يبهر عقول الناظرين. عرفنا بذلك ان خالقها رب واحد وملك عظيم. وانه لا يستحق العبادة والشكر والثناء الا هو. وان له جميع صفات الملك. الذي يتصرف فيه في المملكة تقديرا وتشريعا وجزاء فوقه هواء وما تحته هواء. انه كناية عن انه ليس معه شيء. هذا على تقدير صحته الحديث اختلف المتحف. فمن صححه فهذا فهذا ما قاله اهل العلم فيه. ومن ضعفه سقط لحيته واحد كملك الموت ام عدة شياطين؟ فالشيطان المنظر الى يوم الدين قد دل الكتاب والسنة والاجماع انه واحد. وهو ابليس الذي لعنه الله. وطرده حين ابى ان يسجد لادم. وحلف بعزة الله المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله الاجوبة السعدية عن المسائل الكويتية. وهي مراسلات بين العلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي مع بعض علماء الكويت في الفترة ما بين سنة سبع وستين وثلاثمائة والف وسنة اربع وسبعين وثلاثمائة والف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم تم الاعتماد في تحقيق هذا الكتاب على نشرة الدكتور وليد بن عبدالله المنيس ومراجعة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل. الرسالة الاولى في حكم بيع الذهب بالانواط. بسم بسم الله الرحمن الرحيم. في العاشر من ربيع الاخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة اخي الفاضل بالاخلاق الجميلة والسيرة الحميدة. المكرم محمد العبدالله المحسن الدعيج المحترم. حفظه الله من جميع واستعمله في الباقيات الصالحات امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم وصحة العلم والاخ وام عبدالمحسن ارجو الله ان تكونوا باتم الصحة واكمل السرور. وان يتم عليكم نعمه بالتوفيق لشكرها اه انه جواد كريم. سررت بكتبك رقم سبعة عشر وثمانية عشر من ربيع الاول. تلوتها مسرورا وشرحكم. قد كتبت لكم مكتوب قبل هذا. ذكرت مرسولكم البقشع مع بواصل وما فيها. والاغراض مع بواصل وما فيها والاغراض. وان الجميع وصلت وسلمنا الذي لاهله لاهله. وشكر الله سعيكم. واما الكويسة الذي مع حسن الصايغ فيه اغراض ام عبدالله الذي وصت عليها ام عبدالمحسن لومي وقيتين وعرق الهيل نصف ودار صيني نصف اوقية. الجميع عن اثنتين وعشرين روبية. فقد وصلت شكر الله سعي الجميع. ذكرت ان باقي الفلفل الاسود اخرتموه انتظار الورود من الهند. تؤملون انه ارخص. لا زلتم موفقين مبرورين ما سؤالكم عن المعاملة اللي جارية بطرفكم؟ يصدر ذهب من الشام ويدفع بطرفكم عن هذا الذهب قيمته نوطروبية او نوط دينار او يحول فيه على البنك او يقيد جاري الحساب. فهذه المعاملة اذا كان يدفع عن الذهب المذكور ورق انواط او يحول على انواط فلا بأس بذلك. سواء زاد او نقص بشرط الا تكون القيمة مؤجلة. فان القيمة الذي نرى انه لا يجوز فهذه المعاملة اذا كان يدفع عن الذهب المذكور ورق انواط او يحول على انواط فلا بأس بذلك سواء زاد او نقص. بشرط الا تكون القيمة مؤجلة. فان اجلت القيمة فالذي نرى انه لا لا يجوز ولو كانت القيمة انواطا. لان التأجيل فيها يدخلها في الربا. نرجو الله ان يكفينا واياكم بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه. هذا ما لزم مع ما يبدي من لازم شرفونا. وبلغ سلامي الاخ احمد والعيال جميعا وام عبدالمحسن وام عبدالمحسن خصوصا. ومحمد الجراح وجميع المحبين. منا ام عبدالله ونورا وحصة. والعبد الله يوسف والطلبة والله يحفظك والسلام. الرسائل ارسلوا لنا نموذجا من المطبوع. وواعدونا يحملونها عن قريب عند ذلك ان شاء الله نفيدكم ونرسل لكم محبكم عبدالرحمن الناصر السعدي. حالا وصلني كتابك المؤرخ في السادس والعشرين الماضي سررت بصحتكم مرسولكم تنكتين قاز وصلت شكر الله سعيكم واكثر خيركم فعليكم بالبركة. من جهة ما نحب تكليفكم ومن جهة اخرى الذي منكم يلذ على الخاطر. وفي وفيه لكم الثواب والمعروف لازلتم موفقين لكل خير. مبرورين بكل فضيلة. وصلنا انموذج من الرسائل المطبوعة. والى الان ما تم طبع بقيتها موعدينا عن قريب انجازها بحول الله. ويصلكم صحبة هذا الكتاب مع صالح العبد الرحمن العبدلي نسخة واحدة من وجوب التعاون. وخمس نسخ من شرح توحيد الانبياء والمرسلين. الزايد عن حاجتك من الاخيرات تعطونها من ترونه. وعند ان شاء الله وصول الجميع لابد نرسل لكم من كل واحدة عدة بطرفكم يسر الله ذلك. الرسالة الثانية في حكم الطواف والسعي عن الحامل والمحمول بسم الله الرحمن الرحيم. من عنيزة في الثامن من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة. وقد تأخر كثيرا الى الخامس عشر من محرم سنة تسع وستين وثلاثمائة والف من الهجرة بغير قصد حضرة الاخ الشفيق حضرة الاخ الشفيق الفاضل الحاج محمد العبد المحسن الدعيج المحترم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم وصحة العيال والاخ وعيالنا كلهم بخير وسرور. وام عبدالله والبنات. وكذلك العيال. كتبهم متصلة وصحتهم بخير ونأمل توجه احمد هل يومين سبق لك كتاب مع عبدالله الحمد الشبيلي. ذكرت لك فيه عزمنا على طبع كمية من خلاصة التفسير الذي كتبته اخيرا. وفيه شاورت على عرض ورقة طيه على الاصحاب الذين نظن رغبتهم في فعل الخير وان من احب ان يبذل في هذا الطريق الخيري فنحن له شاكرون. ونرجو الله يثيب الجميع. وقد جعلت الامر راجعا لنظري عليه الا بعد خلق السماوات والارض. وكذلك النزول الى السماء الدنيا كل ليلة. فانها من صفات الافعال انه ينزل اذا شاء كيف يشاء. وكذلك من صفاته الفعلية صفات الخلق والرزق والتصريف والتدبير حالا وصلني كتابك المحرر في الثامن والعشرين. في الثامن والعشرين من القعدة. المفيد عن صحة الجميع وعن ارسال لفة الرسائل الى الشيخ محمد بن سند. فقد وصلني كتاب من ابراهيم محمد الابيض من الرياض. يذكر وصولها لا موفقا. اما سؤالكم عمن سعى بعمته سعي الحج. وكل من الحامل والمحمول قد نوى واكتفيا بسعي واحد المشهور في المذهب معروف انه لا يجزئ الا عن الحامل. ولكن هذا القول ضعيف جدا. والصحيح القول الاخر في مذهب الامام احمد وهو رواية عن احمد انه يجزئ عن الحامل والمحمول لظاهر الادلة الشرعية كما يجزئ بالاتفاق لو حمله في الوقوف بعرفة ومزدلفة وبقية المشاعر. فالصواب الذي لا زلنا نفتي فيه من زمان ان الطواف سعي يجزئ عن الحامل والمحمول. وسواء كان المحمول عاقلا يحسن النية او طفلا لا يعقل النية. بل ينوي عنه الحامل فطوافه وسعيه يجزئ عن الحامل والمحمول. كتاب الشيخ محمد بن سند الذي ذكرت انه بطيه ما وصلني يمكن انك غفلت عنه. كذلك قد ذكرت لك وصول الخط السابق الذي ارسلته مع محمد السليمان الجراح. والبقشع اللي فيها كسوة لنا. والبقشة اللي فيها كسوة للمزيد. تقبل الله منكم. هذا ما لزم مع ما يبدي من لازم. ومنا سلام على الاخ احمد والعيال. وخصوا لنا ام عبدالمحسن بالسلام. والله يحفظك والسلام. من عندنا ام عبدالله والبنات وابراهيم العبد الرحمن وعياله والجيران كلهم ويوسف العبدالعزيز ومحمد العبد العزيز وجميع المحبين والله يحفظك عبدالرحمن الناصر السعدي. الكتاب ما ادري كيف تأخر ارساله الى هذا الوقت وانا محرره في ذي الحجة واكثر عليه لاجل سؤالكم فيه عمن طاف بغيره او سعى. وانه يجزئ عن الحامل والمحمول. في هذه المدة ما جاني منك كتاب المانع خير وصلني كتاب الشيخ محمد بن سند من مكة يذكر وصول الرسائل السابقة. احمد وصل طرفنا من اسبوع وان شاء الله قصدنا نزوجها اليومين. عبدالله سيتوجه اليومين الى الخبر. ثم يرجع بطريقه على طرفنا بحول الله. الرسالة الثالثة في حكم ركوب السيارة المسقوفة للمحرم والصاع النبوي. بسم الله الرحمن الرحيم. في الثالث من القاعدة سنة تسع وستين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة جناب الاخ الفاضل الحاج محمد العبد المحسن الدعيج المحترم حفظه الله تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما زلنا نترقب اخباركم. ومستغرب انقطاع مكاتب جميع المدة الماضية حتى وصلني اليوم كتابك المحرر في العاشر من شوال. فسرتني صحتكم وصحة الاخ والعيال. ام عبدالمحسن والاخوان جميعا فحمدت الله على ذلك. وسألته ان يتم عليكم نعمه بالتوفيق لشكرها. فان السبب الوحيد لبقاء النعم وزيادتها وبركتها الاعتراف بنعم الله خصوصا وعموما. والثناء على الله بها. والاستعانة بها على طاعة المنعم. فمن استكمل هذه الامور فقد انعم الله عليه بالشكر. تمم الله لنا ولكم ذلك ولا وكلنا الى انفسنا طرفة عين. سؤالكم عن السيارة المسقوفة للمحرم فالذي نرى انها بمنزلة البيت والخيمة والشراع لا بأس بذلك للمحرم لا بمنزلة الذي اختلف فيه العلماء. فلهذا لا نتوقف بجواز ركوب السيارة المسقوفة للمحرم كالمركب وغيره. واما النبوي فهو محرر تحريرا تاما. وهو ثمانون ريالا بريال فرنسا. فيكون الصاع الذي اشرتم اليه مائة ريال ريال ريال فرنسا يكون صاعا وربع بصاع الرسول. مثل صاعنا يا اهل نجد. بل صاعنا يزيد اربعة ارجل فرنسا بلغ سلامي الاخ احمد والعيال وام عبدالمحسن والاخ محمد السليمان الجراح. وقد وصلتني تذكرة التهنئة من المذكور بعيد الفطر اعاده الله على الجميع بالبركة والسرور. ومنا ام عبد الله والبنات وابراهيم العبد الرحمن واهله وعياله والجيران والاصحاب وعموما من دون تخصيص والعيال كتبهم متصلة وصحتهم تسرك. والله يحفظك والسلام. محبكم عبدالرحمن ناصر السعدي كتاب الخلاصة خلص طبعه ولكنه الى الان ما ورد من مصر للحجاز ونؤمل وصوله كل ساعة الله ذلك. حنا هالسنة ما عندنا طاري للحج. ولكن بالامكان وقت ممشى الناس ربما يصير لنا عزم. ربنا يدبر ما فيه خير وصلاح. الولد عبدالله عزم يجيب العائلة من مكة بعد الحج الى عنيزة. ويقيم ايضا عندنا بعنيزة. الرسالة الرابعة رابعة عما جاء في كتاب الغنية وعن الاتيان بكاف الخطاب في الصلاة. بسم الله الرحمن الرحيم. في ربيع اول سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة الاخ المكرم الحاج الفاضل محمد العبد المحسن الدعيج. المحترم حفظه الله بحفظه ورعاه برعايته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم صحتنا مع العائلة ام والبنات يسرك الخاطر عن ذلك. وصلني كتابك وسررت بصحتكم وصحة الاخ احمد وام عبدالمحسن والعيال فلله الحمد اتم الله عليكم نعمه بشكرها. والتوفيق للقيام بحقها بمنه وكرمه. مرسولكم كيلوين لباب قهوة كلمة غير واضحة في الاصل. فلقد احسنت وتكرمت بذلك على محبك. حيث مثل ما ذكرت جنابكم يحصل وفيه راحة وفيها حفظ للباب. شكر الله سعيك وجزاك عنا خير الجزاء. سؤالكم عما ذكره الشيخ عبدالقادر في نيته ان الله ناول موسى صلى الله عليه وسلم التوراة من يده الى يده. هذا اللفظ على هذه الصفة ليس مأثورا عن السلف انما المأثور ان الله تعالى كتب التوراة بيده وورد في ذلك حديث. الله اعلم هل هو صحيح ام لا؟ واما قول صاحب الدليل وغيره في مبطلات الصلاة. وبالاتيان بكاف الخطاب لغير الله ورسوله احمد الخطاب للرسول خاصة في التشهد الاول والاخر في قول المصلي. السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته فقوله عليك هي كاف الخطاب. وليس في الصلاة كاف خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم غير هذا موضع فاما لو خاطب غير الرسول بان جاء ذكر ابراهيم او موسى او عيسى او غيرهم من الانبياء. فيقول صلى الله عليك فقد خاطبهم بكاف الخطاب فتبطل صلاته على المذهب. وكذلك لو جاء ذكر الشيطان او فرعون او غيره من الجبابرة فخاطبه المصلي بقوله لعنك الله بطلت كذلك على المذهب والله اعلم. نأمل اليومين يصل مختصر في الفقه طبع في مصر. طبعه بعض الاصحاب هو ورسالة صغيرة جدا في اصول الفقه. يسرها الله وصوله بخير. كذلك نحب اعادة طبع السؤال والجواب في الفقه. لانه مرغوب فيه جدا. وقد نفذت نسخه من يسر الله ذلك هذا ما لزم منا سلامي على الاخ احمد والعيال ام عبدالمحسن وجميع المحبين. ومنا ام الله والبنات نورا ولولو وعيالهن وابراهيم العبد والجيران كلهم والله يحفظكم والسلام. الرسالة الخامسة حول الفرق بين الصفات الذاتية وصفات الافعال وصفات المعاني. بسم الله الرحمن الرحيم. في العاشر من جمادى الاولى سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. جناب الاخ الحبيب الفاضل الحاج محمد العبد المحسن الدعيج. المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع سؤالي عن صحتكم وصحة الاخ والعيال وام عبدالمحسن. ارجو الله ان تكونوا باتم الصحة اليوم بنفسه حظيت بكتابك الكريم المؤرخ في الرابع الماضي. ما ادري كيف هو متأخر فتلوته مسرورا بصحتك وصحة جميع العائلة مع الاصحاب واشكرك على شرحك عنهم. اسمعنا الله عنكم جميعا ما يسر. وقد فهمت ما تفضلت به ما جمعته نتيجة ما وصفتم به الخلاصة بعد مطالعتكم لها. فجزاكم الله عنا خير الجزاء. ونرجوه ان يجعل العمل خالصا لوجهه وان يحقق للجميع كل ما نرجوه. وكذلك البشارة بوصول الاخ عبدالعزيز اليوسف. من جدة بالسلامة في كتابكم السؤال عن شرح صفات المولى. وليعلم الاخ الفاضل ان شرحها وتفصيلها غير ممكن. لان لله اسماء وصفات لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل. ولا يحصي المثنون على الله الواصفون له اقل القليل منه ها وليس منها شيء قليل بل كلها اوصاف عظيمة. ولكني فهمت ان مرادك الفرق بين الصفات الذاتية وصفات افعال فاعلم ان صفات الزات هي الصفات اللازمة التي لا تنفك ذات الباري عنها. وهي ثابتة له كل وقت وفي في كل حال ولا تتعلق بقدرته ومشيئته. وذلك مثل الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والعظمة والكبرياء والعلو والحمد والمجد والجلال والجمال والعزة والحكمة ونحو ذلك من الصفات التي هي من لوازم في ذاته لا ينفك ولا يخلو منها. فله منها كمالها وغاياتها ونهاياتها. بحيث لا يحيط العباد ببعض بهذه الصفات. واما صفات الافعال فهي كل صفة تتعلق بقدرته ومشيئته. وهي التي ان شاء فعلها وان شاء لم يفعلها. وذلك مثل صفة الكلام. فانه موصوف بالكلام الذي لا ينفذ ولا يبيد. وكلامه متعلق بمشيئته وقدرته. فان شاء تكلم وان شاء لم يتكلم. وكذلك صفة الرحمة. فانها صفة ذاتية صفة فعلية انه يرحم من يشاء. نصيب برحمتنا من نشاء. وكذلك الاستواء على العرش. فانه لم يستوي انه موصوف بانه الخلاق والرزاق المتصرف المدبر للمخلوقات. ولكنها تتعلق بمشيئته وقدرته فانه كل يوم هو في شأن. وهي شؤون وتدابير وتصاريف يبديها ويظهرها في اوقاتها اللائقة بها بحسب حكمته وحمده وذلك كله بقدرته ومشيئته. فهذا على وجه الاشارة هو الفرق بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية. واما الصفات التي يسميها بعضهم صفات المعاني فانها ترجع الى الصفات الذاتية. والى الصفات الفعلية فان معانيها العظيمة ثابتة لله. والله موصوف بها على وجه يليق بعظمته وجلاله تبارك الله رب العالمين. وينبغي للعبد المؤمن ان يلحظ في اوصاف المولى امرين جليلين. احدهما يتعلق بمعرفة اسمائه وصفاته وافعاله وحكمه ليمتلئ قلبه من الايمان به ومن حبه والتلذذ بطاعته والتقرب اليه باللهج بذكره والنصيحة لعباده. والامر الثاني ان يتعلق بها طالبا من الله تعالى سببها اصلاح اموره الدينية والدنيوية. فيتعلق قلبه بقدرة الله على كل شيء. ورحمته الواسعة من ربه ان يوجهه للخير في احواله كلها. وان يحفظه من الشرور كلها. وان ييسره لليسرى ويجنبه العسر وان يصلح له دينه ودنياه. ويعلم ان الله تعالى ويعلم ان الله تعالى هو الذي يأتي بذلك كله تعلق القلب بالله في اصلاح الشؤون الدينية والدنيوية وقوة الطمع بفضله وكرمه وقوة التوكل عليه في ذكر اكبر الاسباب واعظمها لحصول المطالب الجليلة والنجاة من المكاره كلها. فمن تعلق بالله كفاه ومن تعلق به يسر له امور دينه ودنياه. ولا حول للعبد ولا قوة الا بالله العلي العظيم. وعلى العبد ان يدخل ربه من باب الفقر المحض والافلاس الصرف. فيعرف انه مضطر الى الله في جميع احواله. لا يمكنه ان يقوم بامر من اموره الا بمعونة الله وتوفيقه. فاذا حصل له ما يحب فلا يقل حصلته بقوته او قدرتي بل يشكر مولاه ويسأله اتمام نعمته. ارجو الله الا يكلنا واياكم الى انفسنا طرفة عين ولا اقل من ذلك اما ما ذكرت انه لم يبقى ممن هو على طريقة السلف الا القليل. وان البدع التي ذكرها النبي صلى الله عليه عليه وسلم قد استكمل خروجها فالامر كما ذكرت. وفي هذا الوقت كان المستمسك بالدين الصحيح مع قلته من اعظم الناس ايمانا واعظمهم عند الله قدرا وثوابا واجرا. واما ما ذكرت ان شيخ الاسلام ابن تيمية وابن واصحابهما والشيخ محمد بن عبدالوهاب هم بقايا هؤلاء السلف. فهؤلاء لا شك انهم على طريقة السلف خالصة وان كتبهم هي التي لا يمكن في هذا الوقت ولا ما قبله انفع منها. وبها السبب الوحيد الى سلوك مذهب السلف مع ان غيرهم من اهل العلم والدين في بقية الامصار والاعصار لهم مساع مشكورة واعمال مبرورة وهم يتفاوتون في ذلك تفاوتا عظيما. فعلى العبد ان يحب جميع المؤمنين عموما. ويخص سادات الامة من العلماء الربانيين والهداة المهتدين بمزيد حب واحترام لما لهم من المقامات العالية والمنازل الرفيعة ويكثر من قول ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم. هذا ما لزم وبلغ سلام العيال والاخ احمد وام عبدالمحسن محمد الجراح وعبدالرحمن الدسري وعبدالعزيز وعلي اليوسف المزيني وجميع المحبين. كما منا الولد عبدالله وعياله اخوانه والاصحاب ابراهيم العبد الرحمن وعياله ومحمد المطوع. اما يوسف العبد العزيز فهو الى الان في مكة هو واهله وبقي يعالج ابنه عبدالله من فضل الله برئ ويمكن يتوجه بعد كم يوم. والعيال كتبهم متصلة وصحتهم تسركم والسلام. الرسالة السادسة في الصفات والفرق بين الفعلية والذاتية والمعنوية والسمعية. بسم الله الرحمن الرحيم. في الخامس عشر من جمادى سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة جناب الاخ الحاج محمد عبدالمحسن الدعيج المحترم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتبت لك قبله كتابي على يد عبدالرحمن المنصور جواب كتابك. وذكرت فيه جواب سؤالك عن الصفات. والفرق بين الفعلية والذاتية والمعنوية والسمعية واظنه ما يكفيك. لانه جواب مجمل مختصر. لهذا احببت ان اعيد الجواب على وجه التفصيل والبسط فاقول مستعينا بالله قد تقرر من مذهب اهل السنة والجماعة المبني على الكتاب والسنة انه يجب الايمان باسماء الله الحسنى. وما دلت عليه من الصفات. وما اقتضته من الافعال. فنثبت لهم الاسم كالعليم الحكيم الرحيم القدير. ونثبت لهم الصفة كالعلم والحكمة والرحمة والقدرة. ونثبت له مقتضى ذلك متعلقة وانه يعلم كل شيء. وهو حكيم في شرعه وقدير. ويقدر على كل شيء ويرحم من يشاء من خلقه. وعلى هذا جميع الاسماء والصفات. وهذه الصفات كلها تشترك انها قائمة بالله. والله موصوف بها. وتشترك كلها بانه يثبت لله منها غايتها. وكمالها ونهايتها. وتشتري كلها بان الله تعالى لم يزل موصوفا بها ازلا وابدا في جميع الاوقات. الا ان صفات الافعال قديم نوعها لا ابتداء لذلك ولا انتهاء. ولكنها تبع لقدرته ومشيئته. لا تزال تتجدد شيئا فشيئا بحسب حكمة الله وحمده. فمثلا نوع الكلام قديم. يعني انه يجب علينا ان نؤمن بانه تعالى لم يزل متكلما وموصوفا بالكلام. ولكن كلماته التي لا تفنى ولا تبيد لم تزل تتجدد. فيتكلم كل وقت اذا شاء. بالكلام القدري والشرعي بحسب مشيئته وقدرته. ومن كلامه العظيم الكتب التي انزلها الله على رسله كالتوراة والانجيل والزبور والقرآن. وان الله تكلم بها وقت نزولها على ورسله وكلماته التي يكلم بها ملائكته وانبيائه وما شاء من خلقه كلها لا تزال تتجدد كل وقت بحسب ارادته وحكمته. ومن ذلك الرحمة فانه لم يزل رحيما. وبالرحمة موصوفا. والرحمة صفة وصفة فعل لتعلقها بالمشيئة والقدرة. ومع ان رحمته الواسعة لم يزل بها موصوفا معروفا فانه لا يزال يجدد على عباده من انواع رحمته الدينية والدنيوية التي لا يزال الخلق كلهم في كل وقت يتغبطون بها ويتنعمون برحمته واحسانه. وقد ملأت العالم العلوي والسفلي الدنيا والاخرة وكذلك من صفات افعاله انه لم يزل فعالا لما يريد. ولم يزل بالفعل موصوفا وبكمال القدرة معروفا ولا يزال يفعل الافعال المتعلقة بنفسه. كالاستواء على العرش والنزول الى السماء الدنيا في ظلل من الغمام يوم القيامة. ولا يزال يفعل الافعال المتعلقة بخلقه. كانواع التصاريف والشؤون فكل يوم هو في شأن يخلق ويرزق ويحيي ويميت ويسعد ويشقي ويغني ويفقر ارفعوا اقواما ويضع اخرين. ويغفر الذنوب ويفرج الكروب. ويجيب الدعوات ويغيث اللهفات. فصف الافعال نوعها قديم. لم يزل ولا يزال. وافرادها وجزئياتها لا تزال تتجدد كل وقت. بحسب بارادته وحكمته التي يحمد عليها. اما الصفات الذاتية فهي التي لم تزل ولا تزال. ولكن ليس لها مفعولات تتجدد وتحدث عنها. وذلك كالحياة والسمع والبصر والعلم والعظمة والكبرياء. وانه الاول الذي ليس قبله شيء. والاخر الذي ليس بعده شيء. والظاهر الذي ليس فوقه شيء. والباطن الذي ليس دونه شيء. العلي العظيم الكبير المجيد الحميد الذي له كل مجد وجلال وحمد وثناء وبهذا عرفت الفرق بين الصفات الفعلية والذاتية. وان الجميع اشترك بان الله موصوف بها. وافترقا ان صفات الافعال لها اثار ومفعولات تتجدد عنها. وكلها اي صفات الافعال تدخل في ان الله فعال لما يريد. وانه لم يزل ولا يزال متكلما فعالا متصرفا. واما الفرق بين السمعية والعقلية. فعند اهل الكلام ما دل عليه السمع وحده. اي الكتاب والسنة. قيل لها سمعي وما دل عليه السمع مع العقل قيل لها صفات عقلية. وفي هذا التعبير نظر فان جميع الصفات التي يدل عليها السمع وحده عند اهل الكلام التي يدل عليها العقل مع السمع كلها سمعيات عقليات. فان الله الله ورسوله اخبر به اخبرا بها في الكتاب والسنة. فكانت بذلك سمعيات نقليات. الله ورسوله نبه العباد على التفكير في اياته المخلوقة واياته المتلوة. ليستدلوا بذلك على مال الله من الكمال. مثال ذلك على وجه ضرب المثل اننا اذا فكرنا في هذا الكون العالم العلوي والسفلي وجزئياته وكلياته. وامعن النظر والفكر ورأينا عظمة هذه المخلوقات. عرفنا بذلك عظمة ومبدعها. واذا رأينا ما فيها من الاحكام والانتظام العجيب الباهر استدللنا بذلك على سعة حكمة الله علمه واذا رأينا ما فيها من المنافع والنعم السابغة والخير الكثير الذي لا يعد ولا يحصى. استدللنا بذلك على سعة رحمة الله ومواهبه وكرمه وجوده واحسانه. واذا رأيناها على نظام واحد وتصرف متقن وثوابا وعقابا. ومن كان كذلك فهو الحي السميع البصير الحميد المجيد. الذي له كل اسم حسن وصفة عليا وفعل حسن. فانظر كيف نبه الله العقول وهداها الى الاعتراف له بكل كمال. فصارت صفاته كلها سمعية نقلية عقلية فطرية. ليس بعضها سمعية وبعضها عقليا. كما يقوله كثير من اهل الكلام وانما الفرق الصحيح بين الصفات الذاتية وصفات الافعال كما تقدم. فاحفظ هذا التفصيل الذي لا تكاد او لا تجده مسطرا في كتاب على هذا الوجه. ولكن معانيه موجودة في كتب المحققين. فسلكناه في هذا الاسلوب الجلي. والله تعالى هو الميسر لذلك. والله اعلم. بلغ سلامي الاخ والعيال وام عبدالمحسن الاخوان كما منا الولد عبدالله واخواته ووالدتهم وجميع الاصحاب. والله يحفظك ويتولاك برعايته وتوفيقه والسلام. محبكم عبدالرحمن الناصر السعدي. الرسالة السابعة في ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم وعن عقده على قافية الادمي. بسم الله الرحمن الرحيم. في السابع والعشرين من ذي القعدة سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. جناب الاخ المكرم الفاضل الحاج محمد العبد المحسن الدعيج المحترم حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم وصحة العيال. ارجو الله ان تكونوا باتم الصحة والسرور في ابرك الساعات واسرها. وصلني كتابك المفيد صحتكم وصحة العيال. الذي بطيه مكتوب الولد عبدالله ومكتوب ام عبدالله من ام عبدالمحسن فسررنا بصحتكم كثيرا. ورجونا المولى ان يتم عليكم نعمه الظاهرة والباطنة. وكان معلوما وصول كتبنا والاعداد من مجلة الهدي. سؤالكم عن اخبار النبي صلى الله عليه وسلم ان الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم. وعن الذي يعقد العقد على قافية الادمي. وما اشبه ذلك من ما وردت فيه الاحاديث وهل هو الشيطان ام ذريته؟ فالجواب ان هذا اسم جنس للشياطين. فقد اخبر الله تعالى انه يرانا هو وذريته. محذرا لنا من فتنتهم. واخبر صلى الله عليه وسلم انه بثوا جنوده لاغواء بني ادم. فهذا الذي وردت فيه الاحاديث يحتمل انه هو الذي يتولاها او يتولاها بعض جنوده لان بعض الفتن ومواقع الريب يتولاها لقوة مكره وكيده. كما ورد انه لا يخلو رجل بامرأة لا تحل له الا كان الشيطان ثالثهما دون اصحابه بقوة الفتنة وايقاع المكروه وربنا يحفظنا واياكم من همزات الشياطين. وهذا الدعاء الذي امر الله به وقل ربي اعوذ بك من همزات شياطين واعوذ بك ربي ان يحضرون. يدل على ما قلنا فانه اخبر عن همزات الشياطين المتعددة وليس شيطانا واحدا. فامر بالاستعاذة من حضوره ومن مباشرته للعبد. احسنت الافادة عن وفاة والدتك العيال فهذا تجد طيه ورقة فيها تعزيتهم بوالدتهم. تغمدها الله برحمته. ذكرت لك سابقا ان زوجة عبدالعزيز العلي البسام ستتوجه بحسب تعريفه الى طرفكم. وهذا كان جوابه الاول ومن يومين جاء منه برقية انهم يتوجهون فيها الى البحرين عن طريق الخبر ونيتهم بعد يوم او يومين يتوجه فيها عبدالرحمن لابراهيم. هذا ما لزم واذا يبدو لازم شرفني فيه. وبلغ سلامي العيال الاخ احمد وام عبدالمحسن ومحمد السليمان الجراح. وهذا جواب كتابه لي. ومنا ام عبدالله والولد عبدالله وعياله ونورا ولولو وعيالها وجميع الاصحاب يسلمون. والله يحفظك. محبكم عبدالرحمن الناصر السعدي رسالة العلامة عبدالرحمن السعدي الى الشيخ عبدالرحمن الدسري. رحمهما الله تعالى. وفيها اجابة عن مسائل متفرقة حول احاديث الدجال ومسألة العرش والاستواء والصفات وعن الشيطان وغسل الانجاد بسم الله الرحمن الرحيم. من عنيزة في رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة والف من الهجرة الى الكويت من المحب عبدالرحمن ناصر بن سعدي بجناب الاخ الفاضل عبدالرحمن بن محمد الدوسري المحترم حفظه الله من من كل مكروه امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم. ارجو ان يتم عليكم نعمه ظاهرة والباطنة. في ابرك الساعات واسعدها وصلنا كتابكم المحرر. في الرابع والعشرين من شعبان. تلوناه بصحتكم وبصرف همتكم الى الاعتناء بالمسائل النافعة. ولا ريب ان هذه الهمة وهذا العمل هو خير عمل ان يشغل به العبد نفسه. وخصوصا في هذا الوقت الذي قل فيه الاعتناء بالعلوم النافعة. واستبدل فيه اكثر الناس علوم من ضارة او غير نافعة نرجو الله اللطف. كتابكم المكرم احتوى على عدة اشكالات. وقصدكم ومطلبكم محلها. اما احاديث الدجال فهي احاديث صحيحة في الصحيحين وغيرها. وهي من عقائد اهل السنة والجماعة لثبوت النصوص بها. وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بوصفين وهما انه اعور ومكتوب بين عينيه كافر يقرأها كل مؤمن كاتب وغير كاتب. والحديث في الصحيحين في البخاري ومسلم. وانما وصفه صلى الله عليه وسلم بهذين الوصفين بانهما من اوضح الاوصاف على كذبه في دعواه الربوبية. وقد افصح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك غاية الافصاح. فقال انه اعور وان ربكم ليس باعور. فان جميع المؤمنين تقرر في قلوبهم عظمة الرب. وانه منزه عن كل وصف قبيح. وعن كل نقص. وما معه من الخوارق للعالم الموجبة للفتنة لولا بيان النبي صلى الله عليه وسلم هذا البيان الذي يشترك في علمه كل مؤمن لخشي من كثرة المفتتنين به. ولكنه صلى الله عليه وسلم ارشد كل احد الى هذا الوصف البسيط الذي من رآه فيه لم يشك ولم يحتر انه كذاب. والوصف الثاني وصفه بانه مكتوب بين عينيه كافر. على هذا وصف كاف فاء راء. وذلك لطف من الله بعباده المؤمنين. وتثبيت لهم على الايمان. ومن عرف ما يعتري كثيرا من الناس عند خوارق العادات والتمويهات. وان القلوب تتغير سريعا عن عقائدها. ويتزلزل ايمانه الا بامر قوي عظيم. يزيل عنها ما يعرض لها عند ورود الشبهات. اعترف بان وصفه صلى الله عليه وسلم سلم للدجال بهذا الوصف من كمال ارشاده وتمام نصحه. حيث ذكر اوصافا لا يختص بها اهل العلم. بل فيها خواص المؤمنين وعوامهم. رحمة من الله بهم واحسانا فله الحمد. واما الحديث الذي ذكرت في كتاب السنة عن ابي رزين. قال قلت يا رسول الله واما الحديث الذي ذكرت في كتاب السنة عن ابي رزين قال قلت يا رسول الله اين كان ربنا قبل ان يخلق خلقه؟ قال كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق عرشه على الماء. فالحديث رواه الترمذي. وقال في تفسيره كان ربنا في عماء قال يزيد ابن هارون العماء اي ليس معه شيء. اي فيكون موافقا لحديث عمران بن حصين الذي رواه رواه البخاري وفيه وكان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء. وقال بعضهم في قوله احتجاج به والذي دلت عليه النصوص الكثيرة. واجمع عليه سلف الامة وائمتها ان الله لم يزل فعالا لما يريد وان جميع الحوادث والاعيان والاوصاف مخلوقة لله تعالى حادثة بعد ان لم تكن. فالله تعالى هو الاول الذي ليس قبله شيء. واما المخلوقات فما من مخلوق الا وقبله مخلوق. الله تعالى في كل وقت وقت من الاوقات الماضية التي لا منتهى لحدها ولا لعدها. يحدث ما يشاء ان يحدثه من مخلوقاته انه لا يزال يحدث ما يشاء في الازمان المستقبلة. التي لا نهاية لها. فان من وصفه اللازم الذي لا ينفك من انه كل يوم هو في شأن وانه فعال لما يريد. وانه لم يزل ولا يزال خالقا محسنا والرحيم. واما ما ذكرت من الاثار المذكورة في كتاب السنة لعبدالله بن الامام احمد رضي الله عنهما من قوله في الصحيفة الخامسة الرحمن على العرش استوى. فهل يكون الاستواء الا بجلوس؟ في الصفحة السادسة والثلاثين بعد المئة عن كعب انه كان يكره ان يجامع الرجل جاريته او زوجته في السفينة ويقول انها تجري على كف الرحمة واول هذا الامر حدثني ابو عبدالله يريد بذلك اباه احمد رحمه الله. وقوله في الصفحة والاربعين بعد المئة حديثا رواه الامام احمد وعبد الاعلى ابن حماد القرشي قال حدثنا عبدالرحمن قال حدثنا سفيان عن ابي اسحاق عن عبدالله بن خليفة عن عمر قال اذا جلس الرب على الكرسي سمع له اطيط كقطية الرحل الجديد. وما رواه عن ابي ابن كعب لا تسبوا الريح فانها من نفس الرحمن. وفيه عن عكرمة قال ان الله لم يمس بيده شيئا الا ثلاثا. خلق الله ادم بيده وغرس الجنة بيده وكتب التوراة بيده. والحديث الصحيح فيه وفي غيره ان الله خلق ادم على هذه الاثار وما اشبهها. بعضها صحيح. كالحديث الاخير. وبعضها متكلم فيه من جهة هذه وصحته كبقية المذكورات. وكتاب السنة لعبدالله بن الامام احمد فيه احاديث صحيحة واحاديث ضعيفة في العقائد والاحكام وغيرها. ولكن استشكالكم انما هو مما في هذه الاثار في ذكر صفات الله التصريح بالجلوس في مسألة الاستواء. وانه لم يمس بيده شيئا الا ثلاثا. فهذه التصريحات يزول الاشكال عنها اذا بنيت على الاصل الثابت في الكتاب والسنة. واجماع سلف الامة ان الله تعالى ليس كمثله شيء وانه يجب اثبات جميع ما ورد في الكتاب والسنة من صفات الباري وافعاله الثابتة على وجه يليق بعظمة الباري وان الكلام على الصفات المعنوية والفعلية يتبع الكلام على الذات. فكما اجمع الناس على ان لله ذاتا تشبهها الذوات فله تعالى صفات لا تشبهها الصفات. فكما اننا نثبت لله العلم والقدرة والرحمة حكمة ونحوها من الصفات. ونعلم انها صفات ونعلم انها صفات عظيمة لا تشبهها صفات خلقه لا علمهم ولا قدرتهم ولا رحمتهم ولا حكمتهم. فكذلك نثبت انه استوى على عرشه استواء يليق بجلاله سواء فسر ذلك بالارتفاع او بعلوه على عرشه او بالاستقرار او بالجلوس. فهذه التفاسير واردة عن السلف. فنثبت على وجه لا يماثله ولا يشابهه فيها احد. ولا محذور في ذلك اذا قررنا بهذا الاثبات مماثلة المخلوقات. ومثل ذلك خلق الله بيديه لادم. وغرسه جنة عدن بيده. وكتبه التوراة بيده فلا محذور في اثبات هذه المعاني على وجه يليق بعظمة المولى. وبذلك حصل الشرف لادم جنة عدن على سائر الجنان. وكذلك التوراة ثبتت لها هذه الفضيلة. وان كان القرآن افضل الكتب واجلها فانه تميز عن الكتب بفضائل كثيرة جدا. والمقصود ان اثبات مثل هذه التفاصيل في حق لا محذور فيها. فانه الكامل الكمال المطلق. الذي اذا اراد شيئا فعله. وجميع اوصافه وافعاله كمال لا نقص فيها ولا مماثلة لاحد من خلقه. فعلينا ان نثبت المعنى المعلوم وان نسكت عن الكيفية ونجعل الطريق في ذلك كما قال الامام ما لك الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به اي بانه واجب والسؤال عنه. اي عن الكيفية بدعة. وكما قال الامام محمد بن الفضل البلخي لمن سأله عن نزول الرب فقال يا هذا انا لا نعرف من انباء الغيب الا مقدار ما كشف لنا. وقد اخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انه ينزل الى سماء الدنيا ولم يخبرنا كيف ينزل. اي فنقول ينزل كما يشاء ايها اللوازم التي تخطر في قلوب بعض الناس في اثبات الصفات انها توجب التشبيه نعلم انها غلط. فان هذه اللوازم بحسب ما فهمه هو من صفات المخلوقين. والرب تعالى لا مثيل له ولا شبيه في جميع نعوته وبالمشي على القاعدة المذكورة هي ان الكلام على الصفات يتبع الكلام على الذات. فكما ان لله ذاتا لا تشرك فله صفات لا تشبهها الصفات. وعلى القاعدة الاخرى وهو انه كل ما ثبت في الكتاب والسنة من صفات الباري وافعاله علينا ان نقف على نص الكتاب والسنة. والا نتعرض للكيفية. وان نعلم ان الله فليس كمثله شيء في جميع نعوته. بذلك يهون علينا اذا سمعنا الحديث الصحيح. ان الله خلق ادم على او سورة الرحمن ان نقف حيث وقفنا ان نقف حيث وقفنا الشارع وان نعلم باخبار الله عن نفسه انه ليس كمثله شيء في ذاته واسمائه وصفاته وافعاله. فكما ان المخلوقات كلها وجود وليس وجودها يشبه او يماثل وجود الله. ولها اسماء واوصاف وافعال. وليست اسماؤها وافعالها تشابه وتماثل اسماء الله وصفاته وافعاله. فكل ما ثبت من الكتاب والسنة من ذلك او عن فالواجب اثباته ان كان مثبتا او نفيه ان كان منفيا. ولكن الاثر المذكور عن كعب انه كان يكره ان يجامع الرجل جاريته او زوجته في السفينة الى اخره. في صحته وثبوته نظر. ولو قدر ثبوته لم يكن اعظم من قوله تعالى تجري باعيننا اي تجري منا بمسمع وبحفظ وكلاءة وعناية منه لعباده. فمعناها المفهوم واضح لا اشكال فيه. وكثير من المنقولات عن كعب الاحبار رحمه الله فيها كذب كثير وخصوصا الاسرائيليات. وقد تساهل كثير من اهل العلم في نقلها في التفسير والقصص ونحوها وهي وامثالها من المنقولات الاسرائيلية ثلاثة انواع. ما علمنا صدقه من شرعنا صدقناه وما علمنا كذبه يجب تكذيبه. وما لم نعلم فيه واحدا من الامرين وجب علينا التوقف فيه ما سؤالكم هل الشيطان المغوي لابن ادم والمنظر والمنظر من قبل رب العالمين الى يوم الدين؟ شيطان انه لا يزال يغوي ما يقدر عليه من المكلفين. ولكن له جنود من شياطين الانس وشياطين الجن بثهم في اغواء بني ادم وفي الوسوسة في صدور الانس والجن. والمشهور عند العلماء ان شياطين الجن بل ان كلهم من ذريته ويدل على ذلك قوله تعالى افتتخذونه وذريته اولياء من وهم لكم عدو. بئس للظالمين بدلا. فكما ان ملك الموت واحد ومعه ملائكة اعوان له على عمله كذلك الشيطان وهو ابليس واحد وله اعوان يبثهم في اغواء الخلق. واما تناكح الشياطين. فهذا لم يرد في الكتاب والسنة. فعلى العبد التوقف في ذلك. هم عالم اخر ليسوا من جنس الادميين في اوصافهم وهيئاتهم. ولا في مطاعمهم ومشاربهم. ولكنهم مكلفون مثابون ومعاقبون واحكامهم كثيرة قد ذكرها العلماء في كتبهم. واما سؤالكم عن استدلال الفقهاء رحمهم الله بحديث ابن عمر رضي الله عنهما امرنا بغسل الانجاس سبعا. فالحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه ولهذا اصح الاقوال والروايات عن الامام احمد في تغسيل النجاسات انه اذا زالت النجاسة عن البدن او الثوب او البقعة او الاناء ونحو ذلك انه يطهر ولا يشترط عدد معين الا ما ثبت في العدد وهو نجاسة الكلب يغسل سبع احداهن بالتراب. كما صح به الحديث. والحق به العلماء قالوا لانه شر منه. والله اعلم وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم. مراسلات العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي مع الشيخ محمد بن سليمان الجراح رحمهما الله تعالى. الرسالة اولى بسم الله الرحمن الرحيم. من الكويت في السادس من جمادى الاولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة الى عنيزة الى حضرة العلامة المحقق سيدي الشيخ عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي المحترم. لطف الله به بعلومه امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام. ادام المولى عليكم نعمة الاسلام وفقكم لخيري الدنيا والاخرة وبعد. فاني ولله الحمد كما تحبون. غير ما اجده من وحشة الفراق اسأل الله ان يقدر الطلاق فيجمعنا بكم عن قريب على احسن حال. فانكم لم تزالوا على البال. ثم سيدي هذه اسئلة من خادمكم الجأته الضرورة اليها. يرجوكم الجواب عليها ان رأيتم ذلك. ما قولكم دام فضلكم فيما اذا طلب التعليم من المعلمين العلماء والاساتذة الصلحاء او انتخب الاكفاء من الرجال في الولايات والاعمال فهل يجوز هنالك موافقتهم لذلك؟ ويكون رزقهم في بيت المال مع ان وارداته في هذه الازمان مجموعة من المكوس وظلم النفوس. وقد يخالطها النزر من الحلال. ونرى البررة الاتقياء والجهابذة الفضلاء من سلف هذه الامة يفرون من مقاربة اموال السلاطين. وتولي ولاياتهم فرارهم من الاسد مع ان اموال بيت المال في ذاك الزمان مجموعة من وجوه شرعية وطرق مرضية. فهذه مشكلة قد بها البلوى فانه اذا قيل بعدم الجواز تسبب من ذلك ضرر عظيم وخطب جسيم. اذ قد يتولى هذه الولايات من ليس لها بكفء من الجهالة الاغبياء والاسافل الوضع. ولا يخفى ما يترتب على ذلك من الفساد ظلم العباد كما قيل في المعنى متى ترد العطاش الى ارتوائي اذا استقت البحار من الركابا ومن يثني الاصاغر عن مرادي. وقد جلس الاكابر في الزوايا. وان ترفع وان ترفع دعاء يوم على الرفعاء من احدى البلايا. اذا استوت الاسافل والاعالي فقد طابت منادمة المنايا ولا يخفى ما في مقاربة السلاطين وتولي ولاياتهن من زلة القدم ورقة الدين وموالاة الظالمين ولكن اذا قيل بجواز توليها من الحكام والضرورات لها احكام. فهل يجوز لمن تولى شيئا من ذلك ان يأخذ من بيت المال ما قرر له. وان زاد على كفايته. ام لا يجوز الا بقدر الكفاية. وما قولكم دامت افادتكم في جمع اوقاف مساجد بلد وضم بعضها الى بعض. بان يجعل لها دائرة بان جعل لها دائرة مشكلة من رئيس ومدير واعضاء ونظراء ومحصلين وكتاب يعتنون بترميم المساجد وتنويه وما تحتاجه من مفروشات ونحوها. ويعتنون بتصليح الاوقاف. وبناء من هدم منها. اذ كثير منها قد خرب وتعطلت اكثر منافعها ولعبت بها الايدي الاثيمة. هذا وجل مقصدهم المساواة بين الائمة المؤذنين بالا يتقاضى امام اكثر من امام ولا مؤذن اكثر من مؤذن بل يعطون من غلة هذه القاف على السواء. وقد يزاد بعض الائمة على بعض بحسب ما عندهم من المعلومات. وكذلك يعطى المدير بسم الله. وكذلك يعطى المدير والكاتب والناظر والمحصل من هذه الغلة معاشات مجحفة. بحيث يعطى المدير الفاروبية والمؤذن مائة والكاتب ستمائة. والامام مائتين. مع ان كل واحد من هذه الاعيان الموقوفة موقوف على مسجد معين او امام معين او مؤذن. وبعض المساجد عارية من الاوقاف. وبعضها عليه اوقاف كثيرة. تزيد على كفاية الامام والمؤذن. وبعضها دون كفاية. فهل يجوز ذلك والحالة هذه وهل يصح ان يستدل على الجواز بقضية عمر رضي الله عنه. لما فتح البصرة ولم يقسمها بين الغانمين. فجعلها ارض عن خراجية لمصالح المسلمين العامة. وكذلك ما هو معروف من تقديم فعل الاصلح على الصالح؟ هل في ذلك دليل على ضم الاوقاف على هذا النمط ام لا. افتونا مأجورين فتح الله عليكم بحكمته والهمكم رشدكم هذا ما وجب رفعه لجنابكم مع تعرضي لما يبدو من خدماتكم. مع ابلاغ سلامي نفسك والعيال والعزيز لديك كما منا الوالد والاخوان ومحمد العبد المحسن وكافة الجماعة يهدونكم السلام. والله تعالى اسأل ان يحفظك بعين جنايته ويرعاك بعين رعايته. ويحفظ عليك دينك وامانتك وخواتيم عملك. السلام عليكم ورحمة الله بركاته. محبكم محمد بن سليمان الجراح. جواب العلامة بن سعدي عن الرسالة الاولى من الشيخ بن جراح حول رواتب موظفي الدولة وضم اوقاف المساجد. بسم الله الرحمن الرحيم. من عنيزة في الثالث عشر من جمادى اولى سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة الى الكويت الى حضرة الاخ الفاضل ذي الاخلاق الجميلة والسيرة الحميدة المكرم محمد الجراح المحترم. حفظه الله من كل مكروه. وبلغه من الخير فوق ما يؤمله ويرجوه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم وصحة الوالد. ارجو الله لكم العافية والتوفيق. في ابرك الساعات واسرها وصلني كتابك المحرر غرة هذا الشهر. تلوته مسرورا بصحتكم راجيا المولى ان يتم عليكم نعمه الدينية والدنيوية. وسررت زيادة بعنايتكم في هذه المسائل العلمية النافعة. فتح الله علينا وعليكم فتوح العارفين. ولا ريب ان العناية في المسائل العلمية كل وقت. وخصوصا في هذا الوقت من اجل ما يقرب الى المولى ومن افضل الاعمال الصالحة المثمرة للثمرات العاجلة والاجلة. اشتمل كتابكم المكرم على مسألتين مهمتين احداهما هل يجوز لمن يشتغل بالوظائف الدينية كالتعليم للعلم النافع والتعلم له والقيام بامامة المساجد والاذان وما اشبهها. هل يجوز لهؤلاء ان يتناولوا مرتباتهم من بيت المال؟ مع ما يدخل في بيت المال في هذا الوقت من الاموال التي تجمع من غير حلها. ام يتعين عليهم تركها؟ الجواب وبالله الاعانة يجوز ذلك ولا حرج على متناوله من بيت المال. ووجه ذلك ان لهذه المسألة عدة مآخذ واصول تبنى عليها منها ان الاصل في جميع الاشياء الحل. وقد دل على هذا الاصل الكبير ادلة كثيرة من الكتاب والسنة فاموال بيت المال يدخلها الحلال والحرام والمشتبه. فما لم يعلم بعينه انه حرام ان خرج في الحل والعبرة في هذا على اعتقاد القلب لا على ما في نفس الامر. فلو تناول شيئا في نفس الامر غير حلال ولكنه لم يعلمه فلا حرج عليه. ومنها انه اذا كان الفقهاء رحمهم الله ذكروا ان الاموال التي بيد قطاع الطريق والامانات التي جهل اربابها من رهون وودائع وغيرها. اذا تعذر ردها على اصحاب لعدم القدرة عليهم وللجهل بهم انه يتعين الصدقة بها او جعلها في بيت المال. وهي لمن تصدق عليه بها. او من بذلت له لفعله مصلحة من مصالح المسلمين حلال. وهي معلوم انها ملك الغير لكن تعذر ردها على اهلها. فكيف بالاموال التي يجهل متناولها حالها ولا يجزم على عينها. فانها من ده باولى واحرى انها حلال. ومنها ان هذه الاموال التي في بيت المال يستحيل ردها على اهلها وقد باء باثمها من اخذها من اهلها بغير حق. او بمكسب محرم. وقد صارت في بيت المال. ولابد من صرفها ائمة بوجوه محرمة او لغير المستحقين ممن ليس هو اهلا لها لعدم كفائته او لعدم قيامه بوظيفته او تصرف على القائمين بالوظائف الدينية اهل الكفاءة. ومن المعلوم ان هذا الاخير هو الاولى بل هو المتعين ومنها انه لو تورع عنها اهل الدين والكفاءة. وتناولها ما ليس كذلك حصل من الشر والفساد. ما لا يعد ولا وتعطل من الصلاح والاصلاح شيء كثير. الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد. فان قيل ان حول اهل الدين والخير والكفاءة لها من بيت المال يستلزم مصانعة الظلمة والدخول في امور لا تحل شرعا فتعين تركها. فالجواب ليس هذا بلازم لها. فالمؤمن الموفق يتمكن من التحفظ على دينه. ولو داخل الظلمة واتباعهم واعوانهم. وعلى العبد ان يفعل ما يقدر عليه من الخير وترك الشر. وما يعجز عنه يسقط وربما كان بعض اهل الدين فيه قوة ونشاط في الدين فيكون مجالسته واختلاطه بالظلمة يجلب او ينكف فيه شرور او يخف الشر. وعلى العبد ان يفعل المستطاع. ولا يكلفه الله ما يعجز عنه ولا فيطيقه. واما السلف السابقون فمنهم من تورع عن اموال بيت المال ومداخلة الملوك. ومنهم من لم يرى ذلك الامور المتنازع فيها ترد الى الاصول الشرعية. ثم اعلم يا اخي ان هذا الوقت واهله غير ذلك الوقت واهله فان الوقت السابق النشاط على الخير كثير. والمساعدون عليه متوفرون. اما هذه الاوقات وقد انعكست الحال فعلى العبد ان يتقي الله ما استطاع. ويجاري الوقت واهله فيما لا يسلم عليه دينا وعليه ان يراعي المصالح فيرجح اعلاها ويراعي المفاسد اذا تزاحمت وابتلي بها واضطر اليها فيؤثر اخفها واهونها شرا. ومتى علم الله حسن قصد العبد. وحرص على سلوك الطريق الدينية يسر الله له اموره والله الموفق. اما السؤال الثاني على تجويز تشكيل دائرة اوقاف تضم اليها جميع الاوقاف وتحفظها وتعمرها وتفعل ما تراه اصلح. ثم توزعها على الوظائف توزيعا تابعا لنظر الهيئة لا لشرط الموقفين؟ فالجواب هذا السؤال يشتمل على امرين. اولا تشكيل دائرة للاوقاف لحفظها وتعميرها ثم تنفيذها على اهل الوظائف. والامر الثاني كون ذلك التوزيع تبعا لنظر هيئة الاوقاف. اما الامر الاول فان لتشكيل دائرة الوقف المنتظمة العادلة مصلحة ظاهرة كبرى. لكن بهذه القيود المذكورة وعدالتها وقيامها بالواجب وقد لمس الناس من مصالحها ما لا يحتاج الى شرح. فاذا اختل قيد من هذه القيود او كلها او اكثرها حصل فيها من الشر والضرر والفساد وما لا يحاط به. لا تحصيه الاقلام وحصل من التلاعب في الاوقاف وتناول غير المستحقين وحرمان المستحقين شيء كثير. هذا النوع معلوم ان سريعة لا تجيزه. ولكن سؤالكم عن الاوقاف المنظمة التي لا تلاعب فيها ولا ظلم. فالشريعة تحث على كل مصلحة خاصة وعامة. وخصوصا الاوقاف التي لا ناظر لها خاص. واما التي لها ناظر خاص معين او موصول خوف من جهة الموقف فيتعين ذلك الناظر. ولا يجوز له تدخيلها في دائرة الاوقاف الا اذا رأى في مصلحة ظاهرة لذلك الوقف. فان الناظر عليه ان يفعل ما فيه المصلحة باي وجه وطريق. هذا حكم تشكيل دائرة الوقف. واما الامر الثاني وهو ان التوزيع يكون بنظر الهيئة فهذا ان كان في الاوقاف التي الخيرات وعلى اعمال بر وعلى طرق خير غير معينة. فهذا لا شك في جوازه. ولكن على الهيئة مراعاة والا تقدم مصلحة على مصلحة اهم منها او يزاد المفضول على الفاضل بل عليهم ان يؤدوا في هذه للامانة الى اهلها. فيعطوهم بحسب حاجتهم وبحسب الحاجة اليهم. ويجوز في هذا النوع ان يأخذ منها من قام بوظيفة دينية ولو كان غنيا ولو كان غنيا ولو زادت عن حاجته. واما الاوقاف التي قد عين الموقفون لها مستحقين من اشخاص وجهات فيتعين العمل بقول الموقفين اذا وافق الشرع ولا يصرف زائد ريع هذا الوقف الذي له مستحق الى غيره. فان ذلك ظلم. فكما يحرم اخذ مال زيد اعطاؤه لعمرو فهذا مثله من غير فرق. وانما اذا دخل هذا النوع في دائرة الاوقاف فانه يجري ما جرى على الاوقاف من النوائب والمصارف. والباقي بعد النوائب الواجبة تصرف فيما عينه الواقف الفقهاء على هذا كثيرة جدا. لا يمكن ذكرها في هذا الموضع. وانما ذكرنا اصول المآخذ. هذا ما لزم واذا يبدو لازم شرفني فيه وبلغ سلامي الوالد والاخوان ومحمد العبد المحسن وجميع المحبين. كما منا جميع اخواني يسلمون والباري يحفظكم. محبك عبدالرحمن الناصر ابن سعدي الرسالة الثانية حول راتب امام المسجد وصحة امامة الفاسق. بسم الله الرحمن الرحيم. في التاسع والعشرين من جمادى الاخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة الاخ الفاضل محمد السليمان الجراحي المحترم حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم وصحة الوالد والاخوان. ارجو الله ان يتم عليكم نعمه الظاهرة الباطنة بالتوفيق لشكرها والقيام بحقها. كتابك المحرر في الثالث عشر من جمادى الاخرة. وصلني وسررت بصحتكم جميعا. كان معلوما وصول كتابنا السابق. ويقول المحب بقي اشكال في مسألة. وهي اذا كانت الهيئة قد اغتصبت تلك الاوقاف من المعينين لها المستحقين. فهل يجوز لامام المسجد العاري عن الاوقاف؟ ان يأخذ ما رتب له منها وهي اوقاف غيره ام لا؟ فالجواب وبالله التوفيق متى علم ذلك الامام ان المرتب له من وقف على معينين جهته فلا شك انه لا يحل له ووجهه ظاهر فانه يعلمه حراما عليه لكونه معينا على جهة غير جهته فيكون الاخذ هو والمعطي مشتركين في المأثم. وذلك بخلاف الاموال التي تدخل بيت المال ثم توزع منه الى جهات ووظائف فانها تحل للاخذين لها من بيت المال. لكونهم يجهلون انها عين المحرم. وان كان بيت المال يدخله حرام كثير. فتلك اموال ان قدر ردها الى اربابها. او صرفها في جهاتها المستحقة. ومأثمها على القادر على ردها على اهلها. والقادر على صرفها في جهاتها اللازمة. واما امامة المتناول من المكاسب المحرمة مصر على بعض المحرمات فهذا ينبني على صحة امامة الفاسق وعدمها. فالمشهور من مذهب الامام احمد عدم صحة امامة الفاسق والصحيح صحة ذلك وهو مذهب جمهور العلماء. لا سيما في مثل هذه المسألة. لربما ان الامام متأول فيما يظن تناولها حلالا. والمتأول احق حكما من الفاسق. والله اعلم بلغ سلامي والاخوان جميعا. كما جميع الاخوة يخصونكم والله يحفظكم. محبكم عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة الثالثة عن مسألة مصارف الوقف. بسم الله الرحمن الرحيم. في التاسعة عشر من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة والف من الهجرة هجرة حضرة الاخ الفاضل محمد السليمان الجراح حفظه الله من كل مكروه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن لا زلتم بخير وسرور. وصلنا مرسولكم على يد محب الجميع محمد العبد المحسن. وقية هيل وصلت. وصلك الله الى خير الدنيا والاخرة. وكثر الله خيرك واخلف نفقتك بالبركة. بطيه مكتوب الاخ محمد بقي تفريغ على المسألة السابقة وبقيت اشكالات منها قولكم هل للهيئة التي وصفتم للاوقاف؟ هل يجوز لها ان تبني من حاصل تلك الاوقاف على معينين المساجد وتعمرها وتجعل فيها الكهرباء. وتضع فيها المفروشات؟ وهل تصح الصلاة على هذه المفروشات اما الصلاة في تلك المساجد التي وضعت فيها هذه المفروشات. الذي ارى انه لا حرج فيها على المصلين. سواء كان المنفذون لها مصيبين او مخطئين. فالتابعة بتقدير الخطأ على المنفذين. اما المصلون فنهاية الامر ان يكون شبهة في حقهم والشبهة لا اثم فيها. وعند الحاجة الى الصلاة تخف الشبهة. كما نص العلماء على ان كل مكروه احتيج اليه تزول الكراهة اما التنفيذات المذكورة فان دخل شيء منها في نص الموقف وعبارته وعموم كلامه فلا بأس بذلك. وان كان الموقف قد عين اصرفه وصرف الى غير ذلك المعين فلا يحل ذلك في مذهب الامام احمد. وكذلك في مذهبه تأكيد اذا لم يكن فيه مصلحة فان كان صرفها الى الوجوه الاخر اصلح وانفع وليست على اشخاص معينين. فشيخ الاسلام يجوز صرف الاوقاف الى الجهات التي هي اصلح من غيرها اذا كان الوقف على جهاد. واما على الاشخاص المعينين فلا. والفرق ان الجهات المقصود النفع العمومي. واما الاشخاص فان الغرض تمليكه اولئك المعينين بوصف او عمل من الاعمال والله اعلم. وعلى كل حال مسائل الخلاف ان تعلقت بالانسان وصار ملزوما بتنفيذها بنفسه فعليه ان يعمل بالقول الذي يعتقده. وان كانت منوطة فيسعه السكوت عنها. لان العاملين بها ربما لهم تأويلات. وانما الذي يجب انكاره مع القدرة مسائل الاجمال ان يكون محرما لا حلالا. وذلك لورود الاثار عن الصحابة في الرمي عن الصبيان. ولمن في حكمهم من المعذورين فاصل السؤال يقتضي ان يستنيب عنه في بقية المناسك انسان حلال يحرم احراما جديدا. الا انه احرام والله اعلم. بلغ سلامي جميع المحبين والباري يحفظكم. محبك عبدالرحمن الناصر ابن سعدي. الرسالة الرابعة عن مراد الاصحاب في التوسل بالصالحين. بسم الله الرحمن الرحيم. في العاشر من رجب سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة حضرة الاخ الفاضل محمد السليمان الجراح المحترم. حفظه الله ووقاه امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن صحتكم. ارجو الله ان تكونوا باتم الحالات. وصلني كتابكم المكرم في السادس والعشرين الماضي. وسررت بصحتكم وصحة والدي والاخوان والاصحاب احمد الله على ذلك واسأله ان يتم على الجميع نعمه بالتوفيق لشكره وذكره وحسن عبادته حفظكم الله عن ذكر الاصحاب رحمهم الله انه يجوز التوسل بالصالحين. والاستشفاع بهم الى الله. ونقلهم عن الامام احمد رحمه الله انه قال في منسكه انه يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم تسألون عن مراد الاصحاب بذلك؟ مرادهم رحمهم الله قول الداعي في دعائه اللهم اني اتوسل اليك بنبيك محمد او بجاهه او بجاه الصالحين فهم رحمهم الله ولم يستحبوها. والمسألة اصلها مختلف فيها. فكثير من اهل العلم من الحنابلة والشافعية وغيرهم يجوزون كذلك ومنهم من يستحبه. وكلام اصحابنا يتنزل على هذا القول المجيز للتوسل بهم. وبعضهم يستحب ذلك اما القول الاخر وهو الصواب فانه لا يجوز التوسل بالرسول ولا بالصالحين على هذا الوجه المذكور. وهذا القول اصح دليلا ان الله تعالى قال ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها. فالتوسل الى الله باسمائه وصفاته هو المشروع كذلك بنعمه على العبد كالتوسل بالايمان في قول اولي الالباب. ربنا اننا سمعنا مناديا ينادي للايمان امنوا بربكم فامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الابرار فتوسلوا الى الله بايمانهم ومنة الله عليهم بذلك. وكما توسل اصحاب الغار بما من الله به عليهم من الاعمال الصالحة هذا من افضل الوسائل. ومن هذا الباب التوسل الى الله بالايمان بالرسول ومحبته وطاعته. فان هذا مشروع بالاجماع واما التوسل بالذوات فهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن احد من اصحابه ولو كان جائزا او لكان الصحابة رضي الله عنهم اولى الناس بذلك. ولكنهم رضي الله عنهم تصيبهم النوائب فلا احد منهم اللهم اني اسألك بجاه نبيك او بحق نبيك او نحو ذلك بما استسقى عمر بالعباس قال اللهم انا كنا نتوسل اليك بنبينا فتسقينا. اي لما كان صلى الله عليه وسلم نأتي اليه ونطلب منه ان يدعو الله لنا وانا نستسقي اليك بعم نبينا. قم يا عباس فادعو الله فهذا هو المشروع. ان يقدم الرجل الصالح خصوصا اذا كان من اهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو والناس يؤمنون. فالاشتراك في الدعاء ومباشرة الصالحين الاولياء الدعاء من اقرب الوسائل الى الله وانجحها. فاتضح بما ذكرناه ان مراد رحمهم الله الجريان على القول الاول وهو كما نرى ضعيف والله اعلم. هذا ما لزم بلغ سلام الوالد والاخوان ومحمد العبد المحسن واخاه عبدالرحمن الدسري. كما منا الولد عبدالله يخصكم بالسلام. والله يحفظك والسلام احبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة الخامسة حول مسألة النيابة في بعض الحج. وحول استعمال الذكور المنسوبة بالفضة بسم الله الرحمن الرحيم. في العشرين من شعبان سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة الاخ الفاضل محمد سليمان الجراح المحترم حفظه الله امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. فقد تلقيت كتابك الكريم في الرابعة عشرة من شعبان وسررت بصحتكم مع صحة الوالد والاخوان جميعا. احمد الله على ذلك واسأله ان يوزعنا واياكم شكر نعمه. كان معلوما وصول كتابنا لكم السابق. احتوى كتابكم هذا على مسألتين. الاولى اذا مات بالحج وهو بعرفات. او في انصرافه منها. فهل يجوز لمن هو متلبس بالحج من رفقته؟ ان ينوب عنه ايضا في بقية المناسك ام يشترط ان يكون النائب حلالا؟ ثم يحرم من حيث مات المنوب عنه. الاصحاب رحمهم الله لم يفصلوا في هذا الموضع تفصيلا يحصل به التوضيح والبيان. وانما يؤخذ الحكم من ظاهر كلامهم. فهم قالوا لا يصح ان يؤدي الانسان في عام حجتين. فيؤخذ من هذه العبارة ان المتلبس بالحج من رفقته او غيرهم وان كان حاجا عن نفسه او غيره لا ينوب عنه. وانما ذكروا النيابة في الرمي في النفل مطلقا. وفي الفرض لعذر مبني على احرامه الاول. يبني فيه لا يبتدأ فيه. فيكون نيابة تكميل لا نيابة استقلال. وهذا هو ظاهر كلامهم من غير تصريح. ومع هذا فلي رأي خاص وهو اني ارى ان مات في اثناء الحج لا يستناب عنه في بقيته لانه لم يرد في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. بل ظاهر قصة الرجل الذي وقصته راحلته وفي عرفة ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم ان يستنيبوا له يدل على ان هذا غير سائغ. ولو كان سائغا مع كثرة الحاجة اليه لورد فيه ادلة بينة. وايضا قول النبي صلى الله عليه وسلم جنبوه الطيب ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فانه يبعث يوم القيامة ملبيا. دليل على ان احرامه باق ولو كان ينوب عنه غيره لكان النائب يقضي عنه بقية المناسك. ويزول عن الميت ما منع منه. وهذا القول هو الصحيح عند الشافعية. واظن فيه قولا في مذهب الامام احمد لكني غير متيقن. ومن قواعد الشريعة الكلية ان من شرع في عمل عازما على تكميله فتعذر عليه بموت او غيره فقد وقع اجره على الله وتم له ذلك العمل. والله اعلم. واما مسألة استعمال الذكور المنسوجة بالفضة مثل البشوت المطرزة مثل البشوت المطرزة بالفضة التابعة فهذا معروف المذهب وفيه وانه لا يجوز. ولكن الذين يستعملونه يقلدون في ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية. فانه رحمه الله يرى فاز مثل هذه الفضة التابعة لغيرها. واحتج باباحة النبي صلى الله عليه وسلم اتخاذ السلسلة من الفضة في قدح حين انشعب لكن هذا لحاجة. واحتج بحديث ورد في السنن. واما الفضة فالعبوا بها لعبا. وهو يرى الاحتجاج انتبه واحتج ايضا بان الاصل الاباحة وانما حرم من الفضة الاواني ونحوها. والاشياء الخالصة ونحوها. واما ما لاخيك فلا عندي جزم بالتحريم في مثل هذا ولا الحل. وانما الحل ارجح عندي لموافقته للاصل. ولعدم الدليل الخاص في مثل هذه المسألة. وعلى كل سلوك طريق الاحتياط خير المسالك. هذا ما لزم مع ما يبدو لكم من سلام. الرجاء تشريفي وتبلغ الوالد سلامي والاخوان محمد العبد المحسن وعبدالرحمن الدسري وجميع الاصحاب. ومنا الولد عبدالله وجميع محبين والله يحفظكم. محبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة السادسة في الرد على مسائل متفرقة بسم الله الرحمن الرحيم. اذ القعدة سنة سبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. جناب الاخ الفاضل محمد ايمان الجراح حفظه الله امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعده فقد وصلني كتابك رقم ثلاثة عشر من ذي القعدة سررت بصحتكم وكان معلوما وصول كتابنا. وان مرادكم السؤال عن تفسير كيفية حمل السماوات والارض جبال الامانة وهل هي على ظاهرها ام انها على حسب بعض التأويلات التي اشرتم اليها؟ فاعلم اطال الله بقاءك على طاعته ان التأويلات التي اشرتم اليها ليس فيها شيء يجب او يجوز الرجوع اليه. لانها خلاف الظاهر ولا داعي لها ولا ثم موجب للعدول الى الظاهر. وليس كوننا لم نفهم كيفية توجيه الخطاب اليها. ما يوجب ان نعدل الى الحقيقة فان خطاب الله تعالى للمخلوقات غير الادميين من حيوانات وجمادات وتسبيحها بحمد ربها لا شك في وقوعه وهو على ظاهره. ولا يتوقف العدول عن الظاهر على فهمنا معنى خطابها وجوابها وتسبيحها قال تعالى وان من شيء الا يسبح بحمده. ولكن لا تفقهون تسبيحهم. فهذه كذلك بل هي هي فرد من افراد ذلك. فانه كما قال بعض السلف انا لا نعرف من انباء الغيب الا مقدار ما كشف لنا ينالنا الله ورسوله. فاستدراكنا على الله ورسوله خلاف الواجب وخلاف الادب مع الله ورسوله. فالامانة التي هي التكليف قد عرضها الله على السماوات والارض والجبال. قد عرضها الله على السماوات والارض والجبال عرضا. ولم يلزمها به الزاما فاختارت العافية وان لا تتعرض لامر ما تدري هل تقوم به او لا. ثم ان هذه الامانة حملها الانسان. فالاثار مذكورة في كتب التفسير عن خطاب الله لادم في عرض الامانة الله اعلم بصحتها. ولكن الحمل والتحميل الذي لا شك فيه هو ان الله لما اهبط ادم من الجنة هو وزوجته وعدوه. قال لهم فاما ياتينكم مني هدى. اي كتب منزلة ورسل مرسلة. فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. ثم ان الله تعالى انزل هذه الامانة في كتبه وبعث بها رسله. وامر المكلفين بالقيام بها والتزامها. والقيام بها حق القيام يتوقف على علم كامل وعادل وقوة في الدين كاملة. والانسان من حيث هو موصوف بوصفين الجهل والظلم. انه كان ظلوما جهولا ففي هذا بيان ان جهله وظلمه كل منهما فكيف اذا اجتمع مانع يمنع من القيام بحق هذه الامانة؟ يعني فيحق لك ايها العبد المكلف ان تسعى لازالة هذين الوصفين بكل ما تقدر عليه وتستعين بالله على ذلك وتتوكل عليه مع انك بصدد العجز والضعف فيكون في هذا دلالة على عظيم. فيكون في هذا دلالة على تعظيم هذه الامانة الكبرى وانه يجب العناية بها والاهتمام بشأنها. والاستعانة بالله عليها وبذل المجهود في تحقيقها. وانها حمل ثقيل وخطر كبير خافت منه هذه المخلوقات العظيمة. وحملته ايها الانسان الضعيف. وهذا المعنى هو المقصود المقصود من سياق هذه الايات. ولهذا رتب عليه جزاء القائمين بها. والمضيعين لها في قوله ليعذب الله المنافقين منافقات الى اخر السورة. اما سؤالكم عن امرأة لم تحج فرضها. ولم تجد محرما. الذي نرى منعها فما هو المذهب؟ وكما هو ظاهر الادلة الشرعية. ولا نرى الافتاء لها ان تحج مع جماعة النساء. ومن كان من اهل المدينة واراد ان يذهب من طريق الجحفة او طريق الضريبة فالاصحاب جوزوا ذلك. ولو كان قصده الترفه والتوسع. لان لا يلزمه احرام مع الحليفة البعيد عن مكة وهو ظاهر الادلة. وخصوصا وقد علمنا ان ترتيب هذه المواقيت لاهل الاقطار وذلك لاجل السهولة على كل احد. وباب الرخص والتسهيلات يكون العبد فيه مخير. يختار فيه ما هو اسهل له الذي نرى ان جميع الحاج يجوز لهم الجمع والقصر في عرفة ومزدلفة ومنى. اهل الاقطار واهل مكة لانه صلى الله عليه سلم صلى بالناس كلهم في عرفة ومزدلفة فجمع وقصر الرباعية ولان الصواب ان السفر لا يحد بيومين بل ما حمل له الزاد والمزاد. والحج كذلك بل ابلغ لما فيه من كثرة المشاق. وكذلك نرى الافتاء في المذهب في من حلق او ذبح قبل الرمي لما مر عليكم انه كثرت الاسئلة على النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الامور. وما سئل الى يومئذ عن شيء قدم ولا اخر الا قال افعل ولا حرج. واما قول السائل لم اشعر فحلقت قبل ان ارمي هي من كلام السائل لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. فاطلاق الجواب من دون تفصيل وتفريق بين المتعمد والجاهل والناسي يدل على جواز ذلك. بلغ سلام الوالد وابا عبدالمحسن وجميع العيال. ومنا العيال يسلمون. محبك عبدالرحمن الناصر الرسالة السابعة عن مسألة تأخير صيام الثلاثة الايام للمتمتع. ومسألة تأخير هدي المتمتع عن وقته بسم الله الرحمن الرحيم. في الثامن عشر من المحرم سنة احدى وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة حضرة الاخ الفاضل محمد السليمان الجراح المحترم حفظه الله امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعده فقد تلقيت كتابك الكريم رقم واحد من المحرم. تلوته مسرورا بصحتكم وافادتكم عن وصول كتابنا. المحتوي على اجوبة الاسئلة التي ارسلتموها. وذكرت في هذا الكتاب عن رأينا اذا لم يصم المتمتع الثلاثة الايام في الحج. هل عليه دم فان رأيي فيها الوجه الثالث المتوسط الذي ذكره في الانصاف وغيره انه اذا اخرها معذورا فلا شيء اي لا دم عليه. واذا لم يكن معذورا فعليه الدم. ولهذا هذا الدم يجري مجرى الكفارة. فيترجح القول به اذا كان اثما وهو غير المعذور لجهل او نسيان. كما اني ارى ايضا في المسألة الاخرى نظير ما ارى في هذه وهي ما اذا اخر هدي التمتع عن وقته انه ان كان معذورا فلا شيء عليه لهذا التأخير. وانما عليه الدم الاصلي اذا كان لغير عذر فعليه دم. والله اعلم. هذا ما لزم. واذا يبدو لازم شرفني. وبلغ الوالد سلامي والاخوان وحضر لي محمد العبد المحسن واخوه. وكذلك الاخوان عبدالعزيز وعلي اليوسف المزيني. وقد وصلني كتابهما طي كتابك كتابي لهما. وقد وصلت منذ اسبوعين بريدة واعجبني عناية الاخوان عبدالعزيز اليوسف واخيه نحو مكتبة بريدة بتكميل ورأيت الدواليب التي تبرعوا بها. فسررت بذلك جدا. لان هذا من الاعمال النافعة التي تبقى لصاحبها او قال طويلة وقد رأيت كثرة الثناء والدعاء لهما من جماعة اهل بريدة. تقبل الله منهما وضاعف لهما الاجر والثواب ان العيال يسلمون والسلام. محبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة الثامنة حول حكم تعدد الجمع في البلد بسم الله الرحمن الرحيم. في السادس عشر من ربيع الاخر سنة احدى وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة حضر الجناب الاخ الفاضل المكرم الحاج محمد السليمان الجراح. حفظه الله تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع السؤال عن ارجو الله لكم التوفيق. حظيت بكتابك الكريم رقم اربعة الجاري. اما ما ذكرتم من جهة مذهب الحنابلة في تعدد الجمعة وانه لا يجوز الا لحاجة فقط. وانه يقدر بقدرها. وما ذكرتم عن الشيخ مرعي في الغاية وفي شرحها اختيار جمع من الاصحاب الصحة سواء تعددت لحاجة ام لا. وكذلك فتوى الشيخ عبدالقادر بن بدران الذي خلاصته ان منع التعدد ليس له دليل قوي يعتمد عليه. وهذا الذي قالوه رواية عن الامام احمد. وهو قول قوي يعتمد عليه لا سيما والواقع اليوم في الكويت وغيره من البلدان تعدد الجمعات من دون حاجة لجميعها. وعند ان الخطاب في هذا الباب على وجهين. وجه يوجه لولاة الامور الذين يتولون شئون البلاد. وتصدر تدابيرها عن امر وارادتهم. فمن هذا الوجه يتعين عليهم جمع الناس في مسجد واحد اذا حصلت به الكفاية. ويزيدون بقدر الكفاية فقط اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه واصحابه. اذ هو كالاتفاق على ان يوم الجمعة يجتمع اهل البلد في مسجد واحد. وقد زاد بعض الخلفاء في بعض المدن الواسعة عند الحاجة. وايضا لتحصيل المقصود من الجمعة هو اجتماع اهل البلد او ما امكن منهم في مسجد واحد. فهؤلاء هم الذين يوجه عليهم اللوم اذا تعددت من دون حاجة. واما الوجه الثاني الذي يوجه للمصلين من اهل البلد. فانه متى تعددت الجمعات لغير حاجة ولا حرج عليهم ولا يوجه اليهم لوم. ومن قال ببطلان صلاة متأخرة من الجمعات او اعادتهما اذا وقعتا مع فليس لذلك وجه ولا دليل شرعي. هذا من جهة عدم الدليل. ثم نقول عموم الادلة الموجبة الجمعة والمشددة على المتهاون على تركها تشمل هذه الحالة. وانه لا يحل للانسان تركها بحجة ان التعدد لغير في حاجة ولا عليه الاعادة لكونه ادى ما وجب عليه. واتقوا الله ما استطاع. وليس في النفس شيء من هذا. والنبي صلى الله عليه وسلم دينه يسر. وقد قال يسروا ولا تعسروا. ولو كانت المتأخرة تبطل او تنعقد اذا اقيمت لغير حاجة والحاجة بل الضرورة داعية الى بيان ذلك لبينه الشارع بيانا مزيلا للاشكال والله اعلم فالذي ارى في هذه المسألة التي عمت بها البلوى. اما العمل على المشهور من المذهب. اما العمل على المشهور من المذهب فيها متعسر او متعذر. وهو شبيه بتكليف ما لا يطاق. هذا ما لزم واذا يبدو لازم شرفني. بلغ سلامي الوالد محمد العبد المحسن وجميع المحبين. كما من العيال والاخوان يسلمون والسلام. محبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي رسالة التاسعة عن حكم تعدد الجمع في البلد الواحد. بسم الله الرحمن الرحيم. في الثالث عشر من جمادى الاول سنة احدى وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة الاخ الفاضل المكرم محمد السليمان الجراح المحترم حفظه الله امين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بعده لقد وصلني كتابك المكرم المحرر في الثالث الجاري. تلوته مسرورا بصحتكم وما قررتم فيه من جهة ان هدي النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وخلفائه عدم التعدد للجمعة الا لحاجة. فهو ما ذكرتم وقررتم. ولكن كما اشرت لكم بالكتاب السابق ان الوضعية والفتوى تختلف باختلاف الاحوال. ومسألة تعدد في الجمعة في بلد الكويت امر صار حتما لابد منه. فرأيي لجنابكم اذا كانت هيئة الاوقاف قد قررت الجمعة في المسجد الذي انتم تصلون فيه ان توافقهم عليه. لان امتناعك لا يغير الوضع. فرأيي لجنابكم اذا كانت هيئة الاوقاف قد قررت الجمعة في المسجد الذي انتم تصلون فيه ان توافقهم عليه. لان امتناعك لا يغير الوضع الواقع عندكم. ويعلم الله من ان لو كانت الامور تحت ارادتكم لاقتصرتم على قدر الحاجة. المقصود اني ارى ان ما عليكم في ذلك من حرج. ولو توليتم الصلاة والخطابة. نرجو الله ان يوفقكم لما فيه الخير ورضا المولى. وبلغ سلام الوالد والاخوان. كما منا الاخوان جميعا يسلمون والله يحفظكم. محبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة العاشرة عن مسألة حكم اسنان التركيب عند الوضوء والغسل. بسم الله الرحمن الرحيم. من عنيزة في الثامن والعشرين من المحرم سنة اربع وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. جناب الاخ المكرم الشيخ محمد السليمان الجراح المحترم حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مع السؤال عن صحتكم وصحة الوالد. ارجو الله ان تكونوا بخير. صحتي تسركم. ومن فضل الله بعد وصول الوطن الصحة مستمرة اتم الله نعمته على الجميع. كتابك لي قبل سفري من بيروت وصلني هناك. وحيث انك كنت عجلا برده اخرت الى هذا الوقت واذكر فيه سؤالك من له تركيبة اسنان هل يجب نزعها وقت الوضوء او الغسل؟ اما الوضوء الذي ارى انه لا يجب نزعها مطلقا. لان الفقهاء رحمهم الله ذكروا ان الواجب في المضمضة ادنى ادارة للماء وذلك يستلزم انه لا يجب استيعاب جميع داخل الفم. وعلى كل حال فان معظم الفم يأتي عليه الماء. واما الغسل فكذلك لا يجب نزعها. وانما يسن تحريكها كما يسن تحريك الخاتم. اللهم الا اذا كانت تركيبة ضاغطة للثة ضغطا لا ينفذ معه الماء. فيتعين في هذه الحال نزعها او تحريكها وقت حصول الماء في الفم والله اعلم هذا ما لزم منا. وسلامي على الوالد وجميع المحبين. ومنا جميع المحبين يخصونكم والله يحفظكم محبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة الحادية عشرة عن حكم الجماع بعد التحلل الاول وقبل الثاني بسم الله الرحمن الرحيم. في الخامس والعشرين من صفر سنة اربع وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة الاخ الفاضل المكرم محمد السليمان الجراح حفظه الله امين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعده. لقد وصلني كتابكم رقم ستة عشر سفر مررت به وبصحتكم اتم الله عليكم نعمه الحمدلله. وفيه السؤال عما ذكره اللبدي في المنسك وهو قوله واما الجماع بعد التحلل الاول وقبل الثاني الا يفسد النسك على الصحيح من المذهب؟ لكن يفسد الاحرام. فيلزمه شاة وفي رواية بدنة. ويمضي الى الحل فيحرم منه ليتم حجه باحرام صحيح. كما في المنتهى وغيره. ونص انه يحرم بعمرة. فيحتمل ان المراد صورة عمرة فلا حلق ولا تقصير. او ان المراد عمرة حقيقية. فيجب والتقصير والظاهر من هذا الطواف والسعي يجزيان عن طواف الحج والعمرة وسعيهما مرة واحدة. انتهك فانتم حفظكم الله لم يشكل عليكم ما فيه من حكاية المذهب. وانه يلزمه الذهاب الى الحل ليجدد احرامه وذلك لان احرامه بعد الوطء قد فسد. ولم يبطل. وقد تشعث وكاد ان يبطل. ولولا ان النسك له حكم يخالف العبادات كلها لبطل. وفساده يحتاج الى احرام جديد. ليتمم فيه ما بقي من مناسكه. وكونه من الميقات وهو الحل من الواجب. والنية صورتها ان يحدث في قلبي هناك نية الاحرام نية متجددة. غير النية الاولى التي فسدت من جملة ما فسد من اركان الحج وواجباته فسادا لا يوجب الخروج منه. المقصود كل هذا لم يشكل عليكم وايضا لم يشكل عليكم ان نص الامام احمد يخالف المشهور من المذهب لانه اتى به مقابلا لذلك في انه انه يحرم بعمرة. والاحتمالان اللذان ذكرهما تفسيرا لكلام احمد. ونصه الذي يقابل المذهب الصحيح وهو تفسير منه بالظن لان الاحتمالات ليست اقوالا مجزوما بها. وانما هي احتمالات قد تثبت وقد لا تثبت. فعلى هذا تكون النية التي وقع الاشكال فيها المتفرعة عن هذه الاحتمالات بسيطة. فقولكم كيف تكون نية العمرة؟ يقال هذا فرد من افراد نية العمرة. فانه ينوي على هذا الاحتمال عمرة صحيحة. وتكون العمرة على هذا الاحتمال مستثناة من انه لا يجوز ان يعتمر قبل ان يفرغ من اعمال الحج. واما كيف نية سورة العمرة؟ فمعنى ذلك انه يفسر نص احمد بهذا الاحتمال الثاني. وهو ان احمد قال ونص ان يعمره بعمرة. ومراده انه يحرم بسورة العمرة. وهو قاصد لتجديد نسكه الذي فسد. فالاحرام صورته صورة الاحرام بالعمرة. وحقيقته هو الاحرام بالحج. اي تجديد النسك الفاسد. فالمسألة كلها بسيطة. اولا انها كلها مقابلة للمذهب. ثم انها على هذا القول الذي لا عمل عليه النية ايضا بسيطة على حسب الاحتمالين. فينوي على احدهما عمرة حقيقية. والاخر لا ينوي صورة العمرة وانما الواقع منه صورته صورة عمرة. مع ان هذا الاحتمال على تفسيره لنص احمد ضعيف. فالاصل ان يحمل النص على يحرم بعمرة تامة. وعندي ان الاولى ان الاحتمال في كلام احمد هل المراد يأتي بعمرة مستقلة هذا الاحرام ام ينوي العمرة وتكون هذه العمرة داخلة في الحج الذي اراد تجديده بعدما فسد. فيصير قارنا ويجزيه الطواف والسعي عنهما. وهذا هو الظاهر من نصه. وعلى كل حال فالمسألة اصلها وصورة نيتها على خير لا في المذهب والله اعلم. هذا ما لزم. وارجو تبليغ سلام الوالد وجميع الاخوان. ومنا الجميع يخصونكم والله يحفظكم محبكم عبدالرحمن الناصر بن سعدي. الرسالة الثانية عشرة في مسألة تعدد الجمع بغير حاجة وجوابه عن مسألة الابرة في تفطيرها الصائم. بسم الله الرحمن الرحيم. في الثاني والعشرين من رمضان سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة والف من الهجرة. حضرة الاخ المكرم الشيخ الفاضل محمد السليمان الجراح المحترم. حفظه الله ورعاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وصلني كتابكم المكرم رقم الثاني عشر من رمضان. فسررت به كثيرا لبعد العهد تأتي بكم الممتعة للاعذار التي شرحتم؟ والحقيقة الشك مرفوع بين الطرفين. اسأله ان يجعل المحبة والاتصال خالصا لوجهه الكريم بطي مكتوبكم رسالتكم النفيسة في الدعوة الى توحيد الجمعة والنهي عن كثرة التعدد فيها لغير حاجة. وان ذلك مفوت لمقاصدها. ومخالف لما عليه العمل في وقت النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه ووقت القرون المفضلة فهذا كله بلا شك صحيح. وعلى الناس اولي الامر منهم ان يعملوا على ذلك. ولا يعددوها بدون حاجة تدعو الى التعدد والسعي في توحيدها من افضل الاعمال. اذا كان السعي تظنونه يفيد. واما مسألة ان من شروط الجمعة وانها لو تعددت لغير حاجة بطلت فقد ذكرت لكم سابقا من مدة سنتين اننا نرى ان ان مسألة وجوب التوحيد لها منوط بمن له الامر. واما المصلون فلا نرى بطلان جمعتهم وان اثم غيرهم. الخلاف في مسألة محقق في مذهب الاحناف كما ذكرتم في رسالتكم. وكذلك في مذهب الحنابلة. فان صاحب الانصاف الشيخ علي ابن سليمان المرداوي لما ذكر المذهب وانه لا يجوز تعددها من غير حاجة. وان عليه الاصحاب قال عنه يجوز مطلقا وهو من المفردات. وحمله القاضي على الحاجة. وكذلك ذكر صاحب الفروع هذا الخلاف وذكر المذهب قال وعنه مطلقا لانه قال اي الامام احمد لا اعلم احدا فعله. وفعل علي انما هو في العيد عكسه خاء. لانه اطلق القول في رواية المروذي وغيره. وسئل عن الجمعة في مسجدين فقال صل. فقيل له الى اي شيء تذهب؟ قال الى قول علي في العيد انه امره ان يصلي بضعفة الناس ذكره القاضي وغيره وحمله على الحاجة وفيه نظر لانه احتج بعلي في العيد. ولا حاجة فيه لامكان صلاته بالناس في الجامع بلا مشقة. وغاية ما فعله فضيلة الصحراء ان كان يرى افضليتها فيه. وان صلى بالناس بالصحراء فلا حاجة الى الاستخلاف لجواز الترم وليس في الحضور كبير مشقة لقرب المسافة جدا وعدم تكرره لانه في السنة مرة او مرتين انتهك كلام صاحب الفروع. فالقاضي رحمه الله حمل نص احمد على الحاجة وصاحب الفروع يرى ابقاء عمومه. ونظر في القاضي للسبب والعلة التي ذكرها. فحيث المسألة لا اجماع فيها. وان ظن من ظن انها اجماعية فرأينا ان تسعى لذلك بحسب مقدرتكم. فان تعذر اجابة مقترحكم النافع فكونه يحكم بالبطلان عند التعدد لا يقوم عليه دليل لانه اذا احتج من يرى البطلان بعدم فعلها وقت النبي صلى الله عليه وسلم ووقت خلفائه ومن بعدهم الاخرون بان هذا يدل على احد امرين. اما ان هذا هو الاكمل والافضل كما كان صلى الله عليه وسلم ايام الحج يصلي بالناس عموما ولا احد يتخلف عن الصلاة معه. ولا احد يقول ان هذا من شروط الصلاة ان يصلوا خلف امام من واحد ايام الجمع. واما ان يقولوا هذا امر واجب على من لهم الامر. فهب انهم ضيعوا هذا الواجب. فهل لهذا الواجب يسري الى ابطال صلاة المصلين للجمعة. ثم هم يحتجون بعموم النصوص من الكتاب والسنة. الدالة على وجوب حضور الجمعة. وان ذلك فرض عين. فمتى اقيمت الجمعة على اي وجه كان؟ باي شيء يسقط هذا الواجب ثابت بالكتاب والسنة. ويحكم على جميع المسلمين بابطال صلاتهم. او يعين للصلاة احد الجمعات بتميزها باذن الامام او سبقها بالاحرام او الخطبة او السلام على الخلاف المعروف. هذا الذي نرى في هذه المسألة وقد ذكرت لكم سابقا كلاما من يقارب هذا وانتم نظركم ان شاء الله فيه البركة. ولكن نظري لكم كما سبق ان امكن الالحاح باجابة هذا الاقتراح منكم ولكن نظري لكم كما سبق ان امكن الالحاح باجابة هذا الاقتراح منكم فهو الاكمل او الواجب على وزارة الاوقاف وان لم يمكن ذلك الا بشكايات ومحاكمات فرأيي انكم قد اديتم ما عليكم وفزتم ان شاء الله بالاجر والثواب. وما خرج عن استطاعتكم فالملوم غيركم فيه. اما مسألة الابرة في تفطيرها صائم فهي على نوعين اما الابرة الغذائية وهي التي ينفذ فيها الغذاء الى البدن ليستقيم مدة يستغرق عن الغذاء المعتاد للحاجة الى ذلك. فهذا لا اشك انه غذاء مفطر. واما الابرة التي فقط تنفذ فيها الادوية الى العروق او الى الجوف كما هو الغالب. فهذه طريقتها طريقة الكحل. ومداواة الجروح معروف المذهب. معروف المذهب فيها انها تفطر اذا علم وصولها الى الجوف. والذي نرى القول الاخر انها لا تفطر. لانه لم يصح الحديث في الكحل ولا يمكن قياسها على الاكل والشرب. فحيث عدم النص الذي يصلح للاحتجاج ولم تتم شروط القياس ترجح القول بعدم التفطير مع ان هذا هو الاصل والله اعلم. هذا ما لزم. وارجو تبليغ سلامي جميع ما لديكم من الاصحاب ومنا جميع المحبين يبلغونكم السلام. والله يحفظكم ويتولاكم برعايته وتوفيقه. ان ابقيناها عندنا ذكرتم لنا اننا نعودها عليكم لان لابد عندكم لها نظير. محبك عبدالرحمن الناصر بن سعدي ونلاحظ برسالتكم ان الجمعة كان فرضها بمكة. وهذا لم يثبت انما روى الطبراني عن ابن عباس موقوفا عليه والاحاديث الصحيحة في الاسراء انما فرض الصلوات الخمس. الظاهر ان الجمعة لم تفرض الا في المدينة. لان سورة الجمعة مدنية بالاتفاق. واول جمعة اقيمت في المدينة. وان كانت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فلم يثبت وجوبها في مكة. ولو وجبت لفعلها صلى الله عليه وسلم. فانه كان يصلي الصلوات الخمس باصحابه في مكة اما في المسجد او في دار الارقم او غيرها والله اعلم