المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الحديث الخامس والستون عن ابي قتادة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فاذا رأى احدكم ما يحب فلا يحدث به الا من يحب واذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان واليتفلى اثا ولا يحدث بها احدا فانها لن تضره متفق عليه قال الشيخ السعدي رحمه الله في شرحه اخبرنا صلى الله عليه وعلى اله وسلم في هذا الحديث ان الرؤيا الصالحة من الله اي السالمة من تخليط الشيطان وتشويشه وذلك لان الانسان اذا نام خرجت روحه وحصل لها بعض التجرد الذي تتهيأ به لكثير من العلوم والمعارف وتلطفت مع ما يلهمها الله ويلقيه اليها الملك في منامها فتتنبه وقد تجلت لها امور كانت قبل ذلك مجهولة او ذكرت بامور قد غفلت عنها او نبهت على احوال ينفعها معرفتها او العمل بها او حذرت عن مضار دينية او دنيوية لم تكن لها على بال او وعظت ورغبت ورهبت عن اعمال قد تلبست بها او هي بصدد ذلك او نبهت على بعض الاعيان الجزئية لادخالها في الاحكام الشرعية فكل هذه الامور علامة على الرؤيا الصالحة التي هي جزء من ستة واربعين جزءا من النبوة وما كان من النبوة فهو لا يكذب فانظر الى رؤيا النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم في قوله تعالى اذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو اراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر ولكن انه عليم بذات الصدور كم حصل بها من منافع واندفع من مضار وكذلك قوله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لا تدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امين محلقين رؤوسكم محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريب ايبا كم حصل بها من زيادة ايمان وتم بها من كمال ايقان وكانت من ايات الله العظيمة وانظر الى رؤيا ملك مصر وتأويل يوسف الصديق لها وكما تولى التأويل فقد ولاه الله ما احتوت عليه من التدبير فحصل بذلك خيرات كثيرة ونعم غزيرة واندفع بها ضرورات وحاجات ورفع الله بها يوسف فوق العباد درجات وتأمل رؤيا عبد الله ابن زيد وعمر ابن الخطاب رضي الله عنهما الاذان والاقامة وكيف صارت سببا لشرع هذه الشعيرة العظيمة التي هي من اعظم الشعائر الدينية ومرائي الانبياء والاولياء والصالحين بل وعموم المؤمنين وغيرهم معروفة مشهورة لا يحصى ما اشتملت عليه من المنافع المهمة والثمرات الطيبة وهي من جملة نعم الله على عباده ومن بشارات المؤمنين وتنبيهات الغافلين وتذكيره للمعرضين واقامة الحجة على المعاندين واما الحلم الذي هو اضغاث احلام فانما هو من تخليط الشيطان على رح الانسان وتشويشه عليها وافزاعها وجلب الامور التي تكسبها الهم والغم او توجب لها الفرح والمرح والبطر او تزعجها للشر والفساد والحرص الضار فامر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم عند ذلك ان يأخذ العبد في الاسباب التي تدفع شره بالا يحدث بها احدا فان ذلك سبب لبطلانه واضمحلاله وان يتفل عن يمينه وشماله ثلاث مرات وان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم الذي هو سبب هذا الحلم الدافع له وليطمئن قلبه عند ذلك انه لا يضره مصداقا لقول رسوله وثقة بنجاح الاسباب الدافعة له واما الرؤيا الصالحة فينبغي ان يحمد الله عليها ويسأله تحقيقها ويحدث بها من يحب ويعلم منه المودة ليسر لسروره ويدعو له في ذلك ولا يحدث بها من لا يحب لان لا يشوش عليه بتأويل يوافق هواه او يسعى حسدا منه في ازالة النعمة عنه ولهذا لما رأى يوسف والقمر والكواكب الاحد عشر ساجدين له وحدث بها اباه قال يا بني لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا ان الشيطان عدو مبين ولهذا كان كتم النعم عن الاعداء مع الامكان او لا اذا كان في ذلك مصلحة راجحة واعلم ان الرؤيا الصادقة تارة يراها العبد على صورتها الخارجية كما في رؤيا الاذان وغيرها وتارة يضرب له فيها امثال محسوسة ليعتبر بها الامور المعقولة او المحسوسة التي تشبهها كرؤيا ملك مصر ونحوها وهي تختلف باختلاف الرائي والوقت والعادة وتنوع الاحوال