المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الاحسان والعفو كم في كتاب الله من الحث على الاحسان الى الخلق وان الله يحب المحسنين ويجزيهم الحسنى على احسانهم ويأمر بالعفو والصفح عن الزلات والاساءات وان ذلك من اعظم الحسنات فالاحسان هو بذل المعروف القولي والفعلي والمالي الى الخلق فاعظم الاحسان تعليم الجاهلين وارشاد الضالين والنصيحة لجميع العالمين ومن الاحسان اعانة المحتاجين واغاثة الملهوفين وازالة ضرر المضطرين ومساعدة ذوي الحوائج على حوائجهم وبذل الجاه والشفاعة للناس في الامور التي تنفعهم ومن الاحسان المالي جميع الصدقات المالية سواء كانت على المحتاجين او على المشاريع الدينية العام نفعها ومن الاحسان الهدايا والهبات للاغنياء والفقراء خصوصا للاقارب والجيران ومن لهم حق على الانسان من صاحب ومعامل وغيرهم ومن اعظم انواع الاحسان العفو عن المخطئين المسيئين والاغضاء عن زلاتهم والعفو عن هفواتهم وللاحسان بوجوهه كلها فوائد لا تحصى منها اصول محبة الله للمحسنين التي هي اعلى ما يناله العبد ومنها اصول الجزاء الكامل قال تعالى للذين احسنوا الحسنى وقال هل جزاء الاحسان الا الاحسان فالجزاء من جنس العمل فكما احسنوا الى عباد الله احسن الله اليهم واعطاهم افضل ما يعطي اولياءه من الجزاء الاوفى الاكمل ومنها ان هذا من اكبر اسباب محبة الخلق له من وصل اليه احسانه ومن لم يصل اليه وثنائهم عليه وكثرة ادعيتهم له وذلك من الامور المتنافس فيها ومنها انه يستفيد بذلك شرور القلب وراحته وطمأنينته لا سيما احسان العفو فانه اذا عفا عمن ظلمه واساء اليه زال اثر ذلك عن قلبه وعلم انه اكتسب عن ذلك من ربه افضل جزاء واعظم ثواب وايضا فمن عفا عن عباد الله عفا الله عنه ومن سمح عنهم سامحه الله ومن افضل الاحسان الذي يتمكن به الموفق من معاملة الناس على اختلاف طبقاتهم البشاشة وحسن الخلق معهم ومعاشرتهم باللطف والكرم وابدا كل ما يقدر عليه من ادخال السرور عليهم وخصوصا الاقارب والاصحاب ونحوهم ممن يتأكد حقهم على العبد وان العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ولهذا نقول حسن الخلق هذا هو مادة الاخلاق الجميلة كلها وقد اتفق الشرع والعقل على حسنه ورفعة قدره وعلو مرتبته ومداره على قوله تعالى خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين اي خذ ما تيسر وعفى وتسهل من اخلاق الناس ولا تطالبهم بما لا تقتضيه طباعهم ولا تسمح به اخلاقهم هذا فيما يأتيك منهم واما ما تأتي اليهم فالامر بالعرف وهو نصحهم وامرهم بكل مستحسن شرعا وعقلا وفطرة واعرض عن من جهل عليك بقوله او فعله فلله ما احلا هذه الاخلاق وما اجمعها لكل خير وقال تعالى ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم ويمده الصبر والحلم وسعة العقل وفضل هذا الخلق ومرتبته فوق ما يصفه الواصف ومن فوائد هذا المقام الجليل ان صاحبه مستريح القلب مطمئن النفس قد وطن نفسه على ما يصيبه من الناس من الاذى وقد وطن نفسه ايضا على ايصال النفع اليهم بكل مقدوره وقد تمكن من ارضاء الكبير والصغير والنظير وقد تحمل من لا تحمله من ثقله الجبال وقد خفت عنه الاثقال وقد انقلب عدوه صديقا حميما وقد امن من فلتات الجاهلين ومضرة الاعداء اجمعين وقد سهل عليه مطلوبه من الناس وتيسر له نصحهم وارشادهم والاقتداء بنبيه في قوله تعالى في وصفه فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك الاية ويتولد عنه خلق الرحمة