بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب الموت وقصر الامل وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال كن في كأنك غريب او عابر سبيل. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح. واذا اصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى وعن ابن عمر رضي الله عنه قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي والمنكب هو مجمع الكتف مع العضد وانما اخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمنكبه لاجل ان ينتبه. ولاجل ان يعي بقلبه ما سوف يلقي اليه من العلم والموعظة اخذ بمنكبه فقال كن في الدنيا كأنك غريب. كن في الدنيا اي مدة اقامتك في الدنيا. كانك غريب والغريب هو الذي يقيم في غير وطنه فالغريب تجد ان قلبه يكون معلقا بوطنه. ولهذا يكتفي بادنى طعام وادنى شراب وادنى مسكن وادنى مركب. لان قلبه متعلق باهله واولاده ووطنه. وهكذا ينبغي للمرء في هذه الدنيا الا يعلق قلبه بهذه الدنيا والا يركن اليها. بل يعلق قلبه بالاخرة. لان الاخرة خير وابقى قال او عابر سبيل او هنا بمعنى بل اي كن في الدنيا كأنك غريب بل عابر سبيل هذا قول الله تبارك وتعالى وارسلناه الى مئة الف او يزيدون اي بل يزيدون وعابر السبيل هو المسافر الذي لا يقطن في بلد معين. بل لا يقر له قرار في بلد. فتجد انه من بلد الى بلد. فهكذا ايضا الانسان في هذه الدنيا لا يركن اليها ولا يقر فيها. لان له موعدا مع الله عز وجل يوم القيامة. وكان ابن عمر رضي الله عنهما لما وعظه النبي عليه الصلاة والسلام هذه الموعظة وهذا التذكير تأثر بذلك رضي الله عنه. فكان يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح. اذا امسيت اي اذا دخلت في المساء فلا تنتظر باعمال البر والخير الى الصباح. فلعلك لا تبقى الى وانما قدم ابن عمر رضي الله عنهما المساء على الصباح فقال اذا امسيت فلا تنتظر الصباح ولم يقل اذا اصبحت فبدأ بالمساء لان المساء يكون فيه النوم وهو احدى الوفاتين كما قال تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار واذا اصبحت فلا تنتظر المساء. اي لا تؤمن انك تبقى الى المساء. بل بادر باعمال الخير الخير والبر. والانسان اذا بادر باعمال الخير والبر حصل على خير كثير. لان التأخير سبب للنسيان وسبب للتكاسل. وربما حصل للانسان عارض لم يتمكن بسببه من هذا العمل الصالح وهذه الطاعة قال وخذ من صحتك لمرضك. اي اعمل اعمالا صالحة ما دمت في حال الصحة وفي حال نشاط وفي حال العافية قبل ان يحال بينك وبين هذه الاعمال بالمرض الذي يقعدك عن العمل. ومن حياتك لموتك. اي اعمل ما دمت في زمن الامهال وما دمت في هذه الحياة استزد من الاعمال الصالحة واستزد من الطاعات قبل ان تنقطع عملك بالموت. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به يعني من بعده او ولد صالح يدعو له. فكما ان الانسان كان عدما فسوف يكون عدما هل اتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا. ففي هذا الحديث دليل على مسائل منها الحث على القصة للامل والا يؤمن الانسان البقاء في الدنيا وكيف يؤمن البقاء فيها وهو لا يدري متى يفجأه الموت وفي اي ساعة يأتيه الموت بغتة وهو لا يشعر. وفيه ايضا دليل على الزهد في الدنيا وعدم الركون فيها وان لا يأخذ منها الا ما كان عونا له على طاعة الله وكان زادا له الى الاخرة. ومنها ايضا الحث على اغتنام الاوقات بالاعمال الصالحات والطاعات. فالانسان يجعل هذه الدنيا مزرعة للاخرة فيستزيد فيها من الاعمال الصالحة التي تقربه الى الله تعالى وتكون سببا في زيادة حسناته وتكفير سيئاته ورفعة درجاته. واعلم انك متى حرصت على الاعمال الصالحة والاستزادة منها فانك تستفيد فوائد عظيمة. منها اولا ان الاعمال الصالحة سبب لزينة زيادة الايمان فان الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. ومنها ان الاعمال الصالحة سبب لرفعة الدرجات وزيادة الحسنات وتكفير السيئات. قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات. وقال النبي النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن ومن فوائد الاستكثار من الاعمال الصالحة ان الانسان اذا اعتاد الاعمال الصالحة وحيل بينه وبينها بمرض مستأثر او نحوه كتب الله له اجرها ولو كان نائما على فراشه. قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما. ومن فوائد الاستزادة والاستكثار من الاعمال الصالحة. انها تكون سببا تفريج الهموم وزوال الكروب. اذا حصل للانسان هم او غم او كرب نفس الله كربه وفرج همه بسبب هذه الاعمال الصالحة قال النبي صلى الله عليه وسلم تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة اي اعمل اعمالا في حال صحتك نشاطك تكن ذخرا لك عند الله تعالى في حال شدتك. ومنها ايضا ان الاستزادة من الاعمال الصالحة سبب لوقاية الانسان من الفتن. سواء كانت فتن شبهات ام فتن شهوات. فيقي الله على العبد بسبب هذه الاعمال من هذه الفتن. قال النبي صلى الله عليه وسلم بادروا بالاعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا فعلى المرء ان يحرص على الاستزادة من الاعمال الصالحة. وان يجاهد نفسه على ذلك. لان النفس قد يكون منها جنوح وقد يكون منها اعراض وامتناع ولكن الانسان اذا جاهد نفسه وحث نفسه على ذلك فان النفس تنقاد للطاعة ونفسك ايها الانسان ان اعززتها فقد اذللتها. وان اذللتها فقد اعززتها فان اذللتها لطاعة الله فقد اعززتها. لان العزة لله ولرسوله ولله العزة ولرسوله. وان اعجزتها بمعنى انك تركت نفسك تعمل ما تهوى وما تشتهي وما تريد فقد اذللتها لان معصية الله تعالى ومخالفة امره ذل وخزي في الدنيا والاخرة. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد