فحينئذ القى موسى عصاه فاذا هي تلخف وتبتلع بمرأى الناس جميعا جميع عبادهم وعصيان فظهرت هذه الاية الكبرى وصار اهل الصنعة اول من خضع لها ظاهرا وباطنا ولما نقص اهل الارض من نصرة النبي صلى الله عليه وسلم المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله قاعدة الثامنة والخمسون اذا اراد الله اظهار انبيائه واصفيائه بالصفات الكاملة اراهم نقصها في غيرهم من المستعدين للكماد وذلك في امور كثيرة وردت في القرآن منها لما اراد اظهار اظهار شرف ادم على الملائكة بالعلم وعلمه اسماء كل شيء ثم امتحن الملائكة فعجزوا عن معرفتها فحينئذ نبأهم ادم عنها فخضعوا لعلمه وعرفوا فضله وشرفه ولما اراد الله تعالى اظهار شرف يوسف يوسف في سعة العلم والتعبير ارى الملك تلك الرؤية. وعرضها على كل من لديه علم ومعرفة فعجزوا عن معرفتها ثم بعد ذلك عبرها يوسف ذلك التعبير العجيب الذي ظهر به من فضله وشرفه وتعظيم الخلق له شيء لا يمكن التعبير عنه ولما عارض فرعون الايات التي ارسل التي ارسل بها موسى وزعم انه سيأتي بسحر يغلوه فجمع كل ساحر عليم من جميع انحاء المملكة واجتمع الناس في يوم عيدهم. والقى السحرة عصيهم وحبالهم في ذلك الجمع العظيم. واظهروا للناس من عجائب السحر. سحروا اعين الناس واسترهبوهم وتمادى عليه جميع اعدائه ومكروا مكرتهم الكبرى للايقاع به نصره الله ذلك النصر العجيب. فان نصر المنفرد الذي احاط به عدوه الشديد القوي مكره الذي جمع كل كيده ليوقع به اشد واعظم النكبات وتخلصه وانفراج الامر له من اعظم انواع النصر كما ذكر الله هذه الحالة التي عاتب بها اهل الارض فقال الا تنصروه فقد نصره الله اذا اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين. اذ هما في اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا تأيدوا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تره وقريب من هذا نصره اياه يوم حنين حيث اعجبه الناس كثرتهم فلم تغني عنهم شيئا وضاقت عليهم الارض بما رحبت ثم ولوا مدبرين وثبت صلى الله عليه وسلم فانزل الله عليه سكينته ونصره في هذه الحالة الحرجة فكان لهذا النصر من الموقع الكبير ما لا يعبر عنه وكذلك ما ذكره الله من الشدائد التي جرت على انبيائه واصفيائه. وانه اذا اشتد الوقع والبأس وكاد ان يستولي على النفوس اليأس انزل الله فرجه ونصره ليصير بذلك موقع في القلوب وليعرف العباد الطاف علام الغيوب ويقارب هذا المعنى ان زاده ان زاده الغيث العباد بعد ان كانوا من قبل ان ينزل عليهم مبلسين. فيحصل من اثار رحمة الله والاستبشار بفضله ما يملأ القلوب حمدا وشكرا وثناء على الباري تعالى وكذلك اذكرهم نعمه بلفت انظارهم الى تأمل ظدها كقوله قل ارأيتم ان اخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم من اله غير الله يأتيكم به وقوله قل ارأيتم ان جعل الله عليكم الليل صرمة الى يوم القيامة الايات وتلمح على هذا المعنى قصة يعقوب وبنيه. حين اشتدت لهم الازمة ودخلوا على يوسف. قالوا يا ايها العزيز مسنا واهلنا الضر. ثم بعد قليل قال ادخلوا مصر ان شاء الله امنين. في تلك النعمة الواسعة والعيش الرغيد والعز المتين والجاه العليم. فتبارك من لا يدرك من الطافه ودقيق بره الا القليل يناسب هذا من الطاف الباري ان يذكر عباده في اثناء المصائب ما يقابلها من النعم. لان لا تسترسل النفوس للجزع فانها اذا قابلت بين المصائب والنعم خفت عليها المصائب وهان عليها حملها كما ذكر الله المؤمنين حين اصيبوا باحد ما اصابوا من المشركين ببدر فقال اولما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثليها ادخل وادخل هذه الاية في اثناء قصة احد ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة. فاتقوا الله لعلكم تشكرون. ويبشر عباده بالمخرج منها تباشره المصائب لي المصائب ليكون هذا الرجاء مخففا لمن انزل من البلاء قال تعالى واوحينا اليه لتنبئنه بامرهم هذا وهم لا يشعرون. وكذلك رؤيا يوسف اذ ذكرها يعقوب رجاء الفرج وهب على قلبه نسيم الرجاء. ولهذا قال يا بني يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه ولا تيأسوا من روح الله. وكذلك قوله تعالى موسى واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني ارادوا اليك وجاعنوا من المرسلين واعظم من ذلك كله ان وعد الله لرسله بالنصر وتمام الامر هون عليهم المشقات وسهل عليهم الكريهات فتلقوها بقلوب مطمئنة وصدور شرح والطاف الباري فوق ما يخطر بالبال او يدور في الخيال