وليس لهم ان يخرجوا عن اقوال علمائهم. وهذا واجبهم. كما قال تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على السنة بعض العوام اتباعا او يوجد من لا يحرم اكل ذوات المخالب من الطير. فلنا ان نتبعهم. لو فتح هذا الباب فتح على الناس شر كثير. وصار سببا لانحلال العوام عن دينهم. وكل احد يعرف ان تتبع مثل هذه الشرعية ولما عليه اهل العلم من الامور التي لا تحل ولا تجوز. والميزان الحقيقي هو ما دلت عليه اصول الشرع وقواعده. وقد دلت على تحريم الدخان لما يترتب عليه من المفاسد المتنوعة وكل امر فيه ضرر على العبد في دينه او بدنه او ماله من غير نفى فهو محرم فكيف اذا تنوعت المفاسد وتجمعت؟ اليس من المتعين شرعا وعقلا وطبا؟ تركه والتحذير منه ونصيحة من يقبل النصيحة فالواجب على من نصح نفسه وصار لها عنده قدر وعزيمة ان يتوب الى والله عن شربه ويعزم عزما جازما مقرونا بالاستعانة بالله لا تردد فيه. ولا ضعف عزيمة. فان ان من فعل ذلك اعانه الله على تركه وهون عليه. ومما يهون عليه الامر ان يعرف ان من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. وكما ان ثواب الطاعة الشاقة اعظم مما لا مشقة فيه المالية فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن اضاعة المال. واي اضاعة مبلغ من حرقه في هذا الدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. ولا نفع فيه بوجه من الوجوه. حتى للهوى لا اتباعا للحق والهدى الا كما لو قال بعضهم يوجد بعض علماء الانصار لا يوجبون طمأنينة في الصلاة. فلا تنكروا علينا اذا اتبعناهم. او يوجد من يبيح ربا الفضل فلنا ان نتبعهم المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله بسم الله الرحمن الرحيم. حكم شرب الدخان. تأليف العلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى من الولد علي بن حمد الصالحي الى فضيلة الشيخ المكرم عبدالرحمن الناصر السعدي. بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ارجوكم الافادة عن حكم شرب الدخان والاتجار على وجه التوضيح هل هو حرام او مكروه؟ افتونا مأجورين. الجواب وبالله التوفيق نسأله الهداية لنا ولاخواننا المسلمين. اما الدخان شربه والاتجار به والاعانة على ذلك هو حرام. لا يحل لمسلم تعاطيه شربا واستعمالا والتجارة. وعلى من كان يتعاطاه ان الى الله توبة نصوحا. كما يجب عليه ان يتوب من جميع الذنوب. وذلك انه داخل في عموم الدالة على التحريم داخل في لفظها العامي وفي معناه. وذلك لمضاره الدينية والبدنية والمالية التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه. فكيف اذا اجتمعت فصل؟ اما مضاره الدينية ودلالة النصوص على منعه وتحريمه فمن وجوه كثيرة. منها قوله تعالى ويحرم عليهم خبائث وقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة. وقوله ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما. فهذه الايات وما اشبهها حرم الله بها كل خبيث او فكل ما يستخبث او يضر فانه لا يحل. والخبث والضرر يعرف باثاره وما يترتب عليه من المفاسد. فهذا الدخان له مفاسد واضرار كثيرة محسوسة. كل احد يعرفها واهله من اعرف الناس بها. ولكن ارادتهم ضعيفة. ونفوسهم تغلبهم مع الشعور بالضرر قد قال العلماء يحرم كل طعام وشراب فيه مضرة. ومن مضاره الدينية انه يثقل للعبد العبادات والقيام بالمأمورات خصوصا الصيام. وما كره العبد للخير فانه شر كذلك يدعو الى مخالطة الارذال. ويزهد في مجالس الاخيار. كما هو مشاهد. وهذا من اعظم النقائص ان يكون العبد مؤالفا للاشرار متباعدا عن الاخيار. ويترتب على ذلك العداء لاهل الخير والبغض لهم. والقدح فيهم والزهد في طريقهم. ومتى ابتلي به الصغار والشباب سقطوا بالمرة ودخلوا في مداخل قبيحة. وكان ذلك عنوانا على سقوط اخلاقهم. فهو باب كثيرة فضلا عن ضرره الذاتي. فصل واما مضاره البدنية فكثيرة جدا فانه يوهن القوة ويضعفها. ويضعف البصر وله سريان ونفوذ في البدن والعروق. في تهين القوى ويمنع الانتفاع الكلي بالغذاء. وما تجتمع الامران اشتد الخطر وعظم البلاء. ومنها اضعاف خافوا القلب واضطراب الاعصاب وفقد شهية الطعام. ومنها السعال والنزلات الشديدة التي ادت الى الاختناق وضيق النفس. فكم من قتيل او مشرف على الهلاك وقد قرر غير واحد من الاطباء المعتبرين ان لشرب الدخان الاثر الاكبر في الامراض الصدرية. وهي السل وتوابعه وله اثر محسود في مرض السرطان. وهذه من اخطر الامراض واصعبها. فيا عجبا لعاقل حريص على حفظ صحته وهو مقيم على شربه مع مشاهدة هذه الاضرار او بعضها. فكم تلف بسببه خلق كثير؟ وكم تعرض منهم لاكثر من ذلك. وكم قويت بسببه الامراض البسيطة حتى عظمت وعز على الاطباء دواؤها وكم اسرع بصاحبه الى الانحطاط السريع من قوته وصحته. ومن العجب ان كثيرا من الناس يتقيدون بارشادات الاطباء في الامور التي هي دون ذلك بكثير. فكيف يتهاونون بهذا الامر الخطير؟ ذلك غلبت الهوى واستيلاء النفس على ارادة الانسان. وضعف ارادته عن مقاومتها. وتقديم العادات على تعلم مضرته ولا تستغرب حال كثير من الاطباء الذين يدخنون وهم يعترفون بلسان حالهم او لسان مقالهم بمضرته الطبية. فان العادات تسيطر على عقل صاحبها وعلى ارادته. ويشعر كثيرا او احيانا بالمضرة وهو مقيم على ما يضره. وهذه المضار اشرنا اليها اشارة مع ما فيه من تسويد والشفتين والاسنان وسرعة بلائها وتحطمها وتآكلها بالتسوس وانهيار الفم والبلعوم مداخل الطعام والشراب حتى يجعلها كاللحم المنهار المحترق. تتألم مما لا يتألم منه. وكثير من امراض الالتهابات ناشئة عنه. ومن تتبع مضاره وجدها اكثر مما ذكرنا. فصل واما مضى ان كثيرا من المنهمكين فيه يغرمون الاموال الكثيرة. وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة هذا انحراف عظيم وضرر جسيم. فصرف المال في الامور التي لا نفع فيها منهي عنه. فكيف بصرفه بشيء محقق ضرره. ولما كان الدخان بهذه المثابة مضرا بالدين والبدن والمال كانت التجارة فيهم محرمة وتجارته دائرة غير رابحة. وقد شاهد الناس ان كل متجر فيه وان استدرج ونمى اماله في وقت ما فانه يبتلى بالقلة في اخر امره. وتكون عواقبه وخيمة. ثم ان النجديين ولله الحمد جميع علمائهم متفقون على تحريمه ومنعه. والعوام تبع للعلماء. فلا يسوغ ولا يحل للعوام ان يتبعوا الهوى ويتأولوا ويتعللوا بانه يوجد من علماء الانصار من يحلله ولا حرموا فان هذا التأويل من العوام لا يحل باتفاق العلماء. فان العوام تبع لعلمائهم ليسوا مستقيمين فكذلك ثواب تارك المعصية اذا شق عليه الامر وصعب اعظم اجرا وثوابا. فمن وفقه الله واعانه على ترك الدخان فانه يجد المشقة في اول الامر. ثم لا يزال يسلو شيئا فشيئا حتى يتم الله نعمته عليه. فيغتبط بفضل الله عليه وحفظه واعانته. وينصح انه بما ينصح به نفسه والتوفيق بيد الله. ومن علم الله من قلبه صدق النية في طلب ما عنده بفعل للمأمورات وترك المحظورات يسره لليسرى وجنبه العسرى وسهل له طرق الخير كلها فنسأل الله ان يأخذ بنواصينا الى الخير. وان يحفظنا من كل شر. انه جواد كريم رؤوف رحيم. عبدالرحمن بن ناصر السعدي. في ربيع الاول سنة ست وسبعين وثلاثمائة مائة والف نقله من خطه الفقير الى الله علي الحمد الصالحي