المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فوائد من اية بسم الله الرحمن الرحيم انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي ان انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. صدق الله العظيم الذي لا اصدق منه قيلا. ولا احسن منه حديثا. ولم يزل الباري يري عباده اياته الافقية والنفسية الدالة على صدق رسله وصدق ما اخبر به. وان القرآن حق والرسول حق والجزاء والبعث حق. وفي هذه الاوقات الاخيرة قد اظهر الله لعباده من اعمالهم ومخترعاتهم من اعمال الكهرباء الحاملة للاصوات وغيرها. من اماكن شاسعة فتصل باسرع من لمح البصر. وهذا برهان عقلي حسي مشاهد لكل احد. على امور الغيب التي اخبر الله بها واخبر بها رسوله فقد كان المنكرون لما اخبر الله به واخبرت به رسله من امور البعث والغيوب لا يردونها بحجج علمية وبراهين عقلية كما يردونها بمجرد استبعادات ومخالفتها للحس الذي اعتادوه والفوه. ويرون ذلك ممتنعا على قدرة المخلوقين كبرا منهم وضلالا وتعجيزا لخالقهم. كما قد بسط الله شبهتهم هذه في القرآن في مواضع كثيرة. فيقال لهؤلاء المكذبين وامثالهم قد شاهدتم باعينكم كيف يتكلم المذيع فيسمع صوته وكلامه جميع من في مشارق الارض ومغاربها في لحظة واحدة على السواء آآ وهو ما هو عبد ضعيف خرج من بطن امه لا يعلم شيئا. فلم يزل الله يعلمه ويرقيه في العلوم الكاشفة. والعلوم المؤثرة والمخترعات الباهرة حتى وصل الى هذه الحال. اليس الذي اعطاه هذا وغيره اولى واعظم واقدر على كل شيء. اليس هذا من البراهين الحسية على سعة علمه وكمال قدرته. وانه يحيي الموتى ويجمع رفاتهم من بطون الارض وظلمات البحار ومهامه القثار وان هذا ليس محلا للاستعباد والاستغراب على قدرة الملك الخلاق. بعدما شاهد صدور هذه الامور المستبعدات غاية البعد. بل المستحيلات في انظار وافكار الادميين منذ اجيال عظيمة. اليس الذي اعطى الادمي الناقص من كل وجه هذا العلم والقدرة التي حصلت بها فهذه الاشياء اولى بذلك. وله المثل الاعلى. اليس الذي جعل مواد الكهرباء وعناصر هذا العالم الارضي؟ منقادة للادمي مؤخرة له يستعملها فيما يريد من ايصال الاصوات والانوار الى اماكن بعيدة وحمل الاثقال وتسهيل الصعاب وما شابه ذلك. الا يدل ذلك على ان الله على كل شيء قدير وبكل شيء محيط. وانه واسع الرحمة. حيث ان رحمته وسعت كل شيء. وتنوعت للادمي بحسب مطالبه ومآربه. وان خلق العباد وبعثهم عنده كنفس واحدة. كما يرزقهم ويدبرهم بانواع التدابير التي لا تحيط بها العقول في ساعة واحدة. وانه لا يغيب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض. ولا اصغر من ذلك ولا اكبر وانه ما تسقط من ورقة الا يعلمها. ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا افي كتاب مبين. ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفذت كلمات الله. وان عنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو. وان له من العظمة والكمال والمجد والجلال الم يصل الى علمه والاحاطة ببعضه الاولون والاخرون. وان الخلق مهما ارتقت معارفهم واتسعت علومهم فانهم لا يحيطون بشيء من صفاته وان الذي اوصل الادمي الى هذه الاحوال العجيبة هو الاله الحق الذي لا تصلح العبادة والتوجه والتأله الا لا له لانه ليس بالعباد نعمة كبيرة ولا صغيرة ظاهرة ولا باطنة الا منة. ولا يدفع الشرور الا هو وهو وهو الذي له الكمال تطلق من جميع الوجوه والاعتبارات لا اله الا هو العزيز الحكيم. وهذه المخترعات المدهشة التي علمها الله العباد هي ايضا من اكبر البراهين والحجج في هذا الوقت. حيث طغى الالحاد وزخر الماديون المنكرون لغير المحسوسات التي يعرفون موادها وكونها واما سوى ذلك من امور الغيب التي اخبر الله بها. واخبرت بها رسله. فكابروا في تكذيبه وانكاره. فهلا جعلوا ما مضى من نصب اعينهم ثم فرضوا في تلك الازمان انهم اخبروا بوجود هذه المخترعات المدهشة في هذا الزمان. وان الادمي سيدرك علمها وصنعتها فانها اذا مرت او بعضها بخواطرها اعتبروها خيالات جنون وفرض محال وانها امور ممتنعة ورأوا عنها من الاعيب الصبيان والمجانين. ثم لم يفتأ الليل والنهار حتى جاءهم ما ارهقهم على الاعتراف بذلك والاذعان. رفيقوا يسعون ايضا لترقيتها. وانه في الامكان مضاعفتها اضعافا كثيرة. وابتكار اعمال مثلها او فوقها هم لها عاملون. فخضعت لقدرة الانسان الذي علمه الرحمن ما لم يعلم. فهلا اعترفوا واذعنوا لملك الملوك وكامل القدرة وعظيم السلطان. الذي اذا اراد شيئا قال له كن فيكون. وهلا اذعن لتصديق رسله وكن لخلقه وخواص عباده. الذين ارتقوا في علية الاخلاق وكمال وعلو الارواح وزكاة القلوب وصدق الاقوال والاعمال والاحوال. مرتقى اعظم واعلى مما بين العالم العلوي والسفلي. واعظم اما من نسبة الصناعات القديمة الساذجة الناقصة الى المخترعات الحديثة الهائلة. فالفرق بين اخلاق الرسل واخلاق غيرهم واوصافهم ابلغ ومن هذا الفرق فان الامور المرتقية في المادية البحتة لا نسبة لها الى رقي الارواح والقلوب والاخلاق. الرقي الصحيح لكن الظالمين في شقاق بعيد ومكابرة. وليعلمن نبأه بعد حين. وانما لم يصرح القرآن والسنة بتفاصيل ذلك. فانه من جملة الادلة على رحمته وعنايته بعباده وتمام حكمته وسعة علمه فانه لو صرح بهذه الامور واخبر الناس انه تأتي وقت يطير الناس فيه بالهواء ويغوصون في البحار ويتخاطبون في الاماكن الشاسعة ويخترعون الامور الهائلة لكان في ذلك كاعظم فتنة لاعداء الدين الاسلامي واوليائه. لان النفوس مولعة بعدم التصديق بما لم تشاهد له نظيرا. وخصوصا اهل الكفر والتكذيب فانهم مولعون بتكذيب الانبياء. ويفرحون اذا وجدوا ما يروجون به على الناس مثل هذه الامور المستغربة. فمن لطف الله انه ذكر فهذه المخترعات بالفاظ عامة ليست صريحة بالتفاصيل لئلا يفتتن الناس حتى اذا وقعت وجاء تأويلها تمكن البصير من تطبيقها عليها وعلم انها من اكبر البراهين على صدق القرآن وصدق من جاء به. وقد ذكرنا في التفسير هذا المعنى على قوله تعالى وما جعلنا الرؤية التي اريناك الا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن. وانه حصل باخبار النبي صلى الله عليه وسلم والمعراج وشجرة الزقوم التي في نار جهنم فتنة وضجة كبيرة من الاعداء. اذ قالوا هذا محمد يزعم انه وصل في ليلة واحدة الى بيت المقدس ورجع في ليلته واخبر انه يوجد شجرة في نار جهنم. والنار تحرق ما باشرتها. مع ان هذا من ذات النبوة التي ما زالت اثارها واذكارها وخوارقها موجودة في الارض. فكيف لو اخبرهم صريحا بما يقع من الناس الادميين غير الانبياء في اخر الزمان. لو فعل ذلك لسمعت من الضجات والصيحات من الاعداء ما يصم الاذان. ولحكموا بجنون من اخبر بها وافتراءه. ولكن لما وقعت وجد الناس مصداقها في كتاب الله وسنة نبيه. مثل قوله تعالى وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس. ومثل قوله ويخلق ما لا تعلمون. ومثل قوله سبحانه فتحنا عليهم ابواب كل كي ومثل قوله عز وجل علم الانسان ما لم يعلم. وغيرها من الايات الكثيرة ومثل ما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم انه لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان. ولم يزل اهل العلم حائرين في معنى هذا الحديث. حتى جاء هذا الوقت الذي تقارب فيه الامكنة والازمنة واخباره بهذا من لازمه وشرطه حدوث الاشياء التي تحصل فيها سرعة المواصلات زمانا ومكانا وثم نصوص اخر ذكرت في غير هذه الرسالة. وكذلك حدوث قرب المواصلات برهنت على مثل قوله عن اهل الجنة والنار. ونادى اصحاب ابو الجنة اصحاب النار ونادى اصحاب النار اصحاب الجنة. مع البعد المفرط ولولا ان هذا من امور الاخرة لاستبعد الخلق هذه الاخبارات التي يرونها من المحالات. فشاهدوا عيانا ما دلهم على صدق خبر الله وخبر رسوله. بما اراهم في الافاق وفي انفسهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة