والاخلال بشيء مما يجب فيها واما السهو فيها فلم يذمه الله ولهذا وقع من النبي صلى الله عليه وسلم وسجد له سجدتين في اخر الصلاة وامر امته بذلك عند وجود سببه المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله احكام الصلاة ذكر الله الصلاة في كتابه في مواضع كثيرة يأمر بها وينهى عن تركها ويثني على اهلها المقيمين لها ويذكر ما لهم من الثواب ويذم المتهاونين بها ويذكر ما عليهم من الذم والعقاب وهي حين يذكرها يعرفها المسلمون معرفة لا يمترون بها قد عرفوها من هدي نبيهم صلى الله عليه وسلم ثم تناقلتها الامة فعرفها الصغير والكبير والعالم والجاهل فمتى جاءت في القرآن فهموا انها هذه الصلوات الخمس والجمعة وما يتبعها من الرواتب والسنن المقيدة والمطلقة وقد ذكر الله بعض احكامها فذكر الوقت في قوله ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا اي مفروضا في الاوقات وقال فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والارض وعشيا وحين تظهرون واقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل اقم الصلاة لدلوك الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر ان قرآن الفجر كان مشهودا اي اقمها لدخول هذه الاوقات فدلوك الشمس مبتدأه الزوال ومنتهاه العصر فيدخل فيه الظهر والعصر وغسقوا الليل اي ظلمته التي فيها اختلاط بالضياء ويدخل في ذلك صلاة المغرب والعشاء وقرآن الفجر اي صلاة الفجر وعبر عنها بالقرآن لاشتراط القراءة واطالتها فيها وقد حررت السنة هذه الاوقات تحريرا معلوما بين المسلمين وقال تعالى وثيابك فطهر واولى ما دخل في الاية الكريمة تطهيرها للصلاة واذا وجب تطهير الثياب من النجاسات فتطهير البدن للصلاة من باب اولى واحرى ولهذا قال تعالى يا ايها الذين امنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق امسحوا وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائب او لامستم او لامستم النساء فلم تجدوا ما ان فتيمموا صعيدا طيبا فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه الاية فهذه الاية تدل على اشتراط النية ووجوب الطهارة للصلاة وانه يجب فيها على المحدث حدثا اصغر تطهير هذه الاعضاء الاربعة المذكورة وان الوجه واليدين والرجلين تغسل غسلا والغسل لابد فيه من جريان الماء على هذه الاعضاء وان الرأس يمسح مسحا وانه يمسح كله لان الله عمم ذلك وانه يجب الترتيب بينها لان الله ذكرها مرتبة والموالاة لان ظاهر هذا الصنيع لجوم الموالاة لكونها عبادة واحدة متصلا بعضها ببعض وان المحدث حدثا اكبر كالجنابة وهي الوطأ او الانزال للمني او هما عليه تطهير جميع بدنه وانه لا يعفى عن شيء منه حتى ما تحت الشعور الكثيفة وكذلك ذكر الله طهارة الحائض والنفساء في سورة البقرة بقوله حتى يطهرن ان ينقطع دمهن فاذا تطهرن اي اغتسلن فاتوهن من حيث امركم الله ثم ذكر طهارة التراب والتيمم وان لها احد سببين عدم الماء في قوله فلم تجدوا ماء فتيمموا وحصول الضرر بمرض ونحوه في قوله او كنتم مرضى وقوله فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه صريح ان التيمم عن الحدث الاصغر والاكبر لانه ذكره عقب الحدثين وان النجاسة لا يتيمم لها فتجب ازالتها مع القدرة وتسقط مع العجز كسائر الواجبات ويدل ان محل المسح للحدثين الوجه واليدان وهما الكفان فقط لانه لما اراد ايصال الطهارة الى المرفقين في طهارة الماء قال وايديكم الى المرافق واكتفى تعالى عن الحدثين بتيمم واحد ونفى تعالى الحرج في الدين عموما وفي الطهارة خصوصا فقال ما يريد الله ليجعل عليكم من حرجا واقام الله طهارة التيمم مقام طهارة الماء عند وجود الشرط وهو الفقد للماء او التضرر باستعماله وهذا يقتضي ان حكمها حكمها من كل وجه فما دام متطهرا بالتيمم ولم يحصل له ناقض صحيح فهو باق على طهارته لا يبطل هذه الطهارة دخول وقت ولا خروجه واذا نوى به عبادة استباحها ومثلها ودونها واعلى منها وفي الاية الكريمة دليل ان الاحداث المذكورة ناقضة للوضوء وهي الخارج من السبيلين ولمس النساء لشهوة لان اللمس حيث اضيف للنساء كان المراد به الذي لشهوة كقوله ولا تباشروهن وانتم عاكفون في المساجد وفي قوله فلم تجدوا ما ان فتيمموا صعيدا طيبا دليل على ان الماء باق على طهوريته ولو تغير بالطاهرات لانه داخل في اسم الماء الذي لا يجوز العدول عنه الى التيمم وقد استدل الامام احمد رحمه الله وغيره بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم الاية على ان الماء اذا خالطته نجاسة فغيرت احد اوصافه انه نجس لظهور اثر هذه الاشياء فيه فيتناوله تحريم الميتة والدم الى اخرها فيكون نجسا خبيثا واذا لم تغير احد اوصافه انه باق على طهوريته وفي عموم قوله تعالى وانزلنا من السماء ماء طهورا دليل على ان الاصل في الماء الطهورية فلا نعدل عن هذا الاصل الا بدليل وقال تعالى فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطرة اي جهته فاوجب استقبال الجهة عند تعذر اصابة العين وقال تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد اي البسوا ثيابكم واستروا عوراتكم للصلاة فان الزينة ما تدفع الشناعة والقبح في كشف العورة وتمام اخذ الزينة حصول الجمال ففيه امر بالامرين بستر العورة وبتكميل اللباس كما هو مبين مفصل في السنة وقال تعالى واذا قرأ القرآن فاستمعوا له وانصتوا وابلغ ما يدخل في هذا انصات المأموم لقراءة امامه في الصلاة الجهرية وقد امر الله بالقيام والركوع والسجود والقنوت الذي يدخل فيه السكوت فقال تعالى وقوموا لله قانتين يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا وقال فاقرأوا ما تيسر من القرآن ففي هذا فضيلة هذه المذكورات وانها اركان للصلاة وسمى الله الصلاة ايمانا في قوله وما كان الله ليضيع ايمانكم اي صلاتكم لبيت المقدس قبل تحويل القبلة لان الصلاة ميزان الايمان وقد امر الله بالمحافظة على الصلوات عموما وعلى صلاة العصر خصوصا في قوله حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى واثنى على المحافظين عليها وذلك يقتضي المحافظة على شروطها واركانها وجميع ما يلزم لها وعلى مكملاتها وكذلك الامر باقامتها والثناء على المقيمين لها يدل على ذلك والامر بالمسابقة الى الخيرات والمنافسة فيها يدل على السعي في تكميل الصلاة وغيرها من العبادات وقال تعالى فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ويدخل في هذا الوعيد تركها بالكلية وتفويت وقتها وذمت عالى المنافقين الذين واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله الا قليلا ففيه وجوب الطمأنينة في الصلاة وتكميل ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها لان العبد لا يسلم من هذا الذنب الا بهذا التكميل والاخلاص لله تعالى وقد مدح تعالى الخشوع في جميع الاحوال وفي الصلاة خصوصا وذلك بحضور القلب فيها وتدبر اقوالها وافعالها وتمام ذلك ان يعبد الله كأنه يراه فان لم يكن يراه فانه يراه ومن لوازم ذلك ترك الحركة في الصلاة وعدم الالتفات والزام النظر لمحل سجوده وقال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او ينقص منه قليلا او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا وقوله ومن الليل فتهجد به نافلة لك كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالاسحار هم يستغفرون ففي هذا الامر بقيام الليل وفضله وان اهله هم خيار الخلق واخبر في اخر المزمل ان الرسول وطائفة معه من المؤمنين قاموا بذلك التقدير وان الله يسر على الناس خصوصا اهل الاعذار من المرض والشغل فانهم يقرأون ما تيسر منه ان يصلون من الليل ما يهون عليهم ولا يشق واستدل بقوله واركعوا مع الراكعين على وجوب الجماعة وركنية الركوع وفضله وانه تدرك به الركعة واستدل بامر الله بالجماعة في حال الخوف على وجوب الجماعة في حالة الامن من باب اولى وكذلك استدل بقوله تعالى واذا ناديتم الى الصلاة اتخذوها هزوا و يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع على وجوب النداء للصلوات الخمس والجمعة وهو المتقرر عند المسلمين صفته وعلى وجوب الجماعة للصلوات الخمس والجمعة وعلى وجوبها في المساجد وقد ذكر الله السجدات في القرآن وفي بعضها الامر به وذم من لم يسجد عند تلاوة الايات واخباره بسجود المخلوقات فهذا يدل على مشروعية سجود التلاوة استحبابا عند جمهور العلماء واوجبه بعضهم وسجد صلى الله عليه وسلم في صاد وقال سجدها داوود توبة فنحن نسجدها شكرا لله يدل على مشروعية سجود الشكر وقال تعالى وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وادبار النجوم وفي الاخرى وادبار السجود يدل على صلاة الليل وخصوصا اخره والذكر عقب الصلوات الخمس وقال تعالى واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا فيها مشروعية قصر الصلاة الرباعية الى ركعتين في كل سفر طويل او قصير لاطلاق الاية فاذا اجتمع الخوف والسفر قصر عدد الصلاة الرباعية وقصرت هيئاتها بحسب ما وردت به صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم كما دل عليها قوله تعالى واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة الى اخرها فان كان سفر بلا خوف قصر العدد فقط وهذا من فائدة التقييد بالخوف وذلك القصر المطلق وقوله تعالى فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فاذا طمئناكم فاقيموا الصلاة فيها فائدتان احداهما مشروعية الذكر عقب الصلوات المكتوبات عموما كما تكاثرت بذلك الاحاديث عنه صلى الله عليه وسلم الثانية فيه مشروعية الذكر على وجه التأكيد بعد صلاة الخوف لحصول بعض الخلل فيها لاجل العذر فكأن في ذكر الله جبرا لما فات العبد من ذكر ربه لان الصلاة انما شرعت لاقامة ذكر الله قال تعالى واقم الصلاة لذكري وكذلك جميع العبادات شرعت لهذا الغرض الجليل فينبغي للعبد اذا فعل العبادة على وجه فيه نقص ان يعوض عن ذلك ويجبره بكثرة ذكره لربه وفي قوله تعالى واجعلوا بيوتكم قبلة اي صلوا فيها خوفا من فرعون وملأه دليل على جواز الصلاة في البيوت لعذر من الاعذار اما خوف او مرض او غيرهما لان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بنسخه بل في شرعنا من التسهيلات ما ليس في غيره وقوله تعالى ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله استدل بها على جواز الصلاة على الراحلة في السفر قبل اي جهة توجه المصلي وعلى صحة الصلاة اذا اجتهد الى القبلة فاخطأها وعلى صحة صلاة العاجز عن الاستقبال للضرورة وعلى نفل الماشي كالراكب في السفر وقوله تعالى في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يعم احكام المساجد كلها فانه امر فيها بشيئين برفعها الذي هو تعظيمها وصيانتها عن الاوساخ والاقذار والانجاس الحسية والمعنوية وتعمر العمارة اللائقة بها ويذكر فيها اسمه بانواع التعبد من صلاة وقراءة وتعلم علم نافع وتعليم وذكر لله تعالى فكل ما قاله اهل العلم من احكام المساجد وفصلوه فهو داخل في هذين الامرين فتبارك من جعل كلامه فيه الهدى والشفاء والنور وقوله تعالى قل ان صلاتي ونسكي فصل لربك وانحر قد افلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى استدل بعموم ذلك على صلاة العيدين عيد الاضحى وعيد الفطر وعلى صدقة الفطر ولا ريب بدخول المذكورات في هذا العموم وقوله تعالى ولا تصلي على احد منهم مات ابدا ولا تقم على قبره ثم اماته فاقبره فاواري سوءة اخي دليل على صلاة الجنازة على المؤمنين والقيام على قبورهم للدعاء لهم. وعلى تكفين الميت كله لانه جعل بدنه كله سوءة وعلى حمله ودفنه على ما وردت به السنة