اعظم من خوف العامة وهم اليه احوج وهو بهم اليق ولهم الزم. فان العبد خاصة والعامة الخاصة يعني العلماء وطلاب العلم والعامة يعني عوام المسلمين وليس المقصود هنا تقسيم الناس ولا مثنوية يعني لا رجوع بالقول لا رجوع في الخبر نعم لا استثناء فيه نعم احسن الله اليكم. قال وان بعد مثله في العادة التي اجراها فان ذلك عليه يسير اذا اراده. اي من الايس من رحمة الله. قال ابراهيم عليه السلام فاجابهم بانه ليس بقانط. ولكن يرجو من الله الولد. وان كان قد كبر واسنت امرأته فانه يعلم من قدرة الله ورحمته ما هو لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ونستأنف حيث وقفنا في قراءتنا لكتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد للعلامة الشيخ سليمان ابن عبد الله ابن الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى حيث كنا قد وقفنا على قوله باب قول الله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. الباب الثاني والثلاثون فنبدأ على بركة الله. نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك وانعم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا وشيخنا ولمشايخه والمسلمين والمسلمات يا رب العالمين. قال الشيخ العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد. باب قول الله تعالى وعلى فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. قال ابو السعادات يقال توكل بالامر اذا ضمن القيام به ووكلت امري الى فلان اي الجأته واعتمدت عليه فيه. وكل وكل فلان فلانا فلانا اذا استكفأه امره ثقة بكفايته اذا استكفاه امره ثقة بكفايته او عجز عن القيام بامره بامر نفسه انتهى كلامه. انا ابو السعادات هو صاحب كتاب النهاية في غريب الحديث والاثر ابن الاثير رحمه الله فقوله ووكلت امري يعني بالتخفيف ووكلت بالتخفيف الى فلان اي الجأت واعتمدت عليه في وكل فلانا يعني بالتشديد فلانا وكل فلان فلانا اذا استكفاه. نعم قال ومراد المصنف بهذه الترجمة النص على ان التوكل فريضة يجب اخلاصه لله تعالى لانه من افضل العبادات واعلى مقامات التوحيد بل لا يقوم به على وجه الكمال الا خواص المؤمنين. كما تقدم في صفة السبعين الفا الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ولذلك امر الله به في غير اية من القرآن اعظم مما امر اعظم مما امر بالوضوء والغسل من الجنابة. بل جعله شرطا في الايمان والاسلام ومفهوم ذلك انتفاء الايمان والاسلام عند انتفائه كما في الاية المترجم لها وقوله تعالى ان كنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين. وقوله تعالى وقوله رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا. وقوله الا اتخذوا من دوني وكيلا. وقوله وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده. وكفى به بذنوب عباده خبيرا. وقوله تولوا فقل حسبي الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. وغير ذلك من الايات وفي الحديث من سره ان يكون اقوى الناس فليتوكل على الله. رواه ابن ابي الدنيا وابو يعلى والحاكم. وفي حديث اخر لو انكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير. تغدوا خماصا وتروح بطانا. رواه احمد وابن ماجة. قال الامام احمد التوكل عمل القلب قال ابو اسماعيل الانصاري التوكل كلا الامر الى مالكه. والتعويل على وكالته. اذا تبين ذلك فمعنى الاية المترجم لها ان موسى عليه السلام امر قومه بدخول الارض المقدسة التي كتبها الله لهم ولا يرتدوا على ادبارهم خوفا من الجبارين بل لا يمضون بل يمضون قدما لا يهابونهم ولا يخشونهم متوكلين على الله في هزيمتهم مصدقين بصحة وعده لهم ان كانوا مؤمنين. قول الامام احمد التوكل على القلب وقول ابو اسماعيل الانصاري صاحب كتاب اه اه الذي شرحه ابن القيم مدارج السالكين في منازل السائرين من كتاب ابو اسماعيل بعنوان منازل السائرين التوكل كلة الامر الى مالكه والتعويل على وكالته معنى هذا ان التوكل امر قلبي لا يجوز ان نقول التوكل منه ما هو شرك ومنه ما هو ليس بشرك. التوكل على غير الله شرك مطلقا التوكيل ليس من التوكل. انتبهوا ترى التوكيل هو بذل سبب هو بذل سبب التوكل هو كما قال ابو اسماعيل كلة الامر الى مالكه نعم قال ابن القيم رحمه الله فجعل التوكل على الله شرطا في الايمان فدل على انتفاء الايمان عند انتفائه. وفي الاية الاخرى وقال موسى يا قوم ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين فجعل دليل صحة الاسلام التوكل وقال وعلى الله فليتوكل المؤمنون. فذكر اسم الايمان ها هنا دون سائر اسمائهم دليل على استدعاء الايمان للتوكل وان قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الايمان وضعفه. وكلما قوي ايمان العبد كان توكله اقوى واذا ضعف فالايمان ضعف التوكل واذا كان التوكل ضعيفا فهو دليل على ضعف الايمان ولابد. حقيقة التوكل ينبني على امرين الاول امر اعتقادي وهو ان يعلم المرء ان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن والامر الثاني بذل السبب بذل السبب الشرعي والكوني واعتماد القلب على خالق الاسباب سبحانه وتعالى. نعم والله تبارك وتعالى يجمع بين التوكل والعبادة وبين التوكل والايمان وبين التوكل والتقوى وبين التوكل والاسلام وبين التوكل والهداية ظهر ان التوكل اصل لجميع مقامات الايمان والاحسان ولجميع اعمال الاسلام. وان منزلته منها كمنزلة الجسد من الرأس. فكما الا يقوم الرأس الا على البدن فكذلك لا يقوم الايمان ومقاماته واعماله الا على ساق التوكل. قلت وفي الاية دليل على ان التوكل الله عباده وعلى انه فرض. واذا كان كذلك فصرفه لغير الله شرك. قال شيخ الاسلام وما رجا احد مخلوقا او توكل عليه الا ظنه فيه فانه مشرك ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق. قلت لكن التوكل على غير الله قسمان احدهما التوكل في الامور التي لا يقدر عليها الا الله. كالذين يتوكلون على الاموات والطواغيت في رجاء مطالبهم من النصر والحفظ والرزق والرزق والشفاعة فهذا شرك اكبر فان هذه الامور ونحوها لا يقدر عليها الا الله تبارك وتعالى الثاني التوكل في الاسباب الظاهرة العادية كمن يتوكل على امير او سلطان فيما جعله الله بيده من الرزق او دفع الاذى ونحو ذلك. فهذا نوع شرك كن خفي. والوكالة الجائزة هي توكل الانسان في فعل مقدور عليه. ولكن ليس له ان يتوكل عليه وان يتوكل على الله ويعتمد عليه في تيسير ما وكله فيه ما وكله فيه كما قرره شيخ الاسلام. قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون قال الشارح قال ابن عباس في الاية المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند اداء فرائضه ولا يؤمنون بشيء من ايات الله اولا يتوكلون على الله ولا يصلون اذا غابوا ولا يؤدون زكاة اموالهم. فاخبر الله انهم ليسوا بمؤمنين ثم وصف المؤمنين فقال انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم فادوا فرائضه. رواه ابن رواه ابن جرير وابن ابي حاتم وهذه صفة المؤمن الذي اذا ذكر الله وجل قلبه اي خاف من الله اذا فعل اوامره وترك زواجره. فان وجل القلب من الله يستلزم القيام فعل المأمور وترك المحظور كما قال تعالى واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ان الجنة هي المأوى. ولهذا قال السدي في قوله اذا ذكر الله وجلت قلوبهم هو الرجل يريد ان يظلم او قال يهم بمعصية فيقال له اتق الله فيجل قلبه. رواه ابن ابي شيبة وابن جرير وابن ابي حاتم وقوله واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا. قد استدل الصحابة والتابعون ومن تبعهم بهذه الاية وامثالها على زيادة الايمان ونقصانه. قال عمير بن قال عمير بن حبيب الصحابي ان الايمان يزيد وينقص. فقيل له وما زيادته وما نقص قال اذا ذكرنا الله وخشيناه فذلك زيادته. واذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه. رواه ابن سعد. وقال مجاهد في بهذه الاية الايمان يزيد وينقص وهو قول وعمل. رواه ابن ابي حاتم وحكى الاجماع على ذلك الشافعي واحمد وابو عبيد وغيرهم وقوله وعلى ربهم اي يعتمدون عليه بقلوبهم مفوضين اليه امورهم وحده لا شريك له. فلا يرجون سواه ولا يقصدون الا اياه. ولا يرغبون الا يعلمون ان ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وانه المتصرف في الملك وحده لا شريك له. وفي الايات وصف المؤمنين احقا بثلاث مقامات من مقامات الاحسان وهي الخوف وزيادة الايمان والتوكل على الله وحده. زيادة الايمان من المسائل الاجماعية كما قال الشافعي رحمه الله ومن قال بان الامام مالك لا يرى الزيادة في الايمان فهذا خطأ على الامام مالك والشافعي من خواص التلاميذ مالك وينقل في ذلك الاجماع فهو يعلم انه لا خلاف في المسألة وانما خالف في زيادة الايمان ونقصانه تخالف في الزيادة والنقصان المرجئة من الجهمية والماتريدية وغيرهم وكذلك الخوارج والمعتزلة لا يرون ان الايمان ينقص وان كان بعضهم يرى زيادته نعم فان قيل اذا كان المؤمن حقا هو الذي فعل المأمور وترك المحظور فلماذا لم لم يذكر الا خمسة اشياء؟ قيل لان ما ذكر مستلزم لما نعم قال ويشملها قوله تعالى والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وقوله تعالى الذين قدروا على ربهم يتوكلون. ولما كان الصبر لا يحصل الا بالله كما قال واصبر وما صبرك الا فانه ذكر وجل قلوبهم اذا ذكر الله وزيادة ايمانهم اذا تليت عليهم اياته مع التوكل عليه واقام الصلاة على الوجه المأمور به باطنا ظاهرة والانفاق من المال والمنافع فكان هذا مستلزما للباقي. فان وجل القلب عند ذكر الله يقتضي خشيته والخوف منه. وذلك يدعو صاحبه الى فعل المأمور وترك المحظور وكذلك زيادة الايمان عند تلاوة ايات الله يقتضي زيادته علما وعملا. ثم لا بد من التوكل على الله فيما لا يقدر عليه الا ومن طاعة الله فيما يقدر عليه. واصل ذلك الصلاة والزكاة فمن قام بهذه الخمس كما امر لزم ان يأتي بسائر الواجبات بل الصلاة اذا فعلها كما امر فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر ذكر ذلك شيخ الاسلام. قال المصنف رحمه الله وقوله يا ايها النبي حسبك الله الاية. قال السارح قال ابن القيم اي الله وحده كافيك وكافي اتباعك. فلا تحتاجون معه الى احد قيل المعنى حسبك الله وحسبك المؤمنون. قال ابن القيم وهذا خطأ محض لا يجوز حمل الاية عليه. فان الحسم والكفاية لله وحده كالتوكل حسب الحسم والكفاية لله وحده ومن الله وحده لو اجتمع المؤمنون كلهم ما كانوا يستطيعون ان يكفوا النبي صلى الله عليه وسلم مما يريده الله تبارك فالحسب والكفاية لا يكون الا من الله لا يكون الا من الله سبحانه فهذا خطأ محض من زعم ان المعنى حسبك الله وحسبك المؤمنون يعني كافيك الله وكافيك المؤمنون هذا خطأ محض نعم قال رحمه الله فان الحسم والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة. قال تعالى وان يريدوا ان يخدعوك ان حسبك الله هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين. ففرق بين الحسب والتأييد فجعل الحسب له وحده وجعل التأييد له بنصره وبعباده. واثنى على اهل التوحيد من عباده حيث افردوه بالحسب. فقال تعالى الذين قال لهم الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله هو نعم الوكيل. ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله. فاذا كان هذا قولهم ومدح الرب تعالى لهم بذلك فكيف يقول لرسوله الله واتباعك حسبك؟ واتباعه قد افرضوا الرب تعالى بالحسب ولم يشركوا بينه وبين رسوله فكيف يشرك بينه وبينهم في حسب في حزب رسوله صلى الله عليه وسلم هذا من امحل المحال وابطل الباطل. قال ونظير هذا قوله سبحانه وقالوا حسبنا الله اوتينا الله من فضله ورسوله انا الى الله راغبون. فتأمل كيف جعل ساء لله والرسول كما قال وما اتاكم الرسول فخذوه. وجعل الحسب له وحده فلم يقل وقالوا حسبنا الله ورسوله بل جعله خالص حقه كما قال انا الى الله راغبون. ولم يقل والى رسوله بل جعل الرغبة اليه وحده كما قال فالرغبة والتوكل والانابة والحسب لله وحده. كما ان العبادة والتقوى والسجود والنذر والحليف لا يكون الا له سبحانه وتعالى. انتهى كلامه وبهذا يتبين مطابقة الاية للترجمة لان الله تعالى اخبر انه حسب رسوله وحسب اتباعه اي كافيهم وناصرهم. فنعم المولى ونعم النصير وفي ضمن ذلك امر لهم بافراده تعالى بالحسب. استكفاءا بكفايته تبارك وتعالى وذلك هو التوكل قال المصنف رحمه الله وقوله ومن يتوكل على الله فهو حسبه. قال الشارح قال ابن القيم اي كافيه. ومن كان الله كافيه واقيه فلا مطمع فيه لعدوه. ولا يضره الا اذى لابد منه كالحد والبرد والجوع والعطش. واما ان يضره بما يبلغ به مراده لا يكون ابدا وفرق بين الاذى الذي هو في الظاهر ايذاء وهو في الحقيقة احسان اليه واضرار بنفسه وبين الضرر الذي يشتفي به منه قال بعض السلف جعل الله لكل عمل جزاء من نفسه وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته فقال. ولم يقل فله كذا وكذا من الاجر. كما قال في الاعمال بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السماوات والارض ومن فيهن لجعل له مخرجا وكفاه ونصره. انتهى كلامه. وفي اثر رواه احمد في الزهد عن وهب بن منبه انه قال قال الله عز وجل في بعض كتبه بعزتي انه من اعتصم بي فان كادته السماوات بمن فيهن. والارضون بمن فيهن. فاني اجعل له من ذلك مخرجا ومن لم يعتصم بي فاني اقطع يديه من اسباب السماء واخسف من تحت قدميه الارض فاجعله في الهواء ثم اكله الى نفسه كفى بي لعبدي مئلا. اذا كان عبدي في طاعتي اعطيه قبل ان يسألني. واستجيب له قبل ان يدعوني. فانا اعلم بحاجته التي ترفق به منه وفي الاية دليل على فضل التوكل وانه اعظم الاسباب في جلب المنافع ودفع المضار. لان الله علق الجملة الاخيرة على الاولى تعليق الجزاء على الشرط امتنعوا ان يكون وجود الشرط كعدمه لانه تعالى رتب الحكم على الوصف المناسب له. فعلم ان توكله هو سبب كون الله حسبا له ذكره شيخ وفيه تنبيه على القيام بالاسباب مع التوكل لانه تبارك وتعالى ذكر التقوى ثم ذكر التوكل كما قال تعالى واتقوا الله وعلى الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون. فجعل التوكل مع التقوى الذي هو قيام بالاسباب المأمور بها فحين اذ اذا توكل على الله فهو حسب فالتوكل بدون القيام بالاسباب المأمور بها عجز محض. وان كان مشهورا وان كان مشوبا بنوع من التوكل فلا ينبغي للعبد ان يجعل توكله عجزا ولا زهوا توكلا بل يجعل توكله من جملة الاسباب التي لا يتم المقصود الا بها كلها ذكر معناه ابن القيم. يعني الذي لا يبذل السبب ويزعم التوكل فهذا عاجز هذا عاجز وهذا هو المتواكل هو الذي يبذل السبب ولا يعلق قلبه بخالق الاسباب هذا رجل تعلق امره وقلبه بالماديات الظاهرة فكلا الامرين مخالفان للتوكل فحقيقة التوكل بذل السبب عملا وتعليق القلب على خالق الاسباب وبخالق الاسباب باطنا نعم احسن الله اليكم. قال المصنف رحمه الله عن ابن عباس انه قال حسبنا الله ونعم الوكيل. قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. الاية رواه البخاري. قال السارح قوله حسبنا الله اي فلا نتوكل الا عليه كما قال ومن يتوكل على الله فهو حسبه اي كافيه كما قال اليس الله بك عبده قوله ونعم الوكيل اي نعم الموكول اليه المتوكل عليه كما قال تبارك وتعالى واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير. فقد تضمنت هذه الكلمة العظيمة التوكل على الله جاء اليه. قال ابن القيم رحمه الله وهو حسب من توكل عليه وكافي من لجأ اليه. وهو الذي يؤمن خوف الخائف ويجير المستجير وهو نعم المولى ونعم النصير. فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه وانقطع بكليته اليه تولاه وحفظه وصانه ومن خافه واتقاه امنه مما يخاف ويحذر وجلب اليه كل ما يحتاج اليه من المنافع. قوله قالها ابراهيم صلى الله عليه وسلم حين القي في النار وفي رواية عن ابن عباس انه قال كان اخر قول ابراهيم عليه السلام حين القي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل. رواه البخاري. وقد ذكر الله القصة في سورة الانبياء عليهم السلام. قوله وقالها محمد صلى الله عليه وسلم الى اخره وذلك بعدما كان من امر من امر احد ما بلغ ما كان احسن الله اليكم. قوله وقالها محمد صلى الله عليه وسلم الى اخره وذلك بعدما كان من امر احد ما كان. بلغ النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ان ابا سفيان ومن معه قد اجمعوا عليهم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وحذيفة بن يمان وعبدالله بن مسعود ابو عبيدة ابن الجراح في سبعين راكبا حتى انتهى الى حمراء الاسد. وهي من المدينة الى وهي من المدينة على ثلاثة اميال. ثم القى الله الرعب في قلب ابي فرجع الى مكة ومر به ركب من بن عبد القيس فقال اين تريدون؟ قالوا نريد المدينة. فقال فهل انتم مبلغون عني محمدا رسالة سلكم بها اليهم قالوا نعم. قال فاذا رسالة ارسلكم الظبط خطأ. احسن الله هل انتم مبلغون عني محمدا صلى الله عليه وسلم رسالة ارسلكم بها اليه نعم احسن الله اليكم. قالوا نريد المدينة؟ قال فهل انتم مبلغون عني محمدا رسالة ارسلكم بها اليه؟ قالوا نعم. قال فاذا وافيتموه فاخبروه وانا قد اجمعنا السير اليه والى اصحابه لنستأصل بقيتهم. فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الاسد فاخبروه بالذي قال ابو سفيان واصحابه فقال حسبنا الله ونعم الوكيل. والقصة مشهورة في السير والتباسير يصبح الولا والبرا عن المشايخ يصبح الولا والبرا على الطوائف على المذاهب فان قال قائل فقد ثبت عن السلف انهم كانوا يقولون اذا رأيت الرجل يعادي فلان فاحذره نقول هذا اذا كان ففي هاتين القصتين فضل هذه الكلمة العظيمة. وانها قول ابراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام في الشدائد. ولهذا جاء في الحديث اذا وقعتم في الامر العظيم فقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل رواه ابن مردويه. وان القيام بالاسباب مع التوكل على الله لا في حال الشدة عليه ان يلزم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء في القرآن يكثر من حسبنا الله ونعم الوكيل يكثر من لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين. يكثر من لا حول ولا قوة الا بالله يكثر من يد الجلال والاكرام يكثر من الله الله ربي لا اشرك به شيئا هذه هي الادعية المشهورة في وقت الشدة والضيق يفرج الله عز وجل كرب المكروب ونعم قال رحمه الله تعالى وان القيام بالاسباب مع التوكل على الله لا يتنافيان. بل يجب على العبد القيام بهما كما فعل الخليلان عليهما الصلاة والسلام. ولهذا جاءت في الحديث الصحيح الذي رواه الامام احمد وابو داوود والنسائي عن عوف ابن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما ادبر حسبي الله ونعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا علي الرجل فقال ما قلت؟ قال قلت حسبي الله ونعم الوكيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس. فاذا غلبك امر فقل حسبي الله ونعم الوكيل. وفي الاية دليل على ان الايمان يزيد وينقص قال مجاهد في قوله فزادهم ايمانا قال الايمان يزيد وينقص وعلى ان ما يكرهه الانسان قد يكون خيرا له وان التوكل اعظم الاسباب في حصول طير ودفع الشر في الدنيا والاخرة. والتوكل ليس فقط اعظم الاسباب في حصول الخير ودفع الشر. بل التوكل في نفسه سعادة الدنيا والاخرة لان الانسان اذا علق قلبه بخالق الاسباب يعيش سعيدا لا يهتم ولا يغتم لا يفكر بما كان ولا يفكر بما يكون يعلم ان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ويعلم ان مشيئة الله عز وجل وان ارادته سبحانه وتعالى في الايجاد وفي الموجودات متعلقة بحكمة عظيمة وان غاب عنه ذلك فهو يعلم انه سبحانه الحكيم العليم فيزداد سعادة ويزداد رضا ويزداد شكرا على قضاء الله وقدره هذا هو اعظم ثمرات التوكل نعم احسن الله اليكم ثم قال رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله القوم الخاسرون. المراد بهذه الترجمة التنبيه على الجمع بين مقام الرجاء والخوف. ولذلك ذكر بعد هذه الاية قوله تعالى ان يقنطوا من رحمة ربه الا الضالون. هذا هو مقام الانبياء الصديقين كما قال تعالى اولئك الذين يدعون يبتون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب يرجون رحمته ويخافون عذابه ان عذاب ربك كان محظورا فابتغاء الوسيلة اليه هو التقرب بحبه وطاعته ثم ذكر الرجاء والخوف وهذه اركان الايمان. وقال تعالى انهم كانوا سارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا. وكانوا لنا خاشعين. وقالت تعالى عن ابراهيم عليه الصلاة والسلام وسع ربي كل شيء علما. افلا تتذكرون. وقال عن شعيب قد على الله كذبا ان عدنا في ملتكم بعد اذ نجانا الله منها. وما يكون لك ان نعود فيها الا ان يشاء الله ربنا فوكل الامر الى مالكه وقال تعالى عن الملائكة عليهم السلام يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون. وقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لاعلمكم بالله واشدكم له خشية واشدكم اني لاعلمكم بالله واشد واشدكم بضم الدال. احسن الله اليكم. هنا مظبوطة بالفتح هذا خطأ اني لاعلمكم بالله ولا اشدكم له خشية. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكلما قوي ايمان العبد ويقينه قوي خوفه ورجائه مطلقا. قال الله تعالى من عباده العلماء وقال ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين انهم بايات ربهم يؤمنون. والذين هم بربهم لا يشركون. والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون. قالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله هو الرجل يزني ويسرق ويخاف ان يعاقب. قال لا يا بنت الصديق هو الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف الا يقبل فمنه رواه الامام احمد والترمذي وابن جرير وابن ابي حاتم والحاكم وصححه. قال ابن القيم الخوف من اجل منازل الطريق وخوف الى اقسام فان الله عز وجل اه سمى عباده بالمسلمين والمؤمنين والمحسنين وهنا لعله يقصد بالخاصة يعني اهل الاحسان وبالعام ما اهل الايمان والاسلام؟ نعم قال فان العبد اما ان يكون مستقيما او مائلا عن الاستقامة فان كان مائلا عن الاستقامة فخوفه من العقوبة على ميله. ولا يصح الايمان الا بهذا الخوف وهو وينشأ من ثلاثة امور احدها معرفته بالجناية وقبحها. والثاني تصديق الوعيد. وان الله رتب على المعصية عقوبتها. الثالث ان انه لا يعلم انه يمنع من التوبة ويحال بينه وبينها اذا ارتكب الذنب فبهذه الامور الثلاثة الثالث انه لا يعلم انه يمنع من التوبة ويحال بينه وبينها اذا ارتكب الذنب فبهذه الامور الثلاثة يتم له الخوف وبحسب قوتها وضعفها يكون قوة الخوف وضعفه. هذا قبل الذنب فاذا عملت فاذا عمله كان خوفه اشد. وبالجملة فمن استقر في قلبه ذكر الدار الاخرة وجزائها وذكر المعصية والتوعد عليها وعدم الوثوق باتيانها بالتوبة النصوح هاج من قلبه من الخوف ما لا يملكه. ولا يفارقه حتى ينجو. واما ان كان مستقيما مع الله فخوفه يكون مع جريان الانفاس لعلمه بان الله مقلب القلوب وما من قلب الا وهو بين اصبعين من اصابع الرحمن عز وجل. فان شاء ان يقيمه اقامه. وان شاء ان يزيغه ازاغه. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت اكثر يمينه لا ومقلب القلوب. ويكفي في هذا قوله تعالى واعلموا ان ان الله يحول بين المرء وقلبه. فاي قرار لمن هذه حاله ومن احق بالخوف منه؟ بل خوفه لازم له في في كل حال. وان توارى عنه بغلبة حال اخرى عليه فالخوف حشو قلبه. لكن توارى عنه بغلبة غيره فوجود الشيء غير العلم بها. فالخوف الاول ثمرة العلم بالوعد والوعيد. وهذا الخوف ثمرة العلم بقدرة الله عز وجل وعزته وجلاله. وانه الفعال بما يريد وانه المحذك للقلب المصرف له كيف يشاء. لا اله الا هو العزيز الحكيم انتهى. فهذا الخوف الثاني هو من خوف المكر اذا علمت هذا فمعنى الايات المترجم لها ان الله تبارك وتعالى لما ذكر حال اهل القرى والمكذبين للرسل بين ان الذي حملهم على ذلك هو الامر من عذاب الله وعدم الخوف منه كما قال افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون. اوامن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ثم بين ان ذلك بسبب الجهل والغرة بالله. الغرة بمعنى الاغترار احسن الله اليكم. فامنوا مكره فيما ابتلاهم به من السراء والضراء بان يكون استدراجا فقال افأمنوا مكر فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. اي الهالكون. فدل على وجوب الخوف من مكر الله. قال الحسن من وسع عليه فلم ير انه يمكر به فلا رأي له. ومن قتر عليه فلم ير انه ينظر له فلا رأي له وقال قتلت وبغت ينظر من الانذار وهو التأخير نعم وقال قتادة بغت القوم امر الله. وما اخذ الله قوما قط الا عند سلوتهم وغرتهم ونعمتهم. فلا تغتروا بالله انه ايغتر بالله الا القوم الفاسقون؟ رواهما ابن ابي حاتم وفي الحديث اذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فانما هو استدراج. رواه احمد وابن جرير وابن ابي حاتم. وقال وقال اسماعيل ابن رافع من الامن من مكر الله اقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة. رواه ابن ابي حاتم. قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله ومن يقنط ومن رحمة ربه الا الضالون. قال السارق نبه المصنف رحمه الله بهذه الاية على الجمع بين والخوف فاذا خاف فلا يقنط فاذا خاف فلا يقنط من رحمة الله بل يرجوها مع العمل الصالح كما قال تعالى ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله. الله غفور رحيم. فذكر سبحانه انهم يرجون رحمة الله مع الاجتهاد في الاعمال الصالحة فاما الرجاء مع الاصرار على المعاصي فذاك من غرور الشيطان اذا تبين ذلك. فقوله الا ومن يقنط حكاية قول ابراهيم عليه السلام لما بشرته الملائكة بولده اسحاق عليه السلام فقال ابشرتموني على مسني الكبر فبما تبشرون؟ استبعادا لوقوع هذا في العادة مع كبر السن منه ومن زوجته بشرناك بالحق اي الذي لا ريب فيه ولا مثنوية. بل هو امر الذي اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون. وان بعد مثله في العادة التي اجراها فان ذلك عليه يسير اذا اراده. فلا وابلغ من ذلك. قال السدي قال من ييأس من رحمة ربه. رواه ابن ابي حاتم قال بعض الا المخطئون طريق الصواب او الكافرون كقوله الا القوم الكافرون وفي حديث مرفوع الفاجر الراجي لرحمة الله اقرب منها من العابد القنط. رواه الحكيم والترمذي. رواه الحكيم الترمذي حاكم في تاريخه. ان اكثر ما يرويه الحكيم الترمذي يكون من الضعيف والموضوع فانه حشى كتابه يعني بالغرائب والعجائب. كتابه نوادر الاصول فعلا اكثر ما فيه نوادر لا تثبت. نعم قال المصنف رحمه الله عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر. فقال الشرك فقال الشرك بالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله قال السائل في هذا الحديث رواه البزار وابن ابي حاتم من طريق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متكئا فدخل عليه رجل. فقال ما الكبائر قال الشرك بالله وذكر الحديث ورجاله ثقات الا شبيب بن بشر. فقال ابن معين ثقة ولينه ابن ابي حاتم ومثل هذا يكون حسنا. وقال ابن كثير في اسناده نظر والاشبه ان يكون موقوفا. قوله الشرك بالله هو اكبر الكبائر اذ مضمونه تنقيص رب العالمين والههم ومالكهم وخالقهم الذي لا اله الا هو وعدل غيره به كما قال فهو اظلم الظلم واقبح القبيح ولهذا لا يغفر ان لم يطب منه. بخلاف غيره من الذنوب ففي مشيئة الله ان شاء غفرها وان شاء عذب بها قوله واليأس من روح الله اي قطع الرجاء والامن من الله فيما يرومه ويقصده. قال تعالى ولا تيأسوا من روح الله ولا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وذلك اساءة ظن بكرم الله ورحمته وجوده ومغفرته قوله والامن من مكر الله اي من استدراجه للعبد او سلبه ما اعطاه من الايمان نعوذ بالله من غضبه. وذلك جهل بالله وبقدرته وثقة بالنفس وعجب بها واعلم ان هذا الحديث لم يرد فيه حصر الكبائر فيما ذكر بل الكبائر كثيرة لكن ذكر ما هو اكبرها او من اكبرها. ولهذا قال ابن عباس هي الى السبعين اقرب منها الى السبع رواه ابن جرير وابن وابن ابي حاتم وفي رواية هي الى سبعمائة اقرب منها الى سبع غير انه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار. قال المصنف رحمه الله وعن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من رح الله رواه عبدالرزاق قال الشارح هذا الاثر رواه ابن جريم باسانيد صحاح عن ابن مسعود قال ابن كثير وهو صحيح اليه بلا شك ورواه الطبراني ايضا. قوله اكبر قبائل الاشراك بالله اي في ربوبيته او عبادته وهذا بالاجماع. قوله والقنوط من رحمة الله. قال ابو السعادات هو اشد اليأس من الشيء. قلت فعلى هذا يكون الفرق بينه وبين اليأس كالفرق بين الاستغاثة والدعاء كالفرق بين الاستغاثة والدعاء فيكون القنوط من اليأس فيكون القنوط من اليأس وظاهر القرآن ان اليأس اشتد لانه حكم لاهله بالكفر ولاهل القنوط بالضلال وفيه التنبيه على الجمع بين الرجاء والخوف فاذا خاف فلا يقنط ولا ييأس وكان السلف يستحبون ان يقوى في الصحة الخوف وفي المرض الرجاء هذه طريقة ابي سليمان وغيره. قال وينبغي قال وينبغي للقلب ان يكون الغالب عليه الخوف فاذا كان الغالب عليه الرجاء فاذا كان الغالب عليه الرجاء فسد. فنسأل الله تعالى ان يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة انه على كل شيء قدير. اي يظهر لي والله اعلم ان اليأس انما يكون بعد الطلب طلبه فلم يدركه فايس واما القنوط فهو عدم الطلب وآآ انقطاع الامل منه وايضا فرق اخر ان اليأس غالب ما يصاب به اليأس غالب من يصاب به هم اهل الذنوب والقنوط اكثر من يصيب به هم اهل العبادة على غير علم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله. لما كان الله ببديع حكمته ولطيف قضى ان يبتلي النوع الانساني بالاوامر والنواهي والمصائب التي قدرها عليهم امرهم بالصبر على ذلك. وافترضه عليهم تسلية لهم على ذلك ووعدهم عليه الثواب بغير حساب. كما قال انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب فعلى هذا يكون الصبر ثلاثة انواع صبر على المأمور وصبر على المحظور وصبر على المقدور. لكن الصبر عند الاطلاق عند الاطلاق فانه لا يتبادر للذهن الا الصبر على اقدار الله الا ارشد تبارك وتعالى الى الجمع بينهما وقال تعالى واصبر لحكم ربك فانك باعيننا الامام احمد ذكر الله الصبر في تسعين موضعا. وقال النبي صلى الله عليه وسلم والصبر ضياء. رواه احمد ومسلم. وقال صلى وقال عليه السلام ما اعطي احد عطاء خيرا واوسع من الصبر. رواه البخاري ومسلم وفي حديث اخر الصبر نصف الايمان. رواه ابو نعيم والبيهقي في الشعب. وقال عمر وجدنا خير عيشنا بالصبر. رواه البخاري. وقال علي بن ابي طالب الا ان الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد فاذا قطع الرأس بار الجسد ثم رفع صوته فقال الا لا ايمان لمن لا صبر له الاحاديث والاثار في ذلك كثيرة واشتقاقه من صبر اذا حبس ومنع فالصبر حبس النفس يعني الجزع واللسان عن التشكي واللسان عن التشكي والسخط والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوهما ذكره ابن القيم. وقال غيره ان الصبر مشتق من الصبر وهي نبتة مرة وذلك لان الصبر في اوله مرارة وفي اخره حلاوة دراية وفقه آآ يعني ثمرات نعم قال المصنف رحمه الله تعالى وقوله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل عليم. قال الشارح اول الاية ما اصاب من مصيبة الا باذن الله مؤمن بالله يهدي قلبه. والله بكل شيء عليم. اخبر تعالى ان ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في الانفس الا باذن الله اي بقدره وامره كما قال في الاية الاخرى ذلك على الله يسير. قال ابن عباس في قوله الا باذن الله اي الا بامر الله. يعني عن قدره ومشيئته ان يؤمن بالله يهدي قلبه. قال ومن اصابته مصيبة فعلم انها بقضاء الله وقدره فصبر واحتسب واستسلم لقضاء الله جازاه الله تعالى بهداية قلبه التي هي اصل كل سعادة وخير في الدنيا والاخرة وقد يخلف عليه ايضا في الدنيا ما اخذه منه او خيرا منه. كما قال وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم طيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون. اولئك عليهم ان صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. قال ابن عباس يهدي قلبه لليقين في علم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه. وما اخطأه لم يكن ليصيبه وفي الحديث الصحيح عجبا للمؤمن لا يقضي عجبا للمؤمن لا يقضي الله له قضاء الا كان خيرا له. ان اصابته ضراء فصبر كان خيرا له وان اصابته سراء فشكر كان خيرا له. وليس ذلك لاحد الا للمؤمن. وقوله بكل شيء عليم تنبيه على ان ذلك صادر عن علمه المتضمن لحكمته. وذلك يوجب الصبر والرضا. قال المصنف رحمه الله قال علقمة هو الرجل وتصيبه المصيبة في علم انها من عند الله فيرضى ويسلم. قال الشارع هذا الاثر رواه ابن جرين وابن ابي حاتم عن القمة وهو صحيح وعلقمة ابن قيس ابن عبد الله النخعي الكوفي النخعي الكوفي ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسمع من ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وابن مسعود وعائشة وغيرهم وهو من كبار التابعين واجلائهم وعلمائهم وثقاتهم مات بعد الستين قوله هو الرجل تصيبه المصيبة الى اخره هذا تفسير هذا تفسير للايمان المذكور في الاية لكنه تفسير باللازم وهو صحيح اذ هذا لازم للايمان الراسخ في القلب. وقد مر معنا في مقدم في القواعد الحسان ان تفسير الكلمات قد تكون اه قد يكون التفسير تفسيرا بالمراد في القريب وهذا هو الاكثر او تفسيرا باللازم وهذا يقبل لكن بشرط ان لا ينفى الاصل وهذا يقبل بشرط ان لا ينفى الاصل او يكون التفسير بضد الكلمة ليتضح المعنى فلو قال لنا قال ما معنى العلم؟ نقول عكس الجهل هاتف سير مقبول اذا دائما الكلمات تفسر الكلمات بهذه الطريقة اما لو قال لك قائل ما معنى جاء؟ تقول اتى هذا التفسير المراد في القريب لو قال كقائل ما معنى جاء يعني حي وصل الينا هذا التفسير باللازم صحيح لو قالك قائل ما معنى جاء يعني لم يقعد تفسير بالظد هذا كله مقبول نعم وقريب منه تفسير سعيد بن جبير ومن يؤمن بالله يهدي قلبه يعني يسترجع يقول انا لله وانا اليه فكل هذا من دعوة الجاهلية. هذا كلام يكتب بالذهب الدعاء بدعوى الجاهلية من دعوى الجاهلية التعصب للمشايخ التعصب للاحزاب التعصب للجماعات تعصب للقبائل التعصب يعني الولا والبرا لا يكون على الدين اليه راجعون. وفي الاية بيان ان الصبر سبب لهداية القلب. وان من ثواب الحسنة الحسنة بعدها. وان الاعمال من الايمان وفيها اثبات القدر قال المصنف رحمه الله تعالى وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر في النسب والنياحة على الميت. قال السارح قوله هما اي الاثنتان. قوله بهم كفر ايهما بالناس اي فيهم كفر. قال شيخ الاسلام هيتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس. فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من اعمال الكفار. وهما قائمتان بالناس. لكن ليس من قام به شعبة من شعب الكفر يصير كافرا. يصير كافرا الكفر المطلق. حتى تقوم به حقيقة الكفر. كما انه ليس من الكفر ما يضاد اركان ايمان الستة حقيقة الكفر ما يظاد اركان الايمان الستة نعم قال كما انه ليس من قام به شعبة من شعب الايمان يصير مؤمنا حتى يقوم به اصل الايمان. وفرق بين الكفر المعرف باللام كما في قوله ليس بين عبدي وبين الكفر او الشرك الا ترك الصلاة وبين كفر منكر في الاثبات. قوله الطعن هذا احد الاقوال ان بعض العلماء يفرق بين الكفر المعرف ويجعله المخرج من الاسلام وكفر نكرة او بالفعل كفر او يكفر او كفر او كفرا يقول هذا قد يكون اكبر وقد يكون اصغر وهذه الطريقة رجحها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى والشيخ سليمان على هذا التفريق والذي عليه الجمهور ان الكفر معرفا يأتي بمعنى الاصغر. ولذلك جمهور العلماء لا يرون الكفر تارك الصلاة مع ان الحديث جاء فيه معرف ليس بين العبد وبين الكفر او الشرك الا ترك الصلاة نعم قال قوله الطعن في النسب اي عيبها ويدخل فيه ان يقال هذا ليس ابن فلان مع ثبوت نسبه في ظاهر الشرع ذكره بعضهم. قوله والنياحة على الميت اي رفع الصوت بالندب بتعديد شمائله لما في ذلك من التسخط على القدر والجزع المنافي للصبر. وذلك كقول النائحة وعضوداه ناصراه وكاسياه ونحو ذلك. فلنحذر نحذر قد يقع بعض المستقيمين في النياحة اذا مات الميت يأتون الى قبره يقول والله كان رجل عجيب كان رجل عابد كان رجل متقي كان كذا هذا من هذا يخشى ان يكون من النياح نعم لا سيما وقت الدفن وقت يعني الصلاة عليه نعم انما هو بحاجة الى الاستغفار نعم قال وفيه دليل على ان الصبر واجب لان النياحة منافية له. فاذا حرمت دل على وجوبه وفيه ان من الكفر ما لا ينقل عن الملة. قال رحمه الله وله معن ابن مسعود مرفوعا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. ونشرح قوله ليس منا هذا من نصوص الوعيد. وقد جاء عن سفيان الثوري واحمد كراهة تأويلها ليكون اوقع في النفوس. وابلغ في الزجر وقيل اي ليس من اهل سنتنا وطريقتنا لان الفاعل لذلك محرما وترك واجبا وليس المراد اخراجه من الاسلام بل المراد المبالغة في الردع عن الوقوع في ذلك كما يقول الرجل لولده عند معاتبته لست مني ولست منك هذا خطأ مطبعي قال كما يقول الرجل لولده عند معاتبته لست مني ولست منك. فالمراد ان فاعل ذلك ليس من المؤمنين الذين قاموا بواجب بواجبات الايمان. قوله من طلب الخدود قال الحافظ خص الخد بذلك لكونه الغالب. والا فضرب بقية الوجه مثله. قلت بل لو اضطرب غير الوجه كالصدر كفى كما لو ضرب الخد فيدخل في معنى ضرب الخد. اذ الكل جزع مناف للصبر فيحرم. وهكذا لو ظرب على فخذيه لو ظرب على فخذيه توجعا فهو داخل تحت هذا الوعيد نعم قوله وشق الجيوب جمع جيب وهو الذي يدخل فيه الرأس من الثوب. وكانوا يشقونه حزنا على الميت. قال الحافظ والمراد كمال فتحه الى اخره. قلت الظاهر ان فتح بعضه كفتحه كله. الجيب الجيب القميص اللي هو المكان الزرار بالنسبة لنا احنا فالمرأة تقطع ثيابها الرجل يقطع ثيابه للمصيبة تصيبه هذا من اعمال الجاهلية. نعم قوله ودعا بدعوى الجاهلية قال شيخ الاسلام هو ندب هو ندب الميت. وقال غيره هو الدعاء بالويل والثبور. وقال الحافظ اي من النياء اي من النياحة ونحوها وكذا الندبة كقولهم وجب له وكذا الدعاء بالويل والثبور. وقال ابن القيم الدعاء بدعوى الجاهلية كالدعاء الى القبائل والعصبية للانساب ومثل التعصب للمذاهب والطوائف والمشايخ وتفضيل بعض على بعض في الهوى والعصبية وكونه منتسبا اليه يدعو الى ذلك ويوالي عليه ويعادي ويزن الناس به ممن اتفق الناس على امامته ما هو انت تنصب شخص ثم تعادي وتوالي عليه والناس ما يرضونه اصلا. هذا ما يجوز فرق بين الامرين فرق بين من اتفق على امامته وجلالة قدره ومكانته فيكون علما على السنة وحينئذ يبتلى الناس به ويختبرون به وبين انت وفلان وجماعتك واربعة وخمس يجتمعون وينصبون شخصا ويجعلون الولاء والبراء عليه نعم احسن الله اليكم قلت الصحيح ان دعوى الجاهلية يعم ذلك كله. وقد جاء لعن من فعل ما في هذا الحديث عند ابن ماجة وصححه ابن حبان عن ابي امامة ان رسول الله صلى الله وسلم لعن الخامسة لعن الخامسة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور. وهذا يدل على ان هذه الامور من الكبائر لانها مشتملة التسخط على الرب وعدم الصبر الواجب والاضرار بالنفس. من لطم الوجه واتلاف المال بشق الثياب وتمزيقها وذكر الميت بما ليس فيه. والدعاء بالويل والثبول والتظلم من الله تعالى وبدون هذا يثبت التحريم الشديد. فاما الكلمات اليسيرة اذا كانت صدقا لا على وجه النوح والتسخط فلا تحرم. ولا تنافي الصور الواجب نص عليه احمد لما رواه في مسنده عن انس ان ابا بكر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدغيه وقال ونبياه وخليلاه واصفياه. وكذلك صح عن فاطمة رضي الله عنها انها ندبت اباها صلى الله عليه وسلم فقال يا ابتاه اجاب ربا دعاه الحديث واعلم ان الحديث المشروح لا يدل على النهي عن البكاء اصلا وانما يدل على النهي ذكر ونبيا وخليلا وصفيا يعني هذا الندب هذا الذي يعرف ان هذا ما ثبت بهذا اللفظ الذي يعرف ان هذا ما ثبت ولو ثبت ولو ثبت فلا يقال ان هذا فيه حجة على جواز الندب فان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ندب الميت نعم قال رحمه الله واعلم ان الحديث المشروح لا يدل على النهي عن البكاء اصلا وانما يدل على النهي عما ذكر فيه فقط وكذلك يدل على النهي عما في معناه كالبكاء برنة وحلق تعري وخمس الوجوه ونحو ذلك. قال اما البكاء على وجه الرحمة والرقة ونحو ذلك فيجوز. بل قال شيخ الاسلام البكاء على الميت على وجه الرحمة حسن مستحب ولا ينافي الرضا بقضاء الله بخلاف البكاء عليه لفوات حظه منه. قلت ويدل ذلك قوله ويدل لذلك قوله عليه السلام لما مات ابنه ابراهيم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول الا ما يرضي الرب. وانا بك لمحزونون وهو في الصحيح وفي الصحيحين عن اسامة ابن زيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق الى احدى بناته ولها صبي في الموت. فرفع اليه فرفع اليه الصبي نفسه كأنها شنة ففاضت عيناه فقال سعد ما هذا يا رسول الله؟ قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده الظبط الصحيح ونفسه تقعقع ونفسه تقعقع نعم احسن الله اليكم قال فرفع اليه الصبي نفسه تقعقع كأنها شنة وفاضت عيناه فقال سعد ما هذا يا رسول الله؟ قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وانما يرحم الله من عباده الرحماء. قال المصنف رحمه الله عن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له له العقوبة في الدنيا واذا اراد الله بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة. قال الشارح هذا الحديث رواه الترمذي والحاكم وحسنه الترمذي وفي اسناده سعد بن سنان قال الذهبي في موضع سعد ليس حجة وفي اخر كانه غير صحيح. واخرجه الطبراني والحاكم عن عبدالله ابن مغفل واخرجه ابن عدي عن ابي هريرة والطبراني وعن عمار ابن ياس وحسنه السيوطي. قوله اذا اراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا قال شارح الجامع الصغير اي بصب البلاء والمصائب عليه جزاء لما فرط من لما فرط من الذنوب منه. فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة كما يعلم من مقابلته الاتي ومن فعل ذلك به فقد اعظم اللطف به. حتى يكفر بالشوكة يشاكها حتى بالقلم يسقط من الكاتب. يكفر وعن المؤمن بكل ما يلحقه في دنياه حتى يموت على طهارة على طهارة من دنسه. اي من ذنوبه. هذا من فضل الله عز وجل على هذه الامة آآ ان الله سبحانه وتعالى جعل المصائب عليهم كفارات عاجلة جعل المصائب والامراض كفارات عاجلة. نعم قلت هو في الصحيح ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الارض وليس عليه خطيئة وفي المسند بعض الناس يمرض السنة والسنتين والثلاث والاربع ربما يكون في غيبوبة حتى فالناس اذا رأوه لا يترحمون عليه وتعلمون لو مات ترحموا عليه يوم يومين ونسوه لكنه ما دام مريضا الناس يدعون له بالشفاء والعافية اضافة الى صبره وجلده هذا كله دليل على ان البلاء لا يزال بالعبد حتى يمشي على الارض وليس عليه خطيئة نعم قال وفي المسند وغيره من حديث ابي هريرة مرفوعا لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنات في جسده وماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. قال شيخ المصائب نعمة لانها مكفرات للذنوب ولانها تدعو الى الصبر فيثاب عليها. ولانها تقتضي الانابة الى الله والذل له والاعراض عن الخلق. الى غير ذلك من المصالح العظيمة فنفس البلاء يكفر الله به الخطايا. ومعلوم ان هذا من اعظم النعم ولو كان رجل من افجر الناس فانه لا بد ان يخفف الله عنه عذابه بمصائبه فالمصائب رحمة ونعمة في حق عموم الخلق الا ان يدخل صاحبها بسببها في معاصي اعظم مما كان قبل ذلك بسبب بسببها احطوا باء ثانية في با ساقط مكتوب بسبعة عندي في سببها عندي كم بسعر ناقصة به نعم اضيفوا اليها باء بسببها الباء الاولى مفتوحة والثانية مكسورة. نعم قال فتكون شرا عليه من جهة ما اصابه في دينه. فان من الناس من اذا ابتلي بفقر او مرض او جوع حصل له من الجزع والسخط والنفاق ومرض القلب او الكفر للظاهر او ترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات ما يوجب له ضررا في دينه بحسب ذلك. فهذا كانت العافية خيرا له من جهة ما فته المصيبة لا من جهة المصيبة كما ان من اوجبت له المصيبة صبرا وطاعة كانت في حقه نعمة دينية فهي بعينها فعل الرب عز وجل رحمة للخلق والله تبارك وتعالى محمود عليها. فان اقترن بها طاعة كان ذلك نعمة ثانية على صاحبها. وان اقترن بها للمؤمن معصية هذا مما تتنوع فيه احوال الناس كما تتنوع احوالهم في العافية فمن ابتلي فرزق الصبر كان الصبر نعمة عليه في دينه وحصل له بعد ما كفر من خطاياه رحمة. وحصل له بثنائه على ربه صلاة ربه عليه حيث قال اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون فحصل له غفران السيئات ورفع الدرجات وهذا من اعظم النعم. فالصبر واجب على كل مصاب. فمن قام بالصبر الواجب حصل له ذلك انتهى قوله واذا اراد الله بعبده الشر امسك عنه اي اخر عنه العقوبة بذنبه قوله حتى يوافي به يوم القيامة وبضم الياء وكسر الفاء منصوبا بحتى مبنيا للفاعل. قال العزيزي اي لا يجازيه بذنبه في الدنيا حتى يجيء في الاخرة مستغفر الذنوب وافيها فيستوفي ما يستحقه من قلت هذا مما يزهد العبد في الصحة الدائمة خوفا ان تكون طيباته عجلت له في الحياة الدنيا. والله تعالى لم يرضى الدنيا لعقوبة اعدائه كما لم يرضاها اوليائه. بل جعل ثوابهم ان اسكنهم في جواره ورضي عنهم كما قال تعالى ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. ولهذا لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الاسقام قال الرجل يا رسول الله وما الاسقام؟ والله ما مرضت قط. قال قم عنا فلست منا. رواه ابو داوود. الحديث لا ضعيف. نعم وهذه الجملة هي اخر الحديث. فاما قوله وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء الى اخره فهو اول حديث اخر. لكن لما رواهما الترمذي باسناد واحد عن صحابي واحد جعلهما المصنف كالحديث الواحد. وفيه من الفوائد ان البلاء للمؤمن من علامات الخير خلافا لما يظنه كثير من الناس فيه الخوف من الصحة الدائمة ان تكون علامة شر وفيه التنبيه على رجاء الله وحسن الظن به فيما يقضيه لك مما تكره وفيه معنى قوله تعالى وعسى تكرهوا شيئا وهو خير لكم. قال المصنف رحمه الله تعالى وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط حسنه الترمذي قال السارح هذا الحديث رواه الترمذي ولفظه حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن يزيد ابن ابي حبيب عن عن سعد ابن سيرين عن انس رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اراد الله وبعبده الخير الحديث الذي قبل هذا ثم قال وبهذا الاسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان عظم الجزاء الحديث ثم قال هذا حديث حسن غريب من هذا ورواه ابن ماجة وصححه السيوطي. وروى الامام احمد عن محمود عن محمود بن لبيد مرفوعا. اذا احب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع. قال المنذري رواته ثقات قوله ان عظم الجزاء مع عظم البلاء بكسر المهملة وفتح الظاء فيهما. ويجوز ضمها مع سكون الظاء. اي من من كان ابتلاؤه اعظم فجزاؤه فعظمة الاجر وكثرة الثواب مع عظم البلاء كيفية وكمية وكمية جزاء وفاقا. قلت ولما كان الانبياء عليهم السلام اعظم الناس جزاء كانوا اشد الناس بلاء. كما في حديث سعد سئل النبي صلى الله عليه وسلم اي الناس اشد بلاء؟ قال الانبياء ثم الامثل فالامثل. يبتلى الرجل على بدينه فان كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الارض ما عليه خطيئة رواه الدارمي وابن ماجه والترمذي وصححه. وقد يحتج بقوله ان عظم الجزاء مع عظم البلاء من يقول ان المصائب والاسقام يثاب عليها غير تكفير للخطايا ورجح ابن القيم وغيره ان ثوابها تكفير الخطايا فقط الا اذا كان سببا لعمل صالح كالتوبة والاستغفار والصبر والرضا فانه حينئذ يثاب على ما تولد منها كان في حديث اذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها او قال لم ينلها بعمله ابتلاه الله في جسده او في ولده او في ماله ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل. رواه ابو داوود في رواية ابن داسه والبخاري في تاريخه وابو يعلى في مسنده وحسنه بعضهم. وعلى هذا فيجاب عن الاول ان عظم الجزاء مع عظم البلاء اي اذا صبر واحتسب. قوله وان الله تعالى اذا احب قوما ابتلاهم صريح في حصول الابتلاء لمن احبه الله. ولما كان الانبياء عليهم السلام افضل الاحباب كانوا اشد الناس بلاء واصابهم من البلاء في الله ما لم يصب احدا ينالوا بذلك الثواب العظيم والرضوان الاكبر وليتأسى بهم من بعدهم ويعلموا انهم بشر تصيبهم المحن والبلايا فلا يعبدونهم فان قلت كيف يبتلي الله احبابه؟ قيل لما كان احد لا يخلو من ذنب كان الابتلاء تطهيرا لهم كما صحت بذلك الاحاديث. وفي اثر الهي ابتليهم بالمصائب ليطهرهم من المعائب. ولانه زيادة في درجاتهم لما يحصل مع المصيبة للمؤمن من الاعمال الصالحة كما تقدم في حديث اذا سبقت العبد من والله منزلة الحديث ولان ذلك يدعو الى التوبة. فان الله تعالى يبتلي العباد بعذاب الدنيا ليتوبوا من الذنوب. كما قال تعالى بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. فمن رزقه الله فمن رزقه الله التوبة بسبب المصيبة كان ذلك من اعظم نعم الله عليه. ولان ذلك به دعاء الله والتضرع اليه ولهذا ذم الله من لا يستكين لربه ولا يتضرع عند ولا يتضرع عند حصول البأساء كما قال تعالى عذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون. ودعاء الله والتضرع اليه من اعظم النعم. فهذه النعمة والتي قبلها من اعظم صلاح الدين فان صلاح الدين في ان يعبد الله وحده ويتوكل عليه. والا والا يدعو مع الله الها اخر لا دعاء عبادة ولا دعاء مسألة. بالنسبة للانبياء عليهم الصلاة والسلام يبتليهم الله عز وجل وان لم يكن لهم ذنوب تذكر في مقابل ذنوب العباد لسببين عظيمين اخرين لم يذكرهما المصنف وهما الاول لانهم قدوة فلابد ان يكونوا قدوة حتى في البلاء ولذلك ما من عبد يصاب ببلية الا ويجد له من الانبياء من هو قدوة له والوجه الثاني ان الانبياء اعظم الناس درجة والبلاء من اعظم ما يرفع الدرجات فلذلك كان اشد عليهم من غيرهم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى فاذا حصلت لك التوبة التي مضمونها ان تعبد الله وحده وتطيع رسله بفعل المأمور وترك المحظور كنت ممن يعبد الله واذا حصل لك الدعاء الذي هو سؤال الله حاجاتك فتسأله ما تنتفع به وتستعيذ به مما تستضر به كان هذا من اعظم نعم الله عليك وهذا كثير يحصل بالمصائب. واذا كانت هذه النعم في المصائب فاولى الناس بها احبابه. فعليهم حينئذ ان يشكروا الله. لخص لخصت ذلك من كلام شيخ الاسلام رحمه الله. قوله فمن رضي فله الرضا اي من رضي بما قضاه الله وقدره عليه من الابتلاء فله الرضا من الله جزاء وفاقا. كما قال تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه. وهذا دليل على فضيلة الرضا وهو ان وهو الا يعترض على الحكم ولا يتسخطه ولا يكرهوه ولا يكرهه وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال لا تتهم الله في شيء قضاه لك. فاذا نظر المؤمن بالقضاء والقدر في حكمة الله ورحمته وانه غير متهم في قضائه دعاه لذلك الى الرضا. قال ابن مسعود ان الله بقسطه ان الله بقسطه وعلمه جعل الروح والفرح في اليقين والرضاء وجعل الهم والحزن في الشك والسخط. وقال ابن عون ارض بقضاء الله من عسر ويسر فان ذلك اقل لهم اقل لهمك وابلغ فيما تطلب من امر اخرتك واعلم ان العبد لن يصيب حقيقة الرضا حتى يكون رضاه عند الفقر والبلاء كرضاه عند الغنى والرخاء. كيف تستقضي الله في امرك ثم تسخط ان رأيت قضاءه مخالفا لهواك ولعل ما هويت من ذلك لو وفق لك لكان فيه هلاكك وترضى قضاءه اذا وافق هواك وذاك وذلك لقلة علمك بالغيب اذا كنت ما انصفت من نفسك ولا اصبت باب الرضا. ذكره ابن رجب قال وهذا كلام حسن وقوله ومن سخط هو بكسر الخاء قلب السعادات السخط الكراهية للشيء وعدم الرضا به. اي من سخط اقدار الله فله السخط اي من الله كفى بذلك عقوبة قال تعالى الهم وفيه دليل وفيه دليل ان السخط من اكبر الكبائر وقد يستدل به على ايجاد الرضا كما كما هو اختيار ابن عقيل واختار القاضي عدم الوجوب ورجحه شيخ الاسلام وابن القيم. يعني الناس في مقابل القضاء على مراتب. منهم من يجزع وهذا حال المنافقين والمشركين وضعاف الايمان. كما قال تعالى ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا الا المصلي ومنهم من يصبر وهذا حال عامة اهل الاسلام ومنهم من يصل الى مرتبة الرضا بالقضاء وهذه مرتبة عالية على عن الصبر ومنهم من يصل الى مرتبة الشكر على البلاء وهذه مرتبة فوق الرضا نسأل الله جل وعلا ان يرزقنا الرضا بقضائه وقدره. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى قال شيخ الاسلام ولم يجيء الامر به كما جاء الامر بالصبر وانما جاء الثناء على اصحابه ومدحهم. قال واما ما يروى من الاثر من لم يصبر على بلائي ولم يرضى بقضائي فليتخذ ربا سواي فهذا اسرائيلي ليس يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت قد روى الطبراني في الاوسط معناه عن انس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا. من لم يرضى بقضاء الله تؤمن بقدر الله فليلتمس الها غير الله. قال الهيثمي فيه حزم بن ابي حزم وثقه ابن معين وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات اذا ثبت هذا دل على وجوبه. قال شيخ الاسلام اعلى من ذلك اي من الرضا ان يشكر الله على المصيبة لما يرى من انعام الله تعالى عليه بها انتهى كلامه. واعلم انه لا تنافي بين الرضا وبين الاحساس بالالم. فكثير ممن له انين من وجع وشدة وشدة مرض. قلبه مشحون من الرضا والتسليم لامر الله. فان قيل الفرق بين الرضا والصبر فالجواب قال طائفة من السلف منهم عمر ابن عبد العزيز والفضيل وابو سليمان وابن مبارك وغيرهم ان الراضي لا يتمنى غير حاله التي هو عليها بخلاف الصابر. وقال الخواص الصبر دون الرضا. الخواص الخواص الخواص اسم رجل. نعم. وقال الخواص بالزهد والورع وهو من ائمة المتصوف من ائمة الزهد وينتسب اليه المتصوفة نعم احسن الله اليكم. قال وقال الخواص الصبر دون الرضا. الرضا ان يكون الرجل قبل نزول المصيبة راضيا باي ذلك باي ذاك كان صبر ان يكون بعد نزول المصيبة يصبر. قلت كلام الخواص هذا عزم على على الرضا. ليس هو الرضا فانه انما يكون بعد القضاء كما في الحديث واسألك الرضا بعد القضاء. لان العبد قد يعزم على الرضا بالقضاء قبل وقوعه. فاذا وقع انفسخت تلك العزيمة. فمن رضي بعد وقوع هو الراضي حقيقة قاله ابن رجب. الحقيقة ان الرضا يكون قبل وقوع المصيبة يكون شيء قلبي انه يرظى باي شيء يأتي اليه من الله عز وجل وهو يكون بعد المصيبة ايضا فهو مستمر بخلاف الصبر فانه لا يتصور الا بعد المصيبة نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين السلام عليكم ما يصير تحط التلفون عالمصحف