ها ها منظرا واليه المصير. اي المرجع يوم القيامة فيجازيكم على ايمانكم وكفركم. ويسألكم عن والنعيم الذي اولاكموه هل قمتم بشكره؟ ام لم تقوموا بشكره؟ ثم ذكر عموم علمه فقال الله وقدره وهو الذي شاء ذلك منهم بان جعل لهم قدرة وارادة بها يتمكنون من كل ما يريدون من الامر والنهي فلما ذكر خلق الانسان المكلف المأمور المنهي ذكر خلق باقي المخلوقات فقال المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم لكم قراءة تفسير السعدي. بسم الله الرحمن الرحيم له الحمد وهو على كل شيء قدير. هو الذي خلقكم فمنكم كافر هذه الاية الكريمات مشتملات على جملة كثيرة واسعة من اوصاف الباري العظيمة فذكر كمال الوهيته تعالى سعة غناه وافتقار جميع الخلائق اليه وتسبيح من في السماوات والارض بحمد ربها وان الملك كله لله. فلا يخرج مخلوق عن ملكه. والحمد كله له حمد على ما له من صفات الكمال وحمد على ما اوجده من الاشياء. وحمد على ما شرعه من الاحكام واسداه من النعم. وقدرته شاملة لا يخرج عنها موجود فلا يعجزه شيء يريده وذكر انه خلق العباد وجعل منهم المؤمن والكافر فايمانهم وكفرهم كله بقضاء الله خلق السماوات والارض بالحق وصوركم فاحسن صوركم واليه المصير. خلق السماوات سوى الارض اي اجرامهما وجميع ما فيهما فاحسن خلقهما بالحق اي بالحكمة والغاية المقصودة له تعالى فاحسن صوركم. كما قال تعالى لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم. فالانسان احسن المخلوقات صورة السماوات والارض ويعلم ما تسرون وما تعلنون. والله عليم بذات الصدور يعلم ما في السماوات والارض اي من السرائر والظواهر والغيب والشهادة. والله عليم بذات الصدور اي بما فيها من الاسرار الطيبة والخبايا الخبيثة والنيات الصالحة والمقاصد الفاسدة. فاذا كان عليما بذات الصدور تعين على العاقل البصير ان يحرص ويجتهد في حفظ باطنه من الاخلاق الرذيلة واتصافه بالاخلاق الجميلة نبأ الذين كفروا من قبل. فذاقوا وبال امرهم ولهم عذاب اليم. لما ذكر تعالى فمن اوصافه الكاملة العظيمة ما به يعرف ويعبد ويبذل الجهد في مرضاته. وتجتنب مساخطه. اخبر بما فعل بالامم السابقين والقرون الماضين الذين لم تزل انباؤهم يتحدث بها المتأخرون. ويخبر بها الصادقون وانهم حين جاءتهم الرسل بالحق كذبوهم وعاندوهم فاذاقهم الله وبال امرهم في الدنيا. واخزاهم فيها. في الدار الاخرة ولهذا ذكر السبب في هذه العقوبة فقال فقالوا ابشر فقالوا ابشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله ذلك النكال والوبال الذي احللناه بهم بانهم كانت تأتيهم بالبينات اي بالايات الواضحات الدالة على الحق والباطل. فاشمأزوا واستكبروا على رسلهم. فقالوا ابشر يهدوننا اي فليس لهم فضل علينا باي شيء خصهم الله دوننا؟ كما قال في الاية الاخرى. قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم. ولكن الله يمن على من من عباده فهم حجروا فضل الله ومنته على انبيائه. ان يكونوا رسلا للخلق. واستكبروا عن الانقياد لهم فابتلوا بعبادة والاشجار ونحوها. فكفروا بالله وتولوا عن طاعة الله استغنى الله عنهم فلا يبالي بهم ولا يضره ضلالهم شيئا. والله غني حميد. اي هو الغني الذي له الغنى التام المطلق من جميع الوجوه الحميد في اقواله وافعاله واوصافه سوق البلا وربي لتبعثن قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبأ بما عملتم وذلك على الله يسير. يخبر تعالى عن عناد الكافرين وزعمهم الباطل وتكذيبهم بالبعث بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير. فامر اشرف خلقه ان يقسم بربه على بعثهم. وجزائهم باعمالهم الخبيثة بهم بالحق. فانه وان كان عسيرا بل متعذرا بالنسبة الى الخلق. فان ان قواهم كلهم لو اجتمعت على احياء ميت واحد ما قدروا على ذلك. واما الله تعالى فانه اذا اراد امرا فانما تقول له كن فيكون. قال تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله. ثم نفخ فيه اخرى فاذا هم قيام ينظرون بما تعملون خبيث. لما ذكر انكار من انكر بالبعث وان ذلك منهم موجب كفرهم بالله واياته. امر بما يعصم من الهلكة والشقاء وهو الايمان بالله ورسوله وكتابه. وسماه الله نورا فان النور ضد الظلمة. وما في الكتاب الذي انزله الله الله من الاحكام والشرائع والاخبار انوار يهتدى بها في ظلمات الجهل المدلهمة ويمشى بها في حندس الليل البهيم وما سوى الاهتداء بك كتاب الله هي علوم ضررها اكثر من نفعها. وشرها اكثر من خيرها. بل لا خير فيها ولا نفع. الا ما وافق ما جاءت به الرسل والايمان بالله ورسوله وكتابه يقتضي الجزم التام واليقين الصادق بها والعمل بمقتضى ذلك التصديق من امتثال الاوامر واجتناب المناهي. فيجازيكم باعمالكم الصالحة والسيئة اجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن. ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر ويدخله جنات تجري من تحتها الانهار ذلك الفوز العظيم. يعني اذكروا يوم الجمع الذي يجمع الله به الاولين والاخرين. ويقفهم موقفا هائلا عظيما. وينبئهم بما عملوا. فحينئذ يظهر الفرق التفاوت بين الخلائق ويرفع اقوام الى اعلى عليين في الغرف العاليات والمنازل المرتفعات المشتملة على جميع اللذات الشهوات ويخفض اقوام الى اسفل سافلين. محل الهم والغم والحزن والعذاب الشديد. وذلك نتيجة ما قدموه لانفسهم واسلفوه ايام حياتهم. ولهذا قال اي يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق ويغبن المؤمنون الفاسقين. ويعرف المجرمون انهم على غير شيء. وانهم هم الخاسرون. فكأنه قيل باي شيء يحصل الفلاح والشقاؤ والنعيم والعذاب. فذكر تعالى اسباب ذلك بقوله ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه ومن يؤمن بالله اي ايمانا تاما شاملا لجميع ما امر الله بالايمان به ويعمل صالحا من الفرائض قوافل من اداء حقوق الله وحقوق عباده فيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وتختاره الارواح وتحن اليه القلوب ويكون نهاية كل مرغوب الى اولئك اصحاب النار. اولئك اصحاب النار خالدين فيها وبئس النصير. والذين كفروا وكذبوا باياتنا. اي كفروا بها من غير شرعي ولا عقلي بل جائتهم الادلة والبينات فكذبوا بها وعاندوا ما دلت عليه النار خالدين فيها وبئس النصير. لانها جمعت كل بؤس وشدة وشقاء يقول تعالى ما اصاب من مصيبة الا باذن الله وهذا عام لجميع المصائب في النفس المال والولد والاحباب ونحوهم. فجميع ما اصاب العباد فبقضاء الله وقدره. قد سبق بذلك علم الله تعالى. وجرى به قلمه ونفذت به مشيئته واقتضته حكمته والشأن كل الشأن هل يقوم العبد بالوظيفة التي عليه في هذا المقام ام لا يقوم بها فان قام بها فله الثواب الجزيل والاجر الجميل في الدنيا والاخرة. فاذا امن انها من عند الله فرضي بذلك وسلم لامره هدى الله قلبه فاطمئن ولم ينزعج عند المصائب. كما يجري لمن لم يهدي الله قلبه. بل يرزقه الله الثبات عند ورودها قيام بما يوجب الصبر فيحصل له بذلك ثواب عاجل. مع ما يدخر الله له يوم الجزاء من الثواب. كما قال تعالى انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. وعلم من هذا ان من لم يؤمن بالله عند ورود المصائب. بان لم يلحظ قضاء الله وقدره بل وقف فمع مجرد الاسباب انه يخذل ويكله الله الى نفسه. واذا وكل العبد الى نفسه فالنفس ليس عندها الا الجزع والهلع. الذي هو وعقوبة عاجلة على العبد. قبل عقوبة الاخرة على ما فرط في واجب الصبر. هذا ما يتعلق بقوله اه يهدي قلبه والله بكل شيء عليم. في مقام المصائب الخاص واما ما يتعلق بها من حيث العموم اللفظي فان الله اخبر ان كل من امن اي الايمان المأمور به من الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خير به وشره وصدق ايمانه بما يقتضيه الايمان من القيام بلوازمه وواجباته. ان هذا السبب الذي قام به العبد اكبر سبب لهداية هداية الله له في احواله واقواله وافعاله وفي علمه وعمله. وهذا افضل جزاء يعطيه الله لاهل الايمان. كما قال تعالى في اخبار ان المؤمنين يثيبهم الله في الحياة الدنيا وفي الاخرة. واصل الثبات ثبات القلب وصبره ويقينه عند ورود كل فتنة فقال يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. فاهل الايمان اهدى الناس قلوبا عند المزعجات والمقلقات وذلك لما معهم من الايمان. وقوله واطيعوا الله واطيعوا الرسول فان تودوه صليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين. واطيعوا الله واطيعوا الرسول اي في امتثال امرهما واجتناب نهيهم فيهما فان طاعة الله وطاعة رسوله مدار السعادة وعنوان الفلاح فان توليتم اي عن طاعة الله وطاعة رسوله ان يبلغكم على ما ارسل به اليكم بلاغا يبين لكم ويتضح وتقوموا به عليكم الحجة. وليس بيده من هدايتكم ولا من حسابكم من شيء وانما يحاسبكم على القيام بطاعة الله وطاعة رسوله او عدم ذلك عالم الغيب والشهادة. الله لا اله الا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون. الله لا اله الا هو اي هو المستحق للعبادة والالوه وهي فكل معبود سواه فباطل. اي فليعتمدوا عليه في كل امر نابع فهم وفيما يريدون القيام به. فانه لا يتيسر امر من الامور الا بالله. ولا سبيل الى ذلك الا بالاعتماد على الله. ولا يتم الاعتماد على الله حتى يحسن العبد ظنه بربه. ويثق به في كفايته الامر الذي اعتمد عليه به. وبحسب ايمان العبد يكون توكله فكلما قوي الايمان قوي التوكل لكم فاحذروهم وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا واولادكم فتنة. والله عنده اجر عظيم. هذا تحذير من الله للمؤمنين من الازواج والاولاد ان بعضهم عدو لكم والعدو هو الذي يريد لك الشر. ووظيفتك الحذر ممن هذا وصفه. والنفس مجبولة على محبة الازواج والاولاد. فنصح تعالى عباده ان توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الازواج والاولاد. ولو كان فيها ما فيها من المحذورين الشرعي ورغبهم في امتثال اوامره وتقديم مرضاته بما عنده من الاجر العظيم المشتمل على المطالب العالية والمحاب الغالية. وان تثير الاخرة على الدنيا الفانية المنقضية. ولما كان النهي عن طاعة الازواج والاولاد فيما هو ضرر على العبد. والتحذير من ذلك قد يوهم الغلظ عليهم وعقابهم امر تعالى بالحذر منهم والصفح عنهم والعفو. فان في ذلك من المصالح ما لا يمكن حصره. فقال لان الجزاء من جنس العمل. فمن عفا اه عفا الله عنه ومن صفح صفح الله عنه ومن غفر غفر الله له. ومن عامل الله فيما يحب وعامل عباده كما يحب يحبون وينفعهم نال محبة الله ومحبة عباده. واستوثق له امره. فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا هم المفلحون يأمر تعالى بتقواه التي هي امتثال اوامره واجتناب نواهيه. ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة. فهذه الاية تدل على ان كل واجب عجز عنه العبد انه يسقط عنه. وانه اذا قدر على بعض المأمور وعجز عن بعضه فانه يأتي بما يقدر وعليه ويسقط عنه ما يعجز عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا امرتكم بامر فاتوا منه ما استطعتم ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ما لا يدخل تحت الحصر. وقوله واسمعوا اي اسمعوا ما يعظكم الله به وما يشرعه لكم من الاحكام. واعلموا ذلك وانقادوا له واطيعوا الله ورسوله في جميع اموركم. وانفقوا من النفقات الشرعية الواجبة والمستحبة. يكون ذلك الفعل منكم خيرا لكم في الدنيا والاخرة فان الخير كله في امتثال اوامر الله تعالى وقبول نصائحه والانقياد لشرعه والشر كله في مخالفة ذلك لكن ثم افة تمنع كثيرا من الناس من النفقة المأمور بها وهو الشح المجبولة عليه اكثر النفوس. فانها تشح بالمال وتحب وتكره خروجه من اليد غاية الكراهة. فمن وقاه الله شر شح نفسه بان سمحت نفسه بالانفاق النافع لها لانهم ادركوا المطلوب ونجوا من المرهوب بل لعل ذلك شامل لكل ما امر به ونهي عنه فانه ان كانت نفسه شحيحة لا تنقاد لما امرت به ولا تخرج ما قبلها لم يفلح بل خسر الدنيا والاخرة وان كانت نفسه نفسا سمحة مطمئنة منشرحة لشرع الله طالبة لمرضات الله فانها ليس بينها وبين فعل ما كلفت به الا العلم به ووصول معرفته اليها والبصيرة بانه مرض لله تعالى. وبذلك تفلح وتنجح وتفوز كل الفوز. ثم تعالى في النفقة فقال ان تقرضوا الله قرضا حسنا وهو كل نفقة كانت من الحلال. اذا قصد بها العبد وجه الله تعالى وطلب مرضاته. ووضعها في موضعها يضاعفه لكم النفقة بعشر امثالها الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة. ومع المضاعفة ايضا يغفر لكم بسبب الانفاق والصدقة ذنوبكم فان الذنوب يكفرها الله بالصدقات والحسنات ان الحسنات يذهبن السيئات. حليم لا يعادل من عصاه. بل يمهله ولا يهمله ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا. ما ترك على ظهرها من دابة. ولكن يؤخرهم الى اجل مسمى. والله تعالى يقبل من عباده اليسيرة من العمل. ويجازيهم عليه الكثير من الاجر. ويشكر تعالى لمن تحمل من اجله المشاق والاثقال. وناء تكاليف الثقال ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم عالم الغيب والشهادة. اي ما غاب عن العباد من الجنود التي لا يعلمها الا هو. وما يشاهدونه من المخلوقات عزيز الذي لا يغالب ولا يمانع. الذي قهر كل الاشياء الحكيم في خلقه وامره. الذي يضع الاشياء مواضعها