المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله فوائد مستنبطة من اية الدين. بسم الله الرحمن الرحيم. يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين فاكتبوه الى اخر الاية. سورة عبارة التفسير. هذه الاية هي اية الدين. وهي اطول ايات القرآن وقد اشتملت على احكام عظيمة جليلة المنفعة والمقدار. احدها انه تجوز جميع انواع المداينات من سلم وغيره لان الله اخبر عن المداينة التي عليها المؤمنون اخبارا مقررا لها ذاكرا لاحكامها. الثاني والثالث انه لابد للسلم من اجل وانه لا بد ان يكون معينا معلوما فلا يصح حالا ولا الى اجل مجهول. الرابع الامر بكتابة جميع عقود المداينات اما وجوبا او استحبابا لشدة الحاجة الى كتابتها لانها بدون الكتابة يدخلها من الغلط والنسيان والمنازعة المشاجرة شيء كثير. الخامس امر الكاتب ان يكتب. السادس اشتراط عدالة في نفسه لاجل اعتبار كتابته. لان لا يعتبر قوله ولا كتابته. والله انما ارشد الى ما تحصل به الثقة. السابع انه يجب عليه العدل بينهما. فلا يميل كل الميل لاحدهما لقرابة او صداقة او غيرها لقوله وليكتب بينكم كاتب بالعدل. الثامن ان يكون الكاتب معارفا بكتابة الوثائق وما يلزم فيها كل واحد منهما. وما يحصل به التوثق لانه لا يتم العدل الا بذلك. التاسع يفهم من الاية انه اذا وجدت وثيقة بخط المعروف بالعدالة المذكورة انه يعمل بها ولو كان هو والشهود قد ماتوا انه ان لم يكن كذلك لم تكن الكتابة تامة. العاشر قوله ولا يأبى كاتب ان يكتب كما علمه الله. اي لا يمتنع من ان الله عليه بتعليمه الكتابة ان يكتب بين المتدينين. فكما احسن الله اليه بتعليمه فليحسن الى عباد الله المحتاجين الى كتابته ولا يمتنع من الكتابة لهم. الحادي عشر امر الكاتب الا يكتب الا ما املاه عليه من عليه الحق. الثاني عشر ان الذي يملي بين المتعاقدين هو من عليه الدين لانه انما يكتب اقراره واعترافه. الثالث عشر امره ان يبين جميع الحق الذي عليه ولا يبخس منه شيئا. الرابع عشر ان اقرار الانسان على نفسه مقبول. لان الله امر من عليه الحق ان يمل على الكاتب. فاذا كتب اقراره بذلك ثبت موجبه ومضمونه. وهو ما اقر به على نفسه ولو ادعى بعد ذلك غلطا او سهوا. الخامس عشر ان من عليه حق من الحقوق التي لا بينة على مقدارها وصفتها من كثرة وقلة وتعجيل جيل ان قوله هو المقبول دون قول من له الحق لانه تعالى لم ينهه عن بخس الحق الذي عليه الا لان قوله مقبول على لا ما قاله من مقدار الحق وصفته. السادس عشر انه يحرم على من عليه حق من الحقوق ان يبخس وينقص شيئا من مقداره او طيبة او حسنه او اجله او غير ذلك من توابعه ولواحقه. السابع عشر ان من لا يقدر على املاء الحق لصغره او سفره او خرس او نحو ذلك فانه ينوب وليه منابه في الاملاء والاقرار. الثامن عشر انه يلزم الولي والعدل ما يلزم ومن عليه الحق من العدل وعدم البخس لقوله بالعدل. التاسع عشر انه يشترط عدالة الولي. لان الاملاء بالعدل المذكور لا يكون من فاسق. العشرون فيه دلالة على ثبوت الولاية في الاموال الحادي والعشرون. ان الحق يكون على الصغير والسفيه والمجنون والصغير لا على وليهم لان الله اضافه اليهم. الثاني والعشرون ان اقرار الصغير والسفيه والمجنون والمعتوه ونحوه بهم وتصرفهم غير صحيح. لان الله جعل الاملاء لوليه. ولم يجعل لهم منه شيئا لطفا منه بهم. وخوف تلف اموالهم الثالث والعشرون صحة تصرف الولي في مال من ذكر. الرابع والعشرون فيه مشروعية كون الانسان يتعلم الامور التي يتوثق بها المتدينون. لان المقصود من ذلك التوثق والعدل. وما لا يتم المشروع الا به فهو مشروع. الخامس عشرون ان تعلم الكتابة مشروع بل فرض كفاية. لان الله امر بكتابة الديون وغيرها ولا يحصل ذلك الا بالتعلم السادس والعشرون انه مأمور بالاشهاد على العقود. لان المقصود من ذلك الارشاد الى ما يحفظ الحقوق. فهو عائد الى مصلحة المكلفين نعم ان كان المتصرف ولي يتيم او وقف ونحو ذلك مما يجب حفظه. تعين ان يكون الاشهاد الذي به يحفظ الحق واجبا السابع والعشرون ان نصاب الشهادة في الاموال ونحوها رجلان او رجل وامرأتان. ودلت السنة ايضا انه يقبل الشاهد مع يمين دع الثامن والعشرون ان شهادة الصبيان غير مقبولة لمفهوم قوله رجلين التاسع والعشرون ان شهادة النساء فريدات في الاموال ونحوها لا تقبل. لان الله لم يقبلهم الا مع الرجل. وقد يقال ان الله اقام المرأتين مقام رجل للحكمة التي ذكرها وهي موجودة سواء كن مع رجل او منفردات. الثلاثون ان شهادة العبد البالغ مقبولة كشهادة الحر. لعموم واستشهدوا شهيدين من رجالكم. والعبد البالغ من رجالنا. الحادي والثلاثون ان شهادة الكفار ذكورا كانوا او اناث فغير مقبولة على المسلمين. لانهم ليسوا منا ولان مبنى الشهادة على العدالة. والكافر غير عدل. الثاني والثلاثون في فضيلة الرجل على المرأة وان الواحد في مقابلة امرأتين لقوة حفظه ونقص حفظها. الثالث والثلاثون ان من نسي شهادته ثم ذكرها فذكر فشهادته مقبولة لقوله فتذكر احداهما الاخرى. الرابع والثلاثون يؤخذ من المعنى ان الشاهد فاذا خاف نسيان شهادته في الحقوق الواجبة وجب عليه كتابتها. لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. الخامس والثلاثون انه يجب على الشاهد اذا دعي للشهادة وهو غير معذور لا يجوز ان يأبى لقوله ولا يأبى الشهداء اذا ما دعوا والثلاثون ان من لم يتصف بصفة الشهداء المقبولة شهادتهم لم يجب عليه الاجابة لعدم الفائدة بها. وانه ليس من الشهداء اداء السابع والثلاثون النهي عن السآمة والضجر في كتابة الديون كلها من صغير وكبير وصفة الاجل وجميع ما احتوى عليه العقل من الشروط والقيود. الثامن والثلاثون بيان الحكمة من مشروعية الكتابة والاشهاد في العقود. وانه اقسط عند الله واقوم هذا وادنا الا ترتابوا فانها متضمنة للعدل الذي به قوام العباد والبلاد. والشهادة المقترنة بالكتابة تكون اقوى اكمل وابعد من الشك والريب والتنازع والتشاجر. التاسع والثلاثون. يؤخذ من ذلك ان من اشتبه وشك في شهادته لم يجز له الاقدام عليها بل لابد من اليقين. الاربعون قوله الا ان تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم ليس عليكم جناح الا تكتبوها فيه الرخصة في ترك الكتابة اذا كانت التجارة حاضرا بحاضر لعدم شدة الحاجة الى الكتابة الحادي والاربعون انه وان رخص في ترك الكتابة في التجارة الحاضرة فانه يشرع الاشهاد لقوله واشهدوا اذا بايعتم الثاني والاربعون النهي عن مضارة الكاتب بان يدعى وقت اشتغال حصول مشقة عليه. الثالث والاربعون. النهي عن المضارة الشهيد ايضا بان يدعى الى تحمل الشهادة او ادائها في مرض او شغل يشق عليه او غير ذلك. هذا على جعل قول به ولا يضار كاتب ولا شهيد مبني للمجهول. واما على جعلها مبنيا للفاعل ففيه نهي الكاتب ان يضار صاحب الحق بالامتناع او طلب اجرة شاقة ونحو ذلك. وهذان هما الرابع والاربعون والخامس والاربعون. السادس والاربعون ان ارتكاب هذه المحرمات من خصال الفسق لقوله تعالى فانه فسوق بكم. السابع والاربعون ان اوصافك الفسق والايمان والعداوة والولاية ونحوها. تتجزأ في الانسان فتكون فيه مادة فسق وغيرها. وكذلك مادة ايمان وكفر لقوله فانه فسوق بكم. ولم يقل فانتم فاسقون او فساق. الثامن والاربعون وحقه ان يتقدم لتقدم موضعه اشتراط العدالة في الشاهد لقوله ممن ترضون من الشهداء. التاسع والاربعون ان العدالة يشترط فيها العرف في كل مكان وزمان. وكل من كان مرضيا معتبرا عند الناس قبلت شهادته. الخمسون يؤخذ منه عدم قبول المجهول حتى يزكى لانه لم يتحقق فيه الشرط الذي ذكره الله. فهذه الاحكام مما يستنبط من هذه الاية الكريمة على حسب بالحال الحاضرة والذهن القاصر. ولله في كلامه حكم واسرار يخص بها من يشاء من عباده والله اعلم