المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله القاعدة الرابعة والستون الامور العارضة التي لا قرار لها بسبب المزعجات والشبهات قد ترد على الحق والامور اليقينية ولكنها سرعان ما تطمحل وتزول. هذه قاعدة شريفة جليلة. قد وردت في عدة مواضع من القرآن فمن لم يحكمها حصل له من الغلط في فهم بعض الايات ما اوجب الخروج عن ظاهر النص ومن عرف حكمة الله تعالى في ورودها على الحق الصريح لاسباب مزعجة تدفعها او لشبهة قوية تحدثها ثم بعد هذا اذا رجع الى اليقين والحق الصريح وتقابل الحق والباطل فزهق الباطل وثبت الحق فزهق الباطل وثبت الحق. حصل العاقبة الحسنة وزيادة الايمان واليقين. فكان في ذلك التقدير حكما بالغة واياد سابقة لنمثل بامثلة فمنها ان الرسول ان الرسل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين اكمل الخلق ايمانا ويقينا وتصديقا بوعد الله ووحيده. وهذا امر يجب على الامم ان يعتقدوا في الرسل انهم قد بلغوا ذروته العليا وانهم معصومون من ضده. ولكن ذكر الله في بعض الايات انه قد يعرضه من الامور المزعجة. المنافية لما علم يقينا ما يوجب لهؤلاء الكمل ان يستبطئوا معه النصر ويقولون متى نصر الله؟ وقد يقع في هذه الحالة للقلوب شيء من عوارض اليأس بحسب قوة الواردات وتأثيرها بالقلوب. ثم في اسرع وقت تنجلي هذه الحال. ويصير لنصر الله وصدق موعوده من الوقع والبشارة والاثار العجيبة امر كبير لا يحصل بدون هذه الحالة ولهذا قال حتى اذا استيأس المنصور وظنوا انهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجيهم من نشاء. فهذا الوارد الذي لا قرار له ولما حقت الحقائق اذ محل وتلاشى لا ينكر ويطلب للايات تأويلات مخالفة لظاهرها ومن هذا الباطن ومن هذا الباب بل من صريحه قوله تعالى وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى الشيطان ان واذا تمنى القى الشيطان في امنيته ان يلقي من الشبه ما يعارض اليقين. ثم ذكر الحكم العظيمة المترتبة على هذا الالقاء وان نهاية الامر وعاقبته ان الله يبطل ما يلقي الشيطان ويحكم اياته والله عليم حكيم. فقد اخبر بوقوع هذا الامر لجميع الرسل والانبياء في هذه الحكم التي ذكرها فمن انكر وقوع ذلك بناء على ان الرسل لا رب ولا ريب ولا شك معصومون. وظن ان هذا ينافي العصمة فقد غلط اكبر الغلط ولو فهم ان الامور العارضة لا تؤثر في الامور الثابتة. لم يقل قولا خالف فيه الواقع وخالفنا الصلاة الكريمة. ومن هذا على احد قولي المفسرين قوله تعالى فظن ان لن نقدر عليه. وانه ظن ظن عرض في الحال ثم زال. نظيرا لوسواس العارضة في اصل الايمان نظيرا للوساوس العارضة في اصل الايمان. التي يكرهها العبد حين تلد حين تلد قلبه. ولكن ايمانه ويقينه يزيلها يذهبها. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم عندما شكى اليه اصحابه هذه الحالة التي اقلقتهم. مبشرا لهم الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة. ويشبه هذه العوارض التي تعرض في ايرادات الايمان لقوة وارد من شهوة او غضب. وان المؤمن كامل الايمان قد يرد في قلبه هم وارادة لفعل بعض المعاصي. التي تنافي الايمان الواجب. ثم يأتي برهان الايمان وقوة ما ما مع العبد من الانابة التامة فيدفع هذا العارض ومن هذا قوله تعالى عن يوسف ولقد همت به وهم بها لولا ان رأى برهان ربه. وهو انه لما رجع الى ما معه من الايمان ومراقبته لله وخوفه ورجائه ارتفع عنه هذا الهم واضمح الله وصارت ارادته التامة فيما يرضي ربه. ولهذا بعد المعالجة الشديدة التي لا يصبر عليها الا الخواص من الخلق الا الخواص من الخلق. قال صلى الله عليه وسلم رب السجن احب الي مما يدعونني اليه. وكان احد السبعة الذين الله في ظله يوم لا ظل الا ظله. رجل دعته امرأة ذات ذات منصب وجمال فقال اني اخاف الله اني اخاف الله. فقال تعالى ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون. يشمل الطائف الذي يعرض في اصل والذي يعرض في ارادته. فاذا مسهم تذكروا ما يجب من يقين الايمان ومن واجباته فابصروا فرجع الشيطان خاسئا وهو حسير. ولعل من هذا قول لوط عليه السلام او اوي الى ركن شديد. وقول النبي صلى الله عليه وسلم رحم الله لقد كان يأوي الى ركن شديد. يعني وهو القوي العزيز. لكن غلب على لوط تلك الحالة الحرجة والنظر للاسباب العادية فقال ما قال مع علمه التام بقوة ذي العظمة