منصة زادي للتعلم الشرعي المفتوح الاصول القرآنية لاسماء الله الحسنى بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين احييكم معشر طلبة العلم وطالباته. طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة نزلا في هذه الحلقة سوف نتحدث عن اصل عظيم نستمده من قول الله تعالى ولا تقفوا ما ليس لك به علم في بيان ان اسماء الله تعالى وصفاته توقيفية ولبيان وظيفة العقل في باب الصفات فقد نهى الله عباده عن القول عليه بغير علم. او الخوض فيما لا سبيل لهم للعلم به. في غير ما موضع من كتابه ومن شواهد قوله تعالى في سورة البقرة يا ايها الناس كلوا مما في الارض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين. انما يأمركم بالسوء والفحشاء وان تقولوا على الله ما لا تعلمون ومنها قوله تعالى في سورة الاعراف قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن. والاثم والبغي بغير الحق. وان بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على الله ما لا تعلمون وقوله تعالى في سورة الاسراء ولا تقفوا ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان من هو مسؤولا وقد نعى الله على المشركين والزائغين اتباع الظن والمتشابه في غير ما موضع من كتابه. ومن شواهد ذلك قوله تعالى في سورة الانعام قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ ان تتبعون الا الظن وان انتم الا تخرصون وقوله في سورة النجم وما لهم به من علم ان يتبعون الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا وفي سورة ال عمران فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وهذا اصل عظيم وركن شديد في كل باب. وفي باب الاسماء والصفات بصفة خاصة وذلك لان المقام خطير. والزلل فيه ليس كزلل في غيره. فاسماء الله وصفاته توقيفية. يجب فيها على موارد النصوص وحسب دون زيادة او نقصان فلا يستقل العقل باثباتها. قال الامام احمد رحمه الله لا يوصف الله الا بما وصف به نفسه او وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث وقد جمع الله تعالى فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والاثبات. كما في سورة الاخلاص واية الكرسي وغيرهما الواجب في الاثبات امران احدهما اثبات ما اثبت الرب لنفسه او اثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم والثاني الاحتراز من التعطيل والتحريف ومن التمثيل والتكييف اما الواجب في النهي فامران احدهما نفي ما نفاه الله عن نفسه او نفاه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم وثانيهما اثبات كمال ضد الصفة المنفية واما ما لم يرد فيه نفي ولا اثبات بل كان مسكوتا عنه مما احدثه المتأخرون من الالفاظ كلفظ الحيز والجسم والحركة ونحوها فالواجب فيه امران احدهما التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى. لما تقدم من ان اسماء الله وصفاته توقيفية لا يتجاوز فيها موارد النصوص. فمن اثبت وصفا طولب بالدليل. ومن نفاه طولب بالدليل ايضا. فيلزم جانب الادب ويحترم جناب الربوبية قال ابن القيم رحمه الله القول على الله بلا علم في اسمائه وصفاته وافعاله ووصفه بضد ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله فهو اشد شيء مناقضة ومنافاة لكمال من له الخلق والامر. وقدح في نفس الربوبية خصائص الرب فان صدر ذلك عن علم فهو عناد اقبح من الشرك. واعظم اثما عند الله فان المشرك المقر بصفات الرب خير من المعطل الجاحد لصفات كماله اما الامر الثاني الذي يجب فيما لم يرد فيه نتل ولا اثبات الاستفصال عن معناه. فان اراد معنى صحيحا قبل وان اراد معنى فاسدا رد. وذلك ان من الناس من يعبر عن المعاني الصحيحة بالالفاظ المحدثة فيرد اللفظ ويقر المعنى. ومن الناس من يجمع بين اللفظ المبتدع والمعنى الفاسد. فيرد هذا وهذا. مثال ذلك لفظ الجسم فانه لم يرد في الكتاب والسنة بنفي ولا اثبات ومقتضى الادب الا يخبر به المؤمن عن ربه نفيا ولا اثباتا فليتوقف فيه ويمسك ولكن يستفصل عن مراد من اثبته او نتاه فان اراد اثبات ذات لا تشبه الذوات تقوم بها صفات كالوجه واليدين والسمع والبصر. فهذا معنى صحيح ثابت لا يجوز نفيه لكن دون التعبير بلفظ الجسم. وان اراد به جسما كأجسام المخلوقين يتركب من ابعاد واجزاء يفتقر بعضها الى بعض فهذا معنى فاسد ينزه الله عنه فيبطل اللفظ والمعنى ولا ريبة يا كرام ان العقل من اعظم ادوات العلم والادراك الا انه لا يستقل باثبات ما ينبغي لله او ينفى بل هو تابع للنقل مستنير بنور الوحي بخلاف طريقة المتكلمين الذين جعلوا العقل حاكما على النقل سيدا له فما اثبته العقل اثبتوه ولو خالف الكتاب والسنة. وما نفاه العقل نفاوه ولو دل عليه الكتاب والسنة. قال الاسلام ابن تيمية رحمه الله العقل شرط في معرفة العلوم وكمال وصلاح الاعمال. وبه يكمل العلم والعمل لكنه ليس مستقلا بذلك. بل هو غريزة في النفس وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين فان اتصل به نور الايمان والقرآن كان كنور العين اذا اتصل به نور الشمس والنار. وان انفرد بنفسه لم يبصر الامور التي يعجز وحده عن تركها والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه. لم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه. لكن المسرفون فيه قضوا وجوب اشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقا وهي باطل وعار بها النبوات وما جاءت به انتهى كلامه رحمه الله ايها الكرام ايتها الكريمات للعقل السليم في باب الاسماء والصفات وظائف شريفة تليق به. فمنها معانيها فان الله تعالى خاطب عباده بلسان عربي مبين. ليعقلوا مراده ويفهموا خطابه. قال تعالى نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين. وقال وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين وقال وكذلك انزلناه قرآنا عربيا. وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون او يحدث لهم ذكرا. وقال انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون. وقال انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون عربية القرآن سبب لحصول فهم معانيه. ولم يزل علماء الملة من اهل التفسير واللغة والبيان يشتغلون ببيان مراد الله تعالى لا يستثنون شيئا مما انزل الوظيفة الثانية للعقل التفكر والتدبر والنظر في اثارها ومقتضياتها. فقد امر الله عباده بتدبر كتابه وجعله الغاية من انزاله. فقال كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر ترى اولوا الالباب وهذا قدر زائد على مجرد العلم بالمعنى. فانه يستدعي التأمل في ملكوت السماوات والارض. والنفس والافاق لكونها اثار اسمائه الحسنى وصفاته العلى كما قال فانظر الى اثار رحمة الله كيف يحيي الارض بعد موتها لذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ومن وظائف العقل في باب الاسماء والصفات استعمال الاقيسة العقلية الصريحة في تأييد الادلة النقلية الصحيحة. فان الله انزل الكتاب بالحق والميزان كما قال تعالى الله الذي انزل الكتاب بالحق والميزان. قال ابن جرير وانزل خزانة وهو العدل ليقضي بين الناس بالانصاف. وروى ذلك بسنده عن مجاهد وقتادة. وحقيقة العدل التسوية بين المتماثلات والتفريق بين المختلفات ومن امثلة الاقيسة الصحيحة الاستدلال على توحيد الالوهية بالاقرار بتوحيد الربوبية. قال تعالى قل من يرزقكم من السماء والارض عن من يملك السمع والارض صار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون الله فقل افلا فذلكم الله ربكم الحق. فماذا بعد الحق الا الضلال؟ فانى تصرفون ومن الاقيسة العقلية الصحيحة اثبات الكمال باستعمال قياس الاولى. قال تعالى للذين لا يؤمنون بالاخرة السوء ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم. فهو سبحانه منزه عن قياس التمثيل وقياس الشمول مقياس الاولى فيفيد امرا يختص به الرب. وان كان جنسه مشترك في الاذهان وقد جاء لفظ اعلم بصيغة افعل التفضيل في حق الله تعالى في نحو خمسين موضعا في القرآن ومن الاكياس الصحيحة ان نفي الصفة اثبات لنقيضها. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وهذه الطريقة هي اعظم الطرق في اثبات الصفات. وكان السلف يحتجون بها ويثبتون ان من عبد الها لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم فقد عبد ربا ناقصا معيبا مأوفا. انتهى من درء تعارض العقل والنقل والوظيفة الرابعة من وظائف العقل في باب الاسماء والصفات ابطال الاكيسة العقلية الفاسدة التي تعارض الادلة النقلية ثابتة فقد استعمل القرآن العقل لابطال عقائد المشركين. ومن شواهد ذلك ابطالية الصدفة ونسبة الخلق الى الطبيعة قال تعالى ام خلقوا من غير شيء؟ ام هم الخالقون ومن ذلك ابطال الشرك في الربوبية والالوهية. قال تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله. اذا لذهب كل اله ما خلق ولا على بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون ومن ذلك ايضا ابطال التمثيل بين الخالق والمخلوق. فقال تعالى افمن يخلق كمن لا يخلق افلا تذكرون وقد استطال المتكلمون في باب الصفات بمقدمات فاسدة للوصول الى نتائج باطلة زاعمين ان ذلك مقتضى العقل ولكن العقل الصحيح يعود عليهم بالنقض. ومن ذلك زعمهم ان اثبات الصفات يستلزم تعدد القدماء بناء على ان صفات الله غير الله فاثباتها اثبات لقديم يشاركه في القدم. عجبا وهذه نتيجة باطلة مبنية على اصل فاسد. وذلك ان الصفات المضافة الى الله ليست اعيانا منفصلة عن بل هي قائمة بها. فلا يلزم من اثباتها تعدد القدماء ومن ذلك ايضا زعمهم ان اثبات الصفات يستلزم التجسيم بدعوى ان الصفات لا تقوم الا باجسام وان الاجسام متماثلة مقدمتان باطلتان فالصفات تقوم بالاجسام وغير الاجسام. كما نقول ليل طويل، نهار بارد. كما ان الاجسام متغاية في صفاتها صغرا وكبرا وخفة وكثافة وغير ذلك ومن ذلك زعمهم ان اثبات الصفات الفعلية يستلزم الحدوث فيتذرعون بذلك الى نفي الاستواء والنزول والمجيء وغير ذلك من صفات الافعال الاختيارية التي اثبتها الله لنفسه بدعوى تنزيه الله عن الحوادث. وهذا تلازم ليس بلازم فان الله تعالى لم يزل فعالا. ولا في ذلك تنقص له ووصف له بضده من الجمود والعجز. ويقال قال ان جنس الفعل قديم واحاده وافراده حادثة حسب ما تقتضيه حكمته ككلامه سبحانه قال تعالى ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث الا استمعوه وهم يلعبون. وقال وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث الا كانوا عنه معرضين. نسأل الله تعالى ان يفقهنا في الدين. وان يلهمنا رشدنا. وان يرزقنا الاقتداء بسيد المرسلين. والحمدلله رب العالمين