تنوعت ايات سورة البقرة في مخاطبة بني اسرائيل. فتارة دعته بالملاطفة وتارة بالتخويف. واخرى باقامة الحجة والتوبيخ. وتارة بتذكيرهم بنعم عليهم وعلى ابائهم استمالة لقلوبهم نحو الايمان وهدى مراتب الاحسان وبحكمة احيا بها قلوبنا. بخلاصة التفسير لا تهجروا القرآن يا احبابي في علماء بيوم حسابي وهو المعلم يا اولي الالباب هيا بنا نحيا به هيا بنا. بخلاصة التفسير للقرآن اعوذ بالله من الشيطان الرجيم واذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا ادخلوا الباب سجدا وقولوا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين لا تزال الايات تعدد نعم الله على بني اسرائيل ذكر المفسرون انه بعد انتهاء مدة التيه اربعين سنة. وكان قد مات كل من موسى وهارون عليهما السلام ونشأ جيل جديد بقيادة يوشع ابن نون. وغزى بهم العمالقة. وفتح الله على عليهم بلاد القدس. وفي الايات ذكر النعمة التاسعة على بني اسرائيل. واذكروا يا بني اسرائيل من نعم الله عليكم بعد خروجكم من التيه. حين قلنا لكم ادخلوا بيت المقدس. وكلوا من ما فيه من الطيبات من اي مكان شئتم. اكلا هنيئا واسعا. وادخلوا باب بيت المقدس ساجدين لله تعالى خاضعين له. شكرا على خلاصكم من التيه. واسألوا الله قائلين يا ربنا حط عنا ذنوبنا. فنستجيب لكم ونمحو عنكم ذنوب وسنزيد الذين احسنوا في اعمالهم ثوابا على احسانهم فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فانزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون نون كيف تعامل بنو اسرائيل مع نعمة دخول بيت المقدس؟ والاكل من الطيبات الظلمة منه بدلوا العمل وحرفوا القول. اما تبديل العمل فبدل الدخول ساجدين لله تعالى دخلوا يزحفون على ادبارهم. واما تحريف القول فبدل ان يقولوا حط عنا ذنوبنا استبدلوا كلمة حطة بكلمة حنطة. واخذوا يقولون حبة في حنطة على سبيل السخرية والاستهانة بامر الله. فكان الجزاء ان الله تعالى انزل على الظالمين منهم عذابا من السماء بسبب فسقهم وخروجهم عن طاعة الله. وهذا الحادث في تاريخ بني اسرائيل وقع كما ذكرنا بعد الفترة التي يدور عنها الحديث هنا وهي فترة موسى عليه السلام. ذلك كأن تاريخهم كله يعتبر وحدة واحدة. قديمه كحديثه وسطه كطرف كله مخالفة وتمرد وانحراف وعصيان واذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل اناس مشربهم ثالثا مصطلح اهل الكتاب او اليهود والنصارى جاء في النصوص الشرعية على عدة اقسام القسم الاول اليهود والنصارى الذين كانوا في عهد انبيائهم واتبعوا انبيائهم. وبما انزل عليهم فهؤلاء مؤمنون مسلمون كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الارض مفسدين النعمة العاشرة من نعم الله عليكم يا بني اسرائيل حين كنتم في التيه واصابكم عطش شديد تكدتم ان تهلكوا فدعا موسى ربه طالبا السقيا لكم. فاوحى الله تعالى اليه ان يضرب عصاه الحجر فتفجرت منه عيون الماء. فكانت معجزة ظاهرة تفجرت عيون الماء بعدد قبائلكم وكنتم اثنتي عشرة قبيلة. بعدد الاسباط. فجرى لكل قبيلة جدوى دول مائي خاص بها. وعلمت كل قبيلة مكان شربها الخاص. حتى لا يقع بينكم نزاع وقيل لكم كلوا من المن والسلوى واشربوا من هذا الماء العذب من غير كد منكم ولا تعب بل هو من انعام الله تعالى وفضله عليكم ولا تطغوا في الارض بالبغي والفساد وبهذا انتهى تعداد النعم التي انعم الله بها على بني اسرائيل. وفيما يأتي من الايات سيأتي ذكر بعض قبائح وخطايا بني اسرائيل واذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامي واحد فادعوا ولنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقر بها من بقرها وقفائها وفومها وعدسها وبصل فيها قال اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فان لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباء بغضب ذلك بانهم كانوا يكفرون بايات الله ويقتلونه النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. بدأت الايات بذكر بعض قبائحه وخطايا بني اسرائيل. واذكروا يا بني اسرائيل حين كنتم في الصحراء تأكلون مما انعم الله عليكم من المن والسنوى فقلت لنبيكم موسى عليه السلام لن نصبر على طعام واحد من الطعام وهو المن فادعوا الله تعالى ان يرزقنا طعاما اخر فقد سئمنا المن والسلوى. ونريد ما تخرجه الارض من والخضروات والحبوب والقثاء وهو يشبه الخيار لكنه اكبر. والثوم والعدس والبصل فقال لكم موسى منكرا عليكم ويحكم اتستبدلون الخسيس بالنفيس وتفضلون البصل والبقل ثوم على المن والسلوى وهو خير واكرم. ان كنتم مصرين على طلب الادنى عوضا ما هو خير لكم فادخلوا اي مصر من الامصار. او اي ارض من اراضي الزراعية لتجدوا فيه مثل هذه الاشياء وقد لزمهم الذل والهوان. وضرب عليهم الصغار والخزي دعوا بسخط من الله وذلك بسبب ما اقترفوه من الجرائم الشنيعة والخطايا العديدة منها كفر بايات الله جحودا واستكبارا وقتلهم الانبياء والرسل ظلما وعدوانا. وتمردهم على احكام بالله تعالى والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا اه وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. لقد انصف القرآن الكريم اهل الكتاب ففي هذه الاية يخبرنا الله تعالى ان كل من حقق الايمان بالله تعالى واليوم الاخر وعمل صالحا فله من الله الاجر والمثوبة. سواء اكان من اتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام او من الذين بذلك من الامم السابقة قبل بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام من يهود ونصارى وصابئة الصابئة طائفة من اتباع بعض الانبياء. وانهم لا يخافون ولا يحزنون في الدنيا ولا في الاخرة. حين يخاف الكفار من العذاب ويحزن المقصرون على تضييع الاعمار وتفويت الثواب مع تفسير هذه الاية وقفات لان البعض جعل من هذه الاية دليلا على صحة الاديان المحرفة وهذا فهم خاطئ سقيم اولا الانبياء والرسل السابقون كانت تنزل عليهم الكتب والشرائع وهي صحيحة معتبرة في وقتها فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه واله وسلم ختم الله به الرسالة وبنزول القرآن نسخ الله به بقية الشرائع فلا يصح لاحد بعد نزول القرآن وبعثة النبي العدنان ان يدين الا بدين الاسلام قال تعالى ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ثانيا هل اهل الكتاب هم فعلا اهل كتاب بمعنى هل هم متمسكون بكتابهم لو قيل نعم ساقول ان كانوا هم حقا مؤمنين بكتبهم فيجب عليهم الايمان بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام لان كتبهم بشرت به فان كفروا به فهم في هذه الحال كفروا بكتبهم وعصوا نبيهم قبل ان يكفروا بدين الاسلام ولذلك قال الله عن بني اسرائيل افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فالله تعالى نسبهم الى الكفر حتى في كتبهم. والله المستعان القسم الثاني الذين ادركوا النبي محمدا عليه الصلاة والسلام وامنوا به. فهؤلاء ايضا مسلمون مؤمنون القسم الثالث الذين ادركوا النبي محمدا عليه الصلاة والسلام ولم يؤمنوا به فهؤلاء هم اختاروا الكفر به فاذا علمت هذا التفصيل والتأصيل فهمت معنى الاية التي معنا. ان الذين امنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فالمقصود باليهود والنصارى هم من القسم الاول فيكون معنى الاية ان الذين امنوا برسالة محمد عليه الصلاة والسلام. والذين هادوا الذين اتبعوا موسى عليه السلام وهم اليهود الاولون الذين كانوا على شريعته قبل التحريف والتبديل والنصارى الاولون الذين اتبعوا المسيح عيسى عليه السلام وهم الذين كانوا على شريعته قبل التحريف والتبديل وهم الصابئون الحنفاء الاولون الذين كانوا على دين ابراهيم واسماعيل واسحاق قبل التبديل والتحريف فهؤلاء هم الذين مدحهم الله تعالى اما اهل الكتاب بعد التحريف والتبديل وبعد تركهم للايمان بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وبالقرآن فهم غير داخلين في هذه الاية. وهم الذين اختاروا الكفر وهذه نقطة مهمة الكفر ليس تهمة الكفر اختيار. لذلك سأل الله اهل الكتاب يا اهل الكتاب لم تكفرون بايات الله؟ هذا سؤال بمعنى لماذا اخترتم الكفر؟ فانتم يا اهل الكتاب انتم الذين اخترتم الكفر بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وبالقرآن فنحن لا نتهمكم بل نحن نصفكم ونذكر اختياركم وان اخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون واذكروا يا بني اسرائيل حين اخذنا منكم العهد والميثاق بان تؤمنوا بالتوراة وتعملوا بما فيها حتى رفعنا جبل الطور فوقكم. فاصبح كالظل تخويفا لكم وتحذيرا من ترك العمل بالعهد والميثاق وقلنا لكم خذوا ما اتيناكم بقوة اي اعملوا بما في التوراة بجد وعزيمة واحفظوا ولا تغفلوا عنه. رجاء ان تكونوا من فريق المتقين ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكم كنتم من الخاسرين وسيري وبعد ان اخذ الله عليكم العهد والميثاق يا بني اسرائيل اذ بكم تعرضون عنا ولولا فضل الله عليكم يا بني اسرائيل ورحمته بكم بان تجاوز عنكم لكنتم من خاسرين بسعادة الدنيا والاخرة. بسبب ذلك الاعراض والعصيان ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا خاسئين ولما ذكر الله بني اسرائيل بالنعم العشرة السابقة ذلك ببيان ما حل بهم من عقوبة جزاء تمردهم وتحايلهم على اوامر الله. ومن ذلك قصة عام السبت حيث ان احدى قرى بني اسرائيل كانت بقرب البحر وقد حرم الله تعالى على اهلها صيد السمك يوم السبت. فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت. كثيرة طافية على وجه البحر واذا ذهب يوم السبت فلا يرون من السمك شيئا. وكان النهي عن الصيد يوم السبت ابتلاء وامتحان لاهل تلك القرية. فماذا فعلوا؟ بدل الاستجابة لامر الله احتالوا على هذا النهي بحيرة مفضوحة وهي انهم كانوا يحفرون للسمك حفرا وينصبون لها الشباك ليوم السبت فاذا جاء يوم السبت وقعت الاسماك في تلك الحفر والشباك لم يأخذوها. فاذا جاء يوم الاحد اخذوها. فيا بني اسرائيل لقد عرفتم ما فعلناه بمن عصوا امرنا من اعضائكم حين خالفوا واصطادوا السمكة يوم السبت. وقد نهيناهم عن ذلك فكانت عقوبتهم ان مسخناهم قردة حقيرين ذليلين. لانهم نزلوا الى امرتبة الحيوان فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة فجعلنا عقوبة قرية اصحاب السبت اذ نكل بهم تنكيلا عبرة في وقتها لما جاورها من القرى. وعبرة لمن يأتي بعدها. حتى لا يعمل احد مثل عملها فيستحق مثل عقوبتها. وجعلناها تذكرة نافعة للمتقين فاولى بكم يا بني اسرائيل ان تتعظوا بما حل باسنافكم لما خالفوا اوامر الله تعالى نعوذ بالله من الفسوق والعصيان ونذوق طعم الشند في كلماته متعلمين الفقم لمحاته ان ارى به اراحنا تسمو بنا بخلاصة التفسير للقرآن. قصص به تعطينا اسم العبر تحكي لنا انباء فيها مزدجر. عن قصة الرسل الكرام مع البشر وتكون تثبيتا لقلب حبيبنا بخلاصة التفسير للقرآن بخلاصة التفسير للقرآن