات حلق. وكلها يتعلق بها على القول المختار طواف الحج وسعيه في حق المعذور وانما يتفاوت بعض هذه المسألة في الفضيلة فكذلك الرمي فهو لم يتعرض لهذا وهو كما ترى فيه الاشارة الى قوله الذي نصره وانما تعرض في استدلاله للحاجة والضرورة وان الفتوى تختلف باختلاف الاحوال وبان فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على تعين الوقت بل على فضيلته فقط ولم يذكر القول الذي ذكرته وهو نقل صاحب الانصاف عن ابن الجوزي وعن صاحب الواضح. جواز ذلك قبل الزوال في الايام الثلاثة ولو وقف عليه لذكره تأييدا لقوله واما الجمهور فاكبر ادلتهم فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله خذوا عني مناسككم. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يرم الا بعد الزوال وقد اجاب عنه صاحب الرسالة انه يدل فقط على الفضيلة. كما ان الوقوف بعرفة وبالمزدلفة ونحوها فعل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت يدل على الفضيلة باتفاق الجميع. والجمهور يقولون ان فعل النبي صلى الله عليه وسلم في الرمي مع قوله خذوا عني مناسككم يتعين القول به. ولم يرد عنه قولا ولا فعلا ولا تقريرا ما يخالف ذلك فانت اذا وازنت بين استدلال صاحب الرسالة واستدلال الجمهور رأيتها متقاربة ان لم تقل تكاد ادلته ترجح ولكن الكلام في المناظرة والمذاكرة والتعلم والتعليم له حال وهو النظر الى الادلة والتراجيح بقطع النظر عن الامور الاخر والكلام في الفتوى كما تراعى فيه التراجيح فيراعى ايضا فيه حالة الوقت وعمل الناس ومراعاة المصالح وسد المفاسد فلو ان صاحب الرسالة لم يفتي وينشر فتواه التي رجحها واعتقدها لكان اولى فيما يظهر لي. وذلك لانه حصل في فيها ضجة كبيرة لم تسفر الا عن نوع اعتراضات كثيرة وامور تقع في القلوب وخوض العالم وغير العالم ومخالفة الرأي العام في الفتوى. وكون فتواه مع ذلك فيما يظهر لا يكون لها عمل الا في افراد الناس فالفتوى يتعين على المفتي ان يراعي فيها جميع النواحي فكم توقف كثير من اهل العلم عن الافتاء فيما يعتقدون لاغراض من جنس ما ذكرته هذا ما يتعلق بكلامه على جواز الرمي في الليل وقبل الزوال واما ما يتعلق بسقوط الرمي عن العاجز بالكلية وانه لا يجب عليه ان ينوب غيره فهو استدل بسقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء. وبسقوط المبيت عن السقاة والرعاة. وان الله قال فاتقوا الله ما استطعتم ولكني لم اعثر على قائل بهذا القول وهو سقوط الرمي عن العاجز ولو كان قال به قائل لكان استدلال صاحب الرسالة عليه جنس بقية الاستدلال على المسائل العلمية استدلالا لا بأس به ولكن يمكن الجمهور يجيبون عن سقوط الطواف عن الحائض والنفساء وسقوط المبيت عن السقاة والرعاة انه سقط بالكلية لم يبق واجبا على هؤلاء واذا لم يكن واجبا عليهم فقياسه ضعيف وايضا ثبت نظير ذلك في الصحابة رضي الله عنهم عن الصبيان لعدم قدرتهم على الرمي فالعاجز مثلهم وايضا الحج كله متى وجب على الانسان وكان عاجزا ببدنه قادرا بماله وجبت الاستنابة عنه. فالرمي من باب اولى هذا القول كما ترى بلا شك اصح من القول بالسقوط. وخصوصا اذا لم يكن به قائل ولهذا كان الامام احمد ولهذا كان الامام احمد رحمه الله يقول اياك ان تقول قولا ليس لك به امام. هذا الذي اراه في هاتين المسألتين والله اعلم وصلى الله على محمد وسلم