بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. الله اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين قال رحمه الله باب فضل الغني الشاكر وهو من اخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها. قال الله تعالى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وقال تعالى وسيجنبها الاتقى الذي يؤتي ما له يتزكى. وما لاحد عنده من نعمة تجزى الا ابتغاء وجه ربه الاعلى ولسوف يرضى. بسم الله الرحمن الرحيم. وقال رحمه الله تعالى باب فضل الغني الشاكر الغني من الغنى والغنى نوعان غنى عام. وهو ان يرزق الله عز وجل العبد ما يستغني به عن غيره. من مال وعلم او جاه والمعنى الثاني معنى خاص وهو الاكثر استعمالا. وهو ان يرزق الله عز وجل العبد مالا يستغني به عن غيره وقوله الشاكر اسم فاعل من الشكر والشكر هو القيام بطاعة المنعم والشكر لله تعالى يكون بالقلب ويكون باللسان ويكون بالجوارح فاما شكر الله تعالى بالقلب فان يقر وان يعترف ويسدي هذه النعمة الى الله عز وجل فيقر بقلبه انها من الله. وان الله عز وجل هو الذي انعم بهذه النعمة عليه واما شكر الله تعالى باللسان فيكون بالثناء. يثني على الله تعالى بما هو اهله. واما الشكر بالجوارح فان عمل هذه النعم في طاعة الله. وان يري الله تعالى اثر هذه النعمة عليه. فاذا انعم الله تعالى عليه بنعمة المال فانه يستعمل هذا المال في طاعة الله. ويستعين به على طاعة الله وير الله تعالى اثره وهذا المال وهذه النعمة عليه. وذلك باللباس الجميل والتوسعة على الاهل والعيال. وان يبذله فيما يقربه الى الله تعال اذا انعم الله عز وجل عليك بنعمة العلم فان من شكر الله عز وجل على هذه النعمة. اولا ان تري الله اثر هذه النعمة عليك. في عقيدتك وفي عبادتك وفي منهجك وسلوكك وتعاملك. وثانيا ان تبذل هذا العلم لغيرك. فان الناس في حاجة الى العلم في ضرورة الى العلم وهذا كله داخل في قول الله عز وجل. واما بنعمة ربك فحدث. اي تحدث بهذه النعم بقلبك بالاقرار يضعف بها وبلسانك بالثناء وبجوارحك بان تستعملها في طاعة الله ثم فسر رحمه الله الغني الشاكر الذي يأخذ المال من وجوهه المشروعة. فالمال ليس المال ما حل في اليد وانما المال ما اكتسبه الانسان من طرق شرعية. اما ببيع او شراء او ارث او وصية او غير ذلك وصرفه ايضا في وجوهه الشرعية. وهذا الصرف قد يكون واجبا كالزكاة. والكفارات نفقات وقد يكون مستحبا كالوقف وصدقة التطوع. ثم ساق المؤلف رحمه الله الايات في هذا الباب الاية الاولى هنا قول الله عز وجل فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. اما من اعطى اي بذر هذا ما يجب عليه بذله من مال او علم او جاه واتقى الله عز وجل بان جعل بينه وبين عذابه وقاية. بفعل اوامره واجتناب نواهيه. وصدق بالحسنى اي وهي قول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم اي صدق بما جاء في كتاب الله وما جاء في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لانه لا اصدق ولا احسن من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. فسنيسره لليسرى يعني ان الله عز وجل ييسره ليسرى في امور دينه وفي امور دنياه. وهذا من تحقيق قول الله عز وجل ومن يتق الله يجعل اجعل له من امره يسرا. ومن يتق الله يجعل له مخرجا. فمن اتقى الله عز وجل جعل له فرجا ومخرجا ثم قال عز وجل واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى. اما من بخل بخلوا منع ما يجب بذله من علم او جاه او مال. فالبخل لا يقتصر على المال بل كل من منع ما يجب فقد بخل. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم البخيل من ذكرت عنده فلم يصلي علي. عليه الصلاة والسلام اما من بخل واستغنى اي استغنى بما اتاه الله عز وجل من هذا المال. ورأى انه في غنى ولم يتق الله عز وجل وكذب بالحسنى اي بالقولة الحسنى وهي قول الله ورسوله فسنيسره للعسرى. يعني ان اموره تتعسر عليه في دينه ودنياه. فهذه الاية فيها بشارة لمن رزقه الله عز وجل مالا واستعمله في طاعة الله تعالى الا واتقى الله تعالى فيه ان الله تعالى ييسر له اموره في دينه وفي دنياه. وفي مقابل ذلك من بخل بما يجب عليه بذله فان اموره تتعسر. ولهذا قال فسنيسره للعسرى. فتتعسر اموره سواء كانت في امور الدين او في امور الدنيا. فعلى المرء ان يتقي الله عز وجل في اكتساب هذا المال وفي بذله وانفاقه فيكتسبه من محله وينفقه في حله. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد