وصاحب هذه المعاملة قد حاز الفضيلتين شرف الدنيا واجر الاخرة والقسم الثاني الخطأ فهذا لم يجعل الله فيه قصاصا ولا رتب عليه اثما ووعيدا وانما اوجب فيه الكفارة على القاتل عتق رقبة مؤمنة المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله احكام الحدود جعل الله الحدود على الجرائم العظيمة حماية عنها وردعا ونكالا قال تعالى يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الايات وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس الاية وقال تعالى وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ الاية الى ان قال ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما قسم الله القتل الى عمد فيه الوعيد الشديد وفيه القصاص فيخير اولياء الدم بين القصاص والعفو الى الدية والعفو بلا شيء فاذا اختاروا القصاص فعلوا بالقاتل كما فعل بالمقتول من غير زيادة في صفة القتل ولا قتل لغير من جنى قال تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل ان يتجاوز حقه الى غيره ولهذا لو لزم القود انثى حاملا لم تقتل حتى تضع وشرت الله المكافأة في الحرية والرق وثبت عنه صلى الله عليه وسلم انه لا يقتل مسلم بكافر واما الذكر فيقتل بالانثى تقديما لعموم قوله تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس على مفهوم قوله الحر بالحر والعبد بالعبد ويؤيده قتله صلى الله عليه وسلم لليهودي الذي رد رأس الجارية بين حجرين حين اعترف فيدل على قتل الرجل بالمرأة وعلى انه يفعل بالقاتل ما فعل بالمقتول كما هو ظاهر الاية لان القصاص ان يفعل بالجاني كما فعل بالمجني عليه وكذلك الاطراف والجروح تجري مجرى النفس يؤخذ كل عضو بما يماثله اسما ومحلا فان عفوا الى الدية فعليهم الاتباع بالمعروف وعلى المؤدي ان يؤدي باحسان من غير مماطلة ولا مناقصة ولا بخس وهذا الارشاد الذي نبه الله عباده عليه في جنس المعاملات ان الناس ما بين طالب ومطلوب فعلى الطالب ان يتبع بالمعروف والمساهلة والمياسرة وعلى المطلوب ان يؤدي باحسان يسلم الحق تاما لا نقص فيه ولا مطل هو اكمل المعاملات واشرفها فمن لم يجد فليصم شهرين متتابعين ودية مسلمة الى اهل المقتول يسلمها عاقلة القاتل وقد فصلت السنة مقادير ديات النفوس والاطراف والجروح وقال تعالى انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان قتلوا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا منه الارض هذا حد قطاع الطريق من العلماء من قال ان الامام مخير فيهم في هذه الاشياء يفعل ما يراه اصلح ومن العلماء من قال ان هذه العقوبات متفاوتة في غلظها فهي تبع الجنايات فمن قتل واخذ مالا قتل وصلب ومن قتل ولم يأخذ مالا قتل ولم يصلب ومن اخذ مالا ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ومن اخاف السبيل نفي من الارض وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو اولى وقال تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت حتى يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا وهذا السبيل الذي ذكره الله قد بينه صلى الله عليه وسلم بان المحصن يرجم حتى يموت والبكر يجلد مئة ويغرب عاما وقال تعالى الزانية والزاني فجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله وقد شرط تعالى لثبوت هذا الحد ان يشهد فيه اربعة رجال عدول والاقرار تنوب الاربع عن الاربعة وقال تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا باربعة شهداء باربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا الرمي المذكور هنا هو الرمي بالزنا فعلى القاذف ثمانون جلدة وترد شهادته الا ان تاب بان اكذب نفسه وقد امر تعالى بقطع يد السارق والسارقة وذلك اذا ثبتت السرقة ببينة او اقرار قوله تعالى والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا ما ظلم استدل بذلك على القصاص في الاطراف والجروح واتلاف الاموال واللطمة ونحوها ومقابلة الشاتم بمثله من غير اعتداء